المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 792

عرض مدير عام ديوان رئيس الوزراء الاسرائيلي، دوف فايسغلاس، (14/4) امام مستشارة الرئيس الامريكي لشؤون الامن القومي كوندوليسا رايس، التحفظات الاسرائيلية على "خارطة الطريق" لحل الصراع في الشرق الاوسط، التي تعتزم الولايات المتحدة طرحها على الاطراف المعنية قريباً. ولم تردّ الادارة الامريكية بصورة رسمية، حتى الآن، على قائمة التحفظات الاسرائيلية الواردة في 15 مجموعة من الملاحظات المختلفة، لكن اتضح ان هناك نقطة مركزية - مسألة المرحلية في التنفيذ - لا تقبل الادارة الامريكية المواقف الاسرائيلية كاملة فيها.ويعتقد الرئيس الامريكي، جورج بوش، بأنه ينبغي العمل لدفع جميع الأصعدة بشكل متواز، "وبعد ان يطرأ تحسن على الوضع الأمني، يكون بالامكان مطالبة اسرائيل باتخاذ خطوات ما من جانبها". وستتركز هذه الخطوات في المجال الانساني، فيما تشدد الولايات المتحدة بشكل خاص على حرية التنقل في المناطق الفلسطينية. ويعتقد الامريكيون بأنه اذا قامت اسرائيل بتسهيل الحركة في الضفة الغربية وقطاع غزة، "فسيساعد ذلك القوى الاصلاحية في السلطة الفلسطينية على اثبات انجازات لها في تحسين حياة السكان، مما سيمكّنهم من تعزيز مواقعهم في القيادة الفلسطينية الجديدة".

 

وتقول الفرضية الامريكية ان لا حاجة الى التقدم "خطوة تلو خطوة" وانه بعد اجراء محادثات مع الطرفين يجب فحص قدرة كل من الطرفين على اتخاذ خطوات فورية لتلطيف الاجواء واحراز تقدم. ويرى الرئيس بوش اهمية قصوى لدفع العملية ويعتقد بأنه بعد الحرب في العراق نشأ واقع جديد في الشرق الأوسط بمجمله، وعلى جميع الاطراف الاعتراف بهذا الواقع والتصرف طبقا له.

وتنتظر الولايات المتحدة من اسرائيل ان "تجدد التزامها" بفكرة الدولة الفلسطينية. وعلى هذه الخلفية، عبّرت اوساط في الادارة الامريكية عن الرضى من تصريحات رئيس الحكومة ارئيل شارون، لصحيفة "هآرتس"، حول ادراكه الحاجة الى تقديم تنازلات مؤلمة والتوصل الى تسوية اقليمية. وعلى ضوء الواقع الجديد الذي نشأ بعد اسقاط نظام الرئيس العراقي صدام حسين، تنتظر الولايات المتحدة من الفلسطينيين ايضًا "ان يفهموا ان عليهم "ركوب موجة الاصلاح" وعزل العناصر الرافضة من بينهم".

وعلى الرغم من ان الولايات المتحدة لا تتبنى طريقة "المرحلية" التي تطالب اسرائيل باعتمادها، الا ان الادارة الامريكية حازمة في موقفها بأن إثبات "التحرك الجدي من جانب الفلسطينيين لمحاربة الارهاب" يشكل شرطًا لأي تقدم. وسيتم اختبار ذلك في ارض الواقع، كما في صلاحيات وسيطرة رئيس الحكومة الجديد، ابو مازن، على اجهزة الأمن وفي مجالات مسؤولية وزارة الداخلية الفلسطينية الجديدة.

ولم تعقب الادارة الامريكية، بعد، على الطلب الاسرائيلي بأن يتم الاعتراف، منذ البداية، بضرورة تنازل الفلسطينيين عن حق العودة. ولم تصدر، حتى الآن، اي اشارات تدل على ان ادارة الرئيس بوش تخلت عن السياسات التي اعتمدها الرؤساء السابقون ومؤداها ان مسألة اللاجئين يجب ان يتم التفاوض حولها في المرحلة النهائية، ولا تشكل شرطاً مسبقاً للمفاوضات.

وفي "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط"، القى مستشار رئيس الحكومة الاسرائيلية لشؤون الأمن القومي، افرايم هليفي، (الاثني 14/4) خطاباً قال فيه: من وجهة النظر الاستراتيجية هناك اهمية للأرض ايضاً في عصر الصواريخ الموجهة والأسلحة الذكية، وان الحرب في العراق اثبتت اهمية العمق في اليابسة من الناحية العسكرية. ومع ذلك، اضاف هليفي، "اذا ما تم التوصل الى حل سلمي في نهاية المطاف، فان الحدود ستفقد من أهميتها".

خلاف في الادارة الامريكية حول وجهة التقدم في "اليوم التالي"

وكتب ألوف بن (هآرتس ـ 15/4) ان هناك تباينات وخلافات في الادارة الامريكية حول اتجاه التقدم "في اليوم التالي" على انهيار النظام في العراق.

وقال ان موظفي الادارة الامريكية لم يستسيغوا الادعاء الاسرائيلي بأن "خارطة الطريق" التي وضعوها لحل الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني "لا تتلاءم" مع الرؤيا التي عرضها الرئيس الامريكي جورج بوش في خطابه يوم 24 حزيران العام الفائت. وعبر احد الموظفين الكبار في البيت الابيض عن ذلك بالقول لأحد معارفه الاسرائيليين الذي زاره في واشنطن مؤخرا، انه لا يفهم ماذا يريد الاسرائيليون: "الرئيس قرأ خارطة الطريق ولم يقل انها غير ملائمة. بل وافق عليها"، قال الموظف الامريكي.

الا ان اسرائيل لم تقتنع بذلك فأرسلت وفدا رفيع المستوى الى واشنطن لعرض الملاحظات والتحفظات الاسرائيلية على خارطة الطريق.

وقبالة الطاقم السياسي - الأمني الاسرائيلي برئاسة دوف فايسغلاس، جلست في واشنطن 14/4 نخبة من الموظفين الامريكيين من مختلف اذرع الادارة، من اجل اقناعه بأن الولايات المتحدة متمسكة بخارطة الطريق كما قدمت. "اللعبة الدبلوماسية خدمت الطرفين، وخاصة ارئيل شارون، الذي أظهر لزملائه من اليمين كيف يدافع عن مواقف اسرائيل ولا يقبل بالاملاءات الامريكية" (هآرتس 15/4).

ويعكس الجدل حول "خارطة الطريق" خلافا اكثر عمقا في قيادة الادارة الامريكية، حول السؤال عن الوجهة التي ينبغي على الولايات المتحدة التقدم نحوها في "اليوم التالي" بعد انتصارها في العراق: هل تستغل النجاح لتواصل معالجة سوريا وايران، أم تستدير لتمارس الضغط على شارون لكي يتراجع عن مطالبه المتشددة ويخطو نحو تسوية مع الفلسطينيين؟

في الجانب الاول يقف صقور البنتاغون، دونالد رامسفيلد، وبول وولفوفيتش وداغ بييت، الذين يطلقون عليهم في القدس الغربية اسم "صنّاع الواقع" الذين يريدون جعل العراق "نموذجا للتغيير والدمقراطية في العالم العربي".

وفي الجانب المضاد يقف خصومهم، قادة وزارة الخارجية ووكالة المخابرات المركزية (سي. آي. ايه)، كولن باول، ووليام بيرنز، وجورج تينت ـ الذين يطلق عليهم في وزارة الخارجية (الاسرائيلية) اسم "مثبّتو الواقع"، الذين يهتمون اساسًا بالحفاظ على بقاء الانظمة في مصر والسعودية والاردن، ولا يؤمنون بامكانية بناء دمقراطية حقيقية في العالم العربي. "الجناح الاول تعززت قوته بفضل نجاحه في العراق، مقابل فشل باول في الامم المتحدة – يكتب الوف بن في صحيفته - اما "الحمائم" فقد تشجعوا من تجند توني بلير الى جانبهم وضغوطه على بوش من اجل التوجه الى الحلبة الاسرائيلية - الفلسطينية".

الوزير نتان شرانسكي ، المقرب من الصقور الامريكان، يعتقد بأن الحرب في العراق صعّدت حدة "الحرب العالمية الايديولوجية" بين الذين يؤمنون، مثله، بتصدير الدمقراطية وبأهميتها الحاسمة لضمان الأمن والاستقرار، وبين الذين يريدون فرض النظام بواسطة "اشخاص اقوياء، ولكن من بيننا"، ليتم بذلك تكريس الأنظمة العربية الاستبدادية. هذه المواجهة الايديولوجية تترجم الى خلاف حول السياسة: الذين يشعرون بأن الولايات المتحدة مسّت بالعرب يريدون تعويضهم على حساب اسرائيل؛ والذين يعتقدون بأن الحرب في العراق لم تأت الا بالخير للعراقيين وللعرب عامة وخلّصتهم من طاغية، لا يرون اية حاجة للضغط على اسرائيل او مطالبتها بتقديم تنازلات لصالح سلطة فلسطينية تركيزية.

وتقول "هآرتس" ان الإشارات التي يتم التقاطها في إسرائيل تدل، حتى الان، على ان الادارة الامريكية تميل الى التظاهر بالتدخل، اكثر من ميلها الى فرض تسوية: "كلما تثبّت الاحتلال في العراق، مع عودة النظام الى بغداد وتكريت، كلما مال الامريكيون اكثر الى اظهار نشاط ما على المسار الاسرائيلي - الفلسطيني. ستكون هنالك سفرات ولقاءات وصياغات، ومن حين الى آخر تصريحات غير مريحة لاسرائيل ايضًا، لكن المسؤولية النهائية ستلقى على الطرفين، الأمر الذي سيضمن تقدمًا بطيئا وغير ذي قيمة. وبعد سبعة اشهر ستبدأ حملة بوش الانتخابية، مما سيغلق نافذة الضغط على اسرائيل الى حين اغلاق صناديق الاقتراع، على الأقل".

وتصاعدت حدة القلق في إسرائيل من الخطة الأمريكية للمفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. فقد أوضح الأمريكيون لإسرائيل أنهم لن يدخلوا تغييرات أو تعديلات على "خطة الطريق" قبل نشر تفاصيلها. وفي هذا الصدد، قالت مصادر في الإدارة الأمريكية إنه ستتم مناقشة الملاحظات الإسرائيلية حول الخطة المذكورة فقط بعد إعلانها.

وكان الرئيس الأمريكي، جورج بوش، قد وعد الرئيس المصري، حسني مبارك، (الاثنين 14/4)، بإعلان "خطة الطريق" فور إعلان رئيس الحكومة الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، تركيبة حكومته. وتحدث مبارك في هذا الشأن مع الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، والملك الأردني عبدالله الثاني، الاحد 13/4.

وقد تم طرح القضايا المختلفة والمتعلقة خلال المحادثات التي تدور بين الطاقم الإسرائيلي برئاسة مدير مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي، دوف فايسغلاس، ومسؤولين أمريكيين كبار وعلى رأسهم مستشارة الأمن القومي، كوندليسا رايس.

وقال المناطق بلسان البيت الأبيض، آري فلايشير، إن "الهدف من اللقاءات هو الاتفاق على مبادئ بغية الاستمرار في العملية. وعندما أعلن الرئيس بوش، قال إنه عند تقديم "خطة الطريق" للجانبين، الإسرائيلي والفلسطيني، سيبارك جهود الطرفين المبذولة في تقديم ملاحظاتهم".

"خارطة بروح خطاب بوش فقط.." وقد وصلت إلى إسرائيل رسائل بأن الأمريكيين ليسوا "متحمسين" من الطلب الذي تقدمت به إسرائيل القاضي بتنفيذ الالتزامات الفلسطينية قبل تجميد الاستيطان وتنفيذ الالتزامات الإسرائيلية الأخرى كشرط للبدء في تنفيذ "خطة الطريق".

وقالت مصادر إسرائيلية ان إسرائيل وافقت على "خطة الطريق" شريطة أن تكون بروح خطاب الرئيس بوش، "وفي الأماكن التي توجد فيها فجوات، كما هو الأمر في الطلب المسبق في محاربة العمليات ومدى التدخل الأوروبي، قمنا بتقديم ملاحظاتنا". "وإذا لم تعكس الوثيقة خطاب الرئيس بوش، فإنها لا تلزمنا". وأضافت المصادر: "الولايات المتحدة لم تشن حربًا على العراق كي تتنازل للإرهاب ولا لكي تتنازل للإرهاب الفلسطيني".

وحاولت مصادر إسرائيلية في واشنطن تهدئة الوضع وقالت: "الاتفاق هو على مواصلة الحوار حول "خارطة الطريق" وهناك أسباب جيدة للتفاؤل من نتائج المحادثات". وأضافت المصادر نفسها أن الأمر الأهم بالنسبة للأمريكيين في تنفيذ الخطة هو النتائج الميدانية، و"الوثيقة، في الحقيقة مبلورة، لكنها ليست نهائية. لقد أوضحت الولايات المتحدة أن ذلك ليس "أمرًا" لإسرائيل وأن الملاحظات ستقبل بالترحاب".

واعرب رئيس مجلس الأمن القومي الاسرائيلي، إفرايم هليفي، في محاضرة ألقاها في معهد أبحاث واشنطن، عن اعتقاده بأن "محمود عباس سيفضل إدارة مفاوضات سرية مع إسرائيل في المراحل الأولية".

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات