المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يدفع قرار رئيس الوزراء الاسرائيلي، اريئيل شارون، اقالة وزيري حزب "الاتحاد القومي" اليميني المتطرف افيغدور ليبرمان وبيني الون، الجمعة، بهدف تمرير خطته للانفصال الاحادي في جلسة الحكومة يوم الأحد، بالساحة الحزبية الاسرائيلية الى حال من عدم اليقين وسط اصرار من المعلقين على اعتبار مصادقة الحكومة على الفصل "هزة أرضية سياسية" ستتبدى انعكاساتها فور الانهيار المتوقع للائتلاف الحكومي الحالي من دون استبعاد ان تقود في نهاية المطاف الى انتخابات برلمانية مبكرة أواخر العام الجاري.

ويرى مراقبون ان قرار الإقالة، في حال عدم التراجع عنه قبل دخولها حيز التنفيذ غداً، يعني ان شارون أفرغ ما تبقى في جعبته من ذخيرة ويقامر بمستقبله السياسي، وان مسألة تشكيله حكومة ثالثة لا تلوح في الأفق القريب ازاء المتاعب التي سيواجهها داخل حزبه "الليكود" وجبهة المعارضة التي يقودها "وزراء الترويكا" بنيامين نتانياهو وسيلفان شالوم وليمور ليفنات الذين يعتبرون من أبرز الشخصيات النافدة في الحزب. يضاف الى ذلك ان انضمام حزب "العمل" المعارض بزعامة شمعون بيريس المتلهف شخصياً للعودة الى حظيرة شارون لن يتحقق فوراً، أو على الأقل قبل بت المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز في ملف الارتشاء والفساد المنسوب الى شارون. هذا فضلاً عن اعلان بعض أركان "العمل" رفضهم القاطع للمشاركة في حكومة وحدة وطنية من جديد بزعامة شارون. ثم ان أوساطاً واسعة في "الليكود" ليست متحسمة فقط لهذه الشراكة التي قد تكلف أحد "وزراء الترويكا"، وربما اثنين، ثمناً باهظاً بالتخلي عن المنصب لحساب بيريس وقطب آخر من "العمل"، ما ينذر بحريق هائل في "الليكود" قد تطول نيرانه كرسي شارون نفسه.

أما السيناريوهات الاخرى، مثل ضم حركتي "شاس" و"يهدوت هتوراة" الدينيتين المتزمتتين الى الائتلاف الجديد فلا تبدو واقعية لرفض حركة "شينوي" العلمانية برئاسة يوسف لبيد الجلوس الى جانب هاتين الحركتين بالإضافة الى ان اقطابهما لم يغفرا بعد لشارون، الذي سبق أن استثناهما من حكـومته الحالية,،هذا فضلاً عن معارضة الحركتين خطة الانسحاب الاحادي.

ويميل معلقون الى مقارنة وضع شارون الحالي، خصوصاً حيال تمرد اعضاء في حزبه عليه وسعيهم حتى إلى إسقاطه، بوضع سلفه ايهود باراك الذي استهتر بشركائه في الائتلاف وظن نفسه الآمر الناهي ليخسر الحكم قبل اقل من عامين من وصوله الى سدته. ويعتقد هؤلاء ان شارون بدأ منذ الجمعة معركة البقاء وانه حتى في حال حصل على "منّة" من "العمل" فان توليفته الجديدة لن تصمد طويلاً لافتقاره الى غالبية برلمانية (61 نائباً) تدعمه في تمرير قرارات سياسية واخرى تمكنه من تصريف شؤون حكومته.

ويتوقع احد المعلقين ان تعيش حكومة جديدة حتى تشرين الاول (اكتوبر) المقبل على الاكثر حين تبحث الكنيست مشروع الموازنة للعام 2005 وينضم نواب اليمين المتطرف الى نواب اليسار في افشال قرارها واسقاط الحكومة. ويكتب المعلق البارز في "معاريف"، دان مرغليت، ان اطاحة شارون من الحكم قد وقعت عملياً "على رغم انه لم يدرك ذلك بعد"، وذلك بعد ان فقد سطوته داخل حزبه لتسمح النائبة نعومي بلومنتال لنفسها بتوبيخه بعبارات شديدة غير مسبوقة من دون ان يحاول نواب من الحزب حتى الدفاع عنه. ويضيف: "لا يمكن لرئيس حكومة ان يبقى طويلاً في السلطة بعد ان فقد احترامه في اوساط كتلته البرلمانية وبعد ان لم يعد احد من وزراء حزبه يخشى تهديداته بإقالته. لقد فقد شارون هيبته وسطوته كما فقد اجندته ولن يكون بوسعه مواصلة العمل وكأن شيئاً لم يحصل. عليه التحلي بالجرأة والتوجه من جديد الى الناخب الاسرائيلي لكسب ثقته". ويتفق المعلق السياسي في الصحيفة، بن كسبيت، مع زميله، مضيفاً ان الايام التي كان فيها اعضاء "الليكود" رهن اشارة زعيمهم شارون، كالقطيع في مزرعته، قد ولت "واسرائيل الآن غير قادرة حتى على اخلاء بؤرة استيطانية صغيرة. المستوطنون يعودون الى كل التلال. وحال من الهرج والمرج تسود البلاد. اسرائيل لم تف حتى بالتزام واحد ورد في قائمة طويلة من الالتزامات التي قطعتها على نفسها".

إلى ذلك، ما زال شارون المرشح الأفضل لدى الإسرائيليين لمنصب رئيس الحكومة وفقاً لاستطلاع جديد للرأي نشرت نتائجه صحيفة "هآرتس"، إذ تبيّن أن شارون يتقدم على سائر منافسيه بحصوله على تأييد 25 في المئة، يليه زعيم "العمل" شمعون بيريس (22) وبنيامين نتانياهو (21) وايهود باراك (10). وأفاد الاستطلاع أيضاً أن 54 في المئة من مصوّتي "الليكود" يؤيدونه مقابل 34 في المئة لنتانياهو. لكن هذه النتيجة قد لا تعكس الواقع الصحيح لحقيقة أن منتسبي "الليكود" (200 ألف عضو) وليس المصوتين للحزب، هم الذين يختارون زعيم الحزب، مع التذكير بأن المنتسبين اسقطوا قبل شهر، في استفتاء عام، خطة شارون للانفصال.

وتترقب الحلبة الحزبية في إسرائيل رد حزب المتدينين المستوطنين (المفدال) رسمياً على قرار إقالة الوزير ليبرمان وألون ازاء الخلاف بين قطبي الحزب ايفي ايتام وزبولون اورليف حول طبيعة الرد. وبينما يدعو الأول إلى الانسحاب من الحكومة فور إقرارها خطة الانفصال، يرى الثاني وجوب الانتظار إلى حين بدء تنفيذ الانسحاب واخلاء مستوطنات. وينتظر أن يحسم حاخامات الحزب الموقف وهم الذين يعلنون رفضهم اقتلاع أي مستوطنة. وكان ايتام اعتبر الإقالة "عملاً غير ديموقراطي وغير أخلاقي"، مضيفاً أنه يتحتم على حزبه و"المعسكر القومي" في إسرائيل أن يعوا ان "انقلاباً فكرياً" حصل لشارون ولا عودة عنه.

من ناحيته، أعلن زعيم حزب ياحد - ميرتس اليساري يوسي بيلين انه سيصوّت إلى جانب اقتراح حجب الثقة عن حكومة شارون الوطنية لـ"التخلص من أسوأ رئيس حكومة في تاريخ إسرائيل"،

منتقداً لهاث حزب "العمل" المحسوب على يسار الوسط لتوفير "شبكة أمان" لشارون بدلاً من استغلال الفرصة واسقاط حكومته.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات