"انتهى موسم الجفاف": بعد سنة شحيحة في زيارات الشخصيات الكبيرة، تبدأ قريباً "حملة" دبلوماسية على اسرائيل، يشترك فيها وزراء خارجية ورؤساء حكومات ودول. ومن المنتظر ان يصل البلاد قريباً وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا والدنمارك واليونان واليابان وبلجيكيا واستراليا وغيرها من الدول.وبعد انتهاء عيد الفصح اليهودي مباشرة ستبدأ زيارات الدبلوماسيين بوتيرة وحجم غير مسبوقين. "كلهم يريدون ان يكونوا قريبين من الاحداث السياسية"، قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاسرائيلية (يديعوت احرونوت 21/4)، منوهاً الى ان الحدث الاهم هنا هو تشكيل حكومة فلسطينية برئاسة "ابو مازن"، وعرض "خارطة الطريق" لتسوية الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي على الاطراف، والترقب في اسرائيل والعالم لجهود تشكيل هذه الحكومة.
وشهد الاسبوع الماضي زيارتين هامتين الى اسرائيل، الاولى قام بها وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر، والثانية لوزير الخارجية السلوفاكي.
ومن المتوقع ان يصل الى الاراضي الفلسطينية واسرائيل في الايام القريبة وزير الخارجية الامريكي كولن باول (حتى الاسبوع الاول من ايار، وتشمل جولته هذه سورية ايضاً)، ووزير الخارجية الفرنسي دومونيك دو فيلبان، ووزيرة خارجية اليابان، ورئيس حكومة السويد، ومنسق الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا، ووزير خارجية اليونان، ووزير خارجية الدنمارك ووزير خارجية استراليا ووزير خارجية بلجيكا وغيرهم.
وتجري اتصالات لترتيب زيارة رئيس حكومة ايطاليا سيلفيو برلوسكوني لاسرائيل في ايار او حزيران.
وترقب اسرائيل باهتمام كبير ما تسميه صحافتها "صراعات القوى" داخل السلطة الفلسطينية، حول تشكيل حكومة ابو مازن الفلسطينية. وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي، شاؤول موفاز، (الأحد 20/4)، إن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات "يُـفشل عمل أبو مازن ويُـذيقه الأمرّين، في مساعية لتشكيل حكومة فلسطينية. ذلك يبين عدم رغبة عرفات في التقدم بعملية السلام إلى الأمام"، مؤملا أن تؤدي الضغوط الأوروبية والأمريكية "إلى تغيير القيادة الفلسطينية الحالية وتشكيل حكومة فلسطينية".
واعربت المحافل السياسية في القدس الغربية عن قناعتها بأن لا شيء منتهٍياً الى الآن، وبأن هناك احتمالات عالية لأن يتغير كل شيء في الدقيقة التسعين بحيث سنرى ابو مازن جالساً على كرسي رئاسة الحكومة الفلسطينية".
ونقلت "يديعوت احرونوت" عن مصدر سياسي كبير في القدس الغربية قوله "اذا لم يكن ابو مازن رئيس الحكومة فذلك يعني ضربة صعبة لمن يرغب بدفع خارطة الطريق الى الامام". واضاف: "هذه الازمة تأتي على جميع الاوراق وتعيدنا الى خانة الصفر. هذا يعني ان عرفات يقود شعبه الى مأساة جديدة ويريد الاستمرار بطريق الارهاب".
وقالت اوساط رفيعة في القدس الغربية انه "طالما بقي عرفات هناك وظلت بيده السلطة على الامن والمال، فلن يطرأ تقدم الى أي مكان".
وترقب الاجهزة الامنية تقدم المباحثات حول تشكيل الحكومة الفلسطينية باهتمام خاص. وقالت "يديعوت" ان هذه الاجهزة "ستنتظر عدة ايام لرؤية التطورات". وقال مصدر امني اسرائيلي كبير للصحيفة: "الكل يعرف انه بدون تشكيل حكومة جديدة لا مجال للحديث عن خارطة الطريق والتسهيلات".
وتتواصل الضغوط الامريكية على الرئيس ياسر عرفات في هذا الشأن، دون أن تحيد عن سياستها القاضية بعدم إجراء أية اتصالات مباشرة مع الرئاسة الفلسطينية. ونوهت المصادر الاسرائيلية الى أن الأميركيين يقومون بنقل الرسائل إلى الرئيس ياسر عرفات والمحيطين به بواسطة مصر والأردن والسعودية.
وتعتبر القيادة الإسرائيلية مسألة نقل الصلاحيات الأمنية من الرئاسة الفلسطينية الى الحكومة الجديدة "موضوعًا جوهريًا من الناحية السياسية". وعبرت مصادر سياسية إسرائيلية عن قناعتها بأن "تهديد أبو مازن بالاستقالة ينبع من ثقته بأن الأسرة الدولية تسانده". ووفق أقوال هذه المصادر، من الواضح لأبو مازن أنه لا معنى للمسؤولية إذا لم تقترن بالصلاحيات. وقالت المصادر الاسرائيلية: "إنه أحد اختبارات القوة الأولى بالنسبة له، هل باستطاعته تمرير التشكيلة (الحكومية) التي يرغب فيها".
ونقلت "يديعوت احرونوت" الالكترونية عن هذه المصادر السياسية قولها ان "الجهات المعتدلة في حركة فتح غير راضية عن إمكانية عدم نشر "خارطة الطريق". "خارطة الطريق" هي، في الواقع، جسر للمفاوضات المباشرة. وإذا قرر عرفات أن يوقف كل شيء، فالجميع يعلم الآن إلى من يوجه أصابع الاتهام".
وقالت مصادر سياسية اسرائيلة لموقع الصحيفة على الانترنت (21/4) إن دبلوماسيين أوروبيين وآخرين، التقوا الرئيس ياسر عرفات مؤخرًا في رام الله، "أسهموا، عمليًا، في إفشال جهود أبو مازن، وعززوا لديه (لدى الرئيس) الانطباع، بأنه لا يزال في مركز الأحداث".
ووجهت إسرائيل الرسمية نقدًا لاذعًا إلى عضوي الكونغرس الأميركي، ووزير الخارجية الألماني، يوشكا فيشر، بالأساس، الذين التقوا عرفات في الفترة الأخيرة. وقالت المصادر الرسمية: "إن هذه اللقاءات هي بالضبط ما يشجعه على الاستمرار في التشبث بصلاحياته، وهي تحدّ من احتمالات نجاح أبو مازن".
وقال رئيس حركة "شاحَر"، الدكتور يوسي بيلين، إن الرئيس ياسر عرفات "يستخدم تكتيكـًا ضد أبو مازن، كان قد استخدمه في مفاوضات سابقة". ووفقـًا لأقوال بيلين، فإن ما يسميه "لعبة عرفات هي لعبته الدائمة. الاتفاقيات معه توقـَع في اللحظة الأخيرة. إنه يؤمن أنه إذا ما انتظر إلى اللحظة الأخيرة، فإن الطرف الآخر "سيطرف جفنه" اولاً".
ويضيف بيلين: "أعتقد أن أبو مازن أقل خشية من عرفات من ألا يتولى منصب رئاسة الحكومة. فتعبير أبو مازن عن استعداده ليشغل منصب رئيس حكومة كان بمثابة لفتة طيبة من ناحيته، وإذا لم يتحقق ذلك، فإنه يفترض بأنه لن يخسر الكثير. فأن يكون رئيس حكومة تحت كنف عرفات ليس حلم حياته. ولذا، فإنه يسمح لنفسه بالتهديد بالاستقالة. إنني أقدر أن ما سيحدث في النهاية هو إما عدم حصول أبو مازن على ما يريد وألا يكون رئيس حكومة، وإما أن يحقق أبو مازن ما يريد".
ويرى الدكتور بيلين أن" المواجهة مع عرفات، في جميع الأحوال، هي أول مظهر من مظاهر نشوء الديمقراطية في السلطة الفلسطينية". ويقول: "لا توجد دولة عربية كان من الممكن أن يحدث فيها أمر مشابه. إننا ننظر إلى ذلك، وكأنه شيء مفهوم ضمنـًا. لكننا نقف أمام ظاهرة ديمقراطية مثيرة في العالم العربي، الذي تتواصل فيه التعيينات كنتيجة حتمية".