المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

انسجاماً مع اجواء التحريض العنصرية المتصاعدة في هذه الايام الانتخابية ضد العرب في اسرائيل، والتي بلغت ذروتها في مطالبة اطراف رسمية اسرائيلية بشطب قائمة "التجمع الوطني الديمقراطي"، صادق وزير الداخلية الاسرائيلي ايلي يشاي (شاس) على امر باغلاق اسبوعية "صوت الحق والحرية" الصادرة من مدينة أم الفحم (المثلث) عن الحركة الاسلامية (الجناح الشمالي) بقيادة الشيخ رائد صلاح، وذلك لمدة سنتين.

"قرار وزير الداخلية الاسرائيلي ايلي يشاي بارسال بلاغ الى صوت الحق والحرية يؤكد فيه سعيه لإغلاق الصحيفة مبررا ذلك بأنها ناطقة بلسان الحركة الاسلامية وانها تشكل منصة تعبير لحماس هو قرار ظالم يتساوق مع الهجوم الارعن الذي تشنه المؤسسة الاسرائيلية على الحركة الاسلامية والمتسم بالمنهجية، وهو يؤكد ان اسرائيل دولة ومؤسسات ترفض الوجود العربي بمجمله ومن ضمنه الوجود الاسلامي".

بهذه الكلمات عقبت "اللجنة الاعلامية - الحركة الاسلامية - صوت الحق والحرية" على قرار يشاي العمل على اغلاق هذا المنبر العربي، وهو قرار اعتبره الوسط الصحفي والسياسي الفلسطيني في الداخل "مكارثيا" ويتنافى مع ابسط قواعد حرية التعبير عن الرأي.

ومن جهتها اصدرت لجنة المتابعة العليا لشؤون العرب في اسرائيل بيانا استنكرت فيه خطوة يشاي (شاس)، وبعث المهندس شوقي خطيب رئيس اللجنة برسالة الى وزير الداخلية الاسرائيلي عبر فيها عن إحتجاجه وإحتجاج الجماهير العربية وهيئاتها ضد قرار الوزير بإغلاق صحيفة "صوت الحق والحرية"، محذرا من خطورة هذا الاجراء التعسفي والسياسي ومن مدلولاته وعواقبه. وأكد خطيب في رسالته الى يشاي الى ان هذا الاجراء يعتبر مسّاً خطيراً بحرية التعبير وأسس الديمقراطية وأن إدعاءات إغلاق الصحيفة هي إدعاءات واهية وتحريضية، طالب بإلغاء هذا القرار فوراً..

ويأتي قرار يشاي انسجاماً مع اجواء التحريض العنصرية المتصاعدة في هذه الايام الانتخابية ضد العرب في اسرائيل، والتي بلغت ذروتها في مطالبة اطراف رسمية اسرائيلية بشطب قائمة "التجمع الوطني الديمقراطي".

وقد صادق الوزير الاسرائيلي على امر باغلاق اسبوعية "صوت الحق والحرية" الصادرة من مدينة أم الفحم (المثلث) عن الحركة الاسلامية (الجناح الشمالي) بقيادة الشيخ رائد صلاح، وذلك لمدة سنتين.

وجاء قرار الوزير الاسرائيلي بناء على توصيات جهاز الامن العام (شين بيت) بذريعة ان الصحيفة تشكل خطرا على امن الجمهور. وقد وافق رئيس الحكومة الاسرائيلية والنيابة العامة للدولة على القرار، المرتكز على المادة 19.2 في "اوامر الصحافة" الانتدابية التي لا تزال اسرائيل تعمل بها. وتخول هذه الاوامر وزير الداخلية اغلاق أي صحيفة يرى انها تشكل خطرا على امن الدولة والجمهور.

وفي قراره ادعى يشاي ان الصحيفة تحرض على اليهود والصهيونية ودولة اسرائيل بشدة، وادعى ايضاً انها تخصص مساحة واسعة ضمن صفحاتها لحركة "حماس" والتي يدعي يشاي انها تبرر اعمال العنف و"الارهاب" ضد اسرائيل وتروج للاستشهاد، بالاضافة الى قيامها بنشر تقارير عن ناشطين من حركة "حماس".

واضاف يشاي في قراره: "كدولة ديمقراطية فإننا نؤمن بحرية التعبير لا بحرية التحريض، واغلاق الصحيفة هو جزء من جهودنا لمحاربة الارهاب والتحريض على الارهاب".

ويشار الى أن يشاي اتخذ قراره العنصري هذا في ختام عملية رصد متواصلة على مدار الاشهر الاخيرة قام بها طاقم خاص عينه يشاي لمتابعة ما ينشر في الصحيفة، وافادت المصادر الاسرائيلية ان الطاقم قدم قائمة بنصوص نشرتها الصحيفة وبضمنها قصيدة للشيخ رائد صلاح تندد وتشهّر بالطغاة والظالمين والمجرمين.

وفي هذا السياق يشار الى أن ايلي يشاي اصدر قبل حوالي العام امراً استثنائياً يمنع بموجبه رائد صلاح من مغادرة البلاد، بحجة أن مغادرته قد تشكل خطراً على امن دولة اسرائيل. يذكر ان يشاي امهل القائمين على الصحيفة مدة اسبوعين للالتماس ضد قراره.

* خلفية تاريخية

عملت ولا تزال اسرائيل تعمل وفق قوانين سنت في زمن الانتداب البريطاني، وبضمنها "اوامر الصحافة" التي تحدد بوضوح حدود حرية التعبير والنشر، والمتناقضة اساساً مع اسس الدولة الديمقراطية.

وتجدر الاشارة الى ان هذه الاوامر الانتدابية الخاصة بالصحافة تمت تشريعها من اجل تقييد حرية الصحافة العربية بشكل خاص في العقود التي سبقت قيام اسرائيل. وواصلت اسرائيل العمل بهذه التعليمات، ليكون اول قرار اغلاق تصدره في العام 1949 عندما نشرت صحيفتا "كول هعام" العبرية و"الاتحاد" العربية، الصادرتان عن الحزب الشيوعي الاسرائيلي، خبراً يفيد بأن رئيس الحكومة الاسرائيلية انذاك دافيد بن غوريون سيرسل جنوداً اسرائيليين الى خارج البلاد للمشاركة في الحرب الامريكية في الهند الصينية، لكن قرار وزير الداخلية انذاك لم يصمد امام الالتماس الذي قد قدم للمحكمة العليا الاسرائيلية، عندما الغت الاخيرة قرار وزير الداخلية باغلاق الصحيفتين.

لكن المادة 19.2 في "اوامر الصحافة" استخدمت في عدة صحف في الثمانينات، وبضمنها صحيفة "الراية" التي صدرت عن حركة "ابناء البلد". لكن الامر طال ايضاً صحيفة عبرية هي "حدشوت" بتهمة خرق تعليمات الرقابة، الا ان المحكمة العليا اعادت اصدار الصحيفة.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات