أبلغ رئيس الحكومة الإسرائيلية اريئيل شارون وزراءه (الأحد) أنه أوعز إلى اللجان الخاصة المكلفة تطبيق خطة "فك الارتباط" المعدّلة ببدء العمل فوراً ومن دون أي تأخير بـ"هدف التقيد بالجدول الزمني وانهاء الاخلاء حتى العام 2005". وأعلن وزير الدفاع، شاؤول موفاز، أنه تم وضع جدول زمني لعمل الطاقمين الأمنيين الإسرائيلي والمصري المكلفين تنسيق تنفيذ الانسحاب من غزة.
إلى ذلك تُعزز التوقعات بإعلان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية اغلاق ملف الفساد المنسوب إلى شارون احتمال تشكيل حكومة جديدة بمشاركة حزب "العمل" المعارض تتمتع بقاعدة برلمانية واسعة.
يبدو أن التسريب عن نية المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ميني مزوز عدم توجيه الاتهام لرئيسها اريئيل شارون بالارتشاء والفساد في قضية "الجزيرة اليونانية"، مدت الأخير بجرعة من التفاؤل وأعادت إليه هيبته ليظهر في جلسة الحكومة الأسبوعية أمس واثقاً من نفسه حين وجه تهديداً مبطناً للوزراء ونوابهم الذين يعارضون خطته المعدلة للانسحاب الأحادي، قائلاً إنه لن يقبل أكثر بالتمرد ضده وانتقاد الخطة على الملأ أو التغيب عن جلسات الكنيست المقبلة التي ستشهد مزيداً من المحاولات لنزع الثقة عنه.
وزاد شارون إنه يتحتم على الوزراء ونوابهم، ومن منطلق المسؤولية المشتركة، كما حددها القانون، دعم الخطة في الكنيست وعبر تصريحاتهم الإعلامية "لا التغيب أو السفر إلى الخارج". وأضاف انه أصدر تعليماته إلى رؤساء اللجان المكلفة دفع تطبيق خطة "فك الارتباط" بالشروع في العمل من دون أي تأجيل لتنفيذ الالتزام بالجداول الزمنية التي حددتها الحكومة، وبهدف اتمام اخلاء قطاع غزة وأربع مستوطنات في منطقة جنين حتى آخر العام 2005.
وأعلن وزير الدفاع شاؤول موفاز تشكيل لجنة عمل مشتركة مع مصر حُدد لها جدول زمني على أن تلتئم حتى أواخر الشهر الجاري للبحث في الأبعاد الأمنية لخطة "فك الارتباط" والتعاون بين الجيش الإسرائيلي وقوى الأمن المصرية التي ستلعب دوراً في الشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر. وأضاف ان ثمة استعدادات في صفوف حركة "فتح" في القطاع المعنية بتنفيذ الخطة "بهدف اضعاف قوة حركة حماس". وحذر سورية ولبنان و"حزب الله" من تسخين الأوضاع على الحدود اللبنانية "إذ لن نمر مر الكرام على اطلاق النار باتجاه أراضينا. هناك عنوان مسؤول خلف الحدود - سورية ولبنان وحزب الله".
وأشاد وزير الخارجية، سيلفان شالوم ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، الميجر جنرال أهارون زئيفي فركش، بـ"تجند مصر" لانجاح خطة الانفصال. وقال شالوم إنه تم الاتفاق مع المصريين على تكثيف قواتهم في الشريط الحدودي بكتيبتين، على أن يتم تأكيد ذلك في رسائل يتبادلها الرئيس حسني مبارك ورئيس الوزراء الإسرائيلي من دون الحاجة إلى ادخال تعديلات على اتفاق السلام بين الجانبين (كامب ديفيد). وأضاف ان ثمة انطباعاً بأن مصر اتخذت في السنة الأخيرة قراراً استراتيجياً بإعادة الدفء إلى العلاقات مع إسرائيل، وباركت إقرار الحكومة خطة فك الارتباط وأبدت التزاماً كبيراً للمساهمة في تطبيقها.
وذكر أن ضغوطاً أميركية تمارس على تل أبيب لاخلاء البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية ووضع خريطة واضحة للمستوطنات فيها.
وقال الميجر جنرال فركش إن المصادقة على الخطة خلق زخماً في المنطقة والعالم تمثلت أساساً بقبول مصر لها بعدما ايقنت أنها العرض الأفضل المتوافر.
تغيير دولي ايجابي بعد إقرار الخطة
في سياق متصل نقلت الصحف العبرية عن مصادر سياسية في تل أبيب ارتياحها من التغير الايجابي على الحلبة الدولية بعد إقرار الخطة وتأكيد الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي أنان، استعداد المجتمع الدولي المساهمة في تطبيق الخطة، ما فهمته إسرائيل بأنه استعداد دولي للمشاركة في تكلفة التنفيذ. ولفتت الصحف إلى عودة المياه إلى مجراها بين تل أبيب وأنقرة بعد عودة السفير التركي إلى تل أبيب ولقاء رئيس وزراء تركيا رجب اردوغان في شيكاغو زعيم المعارضة شمعون بيريس ليؤكد له أن "تركيا ترغب في الحفاظ على علاقاتها الطيبة مع إسرائيل". وذكرت صحيفة "هآرتس" أن أوساطاً في مكتب رئيس الحكومة تتوقع تحسين العلاقات مع مبعوثي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى الشرق الأوسط تيري لارسن ومارك اوت "بعد التقارب بين موقفيهما وموقف إسرائيل من الرئيس الفلسطيني واستحقاقات الفلسطينيين".
احتمالات تشكيل حكومة مع "العمل"
وعادت مسألة انضمام حزب "العمل" المعارض المحسوب على يسار الوسط إلى حكومة جديدة بزعامة شارون، إلى الواجهة في أعقاب الأنباء عن احتمال إعلان المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز طي ملف الرشوة ضد شارون وعدم تقديمه للمحاكمة على رغم توصية المدعي العام السابق عدنة اربيل بذلك، علماً أن "العمل" اشترط العودة إلى حظيرة حكومة وحدة باغلاق الملف.
وتوقع مراقبون أن يلهث أقطاب "العمل"، وفي مقدمهم بيريس، إلى المناصب الوزارية وأن ينجح شارون في تذليل العقبات المتمثلة بالمعارضة الواسعة داخل حزبه لخطوة كهذه. وكان شارون استمع أمس إلى موقف وزير المال بنيامين نتانياهو الداعي إلى عدم الشراكة مع "العمل" بحجة أن ذلك سيحبط مشاريعه الاقتصادية لاخراج الدولة العبرية من الازمة.
من جهته أوضح شارون أنه بحاجة إلى ائتلاف يستند إلى قاعدة برلمانية واسعة تؤمن إقرار موازنة العام المقبل في الكنيست.
(أسعد تلحمي)