المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • المكتبة
  • 1315

مضيًا في تحقيق هدفها بطمس الهوية العربية لفلسطين تواصل الحركة الصهيونية منذ نحو 120 سنة وتواصل إسرائيل من بعدها "عبرنة" أكثر من ثمانية آلاف اسم لمواقع فلسطينية منها 5000 موقع جغرافي وبضع مئات من الأسماء التاريخية و1000 اسم مستعمرة. هذا ما يؤكده كتاب جديد بعنوان "المواقع الجغرافية في فلسطين- الاسماء العربية والتسميات العبرية" وضعه الدكتور الجغرافي شكري عراف ابن قرية معليا في الجليل، وصدر أخيرًا عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت. وتسهيلا على القارىء احتوى الكتاب، الذي تولى نفقات اصداره الشيخ احمد زكي اليماني، قائمة بالأسماء العربية وألفاظها بالانجليزية إلى جانب التسميات المحورة بالعبرية مع الفاظها بالاحرف العربية وهي تشمل المواقع داخل الاراضي الفلسطينية من البحر الى النهر. ويتميز الكتاب عن سواه من الابحاث المشابهة بشموليته وباضافة احداثيات كل موقع وموقع لتسهيل التوصل اليه.

يقول المؤلف في مقدمة مؤلفه ان الحركة الصهيونية بدأت في اطلاق التسميات العبرية التوراتية على المستعمرات التي اقامتها منذ بدء نشاطها على الارض، ففي العام 1878 أسست أولى المستعمرات ، "بيتح تكفا " ("باب الأمل") على أراضي ملبّس، كما أسمت المستعمرة التي قامت على أراضي الجاعونة في شمال الجليل "روش بينا" ("رأس الزاوية") وهو مصطلح توراتي ايضا. ويلفت الباحث الى ان الوكالة اليهودية الفت لجنة اسماء تساعد على اختيار اسماء المستعمرات فقامت هذه بتغيير اسماء 216 موقعا حتى العام 1948 وبعد ذلك بادر رئيس الوزراء الاول دافيد بن غوريون بضم هذه اللجنة الى ديوانه مباشرة وكانت مكونة من 24 عضوا خبيرا في الجغرافيا والتاريخ والتوراة والآثار وغيرها إضافة الى مندوبين عن الوزارات والجيش . وكانت اولى مهام هذه اللجنة وضع تسميات عبرية للقرى والمدن الفلسطينية المهجرة حيث وضعت 560 اسما حتى العام 1953 . ويشير المؤلف إلى أنه حاول عبر هذا البحث ان يرصد التغيرات الحاصلة على الارض الفلسطينية بأمانة ودقة من اجل التاريخ والمعرفة ولابقاء الاسماء العربية للوطن في ذاكرة اهله. ولم يتطرق الكتاب الى دراسة العوامل والمعايير التي اعتمدتها الصهيونية في اطلاق التسميات العبرية مثلما لم يوضح دلالاتها مكتفيا بسردها مقابل الاسماء العربية مع مراعاة الابجدية ولكنه قدم موجزا عن اهم المعلومات العامة حول كل موقع ما يجعل الكتاب يضيف مرجعا جغرافيا هاما للمكتبة الفلسطينية.

وفي حديث لـ"المشهد الإسرائيلي" قال الدكتور شكري عراف ان الصهيونية دأبت بشكل منهجي على استخدام التسميات في فلسطين لمسح هويتها بواسطة نحت اسماء جديدة او ترجمة الاسماء العربية للمكان وقد بلغت مجتمعة نحو 8400 اسم. ولفت عراف إلى أن الأغلبية الساحقة من التسميات العبرية هي وليدة التحوير او الترجمة مشيرا الى ان التوراة لا تشمل سوى 550 اسما لامكنة مختلفة في البلاد وهي في اصلها اسماء كنعانية ولذا بادر الصهاينة الى تحوير التسميات الاصلية او خلع اسمائهم على المواقع الفلسطينية. وهكذا تحولت بئر السبع الى "بئير شيبع" وطبريا الى "طبيريا" والخضيرة الى "حديرة" والمطلة الى "مطولة" وصفورية الى "تسيبوري" وعكا الى "عكو" وعين البيضا الى "عين لفان".

ونوه د. عراف الى ان نحو 50 اسما عبريا فقط كانت موجودة في فلسطين التاريخية قبل غزو الصهيونية اليها واشار الى وجود تسميات اجنبية موروثة من الاحتلالات الاجنبية لفلسطين فاللطرون مثلا هي تسمية لاتينية من العهد الصليبي وتعني "اللص الجيد".

وهذا الكتاب هو شوط جديد في سلسلة قديمة من الكتب الرديفة امثال بلدانية فلسطين المحتلة للدكتور انيس صايغ (1968) وموسوعة فلسطين الجغرافية لقسطنطين خمار (1969) واسماء الاماكن والمواقع والمعالم الطبيعية والبشرية والجغرافية المعروفة في فلسطين حتي العام 1948 لقسطنطين خمار ايضا (1980) وبلادنا فلسطين لمصطفي مراد الدباغ (1966) والموسوعة الفلسطينية (1984).

ويأتي هذا الكتاب ليقدم أداة معرفية مهمة لنضال الشعب الفلسطيني تسهم، بلا ريب، في الحفاظ على التاريخ الفلسطيني وعلى الذاكرة الفلسطينية معا بعدما دأبت اسرائيل علي اصدار خرائط واطالس عبرانية لفلسطين التاريخية، فأصدرت علي سبيل المثال خريطة معدلة للخريطة التي وضعتها حكومة الانتداب البريطاني في سنة 1944، وجعلت التسميات العبرية للأماكن الفلسطينية محل التسميات القديمة المعروفة وضمن مناهج التعليم لليهود وللعرب على حد سواء. كذلك نشرت في هذا السياق وعلى فترات متعاقبة اطلس الطرق وكل البلاد والمعجم الجغرافي لأرض إسرائيل والدليل السياحي وغير ذلك من الموسوعات والخرائط والبلدانيات.

ان كتاب المواقع الجغرافية في فلسطين الذي راجعه الياس شوفاني يعيد الاعتبار إلى الحقائق الجغرافية والتاريخية، والى العلم بالدرجة الاولى فهو يشمل كل شيء في فلسطين كالآبار والأبراج والأبواب والاغوار والاودية والانهار والخرب والرجوم والسهول والبوادي والعيون والقري والمدن والقلاع والكروم والمزارات والمطاحن والمغاور والغابات.. الخ. وقد جرى تصميم الكتاب على صورة جدول بحيث يتم اثبات الاسم العربي للموقع يليه اللفظ باللغة الانكليزية ثم التسمية العبرية له مكتوبة بالحروف العبرية، ثم احداثيات الموقع واخيرا تحديد مكان الموقع وبعض المعلومات الوصفية والتاريخية عنه. ويقع الكتاب في 600 صفحة من القطع الكبير.

المصطلحات المستخدمة:

الصهيونية, روش بينا, الوكالة اليهودية

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات