طغت تحذيرات وزير الأمن الداخلي الاسرائيلي، تساحي هنغبي، الأربعاء، من احتمال وقوع عملية اغتيال سياسي ثانية في اسرائيل تستهدف رئيس الحكومة اريئيل شارون أو شخصية سياسية أو عسكرية رفيعة المستوى، على اهتمامات وسائل الاعلام العبرية كافة التي أفادت ان جهاز الأمن العام (شاباك) عزز الحراسة على شارون ورفعها الى أقصى المستويات. كما انشغلت الصحف بقرار المحكمة الاسرائيلية العليا تصحيح خطأ في القانون الأساسي: الحكومة وتحديد موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 وليس في الشهر ذاته من العام 2007.
وأعادت تحذيرات هنغبي وقبله رئيس جهاز الأمن العام، آفي ديختر، من تنامي التطرف في أوساط قادة المستوطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة الى أذهان الاسرائيليين الأجواء التي سبقت اغتيال رئيس الحكومة الأسبق اسحق رابين، أواخر العام 1995 حين استخف قادة حزب "الليكود" الحاكم اليوم والمعارض في حينه بالتهديدات التي أطلقها قادة اليمين المتطرف باستهداف حياة رابين. وذكرت الصحف انه خلافاً للوضع آنذاك فإن أحداً في اسرائيل لا يستهين اليوم بتحذيرات رئيس جهاز "شاباك" ووزير الأمن الداخلي من احتمال اغتيال شارون على خلفية خطته للانسحاب من غزة.
وكرر هنغبي تحذيره وقال، في حديث اذاعي، انه بناء على معلومات استخباراتية في حوزته فإن هناك من حسم أمره على تنفيذ عملية اغتيال سياسي ويتحين الفرصة لذلك. ونقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" عن مسؤولين في "شاباك" قولهم ان أجواء التطرف السائدة أخيراً في اسرائيل تحمل في طياتها خطراً حقيقياً وتعطي الشرعية للقيام بعمليات متطرفة وتعزز احتمال ان يقوم يميني متطرف بمحاولة اغتيال رئيس الحكومة "ومثل هذا الشخص موجود وعلى أهبة الاستعداد".
وارجأ المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، جلسة خاصة مع قادة "شاباك" ومسؤولين في وزارة العدل للبحث في سبل لجم التصريحات المتطرفة الصادرة أخيراً عن حاخامات المستوطنين وقادتهم. ودعا الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف الى أخذ هذه التصريحات مأخذ الجد ودعا مطلقيها الى توخي الحذر لأن من شأنها أن تؤثر على "ضعفاء النفوس والشخصية" وتحضهم على ارتكاب عمليات ارهابية.
وأعربت أوساط في "شاباك" عن مخاوفها من أن يخرج "مرتكب الاغتيال السياسي القادم" من بلدة اسرائيلية وليس من بين المستوطنين، مشيرة الى الصعوبة الاستخباراتية في رصد تحركات أنصار اليمين المتطرف من غير الناشطين الفاعلين كما حصل حين أخفق الجهاز في منع قاتل اسحق رابين، المدعو يغآل عمير من مدينة هرتسليا شمال تل أبيب، من تنفيذ جريمته.
الى ذلك أربك قرار المحكمة الاسرائيلية تقديم الموعد الرسمي للانتخابات البرلمانية المقبلة بعام واحد الساحة الحزبية في اسرائيل وانشغل المعلقون في الشؤون الحزبية في التكهن بانعكاسات القرار على مصير حكومة شارون، وإن توقع معظمها أن يسرّع المفاوضات الائتلافية مع حزب "العمل" لتوسيع قاعدة حكومته البرلمانية ورأوا ان من مصلحة رئيس الحكومة الاسراع في ضم "العمل" قبل أن تزداد المعارضة في صفوف الأخير لخطوة كهذه. ونقلت الصحف العبرية عن شارون نيته ترشيح نفسه على رأس لائحة "الليكود" للمرة الثالثة لكنها لم تستبعد ان يدخل وزير المالية بنيامين نتنياهو المنافسة ويعرض زعامة شارون الى الخطر، خصوصاً حيال معارضة غالبية أعضاء مركز "الليكود" خطته للانفصال عن غزة.
وعقد حزب "العمل" جلسة استثنائية لدرس مغزى قرار المحكمة وسط ارتفاع عدد من الأصوات المعارضة الانضمام الى حكومة وحدة وطنية والداعمة لفكرة البقاء في المعارضة والعمل على تقصير عمر الحكومة وطرح بديل آخر للناخب الاسرائيلي. وأعلن زعيم الحزب شمعون بيريس انه لم يتلق بعد أي دعوة من شارون للتفاوض حول اعادة الشراكة الحكومية بينهما ودعا اعضاء كتلة حزبه البرلمانية الى بدء الاستعدادات للانتخابات المقبلة، مضيفاً ان حزبه سيتيح للحكومة الحالية مواصلة عملها حتى نهاية ولايتها في حال نفذت خطة فك الارتباط لكنه لن يتردد في السعي الى اسقاطها إذا أحجمت عن ذلك. غير أن مراقبين توقعوا أن يهرول بيريس الى حكومة "وحدة وطنية" في حال وجه اليه شارون دعوة رسمية لذلك.
الى ذلك صدرت أصوات عن أقطاب في "العمل" تنادي بتبكير موعد الانتخابات لزعامة الحزب للحيلولة دون أن يبقى بيريس على رأس لائحة الحزب للانتخابات البرلمانية المقبلة علمًا أنه انتخب لهذا المنصب بشكل موقت حتى أواخر العام 2005.
المصطلحات المستخدمة:
اريئيل, هرتسليا, شاباك, الليكود, رئيس الحكومة, بنيامين نتنياهو, تساحي هنغبي, آفي ديختر