المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

حزب العمل موجود الان في أسوأ وضع له تاريخيا

أجرى المقابلة: فراس خطيب
كثر الحديث في الفترة القليلة الماضية عن انتخابات جديدة داخل اسرائيل، ويعود هذا الى المصاعب التي يواجهها رئيس الحكومة، اريئيل شارون، خصوصًا في اوساط حزبه بعدما اتجه نحو ما هو مغاير لما يرغب فيه اغلبية أعضاء مركز "الليكود". وشارون، الذي استطاع تحقيق انجازات عديدة وتمرير قرارات اعتبرها الكثيرون مصيرية داخل الحكومة، اكتفى بالحد الادنى من التأييد داخل الحكومة، خاصة بعدما اقال وزراء "الاتحاد القومي" من الحكومة. فهل يستطيع شارون الاستمرار في هذا النهج واهمال القرارات التي يتخذها مركز الليكود؟ وفي حالة توجه شارون الى انتخابات قريبة، ما هي احتمالات نجاحه في حزبه وفي صفوف الشعب الاسرائيلي عامة؟ واذا تطرقنا الى قضايا الساعة، كيف اثرت عملية بئر السبع الاخيرة على مجريات الامور في الحكومة وعلى شارون شخصيا؟. حول هذه الأسئلة وغيرها كان لنا هذا الحوار مع المعلق السياسي، شالوم يروشلمي، المختص في الشؤون الحزبية الاسرائيلية في صحيفة "معاريف"..

(*) "المشهد الاسرائيلي": كيف ترى تركيبة الحكومة اليوم، وهل من الممكن أن يطرأ تغيير على مجريات الامور في المستقبل القريب؟

(*) "بعد أن استقال وزراء اليمين من الحكومة، اصبح من السهل على شارون تمرير ما يريده داخل الحكومة، فهناك خمسة وزراء من حزب "شينوي" يؤيدونه، وستة وزراء من "الليكود" يؤيدون كل ما يطرحه ويسيرون معه على نفس الوتيرة والخط، ولهذا السبب لا توجد مشكلة عند شارون في الحكومة في هذه الاثناء، وتبدو الامور في هذه الايام سهلة بالنسبة له، مقارنة مع ما كان عليه الوضع قبل إقالة وزيري "الاتحاد القومي" (أفيغدور ليبرمان وبيني ايلون، ف.خ).

شارون سيطر بطريقة ذكية على هذه المواضيع، وتناول القضية بشقيها، ومن عدة جهات، فهو ضعيف في اوساط مركز حزبه، وضعيف ايضا في صفوف اليمين المتطرف لانه يسير نحو تطبيق خطة لا تلائم توجهاته، بالمقابل يملك شارون اماكن سهلة اكثر يستطيع من خلالها تمرير خططه وتطلعاته، وهي الكنيست والحكومة، وهو اليوم يضع مركز الليكود جانبا، واليمين جانبا، ويسعى الى تمرير ما يريده داخل الاماكن المريحة له، ففي داخل الحكومة خلق لنفسه الأغلبية وفي الكنيست هو يملك الاغلبية أصلا، وسيظل هذا التأييد حتى في حال عدم ضم احزاب جديدة الى الإئتلاف الحكومي".

(*)"المشهد الاسرئيلي": أليس من الغريب ان يقوم شارون بإهمال مركز "الليكود؟ كيف يخاطر سياسي ويتخذ قرارات لا تروق للقاعدة التي خرج منها؟

(*) "شارون يتبع سياسة ليست ديمقراطية، فقد وعد بقبول القرارات التي تصدر عن مركز "الليكود"، ولم يفعل، ولم يف بوعده الذي سبق الاستفتاء على خطة "فك الارتباط" الذي جرى في الثاني من أيار، وهذه ليست طريقة ديمقراطية.

وشارون يصمد في ظل هذه المعارضة نتيجة الشعبية التي يحظى بها في اوساط الشعب الاسرائيلي، كذلك الدعم الذي يلاقيه من قبل الاعلام الاسرائيلي ايضا، ومع اجتماع هذه التأييدات يسمح شارون لنفسه بان لا يفي بوعوده لمركز "الليكود"، وهو يسجل نجاحاً في هذه المرحلة. وهناك قوة كبيرة للشعب والتي بدورها تفوق قوة مركز الليكود".

(*) "المشهد الاسرائيلي": وهل يستطيع ان يصمد لمدة طويلة على هذه الحال؟

(*) "انا لا اعتقد، فحتى في حال سجل شارون انجازات له وحصد تأييداً في الفترة القادمة، يجب علينا ان نعلم انه مع اقتراب تطبيق خطة "فك الارتباط" على ارض الواقع ستختلف الامور، وستزداد المعارضة للخطة في اوساط اليمين. "المفدال" سيترك الحكومة، ورد الفعل داخل الليكود سيكون اكثر صعوبة، وستزداد المعارضة لشارون داخل حزبه، وعندها لن تكون هناك الكثير من الخيارات امام رئيس الحكومة وسيضطر الى الذهاب الى انتخابات جديدة، هذه الانتخابات لن تكون بعد تنفيذ خطة "فك الارتباط" انما قبل ذلك".

(*) "المشهد الاسرائيلي": اذا شعر رئيس الحكومة أنه يستطيع اهمال رأي مركز الليكود كما قلت، فلماذا لم يذهب الى ضم حزب "العمل" الى الحكومة؟ عندها لن تكون هذه المرة الاولى التي يتعارض رأيه ورأي مركز"الليكود" فيها؟

(*) "شارون استطاع ان يخالف رأي المركز، هذا صحيح، ولكنه لا يستطيع ان يفعل كل ما يشاء. الحيثيات التي تجمع رئيس الحكومة وحزبه تشبه لعبة "شد الحبل" وكل واحد منهما يشد الى اتجاهه، وفي حال ضم شارون حزب العمل الى الحكومة، سينقطع هذا الحبل الذي يجمعهما وسيظل شارون وحده ولا يوجد احد الى جانبه، فهو لا يرغب بأن يقاطع حزب الليكود أبداً. إضافة الى هذا، هناك الكثيرون من اعضاء الليكود الذي يؤيدون خطة "فك الارتباط" ويعارضون انضمام حزب "العمل" الى الحكومة امثال وزير الخارجية، سيلفان شالوم، الذي يعتبر مؤيداً لخطة "فك الارتباط" ومعارضاً لإنضمام حزب العمل الى الحكومة.

رئيس الحكومة يستطيع ان يفرض رأيه بالقوة، ولكن حقيقة هذا الفرض لن تجدي نفعاً في الواقع، والليكود سيتمزق ايضا. بالمقابل يجب علينا ان نعلم ان حكومة وحدة قومية، لا تلاقي المعارضة فقط في اوساط الليكود، انما في اوساط الكثير من الاحزاب، في "شينوي" و"العمل"، ويتجه رئيس الحكومة ومن ناحية تكتيكية اليوم نحو استغلال التأييد داخل الحكومة وداخل الكنيست. تماما مثلما كان يتعامل في الجيش، فقد كان يختار الجبهة المريحة له".

(*) "المشهد الاسرائيلي": في ظل الوضعية الصعبة التي يشهدها حزب "الليكود" وكذلك الازمة التي مر بها حزب "شينوي" وتنازل يوسف لبيد من خلالها عن مبدأ اساسي للحزب وهو عدم الجلوس في الحكومة الى جانب "يهدوت هتوراة"، الا ترى ان هذه الاوضاع الصعبة يمينا ويسارا ستقوي حزب "العمل" مستقبلاً؟

(*)"حزب العمل موجود الان في اسوأ وضع له تاريخيا، ولا يحظى بتأييد جماهيري حقيقي ولا يملك الكثير من الخيارات السياسية والحزبية. فلو انضم حزب "العمل" الى حكومة شارون، سيكون هذا عبارة عن محو لهوية الحزب.

تتجه احزاب المعارضة وبالشكل الطبيعي نحو عدم الانضمام الى الحكم، لا بل تسعى الى محاربة الحكم، هذا في الوضع الطبيعي، وما يسعى له حزب العمل اليوم مناقض للفكر الطبيعي، وحسب رأيي يجب ان تكتب في حزب العمل طروحات في العلوم السياسية، لان ما يسعى له يتعارض مع كينونة المعارضة. واذا سألنا لماذا يجري هذا؟ لان الحزب توقف عن الايمان بنفسه. فمن لا يحارب ضد الحكومة لا يستطيع ان يبدل هذه الحكومة، وفي الوقت الذي يقوم فيه حزب العمل بالانضمام الى الحكومة بدلا من محاربة هذه الحكومة فهذا اصبح أمرًا غير طبيعي. ما يمر به حزب العمل ليس مقياسا للتأثير، ولا توجد خيارات سياسية كثيرة امامه ولن يأتي بجديد".

(*) "المشهد الاسرائيلي": كيف اثرت عملية "بئر السبع" الأخيرة على مجريات الاحداث داخل الحكومة وعلى مركز شارون داخل حزبه وداخل الحكومة والكنيست؟

(*) "لم يكن هناك تأثير لهذه العملية على المجريات، فمن يؤيد خطة "فك الارتباط" قال: "يجب تنفيذ الخطة حالاً وسريعاً كي لا نتعرض لمثل هذه العمليات"، ومن يعارض قال: "قلنا لكم، الانسحاب لن يفيد". لم تؤثر العمليات على الساحة السياسية، وهذا مؤسف جدا، ان تودي هذه العملية بحياة 16 بريئاً وان لا تحرك ساكناً، هذا محزن جدا، فعملية من هذا النوع يجب ان تهز اركان الدولة، ولكن التعود على مثل هذه العمليات اصبح عاديا جدا ولا يؤثر على مجريات الاحداث داخل الحكومة".

(*) "المشهد الاسرئيلي": كيف ترى الصورة السياسية في نوفمبر 2005؟

(*) "انا اقدر ان العام 2005 سيكون عام انتخابات، وانا لا اؤمن بان رئيس الحكومة يستطيع تنفيذ خطة الانفصال، وستكون الطريق صعبة. شارون سيذهب الى الانتخابات قبل تطبيق خطة "فك الارتباط" كما اقدر. وفي نوفمبر 2005 سنكون بعد الانتخابات، ولكني لا اؤمن بتطبيق الخطة بحذافيرها وستطول عن المدة التي يتحدثون عنها اليوم، وهذا يعود الى الاسباب التي تحدثنا عنها في السابق".

(*) "المشهد الاسرائيلي": وهل سيفوز شارون بانتخابات 2005؟

(*) "اذا جرت الانتخابات في العام 2005 فلن تكون لدى شارون مشكلة بالفوز في الانتخابات، على العكس، فهو ما زال الاقوى في صفوف الليكود ولن تكون عنده مشكلة بالتغلب على اي مرشح بمن فيهم وزير المالية بنيامين نتنياهو، وهذا ما تظهره استطلاعات الرأي ايضاً. ومن ناحية الجمهور الواسع والشعب الاسرائيلي فلن تكون عند شارون ايضا مشكلة ويعود هذا الى وجود اليسار في فترة صعبة، فاليسار الاسرائيلي لا يملك اليوم تأييداً، ولن تكون احتمالات نجاحه واردة، والحديث سار على كل مرشحي اليسار بمن فيهم ايهود باراك وبيريس ومتان فيلنائي.. وغيرهم. يبقى السؤال ما هي تركيبة الحكومة القادمة؟ "..

(*) "المشهد الاسرئيلي": سأطرح عليك اسماء اربعة سياسيين، وانت تقول ما تفكر عن كل واحد منهم ..

(*) شمعون بيريس؟

"بيريس يريد ان يقود حزب العمل في الفترة القادمة، والاحتمالات قوية، وان لا اعتقد ان هناك من يستطيع التغلب عليه داخل الحزب".

(*) بنيامين بن اليعيزر؟

"يحاول ان يكون معارضاً لبيريس، ولكني لا اؤمن بأنه يستطيع ان يحل مكانه الا في حالة حدوث مفاجأة كبرى".

(*) بنيامين نتنياهو؟
"هو الرجل الذي سيخلف اريئيل شارون وسيكون رئيسا للحكومة".

(*) يوسف (تومي) لبيد؟

"تومي لبيد يقف على رأس كتلة تفقد من وزنها ومن قوتها نتيجة اخطاء قامت بها في الفترة الماضية".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات