المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

لم تكن تصريحات رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، دان حالوتس، للإذاعة الإسرائيلية أول من أمس الأحد (1/10/2006)، الإشارة الوحيدة إلى نية الجيش توسيع العدوان على قطاع غزة بعد عيد الغفران، الذي انتهى مساء أمس الاثنين، وإن كانت الإشارة الأخيرة إلى ذلك حتى الآن.

وقال حالوتس إن إسرائيل تدرس إمكانية تصعيد العمل العسكري في قطاع غزة لوقف إطلاق الصواريخ. وأضاف: "علينا أن نجد طرقا عسكرية لخفض إطلاق الصواريخ على سديروت".

وعندما سئل عما يستطيع الجيش أن يفعله أكثر مما يقوم به، قال حالوتس "على سبيل المثال القيام بعمل بري أكثر تواصلا وعمقا... إننا نجري مشاورات بشأن ذلك".

وكرر حالوتس القول نفسه في سياق مقابلة لصحيفة "يديعوت أحرونوت" نشرت في اليوم نفسه (الأحد)، حيث قال: "الأحداث في سديروت تقرّب الأجل، ويجب إيجاد حلول عسكرية من أجل تقليل إطلاق الصواريخ، كعملية برية مستمرة وعميقة في قطاع غزة".

وقبل ذلك يستدل مما أذاعته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي مساء الجمعة أن الجيش الإسرائيلي يعدّ العدّة لخطة هجوم واسع على قطاع غزة تهدف إلى احتلاله.

وقال مصدر عسكري مطلع إن الجيش أوصى حكومة إيهود أولمرت بإعادة احتلال قطاع غزة كيلا تتحول المنطقة هناك "إلى جنوب لبنان جديد".

وفي تقرير أوردته القناة الثانية جاء أن أوساطًا قيادية في الجيش سارعت مؤخرا للطلب من حكومة أولمرت الموافقة على خطة هجومية ضد قطاع غزة قبل أن تتسلح الكتائب هناك بأنواع جديدة من الصواريخ. وقال المراسل العسكري إن المقصود بالفترة القريبة القادمة هو ما بعد يوم الغفران.

وفي تعقيبه على ذلك أشار المراسل السياسي للقناة إلى أن الجيش الإسرائيلي يتحدث عن ما بعد الغفران بقوله "سنخرج من لبنان وندخل إلى غزة". كما أكد أن آخر جندي إسرائيلي سيخرج من جنوب لبنان مساء يوم الغفران.

وأكدت القناة أن "هناك قرارًا بإعادة احتلال قطاع غزة"، دون أن توضح شكل الاحتلال لكنها قامت بتشبيه ما سيحدث بعملية السور الواقي التي احتلت إسرائيل بموجبها مدن الضفة الغربية في شهر نيسان 2002 .

وأوضح المحللون في القناة أن الاستخبارات العسكرية تلحظ مؤخرا عمليات تهريب للسلاح والمال إلى داخل قطاع غزة عن طريق شبه جزيرة سيناء فيما الأموال تأتي من دمشق.

كما أشير إلى أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تعكف منذ الآن على تهيئة الرأي العام العالمي لقبول ما سيحدث. وقبل يومين من إذاعة التقارير قدمت شكوى لمجلس الأمن ضد غزة بحجة سقوط الصواريخ على مستوطنات النقب الغربي جاء فيها أن إسرائيل انسحبت من قطاع غزة لكن الفلسطينيين يواصلون الهجوم على مدنها ومستوطناتها وأن لا مناص من الرد العسكري الشامل للحد من قدرات المنظمات الإسلامية.

من ناحيته قال المحلل العسكري للقناة، روني دانييل، إن الجيش يريد أن "يستعيد كرامته التي أهدرت في لبنان ويرد على كتائب غزة". فيما قال المحلل السياسي، أودي سيجل، إن إيهود أولمرت وعمير بيرتس "في حاجة ماسة لاستعادة هيبتهما أمام الجمهور الإسرائيلي ولأن يثبتا أن شخصيتهما الضعيفة في لبنان قوية في غزة".

وبخلاف هذا رأت محللة الشؤون الحزبية رينا متسلياح أن حكومة أولمرت "أضعف من أن تأخذ قرارا بالحرب على غزة" وان أولمرت وبيرتس "يحتاجان إلى الهدوء أكثر من الحرب". وشككت في قدرة الحكومة على اتخاذ هذا القرار، الذي رأت فيه مجرد تهديد.

من ناحية أخرى وتحت العنوان المثير "سباق التسلّح لدى حماس" كتب أليكس فيشمان، المعلق العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوم الأربعاء الماضي، أن غزة "على وشك خوض مواجهة إضافية مع إسرائيل".

ونقل عن مصادر استخباراتية إسرائيلية مطلعة قولها بأنه "سيندلع انفجار حربي خلال عدة أشهر".

كما أكّد أن حركة "حماس تستعد، بمساعدة حزب الله، لمواجهة مع إسرائيل وتخزّن أسلحة ووسائل قتال بكمية ونوعية لم تكن بحوزتها سابقًا، مثل صواريخ مضادة للدبابات والطائرات وصواريخ عمق متطورة"..

وأضاف فيشمان: من خلف السكون الظاهري الحالي في قطاع غزة، تدور الآن عمليات عميقة وأساسية وخطيرة في محور تطوير وسائل القتال في غزة استعدادًا للمواجهة المقبلة مع إسرائيل. وهذا التطوير "يعبّر عن استخلاص الدروس لدى المنظمات الإرهابية، سواء من عمليات التوغل التي قام بها الجيش الإسرائيلي في غزة خلال الأشهر الأخيرة، أو من قتال الجيش الإسرائيلي أمام حزب الله في لبنان".

ويدعي فيشمان أن تطوير الوسائل القتالية في غزة يتم على خمسة مستويات:

في المستوى الأول يجري بلوغ "هدف رفع كمية ونوعية الصواريخ المضادة للدبابات". وفي هذا الشأن فإنه يزعم بأن حزب الله، الذي عاد منذ الحرب على لبنان إلى التأثير والاستثمار في غزة كما كان ذات مرة، يسعى إلى أن تصل إلى غزة عبر محور فيلادلفي صواريخ في مقدورها اختراق الدبابات أيضًا. ومثل هذه الصواريخ في مقدور الفلسطينيين إطلاقها أيضًا صوب وسائط نقل عسكرية أخرى تسير على الشارع المحيط بغزة.

أما المستوى الثاني فيتمثل، برأيه، في تزوّد حركة "حماس" بسلاح مضاد للطائرات. ولا ينحصر هذا السلاح في الصواريخ المضادة للطائرات، إنما يشمل أيضًا وسائل شراعية "من شأنها أن تلحق أضرارًا داخل إسرائيل".

وفي المستوى الثالث تحاول حركة "حماس" أن تصعّد من نشاطها البحري، أي "الإعداد للقيام بعمليات تفجيرية من البحر وتهريب أسلحة عن طريق البحر".

ويتواصل، في المستوى الرابع، حفر الأنفاق المعدّة لنقل مقاتلين وأسلحة إلى داخل الخط الأخضر، وهذه المرة يتم حفرها عميقًا في باطن الأرض.

وفي المستوى الخامس ثمة محاولات لتطوير صواريخ أرض- أرض من خلال تحسين قدرة صواريخ "القسّام" والتزود بصواريخ من طراز "غراد". وفي هذا الشأن فإن هناك "حركة جيئة وذهاب دائبة لمختلف الخبراء عبر معبر رفح، من سورية وإليها".

وقال فيشمان إن منظومة السلاح الآخذة في التعاظم في غزة ستضع إسرائيل خلال أشهر معدودة أمام معضلة: كيف ستحيا مع كل ذلك؟ هل تدع هذه القوة تتطوّر أم تحاول لجمها؟.

وتابع: في هذه الأثناء فقد فرغ حزب الله من نشاطه العسكري في لبنان، ويقدرون في إسرائيل بأنه سيتركز أكثر فأكثر في ترميم الأحياء التي تعرضت لقصف سلاح الجو. وقد عاد أفراد حزب الله للسيطرة على الضاحية الجنوبية لبيروت. وهم يقتنون بيوتًا مهدومة وأخرى لم تتضرّر بهدف أن يبنوا من جديد المربع الأمني الذي دمره القصف. أما الجهد العسكري ضد إسرائيل فهو موجّه الآن نحو الجبهة الفلسطينية. وقد سبق للشيخ حسن نصر الله أن أعلن عن ذلك في خطاب النصر الذي ألقاه في بيروت.

وفي موازاة كل ذلك بدأت تهب في غزة، على ما يزعم فيشمان، ما يسميه "طفرات" لتنظيم "القاعدة"، وذلك على شاكلة "جيش الإسلام" الذي يعتبر "فصيلا من لجان المقاومة الشعبية الخطيرة للغاية"!.

المصطلحات المستخدمة:

يديعوت أحرونوت, الخط الأخضر

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات