انتهت مباحثات الوفد الاسرائيلي الى واشنطن برئاسة دوف فايسغلاس مع المسؤولين الامريكيين حول "خارطة الطريق" بدون تلخيصات، مع "تفهم امريكي لضرورة فحص التحفظات الاسرائيلية" على الخارطة (هآرتس 16/4).وعلى رغم ان الادارة الامريكية لم تتطرق رسمياً للملاحظات الاسرائيلية على الخطة الامريكية لحل الصراع في الشرق الاوسط، الا ان تصريحات كبار النظام الامريكي تدل على ان عدداً من المطالب الاسرائيلية ليست مقبولة عليهم.
وتأتي "المبادرة السعودية" برأس التحفظات الاسرائيلية على نية واشنطن اعتمادها اساساً للعملية السياسية المستقبلية في الشرق الاوسط. وفي هذا الشأن صرح وزير الخارجية الامريكية كولن باول (15/4) ان الادارة الامريكية "تأمل ان يستفيد الطرفان من خارطة الطريق كطريق لتحقيق رؤيا الرئيس بوش من 24 حزيران 2002، التي هي ايضاً الرؤيا التي عرضتها الجامعة العربية في اعقاب مبادرة الامير عبد الله".
واوضح باول ان "خارطة الطريق" ستنشر قريبًا دون ادخال اي تعديلات عليها رغم مخاوف اعربت عنها اسرائيل. وقال ان الخطة التي صاغتها اللجنة الرباعية الدولية في كانون الاول وتأخرت بسبب التطورات السياسية والامنية في الشرق الاوسط، ستنشر في صيغتها الاساسية فور تولي رئيس الوزراء الفلسطيني مهامه رسميًا.
واوضح قائلا: "سيتم نشر خارطة الطريق لدى الطرفين بعد تولي ابو مازن مهامه رسميًا".
ومن المتوقع أن يقوم رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمود عباس، بتولي مهامه رسميًا مع اعضاء حكومته بحلول الاسبوع القادم كأقصى حد.
وجرت هذا الاسبوع مباحثات اسرائيلية – امريكية بمشاركة مدير مكتب شارون دوف فايسغلاس ووزير الخارجية الامريكي كولن باول ومستشارة الامن القومي كوندوليسا رايس، لمناقشة مذكرة التحفظات الاسرائيلية على المشروع السياسي الامريكي الجديد في المنطقة.
وقال فايسغلاس للامريكان ان اسرائيل تطلب ان تكون "خارطة الطريق" انعكاساً دقيقاً لرؤيا الرئيس بوش والا تتطرق الى المبادرة السعودية. لكن تصريحات كولن باول اوضحت ان هذا الموقف غير مقبول على اسرائيل.
وجاء في بيان نشره دوف فايسغلاس: "انا واثق بأن الولايات المتحدة ستدرس مواقفنا بجدية عندما تتقدم العملية". وقال ايضاً ان اسرائيل ستحصل على فرصة اخرى للرد على التقرير بعد ان يقدم رسمياً الى الاطراف المعنية.
وصرح الناطق بلسان البيت الابيض آري فلايشر ان الرئيس بوش سيسر بتلقي ملاحظات الطرفين، مع ان وزير الخارجية باول اكد ان صيغة خارطة الطريق التي ستقدم الى الاطراف ستكون هذه المعروفة كـ "صيغة العشرين من ديسمبر" كما يعرفها الطرفان.
ونقلت "هآرتس" (16/4) عن مصادر سياسية اسرائيلية قولها ان الولايات المتحدة قد تطالب اسرائيل باخلاء المستمسكات (المناطر) غير المصدقة رسمياً المقامة في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وقالت هذه المصادر ان ادارة بوش لن تقبل الافكار التي طرحتها مؤخراً وزارة الدفاع الاسرائيلية لـ "تبييض" بعض المناطر، واقرارها قانونياً بمفعول رجعي، معربين عن اعتقادهم بأنها ستطالب اسرائيل بـ "التمسك بقائمة المناطر المنشورة في عهد وزير الدفاع السابق" (هآرتس 16/4).
من ناحيته، اعرب رئيس الحكومة الاسرائيلية ارئيل شارون عن اعتقاده بأن اسرائيل ليست خاضعة لضغوط سياسية، الا ان تقويض نظام الرئيس العراقي صدام حسين اوجد فرصة تاريخية للتوصل الى تسوية سياسية، وهو لا ينوي تفويتها.
والتقى السفير الامريكي في اسرائيل دان كيرتسر (الثلاثاء 15/4) بوزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم، وابلغه ان "خارطة الطريق" ليست برنامج سلام وانما اطار يرمي الى دفع الاسرائيليين والفلسطينيين الى تجديد العملية السياسية. واوضح كرتس ان اسرائيل يجب ان تكون قانعة بأن "خارطة الطريق" لا تقودها الى تعريض نفسها لمخاطر امنية.
وفي وقت سابق قال مسؤول اسرائيلي في القدس الغربية (15/4) ان دانيال كيرتسر، ابلغ وزارة الخارجية الاسرائيلية ان واشنطن "تأخذ بعين الاعتبار بشكل جدي" التحفظات الاسرائيلية بشأن "خارطة الطريق".
واقر باول ان واشنطن تلقت من اسرائيل عددًا من التعليقات الاولية بشأن الخطة، وتتوقع سماع المزيد من تعليقاتها بعد نشرها.
وقال باول انه في تلك المرحلة، ستسعى الولايات المتحدة للحصول على ملاحظات الحكومة الفلسطينية الجديدة لكنه شدد على انه لن يتم تعديل "خارطة الطريق" استجابة لردود فعل من اي من الطرفين.
وقال: "انها تعليقات سوف ترد، ستدرسها اللجنة الرباعية، لكن الحقيقة انها تعليقات على الجانبين البدء في مناقشتها وتبادلها".
وتضم اللجنة الرباعية الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وروسيا. وسجلت اسرائيل تحفظها على 15 بنداً امنيًا في "خارطة الطريق" التي تنص على قيام دولة فلسطينية بحلول العام 2005.
وتريد اسرائيل انهاء كافة الهجمات الفلسطينية وفرض شروط صارمة على الالتزام الفلسطيني بكل مرحلة من مراحل الخطة قبل المباشرة بالخطة التالية وصولا الى الدولة الفلسطينية.
ومن ناحيتهم يريد الفلسطينيون تطبيق الخطة دون ادخال اي تعديلات عليها.
وتريد اسرائيل ايضا تجنب اي انسحاب فوري من اراض فلسطينية او تجميد عملية توسيع المستوطنات في المناطق المحتلة، كما هو منصوص في الخطة.
وقالت المصادر الاسرائيلية ان موفد رئيس الوزراء اريئيل شارون الخاص الى واشنطن حصل على موافقة اميركية على تلك النقطة، غير ان باول شدد على ان تجميد توسيع المستوطنات غير قابل للتفاوض.
وقال باول "ان جزءا رئيسيا من خارطة الطريق سيكون التعامل مع مسالة المستوطنات". واضاف: "ندرك ذلك، ونعرف ان الحكومة الاسرائيلية تدرك ذلك ايضاً".
وقال باول انه يؤمن بوجود "فرصة حقيقية" للتقدم في جهود السلام في ضوء الديناميكية الجديدة التي خلقتها الحكومة الفلسطينية الجديدة والحكومة الاسرائيلية التي تم تشكيلها مؤخرًا، ونجاح الحرب الاميركية – البريطانية في الاطاحة بنظام الرئيس العراقي صدام حسين.
وقال: "ستكون هذه عملية صعبة جداً لكنني اعتقد انه يمكن احراز تقدم اذا ما دخل الطرفان عملية خارطة الطريق بتفهم حاجات الجانب الاخر وبجهود مخلصة".
واضاف: "لدينا فرصة جديدة، فرصة اعتقد انها تعززت بازاحة النظام الدكتاتوري لصدام حسين".
وهذه هي المرة الاولى التي ترد الاشارة فيها الى المبادرة السعودية في سياق الجهود المبذولة عشية نشر "خارطة الطريق". وظل المسؤولون الامريكيون يمتنعون حتى الخامس عشر من نيسان عن التطرق للمبادرة السعودية في المباحثات حول "الخارطة" الامريكية، في خطوة مناقضة للموقف الاسرائيلي. لكن واشنطن تسعى الآن الى اشراك السعودية في العملية السياسية مقابل تعاونها الهادىء خلال الحرب على العراق.
وسبق لاسرائيل ان رفضت المبادرة السعودية، التي تبين لاحقاً انها صيغت بالتعاون مع امريكا وتبنتها الجامعة العربية. ونقلت "يديعوت احرونوت" (16/4) عن مصادر سياسية في القدس الغربية قولها ان اسرائيل لا تستطيع القبول بمطلب الاميركان بأن تكون "خارطة الطريق" مؤسسة على المبادرة السعودية.