المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 851

أجمع المعلقون الاسرائيليون على أن  العمليتين الاستشهاديتين، اللتين وقعتا في بئر السبع، يوم 31/8/2004، تعتبران ضربتين قاسيتين للدولة العبرية واجراءاتها الأمنية وحال الاستنفار القصوى والطوارئ التي ما برحت أجهزة الأمن الاسرائيلية تعلنها يوماً بعد يوم. وجاءت العمليتان بعد أكثر من ثمانية شهور على آخر عملية استشهادية فلسطينية، تلك التي نفذتها ريم الرياشي في 24 كانون الاول (ديسمبر) الماضي.

 

 

وفي أول رد فعل له، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي، أريئيل شارون: "يجب محاربة الارهاب. انها سياسة الحكومة وسياستي انا أيضاً، الحرب ضد الارهاب هي حرب لا هوادة فيها".

 

وبعد ساعات على وقوع العمليتين دعا شارون وزير دفاعه، شاؤول موفاز ورؤساء الأجهزة الأمنية المختلفة إلى اجتماع طارئ  لـ"تقويم الأوضاع الأمنية" في أعقاب عمليتي بئر السبع ولإقرار الرد العسكري عليهما. وأعلن قائد المنطقة الجنوبية في الشرطة انه لم تتوافر انذارات استخباراتية مسبقة وأن عناصر الشرطة قامت، استعداداً لبدء العام الدراسي الجديد (يوم 1/9)، بتمشيط مدينة بئر السبع "بحثاً عن أبناء أقليات" واعتقلت 40 منهم مكثوا فيها بشكل غير قانوني.

 

في غضون ذلك، أغلقت قوات الاحتلال كافة مداخل مدينة الخليل، والبلدات المحيطة بالحواجز العسكرية والسواتر الترابية لا سيما في مناطق جسر حلحول وشارع النبي يونس وطريق بيت عينون، وهي طرق تربط بين مدينة الخليل وبلدات شمال وشرق المدينة إلى جانب إغلاق مداخل المدينة الجنوبية في منطقتي الحاووز الثاني، ومفرق طريق دورا- الفوار ومداخل بلدة يطا وغيرها من الطرق والشوارع الرئيسية، فيما يبدو أنه  تمهيد لعزل محافظة الخليل عن محيطها الخارجي.

 

وقال وزير الأمن الداخلي، تساحي هنغبي، إن العمليتين تثبتان من جديد انه حيث اقيم جدار فاصل لا تقع عمليات استشهادية و"العمليتان وقعتا هنا بسبب عدم إقامة جدار يفصل بين الخليل وجنوب إسرائيل". ودعا وزير الخارجية، سيلفان شالوم، إلى الشروع في بناء الجدار في هذه المنطقة بغض النظر عن قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي اعتبار الجدار غير قانوني.

 

في هذه الأثناء حمّل أقطاب اليمين المتطرف شارون مسؤولية وقوع العمليتين. وقال رئيس حزب "الاتحاد القومي" المتشدد، تسفي هندل، إن شارون "يتحمل مسؤولية لا بأس بها لحمام الدم"، مضيفاً: "انه يشجع المخربين" على قتل المزيد من اليهود على خلفية ضعفه وهاجسه "لترحيل" المستوطنين من غزة. ورأى الوزير زبولون اورليف (مفدال) ان العمليتين "تعيداننا إلى الوضع المؤلم وتبددان وهم الهدوء والانفصال"، ودعا إلى إصدار الأوامر للجيش بالاستعداد لـ"حرب ضارية على الإرهاب"، بدلاً من اشغاله بالإعداد لاخلاء المستوطنات في غزة.

 

وكان شارون قد قال أيضًا في تعقيبه على العمليتين ان ما حدث في بئر السبع  لن يؤثر على نيته تنفيذ خطة " فك الارتباط "، مضيفا ان سياسته وسياسة حكومته هي "محاربة  الارهاب".

 

وسبق لشارون أن عرض على كتلة حزب" الليكود"، صباح  الثلاثاء، ما أسماه "الجدول الزمني الدقيق" لتنفيذ خطة فك الارتباط احادية الجانب ودفع التعويضات للمستوطنين.

وقال شارون في بداية حديثه وبشكل قاطع ان خطة فك الارتباط ستنفذ بحذافيرها، ثم عرض الجدول الزمني وسط تذمر عدد من نواب الكتلة المعارضين للخطة.

والجدول الزمني كما عرضه شارون، هو التالي:

*  يوم 14 أيلول، سيعرض شارون على الطاقم الوزاري السياسي - الأمني، مبادئ القانون الذي يقترحه لتطبيق خطة فك الارتباط، والذي يشمل المبادئ التي تنص على اخلاء المستوطنين وتعويضهم.

 *  يوم 26 أيلول، يتم اطلاع وزراء الحكومة على القانون المقترح لتطبيق خطة فك الارتباط.

* تصادق الحكومة على مشروع القانون حتى 24 من تشرين الأول، ويتم عرض مشروع القانون على الكنيست للتصويت عليه في القراءة الأولى حتى الثالث من تشرين الثاني.

واشار شارون الى قرار الطاقم الوزاري - الامني - السياسي، يوم الاثنين،القاضي  بتكليف وزارة الدفاع المسؤولية الشاملة عن تطبيق خطة فك الارتباط، من خلال الاستعانة بالشرطة وقوات الامن الاخرى. وقال ان الجيش بدأ باعداد الخطط المطلوبة وسيعرضها خلال 30 يوما.

وقال شارون انه بعد الانتهاء من تشريع القانون والاستعدادات المطلوبة لتنفيذ الخطة، وعشية تنفيذ الاخلاء بشكل فعلي، سيعرض على الحكومة، مشروع قرار نهائي  بشأن  اخلاء المستوطنات على اربع مراحل، بروح قرار الحكومة من يوم السادس من حزيران الماضي.

وفور انتهاء شارون من عرض برنامجه، تم اخراج الصحفيين واغلاق جلسة كتل الليكود امام وسائل الاعلام. وقال رئيس الجلسة للصحفيين قبل مغادرتهم انه لن يتم التصويت في هذه الجلسة  على اي اقتراح. 

وكان  شارون قد ابلغ الحكومة، الاثنين، انه بعد عرض الجدول الزمني على كتلة حزبه، سيعرض هذا الجدول على الحكومة والمجلس الوزاري المقلص، الذي اعلن انه سيرافق تنفيذ عملية اخلاء المستوطنين والانسحاب من القطاع، ومن ثم سيتم عرض الجدول الزمني على الكنيست للمصادقة عليه.

وينوي المتمردون، حسب ما اعلنوه، استعراض عضلاتهم في جلسة الكنيست، في خطوة اخرى للتوضيح لشارون بأنهم لن يسمحوا له بخرق قرار مركز الحزب في الاستفتاء الذي اجراه في ايار الماضي بخصوص خطة فك الارتباط.

وكان قرابة 300 من اعضاء ونشطاء الحزب المعارضين للخطة قد شاركوا، مساء الاثنين، في اجتماع نظمه طاقم "ليكودنا" الذي يقوده الوزير عوزي لنداو وعدد من نواب ووزراء الليكود المعارضين للخطة. وهاجم لانداو نية شارون عرض الجدول الزمني على كتلة الحزب. وقال مهددا: "سمعت ان رئيس الحكومة سيعرض جدولا زمنيا رغم قرار مؤسسات الليكود ونسمع عن نيته تجاوز قرار المؤتمر الاخير (المتعلق برفض ضم العمل الى الحكومة). لقد صمدنا امام تحديات العام الماضي، وسنواجه تحديات العام المقبل (المقصود السنة العبرية الجديدة التي تبدأ في ايلول) من اجل امن اسرائيل والديموقراطية ومن اجل الليكود، وكذلك من اجل كرامتنا. ولن نسمح لهم بالاستخفاف بنا". اما نائب الوزير ميخائل راتسون، فقد استخف بقول شارون في الحكومة، انه لن يسمح لاحد بتكبيل يديه. وقال راتسون: سمعت ان شارون قال "لن يتمكن احد من ان يوقفني. لن يكبل احد يدي ورجلي. واقول له ان الغالبية هي التي ستوقفك، وفي الليكود هناك غالبية ضد فك الارتباط". اما دافيد ليفي فدعا الوزراء الذين حضروا الاجتماع الى قسم العهد بأنهم سيعارضون خطة فك الارتباط.

 

وكان شارون قد تصدى، خلال جلسة الحكومة، لوزيرة التربية والتعليم ليمور ليفنات، التي خرجت ضد الاقتراح الذي عرضه وزير الدفاع، شاؤول موفاز، بخصوص اخلاء المستوطنات مرة واحدة، وليس على مراحل، حسب قرار سابق للحكومة. وقال شارون لليفنات: " توقفي عن اظهار الوطنية الزائفة، يمكنني اتخاذ قرارات منفصلة متى اشاء". واعلنت ليفنات في تصريح للاذاعة الاسرائيلية، صباح الثلاثاء، تمسكها بموقفها، وقالت ان شارون اتصل بها ليلا واعتذر عما قاله لها. وأضافت انها صوتت في حينه الى جانب قرار الحكومة الذي نص على "ان الحكومة ستصوت، في موعده، على ما اذا كان سيتم اخلاء المستوطنات او لا، وان يتم الاخلاء، اذا ما صودق عليه، على اربع مراحل، يتم التصويت على كل منها على حدة".

وبرأي ليفنات فان اقتراح موفاز، المناقض لقرار الحكومة ومساندة رئيس الحكومة له، يحتمان اعادة مناقشة القضية في الحكومة والتصويت من جديد.

من جهته قال الوزير مئير شيطريت للاذاعة الاسرائيلية، ان شارون عرض الجدول الزمني على كتلة حزبه كي يثبت جدية نواياه. ونصح شيطريت الوزراء الذين يعتقدون بأن نوايا شارون ليست جدية  أن يفتحوا أعينهم لأن رئيس الحكومة "مصر على فك الارتباط، واعتقد ان ما يفعله هو الصحيح. لا شك بأنه يتحتم على رئيس الحكومة الاهتمام بتنفيذ قرار الحكومة، وهو ينوي عرض الجدول الزمني على الليكود كي يثبت نيته تنفيذ القرار".

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات