كتب اسعد تلحمي:فتحت الشبهات بتلقي رئيس الحكومة الإسرائيلية رشاوى مالية وخيانته الثقة وتضليل "مراقب الدولة" والشرطة الشقوق في جدار ثقة الإسرائيليين بشارون، المتمتع منذ عامين بشعبية غير مسبوقة، وأنذرت بأن تتحول الشقوق إلى كوة تهدد احتمالات فوز حزب "الليكود" بزعامته في الإنتخابات البرلمانية المقبلة.
وكشفت القضية زيف تظاهر شارون بالأخلاقيات حين امتطى صهوتها وخلع نائبة الوزير نعومي بلومنتال من منصبها لإلتزامها الصمت في مكاتب وحدة الغش والخداع التابعة للشرطة الإسرائيلية التي استدعتها للتحقيق في شبهة ضلوعها في فضيحة شراء الكراسي في ليكود. وبدا شارون في أتعس لحظاته حين اختار الصمت، على غرار ما فعل أبنه عومري لدى التحقيق معه في ملف إنشاء شركات وهمية قدمت الدعم المالي لوالده، وكأنه يقول للإسرائيليين أن ما هو محرم على الآخرين (الصمت) حلال عليه.
وحيال ازدواجية المواقف هذه رأى 31 في المئة من الإسرائيليين أن شارون لم يعد جديرا بمنصب رئيس الحكومة الإسرائيلية في مقابل 46 في المئة اعتقدوا عكس ذلك. لكن هذه النتائج، التي وردت في استطلاع للرأي بثت نتائجه إذاعة الجيش الاسرائيلي ليست سوى نتائج أولية، علما أن الإستطلاع جرى بعد ساعات من الكشف عن الفضيحة الجديدة في صحيفة "هآرتس" وقبل أن تتناول كبرى الصحف العبرية (الأربعاء 8 يناير) تفاصيل العلاقات المشبوهة مع رجل الإعمال من جنوب أفريقيا سيريل كيرن وتميط اللثام عن مزيد من المعلومات يتوقع أن تنتهي باستدعاء الشرطة لشارون للمثول أمامها للتحقيق.
وبين استطلاع معهد "غيئوكتوغرافيا" أن ثلث الناخبين الاسرائيليين يعتقدون أنه لا يحق لشارون بعد الان اشغال منصب رئيس الحكومة، للاشتباه بخداعه للشرطة واخفاء معلومات قد تشوش مجريات التحقيق في قضية الفساد في حزبه.
وقال أجاب 31% من الناخبين ان شارون لا يستحق أن يشغل منصب رئيس الحكومة بينما قال 46% انه يستحق ذلك. كما يعتقد نصف المصوتين لحزب "شينوي" ان شارون يستحق هذا المنصب.
وبات واضحا أن سخونة هذا الملف وتكريس وسائل الإعلام العبرية عناوين الصدارة له يزعج شارون ومقربيه الذين يعيشون "أجواء صعبة"، ويخشون تحقق توقعات الشرطة بأن الحديث يدور عن "قنبلة" سيدوي انفجارها عاليا في السماء الإسرائيلية المكفهرة بفضائح فساد لا مثيل لحجمها من قبل.
ويحاول أقطاب في"الليكود" ثني شارون عن تعنته ودفعه إلى الإدلاء بما لديه في وسائل الإعلام وعلى مسامع الإسرائيليين، لعله يأتي بجديد يخفف من هول الضربة. ونقل عن أحدهم قوله إن نجلي شارون، عومري وجلعاد، الضالعين حسب الشبهات بقضايا جنائية أخرى، سيؤديان بوالدهما إلى الهاوية. وأعرب اخرون عن مخاوفهم من احتمال أن يؤدي الكشف الجديد الى خسارة "الليكود" السلطة في إسرائيل، مستذكرين أن فضيحة الفساد التي حملتها معها الإنتخابات الداخلية لقائمة الحزب أدت إلى انحسار شعبيته بعشرة مقاعد خلال ثلاثة أسابيع.
وكتبت الصحف العبرية ان الأوضاع في"الليكود" أشبه بـ "كرة ثلج" تتدحرج من دون أن يعلم أحد بالنقطة النهائية التي ستصلها، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن إناطة الدفع عن شارون بمساعديه ومستشاريه لم تؤت ثمارها، ما يحتم على شارون الظهور فورا أمام كاميرات التلفزة وتقديم تفسيراته لروايته في الشرطة، قبل عامين، أنه رهن مزرعته (مزرعة الجميز) ضمانا لقرض أخذه ولداه من أحد البنوك لإعادة الأموال التي حصل عليها من شركة خاصة، وبشكل مناف للقانون، لتمويل حملته الإنتخابية على زعامة حزبه، وكشف عنها مراقب الدولة، ليتبين الآن أنه لم يفعل ذلك لأن مزرعته ليست ملكه الخاص وأنه في واقع الأمر تلقى ضمانات مالية من رجل الأعمال سيريل كيرن.
ويسود الإعتقاد في أوساط المتابعين للمعركة الإنتخابية الدائرة أن الفضيحة الجديدة، التي أحبطت مساعي شارون لحرف الانظار عن أعمال الفساد، تفتح المعركة من جديد على كل الإحتمالات وأن ما كان مضمونا حتى قبل شهر - فوز ساحق لـ "الليكود" - يبدو اليوم مجرد ذكريات جميلة من الماضي.