المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أعرب حوالي نصف الاسرائيليين عن تأييدهم لسياسة الإستيطان والتوسع التي إتبعتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967، ورأى هؤلاء (48%)، حسب نتائج إستطلاع "مؤشر السلام" الشهري الجديد، الذي يشرف عليه البروفيسور إفرايم ياعر ود. تمار هيرمان، من مركز "تامي شتاينميتس" لبحوث السلام في جامعة تل أبيب، أن سياسة الحكومات الإسرائيلية التي شجعت أو سمحت بالإستيطان في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين، كانت "سليمة ومبررة" من ناحية تاريخية، في حين رأى 43% من الإسرائيليين الذين وجه لهم السؤال أن هذه السياسة كانت "خاطئة"، ولم يعط 9% رأياً محدداً.

وطبقاً للنتائج التي توصل إليها إستطلاع "مؤشر السلام" لشهر آب الماضي، والذي أجري بين 29 و 31 من نفس الشهر، فقد أيدت أغلبية كبيرة من الإسرائيليين (اليهود)، بلغت حسب الإستطلاع 72%، قيام سلطات الدولة العبرية منذ الآن، على الرغم من عدم وجود أو اتخاذ قرار حكومي في شأن مستقبل المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، بعرض تعويضات ومساعدات مالية "قيّمة" لسكان هذه المستوطنات الراغبين في تركها والرحيل إلى داخل "الخط الأخضر"، وعارض 22% هذه الفكرة، في حين لم يعط 6% رأياً واضحاً حولها.

وعلّل معدا الإستطلاع هذا الإتجاه في موقف الإسرائيليين، بما وصفاه بـ "الرأي السائد" (48%) في صفوف الجمهور الإسرائيلي والذي يرى أن المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة "تضعف المصلحة القومية الإسرائيلية"، وهو ما عارضه 38% من المشتركين في الإستطلاع، معتبرين أن "المستوطنات تعزز المصلحة القومية.."، فيما لم يدل 14% برأي محدد. كذلك فقد أظهر الإستطلاع أن 44% من المشتركين يعتقدون أن الحكومة الإسرائيلية تستثمر في الوقت الحالي أموالاً "أكثر من اللازم" في المستوطنات، لكن 25,5% رأوا أن الحكومة تستثمر في المستوطنات بـ "المستوى المطلوب" وقال 13% إن الحكومة تستثمر في المستوطنات "أقل من اللازم".

وعلى رغم "النظرة الإيجابية" لمسألة "الجلاء الطوعي" و "التعويض" للمستوطنين، فإن نسبة الإسرائيليين الذين يؤيدون حالياً إخلاء جميع أو غالبية المستوطنات القائمة في الضفة الغربية في نطاق إتفاق سلام دائم مع الفلسطينيين، لا تزال تمثل أقلية ضئيلة (17%) بين عامة الجمهور الإسرائيلي... هذا فيما أعرب 37% عن اعتقادهم أن على الحكومة الإسرائيلية أن توافق فقط على إخلاء المستوطنات الواقعة داخل أو على مقربة من تجمعات سكانية فلسطينية في الضفة الغربية (في نطاق اتفاق دائم)، وقال 25% من مجموع المشتركين في الإستطلاع إنه لا يجوز الموافقة بأي حال على إخلاء مستوطنات حتى ولو في نطاق اتفاق سلام دائم.

ورداً على سؤال آخر، رأت الأكثرية الإسرائيلية (62,5%) أن المستوطنات التي أقامتها إسرائيل في محيط مدينة القدس (الشرقية) المحتلة منذ 1967، (مثل: النبي يعقوب، غبعات زئيف، غيلو...) "لا تعتبر" أحياء أو مستوطنات قائمة في "المناطق الفلسطينية" [الضفة الغربية] وبالتالي فهي، من وجهة نظر الأكثرية الإسرائيلية، "خارج نطاق" أية مفاوضات سلمية مع الفلسطينيين، هذا فيما رأت نسبة 19,5% العكس.

وأعربت أغلبية أكبر (71%) من الإسرائيليين المشتركين في الإستطلاع عن اعتقادهم أنه "لا يمكن لإسرائيل التخلي عن الأحياء الإستيطانية" المذكورة (في القدس المحتلة ومحيطها) حتى في نطاق إتفاق سلام دائم، فيما قال 11,9% فقط أنه يمكن التخلي عنها.

كما أظهرت نتائج الإستطلاع أن أقلية ضئيلة فقط (26,4%) تصف "معاليه أدوميم" (في الخان الأحمر، إلى الشرق من القدس) و "أريئيل" (قرب نابلس) كـ "مستوطنات في المناطق" وذلك في سياق مفاوضات حول اتفاق دائم مع الفلسطينيين، في حين أن الأغلبية (50%) ترى أن المستوطنتين (معاليه أدوميم وأريئيل) ليستا "مستوطنات في المناطق" في كل ما يتعلق بالمفاوضات.

في السياق ذاته، ورداً على سؤال آخر، أعربت أغلبية كبيرة من الإسرائيليين (66,5%) عن اعتقادها أنه لايمكن لإسرائيل التخلي عن "معاليه أدوميم" [كبرى المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية] في نطاق اتفاق سلام دائم مع الفلسطينيين، كما تتَبنى أغلبية 63% من المشتركين رأياً مماثلاً في شأن مستوطنة أريئيل (ثاني أكبر مستوطنات الضفة).

أما في شأن مستوطنة "كريات أربع" المقامة على مقربة من مدينة الخليل (جنوب الضفة) فقد أظهرت نتائج الإستطلاع إنقساماً أكبر في الرأي، إذ وصفها 38% كـ "مستوطنة في المناطق"، مقابل 31% اعتبروا أنها (أي "كريات أربع") "ليست مستوطنة في المناطق" ولم تعط نسبة مماثلة (31%) رأياً محدداً في هذا الخصوص. هذا الإنقسام في رأي الإسرائيليين تجاه الموقف من "بعض المستوطنات" في الضفة الغربية، إنسحب أيضاً وبدرجات متفاوتة على مستوطنات "غوش – كفر– عتصيون" – جنوب غرب بيت لحم، ومستوطنات منطقة غور الأردن.

ورداً على سؤال إجمالي في هذا السياق، أقرّت الأكثرية المشمولة بالإستطلاع (51%) أن مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة تعتبر "مناطق – أراضي – محتلة" في حين أعطى 39% من المشتركين رأياً معاكساً.

ورغم الإقرار السائد (لدى أكثرية الإسرائيليين) بأن الضفة والقطاع "أراضٍ محتلة"، فقد أظهرت إجابات المشتركين رداً على سؤال آخر، أن 44% لا يعتقدون بأنه يجب على إسرائيل تطبيق معاهدة جنيف الرابعة في "المناطق الفلسطينية" [التي تعتبر محتلة حسب المعاهدة]. وقد وجه هذا السؤال على خلفية دعوة المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، مؤخراً، إلى تطبيق المعاهدة الدولية المذكورة في الأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية وقطاع غزة... في المقابل أيد 34% من المشتركين في الإستطلاع دعوة المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية. وطبقاً لنفس الإستطلاع فإن أكثرية الإسرائيليين (46%) يعتقدون أن هناك إحتمالا "ضئيلا" أو "ضئيلا جداً" بفرض عقوبات إقتصادية صارمة على إسرائيل، من جانب المجتمع الدولي (كالعقوبات التي فرضت على جنوب إفريقيا في عهد نظام الفصل العنصري) في حال واصلت إسرائيل تجاهلها لقرار محكمة العدل الدولية في لاهاي بوجوب تطبيق معاهدة جنيف الرابعة. في حين أعرب 37% فقط من الإسرائيليين عن تخوفهم من أن هناك إحتمالية "عالية" أو "عالية جداً" بفرض مثل هذه العقوبات على إسرائيل.

هذا وأظهرت نتائج استطلاع "مؤشر السلام" الشهري الجديد أن نسبة الإسرائيليين المؤيدين لخطة رئيس الوزراء الإسرائيلي أريئيل شارون حول "الإنفصال الأحادي الجانب" عن قطاع غزة، ظلت، كما في الشهر السابق (تموز)، في حدود 60,4%، أما مؤشر أوسلو لشهر آب فبلغ 37 نقطة مئوية: (34,2 لدى العينة اليهودية) في حين بلغ مؤشر المفاوضات 53,3 نقطة (51 نقطة لدى العينة اليهودية).

وقد شمل الإستطلاع عينة مكونة من 575 مشتركاً يمثلون مجمل السكان البالغين، اليهود والعرب في إسرائيل (بما في ذلك في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وقطاع غزة والكيبوتسات) وبلغت درجة الخطأ المحتملة في الإستطلاع 4,5% لجهة الصواب أو الخطأ.

("هآرتس"، 6/9/2004)

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات