المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

كتب: رامي منصور

مع اقتراب إتمام صفقة تبادل الاسرى بين حزب الله اللبناني واسرائيل، اثيرت مجدداً قضية إختفاء المواطن الاسرائيلي سابقاً قيس عبيد من الطيبة بالمثلث والمتهم من قبل الاجهزة الامنية الاسرائيلية بالانضمام الى حزب الله. وتنسب المخابرات الاسرائيلية لقيس عبيد بأنه قام باستدراج الضابط الاسرائيلي الحنان تننباوم الى الأراضي اللبنانية وتسليمه الى حزب الله ليصبح ورقة مساومة بيد الحزب في المفاوضات بينه وبين اسرائيل.

ولا يزال اختفاء عبيد يشكل مصدر قلق للأجهزة الامنية الاسرائيلية التي وصفته عبر وسائل الاعلام في الاسبوع الاخير بأنه الذراع الأيمن لزعيم حزب الله الشيخ حسن نصر الله. وحسب الصحف الاسرائيلية فإن عبيد متواجد الآن في لبنان ويعمل لصالح حزب الله الذي أوكل اليه مهمة اختطاف اسرائيليين أو استدراجهم الى لبنان.

من حزب العمل الى حزب الله

قيس عبيد، 30 عاماً، ولد وترعرع في مدينة الطيبة داخل الخط الأخضر وعمل حتى مغادرته اسرائيل في تجارة المجوهرات، وهو حفيد عضو الكنيست عن حزب العمل في مطلع سنوات السبعينات ذياب عبيد، أي أنه ترعرع في بيت "غير متطرف" كما كتبت بعض الصحف الاسرائيلية.

وقالت عائلته في حديث مع "المشهد الاسرائيلي" إن قيس كان شخصاً عادياً للغاية ولديه طموح بتطوير مشاريعه التجارية، واضاف كامل الشقيق البكر لقيس: "لم نلحظ أي تغير في سلوك قيس نحو التعصب الديني والقومي كما ذكرت الصحف الاسرائيلية، حتى أنه بعد مغادرة البلاد أراد العودة ولكنه أجل ذلك بعد ان تم اعتقالي واعتقال عدد من افراد العائلة من قبل المخابرات العامة الاسرائيلية".

في العام 2000 غادر قيس وزوجته وولداه البلاد متوجهين الى العاصمة البريطانية لندن، وقبل مغادرته مطار اللد توجه اليه رجل في المخابرات العامة الاسرائيلية وحذره من الاتصال بـ "جهات معادية لاسرائيل". وحسب مصادر اسرائيلية فإن قيس سافرالى لبنان فور وصوله للندن. إلا ان كامل شقيق قيس يرفض تأكيد هذه المعلومات قائلاً: آخر مرة اتصل بي قيس ادعى إنه متواجد في الولايات المتحدة خاصة وانه كان يتصل في ساعات الفجر بسبب فارق الوقت بين اسرائيل والولايات المتحدة، وخلال هذه المحادثة طلب مني ان انتظره غداة ذلك اليوم بمطار اللد لاستقباله، إلا ان بعد ساعتين تقريباً من هذه المحادثة تم اعتقالي كما ذكرت سابقاً. لكن كامل بدا مطمئناً عندما أجاب عن مكان تواجد قيس: "أعتقد ان قيس متواجد في مكان حصين وآمن..".

ولا يزال الغموض يكتنف حقيقة علاقة قيس باختطاف الضابط الاسرائيلي الحنان تننباوم، فالاشاعات كثيرة بهذا الصدد. فحسب صحيفة "معاريف" العبرية فإن قيس أقام علاقته بحزب الله بواسطة شخص ثالث من الجنوب اللبناني عمل بتهريب المخدرات الى اسرائيل. إلا أن عائلة عبيد نفت هذه الاقاويل على لسان كامل خلال حديثه مع "المشهد الاسرائيلي": من يعرف الحقيقة هو تننباوم فقط وهو الذي بإمكانه قطع دابر الأقاويل والاشاعات، لذلك نتمنى ان يعود سالماً لعائلته لكي يكشف الحقيقية، لأن اسرائيل جعلت من قيس سوبرمان فعل ما لم تستطع غالبية الدول العربية فعله ضد اسرائيل خلال 50 عاما.

صديق حميم

كان تننباوم صديق حميم لعائلة عبيد منذ عشرات السنين، كما روى كامل، إلا ان قيس لم يتعرف عليه بتاتاً خاصة أن صداقة تننباوم كانت مع والده وانقطعت منذ فترة طويلة، ويتساءل كامل: "هل يعقل أن يقوم شخص في العشرينات من العمر باستدراج ضابط اسرائيلي له خبرة عسكرية ومتقدم في السن الى لبنان؟ هذا غير منطقي بتاتاً! إلا أن قيس- حسب ما نشر في الصحف الاسرائيلية - عمل على الاتصال مع رجال اعمال اسرائيليين من ضمنهم تننباوم واغرائهم بالسفر الى اوروبا لاتمام صفقات تجارية مربحة جداً ومن ثم اختطافهم أو استدراجهم الى لبنان. وحسب نفس المصادر يقوم قيس بالاتصال مع اشخاص داخل اسرائيل للتخطيط لاختطاف اسرائيليين لصالح حزب الله وأن مهمته الرئيسية في الحزب اخراج هذه المخططات الى حيز التنفيذ من خلال علاقته مع اسرائيليين. لكن، بعد مغادرة قيس البلاد لم يتم اختطاف اسرائيليين سوى الحنان تننباوم الذي دخل الى لبنان بناءً على رغبته هو نفسه خاصة وأنه كان يحمل جوازات سفر اخرى اضافة لجوازه الاسرائيلي حسب المصادر الاسرائيلية. وفي الاسبوع الاخير تقدمت عائلة تننباوم بالتماس الى المحكمة لمنع نشر معلومات تتعلق باختطاف تننباوم بعد ان سمح القضاء بالكشف عن هذه المعلومات مدعية ان من شأنها ان تشكل خطرا على امن المخطوف، لذلك تأجل النشر حتى تنهي المحكمة البت في التماس العائلة.

شقيق أم عدو؟

لم يتوقع كامل ان تقوده المكالمة التي أقيظته من نومه في فجر ذلك اليوم الى زنازين المخابرات الاسرائيلية للتحقيق معه حول شقيقه قيس. فتلك المكالمة كانت من قيس وقادته هو وآخرين من اسرته بمن فيهم شقيقته منى الى المعتقل والمساءلات والملاحقات. فمنى شقيقة قيس فصلت من عملها كمربية بعد ان تم اعتقالها وقالت في حديث مع "المشهد الاسرائيلي": "هل اعتقلت اسرة قاتل رابين بسبب ما فعل ابنها؟ بالطبع لا، أما نحن فقد فصلنا من وظائفنا وخسرنا مصالحنا والملاحقات مستمرة حتى الآن… فنحن الذين فقدنا أخا ونشتاق اليه. فهناك شقيق آخر لقيس يعمل طبيباً في هانوفور الالمانية ويفضل عدم زيارة اهله في اسرائيل لكي لا يتم اعتقاله هو الآخر اداريا".

بعد ان افرج عن ابناء عائلة عبيد، وقع كل فرد على مستند يتعهد من خلاله عدم الاتصال بشقيقهم قيس لأنه أصبح شخصاً معادياً لدولة اسرائيل. لكن قيس لا يزال يتصل من مكان ما في هذا العالم الى اصدقاءه في الطيبة ليطمئن على اسرته التي توجهت إليه عبر وسائل الاعلام المختلفة منها "المشهد الاسرائيلي" مطالبة اياه بالظهور ليؤكد أو ينفي ما نشر عنه. يقول أكرم شقيق قيس في نهاية الحديث: "قيس شخص بالغ يتحمل مسئولية افعاله وله الحرية بأن يختار طريقه".

المصطلحات المستخدمة:

الخط الأخضر, الكنيست, اللد

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات