المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

قدمت اسرائيل شكوى الى الولايات المتحدة على ما يسمونه هنا <<الخرق الجوهري الأول لخارطة الطريق>>: قرار الرئيس الفلسطينيي، ياسر عرفات، الابقاء على خمسة أجهزة أمنية مختلفة، بما فيها المخابرات العامة و"القوة 17"، تحت إمرته الشخصية.وتنص "خارطة الطريق"، التي نشرتها الولايات المتحدة، بشكل واضح وصريح، على توحيد ودمج الأجهزة الأمنية الفلسطينية المختلفة في ثلاثة أجهزة فقط، يتم وضعها تحت إمرة وصلاحية وزير الداخلية الفلسطيني للشؤون الامنية. ويشكل هذا <<الخرق الفلسطيني>>، الآن، موضوعاً اساسيًا في الحديث بين ممثلي اسرائيل والولايات المتحدة.

وتقول اسرائيل ان السلطة الفلسطينية اقامت بعد تشكيل حكومة ابو مازن، سبعة أجهزة امنية ممستقلة مختلفة، خلافاً لما نصت عليه "خارطة الطريق". ففي اطار وزارة الداخلية، التي تم تعيين محمد دحلان فيها كوزير دولة، يوجد اليوم اثنان فقط من بين الأجهزة الأمنية هما: الأمن الوقائي والشرطة "الزرقاء". اما تحت صلاحية الرئيس ياسر عرفات ورجاله المقربين فبقيت، بالمقابل، خمسة أجهزة امنية هي: المخابرات العامة، وقوات الأمن الوطني، والقوة 17، والمخابرات العسكرية والقوة البحرية. وشكل الرئيس عرفات "مجلساً للأمن القومي"، انسجاماً مع رغبته بانشاء قيادة مستقلة وجديدة لهذه الأجهزة، ويشغل هاني الحسن، وزير الداخلية السابق، دورًا مركزيا في هذا المجلس.

وتقول اسرائيل ايضاً، ان اعادة تنظيم الأجهزة الأمنية الفلسطينية على هذا النحو ترمي الى منع المس بمكانة وسلطة الرئيس ياسر عرفات، كما تتطلب "خارطة الطريق". فمع اقامة "مجلس الأمن القومي"، تبقى بين يدي الرئيس صلاحيات عسكرية مستقلة، دون اية سلطة رقابة من جانب رئيس الحكومة الفلسطينية.

وتدعي اسرائيل ان بعض الأجهزة التي تحت إمرة الرئيس، مثل القوة 17 ، <<كانت ضالعة في عمليات ارهابية، بشكل مباشر>>. وهي تعتبرها <<منظمات ارهابية خالصة>>، حتى ان جزءا كبيرا من العمليات التي قام بها الجيش الاسرائيلي كان موجها ضدها هي.

وترى المحافل السياسية والامنية الاسرائيلية ان توزيعة الصلاحيات الجديدة من شأنها ان تعيق التنسيق الأمني المشترك مع حكومة "ابو مازن". واذا ما أقر المجلس التشريعي الفلسطيني عملية اعادة التنظيم هذه، فسيحصل الرئيس ياسر عرفات على ميزانية خاصة للصرف على أجهزته الأمنية هذه والحفاظ عليها. وترى ايضاً ان اية تلخيصات يتم التوصل اليها مع الأمن الوقائي، ستكون خاضعة للمساءلة والنقض، نظرًا لوجود أجهزة أمنية فلسطينية أخرى ليست لوزارة الداخلية ولمحمد دحلان اية علاقة مباشرة معها واية سلطة عليها. وبموجب هذه التصورات الاسرائيلية، سيضطر "ابو مازن" ودحلان، ايضًا، الى مواجهة <<خمسة جيوش>> غير خاضعة لهما. <<لذلك تبدو هذه الوضعية الجديدة تقلل، بشكل اضافي آخر، امكانيات واحتمالات نجاح "ابو مازن" في القضاء على الارهاب>>.

ويكتب المعلق العسكري في "هآرتس" (5/5)، زئيف شيف، ان <<اسرائيل والولايات المتحدة تستطيعان الرد على هذا "الخرق" الفلسطيني بعدة طرق. الطريقة الأولى هي العودة الى الأسلوب الذي تم اعتماده بعد اتفاقيات اوسلو ـ تجاهل "خروقات" السلطة الفلسطينية، والاكتفاء بأن الطرفين يتقدمان، بشكل عام، في تطبيق الاتفاقيات. الامريكان دعموا، حتى اليوم، هذه الطريقة ولم يدققوا في مجالات مختلفة، مثل التحريض وتهريب الأسلحة، او اقامة المستمسكات الاستيطانية غير القانونية. الآن، وبنظرة الى الوراء، من الواضح ان هذا التوجه كان خاطئاً، وكان هو احد اسباب فشل اتفاقيات اوسلو.

<<الطريقة الأخرى، هي الاصرار على تنفيذ التفاصيل في "خارطة الطرق" فور انطلاقها، مباشرة. هذا هام جداً، بشكل خاص، عند الحديث عن اجراء لمرة واحدة، مثل تقليص عدد الأجهزة الأمنية ووضعها تحت صلاحية وزارة الداخلية. ومن الواضح للجميع ان تقديم تنازل لأحد الطرفين في أي مجال كان، سيدفع الطرف الآخر الى طرح ادعاءات مماثلة حين يُطلب منه تنفيذ حصته في التفاهمات>>.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات