أصدرت المؤسسة العربية لحقوق الإنسان تقريرها الجديد حول الأجواء العنصرية التي سبقت مذبحة شفاعمرو ومسؤولية المستشار القضائي للحكومة. ويحمل التقرير اسم: "القاتل واحد والمسؤولون كثر"، ويتزامن صدوره مع الذكرى السنوية الخامسة لأحداث أكتوبر، وبعد مرور قرابة شهر ونصف الشهر على مذبحة شفاعمرو. وهذا التزامن لم يأت من فراغ، فهناك علاقة بين الحدثين: المذبحة التي هزت الأقلية الفلسطينية في إسرائيل هي حلقة في سلسلة طويلة من المس الكلامي والجسدي من جانب الأغلبية ضد الأقلية، في خضم التحول الذي طرأ على نظرة الأغلبية اليهودية تجاه الأقلية الفلسطينية في السنوات التي تلت أحداث أكتوبر من العام 2000،
نظمت المؤسسة العربية لحقوق الإنسان مؤتمرا صحفيا في مدينة الناصرة عرضت فيه تقريرها الجديد الذي أصدرته حول الأجواء العنصرية التي سبقت مذبحة شفاعمرو ومسؤولية المستشار القضائي للحكومة ميني مزوز.
شارك في المؤتمر الصحفي، إلى جانب ممثلين عن قسم كبير من وسائل الإعلام العربية، محمد زيدان، مدير المؤسسة العربية لحقوق الإنسان ورامز جرايسي، رئيس بلدية الناصرة، والمحامي سليم واكيم.
افتتح المؤتمر مدير المؤسسة محمد زيدان وأكد في كلمته على أهمية الفترة الزمنية التي يصدر فيها التقرير، إذ أن إصدار التقرير الذي يحمل اسم: "القاتل واحد والمسؤولون كثر"، يتزامن مع الذكرى السنوية الخامسة لأحداث أكتوبر، وبعد مرور قرابة شهر ونصف الشهر على مذبحة شفاعمرو. وهذا التزامن لم يأت من فراغ، فهناك علاقة بين الحدثين: المذبحة التي هزت الأقلية الفلسطينية في إسرائيل هي حلقة في سلسلة طويلة من المس الكلامي والجسدي من جانب الأغلبية ضد الأقلية، في خضم التحول الذي طرأ على نظرة الأغلبية اليهودية تجاه الأقلية الفلسطينية في السنوات التي تلت أحداث أكتوبر من العام 2000، حيث تم اعتبار الأقلية العربية على أنها غير مخلصة للدولة، وبالتالي تم الابتعاد عنها ومقاطعتها، وارتفعت نسبة اليهود الذين يؤيدون سحب الحقوق الأساسية من الأقلية العربية الفلسطينية. هذا الوضع، أكد زيدان في معرض حديثه، أدى إلى تفاقم النظرة العنصرية تجاه الأقلية العربية وتصاعد العنف الموجه ضدها.
وتزامن نشر التقرير أيضا مع قرار وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة في وزارة العدل الإسرائيلية ("ماحش") بإغلاق ملفات التحقيق في تصرفات رجال الشرطة ومسؤوليتها عن سقوط شهداء هبة أكتوبر، الذي تم التراجع عنه فيما بعد. وعليه أشارت المؤسسة في تقريرها بهذا الصدد إلى وجود تناقض مع توصيات لجنة أور، من جهة، ومن جهة أخرى التوافق مع إحدى نتائج لجنة أور القائلة إن الدولة بواسطة سلطاتها المختلفة تساند النظرات والتصرفات العنصرية التي توجه ضد الأقلية الفلسطينية من جانب الأغلبية اليهودية، وبذلك تعطي شرعية للمس الجسدي بالأقلية العربية.
التفوهات العنصرية من قبل سياسيين وشخصيات يهودية
تطرق التقرير إلى التفوهات العنصرية التي أطلقت في السنة الأخيرة وشارك فيها وزراء في الحكومة وأعضاء كنيست ورجال دين وأكاديميون ورجال جمهور، ووجهت هذه التفوهات ضد الأقلية العربية ومنتخبيها وضد الدين الإسلامي عمومًا. اقتبس التقرير عددا كبيرا من التفوهات العنصرية لشخصيات يهودية، من بينها وزير الإسكان السابق ايفي ايتام، الذي نعت العرب بالقنبلة الموقوتة والسرطان، ووزير المواصلات السابق افيغدور ليبرمان الذي وجه كلامه لأعضاء الكنيست العرب عام 2004 وشبههم بمحمد ضيف، القائد العسكري لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وقال إن هدفهم تدمير الدولة ولو كانوا في دولة أخرى، أضاف، لكانوا في السجون. بالإضافة إلى ذلك تم اقتباس تصريحات عضو الكنيست يحيئيل حزان من الليكود عندما شبه العرب بالديدان، والمحاضر د. دافيد بوكاعي من جامعة حيفا الذي قال عن العرب إنهم أغبياء لم يساهموا في أي شيء للإنسانية، ونعت النبي العربي الكريم بالإرهابي رقم واحد، بالإضافة إلى توجهاته العنصرية في مقالاته، وغيرها من تصريحات عنصرية أطلقها رجال دين يهود وشخصيات أخرى.
تصريحات تدعو إلى طرد المواطنين العرب
علاوة على هذه التصريحات العنصرية، فقد اقتبس التقرير تصريحات عنصرية تشجع على فكرة الترانسفير وطرد العرب من البلاد التي تحولت إلى فكرة مقبولة أكثر وأكثر في المجتمع الإسرائيلي- اليهودي حيث ازداد مؤيدوها من السياسيين والشخصيات الجماهيرية. من بين التصريحات كان تصريح وزير السياحة السابق وعضو الكنيست الحالي افيغدور ليبرمان في مقابلة مع صحيفة "كل العرب" حين أبدى ليبرمان تمسكه بفكرة الترانسفير الموجهة ضد المواطنين العرب الذين لا يعترفون بدولة إسرائيل كدولة صهيونية وبكافة رموز الدولة، إذ دعا إلى طردهم، وغيره من التصريحات المعادية للعرب.
اقتراح وسن قوانين عنصرية
من بين القوانين العنصرية الواضحة التي سنتها الدولة على أساس عرقي عنصري واضح كان قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل (أمر مؤقت) الذي لا يسمح للمواطنين العرب الذين تزوجوا من فتيات في الضفة الغربية المحتلة أو قطاع غزة أن يجمعوا الشمل وان يحصلوا على الهويات الإسرائيلية من تغيير مكانتهم إما لزوج أو زوجة من سكان الضفة الغربية أو قطاع غزة إلا إذا تم تقديم الطلب قبل 12.05.2002، لكن هذا القانون يستثني بشكل واضح المستوطنين الذين يقطنون في المستوطنات المقامة في الأراضي المحتلة وسريانه هو على أساس قومي واضح فهو يسري على الفلسطينيين فقط، لكن تم تعديله بعد ضغوطات خارجية إذ يمنح إمكانية لم الشمل في حالات وشروط معينة.
من بين القوانين العنصرية الأخرى التي استعرضها التقرير قانون تخليد ذكرى رحبعام زئيفي الذي سنه الكنيست في شهر تموز من هذا العام وهدفه تعريف الأجيال القادمة بتاريخ وتراث زئيفي بطرق وفعاليات متنوعة. هذا يعني، وفق التقرير، أن الدولة تتبنى وجهة نظره العنصرية التي دعت إلى طرد المواطنين العرب من وطنهم، والأنكى من ذلك أن القانون يلزم بتدريس تراث زئيفي في المدارس بما فيها العربية. كما تطرق التقرير إلى اقتراحات قوانين لإقامة بلدات يهودية تستوعب المواطنين اليهود فقط، وغيرها من مظاهر عنصرية.
استعرض التقرير في فصل كامل وخاص تعامل المستشار القضائي للحكومة مع التفوهات العنصرية التي تطلق من قبل شخصيات سياسية وقيادية والشكاوى التي تقدم بحقهم، وكيفية تعامل المستشار القضائي مع هذه المواضيع في ظل عدم تبنيه وجهة النظر الداعمة للانضباط بجنايات التحريض على العنصرية وعدم تقديمه لوائح اتهام ضد رجال الجمهور اليهود الذين يطلقون ألفاظا بشكل عنصري ضد الأقلية الفلسطينية، إنما تتم محاكمة مواطنين عاديين هنا وهناك على تفوهات عنصرية، ولا تتم معاقبة القياديين.
وأوصت المؤسسة العربية لحقوق الإنسان في ختام التقرير المستشار القضائي للحكومة بتغيير سياسته واتخاذ خطوات صارمة في كل ما يتعلق بتفعيل بنود القانون الجنائي التي تمكن من تقديم الجناة إلى المحاكمة جراء تفوهات عنصرية ضد الأقلية العربية.
كما أوصت المؤسسة الحكومة بتغيير سياستها تجاه الأقلية الفلسطينية ومكافحة وباء العنصرية المستشري في المجتمع الإسرائيلي وإقامة المؤسسات التي تحارب العنصرية وإلغاء القوانين العنصرية التي شرعها الكنيست وعدم سن قوانين عنصرية في المستقبل من هذا القبيل، وتمكين المواطنين من تقديم شكاوى شخصية للجنة القضاء البرلمانية على كافة أشكال التمييز العنصري.
يشار إلى أن المؤسسة كانت قد بعثت بنسخة من التقرير إلى المستشار مزوز وتلقت ردا من مساعده، راز نزري، قال فيه إن التقرير يهاجم سياسة المستشار القضائي للحكومة بشكل شديد، وهناك ادعاءات كثيرة عارية عن الصحة فيما يتعلق بعدم تطبيق القانون واتهام المحرضين. واستعرض نزري في تعقيبه عددا من الإدانات بحق أشخاص أدلوا بتصريحات عنصرية، وحالات أخرى تم فيها تقديم لوائح اتهام ضد محرضين، بالإضافة إلى عدد من الحالات التي أوصى فيها المستشار القضائي للحكومة القيام بالتحقيق في مخالفة تحريض عنصري.
المحامي سليم واكيم اعتبر رد المستشار القضائي غير مقنع خصوصا أنه لم يعط الإجابة على السؤال المركزي وهو: لماذا لم يتم تقديم أشخاص مثل أعضاء كنيست، وزراء، وشخصيات رسمية إلى المحاكمة؟ فهناك مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقه ونأمل أن يعيد حساباته وان يرد على رده.
المهندس رامز جرايسي قال ردا على تعقيب المستشار القضائي للحكومة: "من فمك ندينك، لأن المستشار القضائي يشير في رده إلى إدانة مواطنين عاديين وليس محاكمة مسؤولين وشخصيات قيادية أدلت بتصريحات عنصرية، خصوصا أن ما يقلقنا تصريحات القياديين أو طبقة المحصنين وليس المواطنين العاديين".
من ناحيته كشف محمد زيدان عن أنه يعمل على تدويل قضية العنصرية التي تعاني منها الأقلية الفلسطينية داخل إسرائيل كجزء من الحل، حيث قال: "لا يمكن إحداث التغيير الجذري إلا بتدخل دولي واضح يعمل على إنهاء العنصرية ووقف التمييز، ونسعى إلى تحقيق ذلك بعد عرض التقرير على مؤسسات دولية ومنظمات لحقوق الإنسان. كما أننا ندرس بجدية التوجه إلى القضاء الدولي في حالة مواصلة السياسة الإسرائيلية التي لا تمنح الحماية للأقلية العربية".