ذكرت صحيفة "معاريف" الاسرائيلية، في تقرير لمعلقها السياسي "بن كسبيت" من نيويورك ظهر في عددها الصادر اليوم (الاثنين)، أن المشتبه المركزي في قضية التجسس الاسرائيلي في البنتاغون (وزارة الدفاع الاميركية)، لاري فرانكلين، كان على اتصال مع ضابط رفيع في الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية. ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية قولها ان هذه المسألة كانت معروفة لرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، اللواء اهارون زئيفي فركش.
وكانت قناة التلفزة الاميركية "سي. بي. اس"، قد نشرت في 27 آب الماضي، اشتباه الشرطة الفيدرالية الاميركية (اف. بي. اي) بوجود جاسوس اسرائيلي رفيع المستوى في (البنتاغون) واحتمال ان يكون قد "أثرّ على السياسة الاميركية في الشرق الاوسط".
واشارت وسائل الاعلام الاميركية، الاسبوع الماضي، الى الشبهات التي تحوم حول تورط المستشار السياسي في السفارة الاسرائيلية، نيئور جولان، في القضية، التي تشعبت، في نهاية الاسبوع الماضي، ووصلت الى اتهام مسؤولين في المخابرات الاميركية لاسرائيل بتفعيل شبكة تجسس كبرى في واشنطن.
واشتبه جولان بالحصول على معلومات من فرانكلين، بواسطة اللوبي الصهيوني في واشنطن (ايباك). لكن الشبهات الجديدة تقول ان ملحق الإستخبارات العسكرية في السفارة الاسرائيلية لدى واشنطن، اللواء (ي)، التقى بفرانكلين، عدة مرات، وحصل منه على "معلومات سرية تتعلق بايران والعراق".
ووفقا لشبكة" سي. بي. اس."فان من بين الوثائق التي نقلت لاسرائيل مسودة توجيه رئاسي بشأن السياسة الامريكية نحو ايران"، التي وصفها الرئيس الأميركي، جورج بوش، بأنها "تشكل محورا للشر مع العراق وكوريا الشمالية".
واكدت هذه الشبكة من ناحية اخرى ان الجاسوس على علاقة بمساعد وزير الدفاع، بول وولفوويتز ودوغلاس فيث، وهما من الشخصيات الرئيسية التي وضعت الاستراتيجية الاميركية في العراق.
وزعم اللوبي الصهيوني "ان جميع الادعاءات المتعلقة بتصرف منظمة "ايباك" او موظفيها تصرفا اجراميا، غير صحيحة وملفقة". كما زعمت اسرائيل ان المعلومات "ملفقة". وقال وزير الخارجية الاسرائيلي، سيلفان شالوم، إن بمقدور اسرائيل الحصول من واشنطن على المعلومات التي تريد "دونما حاجة الى تفعيل جاسوس".
يشار الى أن جورج تينيت، رئيس جهاز الاستخبارات الأميركي (سي. آي. إيه)، كان قد المح قبل استقالته من منصبه، وفي عدة مناسبات التقى خلالها بشخصيات إسرائيلية، خاصة رجال "الموساد" الاسرائيلي، الى وجود جاسوس لاسرائيل في مقر وزارة الدفاع الاميركية.
وحسب جريدة "هآرتس"، التي نشرت هذا النبأ، الاسبوع الماضي، فقد كان الاسرائيليون يرفضون هذا الادعاء بشدة، وتحدوا تينيت ان يلقي القبض على الجاسوس و"يعرضه على الملأ".
"الولايات المتحدة تتجسس على إسرائيل عبر سفارتها في تل أبيب"
في السياق ذاته نشرت صحيفة "يديعوت احرونوت"، الجمعة، تقريرا موسعا حول عمليات تجسس واسعة النطاق تقوم بها الولايات المتحدة، عبر سفارتها في تل ابيب، في اسرائيل.
وكتب التقرير المعلق الصحفي رونين برغمان، مراسل الصحيفة للشؤون الاستراتيجية والاستخباراتية، المعروف بكونه مقربًا جدا من اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية.
وقد ظهر التقرير تحت عنوان "انظروا من الذي يتجسس". واستعرض فيه "برغمان" تاريخ التجسس الاميركي في اسرائيل من خلال ذكر عدد من القضايا التي ضبط فيها، على حد قول الصحيفة، عملاء مخابرات يعملون لصالح الولايات المتحدة، بعضها لا يزال طي الكتمان والسرية في اسرائيل.
وغالبية القضايا الواردة في التقرير، كشفها جهاز "الشين بيت" الاسرائيلي، وهو الجهاز الموازي لـ"اف بي أي" الامريكي.
ويتحدث التقرير عن اعتقال جون هادن، وهو عميل يعمل في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي أي ايه)، كان قد اعتقل في العام 1964 بعدما تم ضبطه يتجسس على عدد من العلماء الفرنسيين الذين كانوا في حينه يعملون على بناء المفاعل النووي الاسرائيلي في ديمونه.
ونقلت الصحيفة عن ضابط شرطة قوله انه "تم ضبط بحوزة هادن آلة تصوير متطورة لم يتم رؤية مثلها في اسرائيل من قبل".
وقال هادن للصحيفة ان الولايات المتحدة مهتمة بما يحدث في مفاعل ديمونه النووي.
وكتب برغمان ان "لا مشكلة لدى الاميركيين بالمزاح عندما يكون الحديث عن جواسيسهم هم، لكن الامر يختلف عندما يصبح الحديث حول من يتجسس عليهم".
ويبدو ان ما اثار غضب الاسرائيليين في قضية "جاسوس البنتاغون" هي مسألة تسريب الموضوع للنشر في وسائل الاعلام.
وكتب "برغمان" في مقدمة تقريره ان "اف بي أي اثبت هذا الاسبوع انه هو ايضا، وليس مجموعة ايباك فحسب، يعرفون كيف يحركون الاعلام. فتسريب حول تسليم وثيقة سياسية تتعلق بايران انتهت بنشر في صحيفة واشنطن بوست حول تسليم مواد سرية للغاية لجهات اسرائيلية تم اكتشافها من خلال عمليات تنصت نفذتها وكالة الامن القومي الامريكي (ان اس أي)".
واعتبر "برغمان" ان تسريب هذه المعلومات أدى الى احداث مبالغة. فقد كتب ان "نقل معلومات من رجال ايباك الى جهات اسرائيلية اعتبر تجسسا خطيرا".
وأضاف "برغمان" أن قضية "جاسوس البنتاغون" هي عبارة عن مجموعة عوامل اجتمعت في وقت واحد. "اف بي أي متحمس جدا لتحقيق مكاسب في فترة ما بعد 11 ايلول/سبتمبر، اضافة الى وجود عداء تقليدي لاسرائيل في بعض اقسام دوائر المخابرات الامريكية".
واضاف ان "ما يراه اف بي أي عملية تسريب معلومات خطيرة، يفسره المتهم لاري فرانكلين (جاسوس البنتاغون) كجزء من عمله. وما يعتبره المحققون (في اف بي أي) اتصالا محظورا مع جهة اجنبية، يدركون في البنتاغون انه حاجة لحوار مع جهات اخرى خارج الادارة الاميركية".
وقال "برغمان" ان قضية التجسس "التي لم تحدث" تسير ايضا في الاتجاه المعاكس، فإن "اسرائيل كانت وما زالت هدفا هاما لجمع معلومات استخباراتية لصالح الولايات المتحدة".
ويتحدث التقرير عن عمليات تجسس تمارسها الولايات المتحدة ضد اسرائيل في عدة مجالات. اهم هذه المجالات تطوير الترسانة النووية الاسرائيلية.
كذلك تهتم الولايات المتحدة بالحصول على معلومات حول مشاريع اسرائيل في المنطقة "التي قد تؤدي الى تغيير وجه الشرق الاوسط، واسرائيل لا تمد الولايات المتحدة بالمعلومات حولها".
كذلك تتجسس الولايات المتحدة، بحسب التقرير، على القدرات التكنولوجية العسكرية الاسرائيلية "واذا ما كان لدى اسرائيل القدرة على تغيير النظام العالمي".
واشار "برغمان" الى ان اسرائيل تنقل للولايات المتحدة معلومات استخباراتية غنية حول العالم العربي. لكنه اضاف ان "الاميركيين لا يحصلون منا على كل شيء وقسم كبير من المعلومات يخضع لرقابة".
ويقول "برغمان" ان التجسس الاميركي في اسرائيل بدأ بعد فترة وجيزة من بناء المقر الدائم للسفارة الاميركية في تل ابيب. ففي منتصف العام 1951 خرجت البرقية الاولى من السفارة وكانت تحت عنوان "سري للغاية".
ويصف مبنى السفارة الاميركية في تل ابيب ويقول انها تضم ممثليات لكافة اجهزة الامن الاميركية. فهناك فرع كبير لسي أي ايه، يترأسه موظف رفيع المستوى، "ما يشير الى اهمية وحجم المعلومات الموجودة في الاراضي المقدسة"، وايضًا هناك تمثيل كبير للجيش الاميركي بكافة اقسامه. كذلك الأمر بالنسبة لفرع اف بي أي. وهذه الممثليات موجود في الطابقين العلويين لمبنى السفارة. ولا يمكن لاحد الدخول اليهما، حتى للحراس الذين هم من مشاة البحرية الاميركية. كذلك فان البناء يشمل الاسمنت المسلح والفولاذ. والزجاج لا يمكن ان يخترقه الصوت ولا يمكن التنصت على ما يدور بداخله، "ولا حتى بواسطة استخدام اشعة ليزر".
كذلك، يقول "بيرغمان"، تنتشر الهوائيات على سطح بناية السفارة الاميركية، وبامكان هذه الهوائيات التقاط محادثات واعتراض بث البرقيات.
ويذكر التقرير عددًا من القضايا التي تم خلالها ضبط ضباط في الجيش الاسرائيلي، ومن سلاح الطيران، الذين تجسسوا لصالح الولايات المتحدة. وتمت محاكمة هؤلاء الضباط سرا وبعضهم لا يزال في السجون. لكن "برغمان" يتجنب نشر تفاصيل القضايا التي تورطوا فيها.
الا ان المثير في الامر ان المسؤولين الاميركيين، الذين كثيرا ما يزورون اسرائيل، يطلبون عادة الاجتماع الى اساتذة الجامعات الذي يتخصصون في موضوع الشرق الاوسط.
ويشير "برغمان" هنا الى ان هؤلاء الاساتذة مطلعون على مواد سرية، بحكم خدمتهم العسكرية في وحدات الاحتياط بالجيش الاسرائيلي. وقال التقرير ان هؤلاء الاساتذة يواجهون صعوبة بالغة في كتمان الكثير من الاسرار وعدم الحديث عن المعلومات السرية التي بحوزتهم، كونهم يحتاجون الى سنة التعليم والابحاث التي يقضونها في الولايات المتحدة، مرة كل بضعة اعوام، لكتابة ابحاثهم ولكسب بعض المال.
ويشعر هؤلاء الاساتذة، بحسب التقرير، انهم اذا لم يفصحوا بما لديهم من معلومات فسيفصح زملاء آخرون لهم بهذه المعلومات السرية وعندها قد يخسرون سنة الابحاث والمال، "اذ ان عدد هؤلاء المتخصصين بمنطقة الشرق الاوسط في الجامعات الاسرائيلية يقدر بالآلاف".