هذا ما توقعه وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، موشيه أرنس، في مقابلة مع المشهد الإسرائيلي، مستبعدا في الوقت نفسه حدوث تحرك مهم في المحادثات الإسرائيلية- السورية * وأضاف: حرب لبنان الثانية لم تكن قصة نجاح إسرائيلية وفي غزة ألحقوا دمارا كبيرا من دون تحقيق نتائج * نتنياهو قد يتفاوض مع الفلسطينيين لكن ستعترضه المشكلة نفسها التي اعترضت أولمرت نظرًا لأن حماس ترفض إجراء مفاوضات ومحمود عباس غير قادر على تنفيذ أي اتفاق يمكن التوصل إليه
كتب بلال ضـاهر:
قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية [أمان]، اللواء عاموس يادلين، خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي، يوم الأحد الماضي (8.3.2009)، إن "إيران تجاوزت العتبة التكنولوجية، ما يعني أن الوصول إلى قدرة نووية عسكرية بات مسألة تتعلق بالملاءمة الإستراتيجية مع غاية صنع قنبلة نووية".
من جهة أخرى، ركز المسؤولون الإسرائيليون، رئيس الحكومة ايهود أولمرت، ووزير الدفاع ايهود باراك، ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني، ورئيس حزب الليكود والمكلف بتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديد، بنيامين نتنياهو، خلال لقاءاتهم مع وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، لدى زيارتها إسرائيل، في بحر الأسبوع الماضي، على موضوع البرنامج النووي الإيراني ووقف هذا البرنامج، أكثر من أي موضوع آخر. وقال أولمرت خلال مؤتمر صحافي مع كلينتون إن "إسرائيل لا يمكنها أن تتحمل إيران نووية"، وإنه "واضح لي أن (الرئيس الأميركي باراك) أوباما وكلينتون يقاسمان إسرائيل القلق في الموضوع الإيراني". من جانبها قالت كلينتون "إننا نقف أمام عدد من التحديات الكبيرة وثمة أهمية بالنسبة لي أن أكون هنا مع المبعوثين (الأميركيين) إلى الشرق الأوسط". وكررت كلينتون التزامها بأنه "يجب أن يحيا جميع مواطني إسرائيل في محيط هادئ وبسلام وأمن".
وقال باراك خلال لقائه كلينتون إنه "ينبغي تشديد العقوبات على إيران وضم روسيا والهند والصين إلى مجموعة الدول التي تعمل ضد البرنامج النووي الذي تطوره طهران". وطالب "بتحديد وقت للمحادثات التي ستجريها الولايات المتحدة مع طهران وفي موازاة ذلك دراسة إمكانية فرض عقوبات شديدة عليها". وشدد على أن "إسرائيل لا ترفع أي خيار عن الطاولة لأنه لا يوجد شك لدينا في أن الإيرانيين يستغلون المحادثات معهم من أجل كسب الوقت". وأضاف أنه "في حال لم تنجح المحادثات (بشأن وقف البرنامج النووي الإيراني) فإنه ينبغي فرض عقوبات شديدة للغاية على إيران وفي صلبها عقوبات اقتصادية". واستعرض باراك أمام كلينتون التهديدات التي ترى إسرائيل أنها تشكل خطرا عليها وقال إن "إسرائيل لن توافق على استمرار إطلاق القذائف والصواريخ من قطاع غزة". كذلك طالب نتنياهو كلينتون بتحديد فترة المحادثات مع إيران وتشديد العقوبات ضدها في الوقت ذاته.
وشددت كلينتون في ختام لقائها مع ليفني على أن الولايات المتحدة قلقة من سعي إيران لحيازة سلاح نووي وتمويل حركة حماس وحزب الله، مشيرة إلى أن محادثات أميركية – سورية ستبدأ بعد التشاور مع "دول صديقة" وأن واشنطن سترسل مبعوثين الى دمشق. وقالت كلينتون "إننا نشارك إسرائيل قلقها فيما يتعلق بسعي إيران لحيازة سلاح نووي واستمرار التمويل الإيراني لمنظمات إرهابية مثل حماس وحزب الله. وسوف نفعل كل شيء من أجل منع إيران من التسلّح بسلاح نووي، وهذا هدف تكتيكي لكل خطوة نقوم بها، والاتصالات التي نجريها مع إيران لا تغيّر هدفنا بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي ودعم المنظمات الإرهابية". وأشارت إلى أن الولايات المتحدة ستدافع عن حلفائها، معلقة على موضوع خطة الدفاع من الصواريخ بالقول "جميعنا لدينا مصلحة بمنع تهديد صاروخي إيراني وقد أوضحنا ذلك للروس في الماضي وما زلنا نؤمن بأن علينا تنفيذ خطوات من أجل حماية حلفائنا وأصدقائنا من تهديد الصواريخ الإيرانية".
من جهة ثانية قال وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، موشيه أرنس، لـ "المشهد الإسرائيلي"، حول أقوال يادلين ومدلولاتها إنه "لا يمكنني تفسير أقواله كما أني لا أعرف ما المقصود بذلك. وأعتقد رغم ذلك أنه من الناحية التكنولوجية أصبحت إيران قادرة على صنع قنبلة نووية لكنها لم تترجم ذلك فعليا حتى الآن".
(*) "المشهد الإسرائيلي": لكن ماذا تعني هذه الأقوال بالنسبة لإسرائيل؟
أرنس: "عليك أن تسأل ماذا يعني ذلك بالنسبة للعالم. إن امتلاك إيران لسلاح نووي يشكل خطرا على العالم كله".
(*) هل توجد جاهزية لدى إسرائيل أو الولايات المتحدة لمهاجمة إيران؟
أرنس: "أنا لست عضوا في حكومة إسرائيل اليوم، بل ومنذ وقت طويل. لذلك فإنه لا يمكنني الإجابة عن مثل هذه الأسئلة".
(*) أسأل عن تقديراتك.
أرنس: " لا، أنا لست مستعدا لأن أقول تقديراتي لك. فلا توجد أية أهمية لتقديراتي".
(*) خلال زيارة كلينتون لإسرائيل، الأسبوع الماضي، برز بشكل خاص أن القيادة الإسرائيلية، بمن فيها نتنياهو، ركزت على موضوع البرنامج النووي الإيراني. لماذا تم إبراز هذا الموضوع إلى هذا الحد وهل شكل هذا رسالة لجهة ما؟
أرنس: "لا أعرف، لكني أتخيل أنهم تحدثوا عن أمور كثيرة لكن لم يتم نشر كل شيء في وسائل الإعلام. ووسائل الإعلام هي التي أبرزت هذا الموضوع".
(*) كيف تنظر إلى زيارة كلينتون، هل هي حضرت لتسمع مواقف إسرائيل من المواضيع المختلفة؟
أرنس: "كلينتون والإدارة الأميركية هما في فترة انتظار الآن لتشكيل حكومة إسرائيل المقبلة".
(*) هل تعتقد أن الإدارة الجديدة ستمارس ضغوطا على إسرائيل في مواضيع سياسية وموضوع الاستيطان؟
أرنس: "أنا لا أتوقع أي غضب من الإدارة الأميركية على حكومة إسرائيل".
(*) لماذا؟
أرنس: "لأن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة هي علاقات قريبة ووثيقة للغاية. ولا توجد في هذه العلاقة حالات غضب"
(*) سألتك عن احتمال ممارسة ضغوط من جانب الولايات المتحدة؟
أرنس: "لا أتوقع أن تمارس الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة أوباما أية ضغوط على إسرائيل".
(*) هل مارس الأميركيون ضغوطا على إسرائيل في الماضي، بالاستناد إلى تجربتك؟
أرنس: "فقط قبل سنوات طويلة جدا خلال فترة إدارة (الرئيس الأميركي دوايت) آيزنهاور. أي قبل خمسين عاما، ومنذ ذلك الحين لم تكن هناك ضغوط أميركية على إسرائيل".
(*) هل تعتقد أن الأمر كان صدفة بأن تعلن كلينتون من إسرائيل أن الإدارة الأميركية ستوفد مبعوثيْن إلى سورية، وبعد أيام فليلة قالت في تركيا بأنه "لا ينبغي التقليل من أهمية المحادثات بين سورية وإسرائيل"؟
أرنس: "لا أعرف إذا كان هذا مصادفة. لكني لا أتوقع أن يكون هناك تحرك مهم في المحادثات الإسرائيلية- السورية، أو الأصح القول إنه لن يكون هناك تحرك في ظل النظام السوري الحالي".
(*) هل توجد توقعات في إسرائيل باستبدال النظام في سورية؟
أرنس: "مع مرور السنين سيتحقق ذلك، إذ لن يبقى النظام الدكتاتوري هناك إلى الأبد".
(*) وهل هناك توقعات كهذه تجاه بقية العالم العربي؟
أرنس "أنا أعتقد أن العالم العربي كله يخطو باتجاه الديمقراطية".
(*) ماذا عن العملية السلمية مع الفلسطينيين، يبدو أنه مع تفاقم المشاكل خصوصا فيما يتعلق بالموضوع الإيراني، بقي الفلسطينيون في الخلف؟
أرنس: "مسار المحادثات مع الفلسطينيين بقي في الخلف منذ وقت طويل، لأن حماس تسيطر في غزة ومحمود عباس (الرئيس الفلسطيني) لا يسيطر بشكل فعلي في يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية). وهذا عمليا ينشئ وضعا يستحيل التقدم فيه".
(*) هل تتوقع أن يجري نتنياهو مفاوضات مع الفلسطينيين؟
أرنس: "أعتقد نعم. لكن ستكون لديه المشكلة نفسها التي واجهها إيهود أولمرت، لأن حماس ترفض إجراء مفاوضات ومحمود عباس غير قادر على تنفيذ أي اتفاق يمكن التوصل إليه".
(*) في هذا الوضع الذي تصفه، هل يوجد دور للإدارة الأميركية؟
أرنس: "ربما بإمكانهم المساعدة قليلا، لكن وفقا لتجربتنا فإن التقدم مرهون بالجانبين الإسرائيلي والفلسطيني".
(*) كيف ترى نتائج الحرب في غزة؟ يبدو أن إسرائيل لم تحقق شيئا من هذه الحرب؟
أرنس: "إنهم (أي إسرائيل) لم ينهوا العمل الذي بدأوا به".
(*) يوجد هنا وضع مثير. أنت تقول إنه في غزة لم ينهوا المهمة التي خرجوا لتنفيذها من خلال العملية العسكرية الواسعة في قطاع غزة، وفي لبنان ازدادت قوة حزب الله بعد الحرب على لبنان. ما الذي يحدث...
أرنس: "هذا صحيح، فحرب لبنان الثانية لم تكن قصة نجاح إسرائيلية وفي غزة ألحقوا دمارا كبيرا من دون تحقيق نتائج".
(*) هل تشن إسرائيل حروبا من دون تحديد غاية ولمجرد زرع الدمار والقتل؟
أرنس: "حكومة أولمرت كانت برأيي حكومة فاشلة. وقد فشلت في هاتين الحربين وأعتقد أن هذا هو السبب الذي جعل جمهور الناخبين يريد استبدال هذه الحكومة".
(*) هل تعتقد أنه كان على إسرائيل شن هاتين الحربين؟
أرنس: "نعم، لأننا غير مستعدين لتحمل الخطر الكامن في إطلاق الصواريخ ضد السكان المدنيين في إسرائيل، وكان ينبغي وضع حد لذلك".
(*) لكن الآن يستمر سقوط الصواريخ في جنوب إسرائيل، هل تتوقع أن تكون هناك حرب أخرى؟
أرنس: "لا أعرف. توجد الآن حكومة جديدة، ولا شك أنها ستجري تقييما للوضع وبعده سنعرف ماذا ستفعل. بإمكان إسرائيل تنفيذ عملية عسكرية جديدة من أجل وضع حد لإطلاق الصواريخ. وهذه ليست مهمة مستحيلة، وإنما ينبغي إضعاف حماس بشكل كبير".