المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

الشراكة بين إسرائيل وناتو

يعتبر ناتو وإسرائيل شريكين طبيعيين وحليفين إستراتيجيين لمشاطرتهما ذات القيم من الديمقراطية والحرية وهما يواجهان ذات التهديدات والرغبة في حماية نمط حياتنا المشترك لكلينا.

تعتبر الحضارة الغربية والمجتمع الأطلسي، اللذان يدافع حلف الأطلسي عنهما، البيئة الطبيعية لإسرائيل. لذلك فإن كون إسرائيل الدولة المتوسطية الأولى التي وقعت على اتفاقية الشراكة في مشروع تعاون فردي مع ناتو لم يكن بمثابة مفاجأة.

وقد تأسس ناتو في الأيام الأولى من الحرب الباردة ليدافع عن الديمقراطية وليضمن حرية الدول الغربية.

تأسست إسرائيل كدولة ديمقراطية في محيط من الكيانات غير الديمقراطية. وتمثل إسرائيل حتى اليوم هذه القيم في منطقة الشرق الأوسط بأسرها.


التطرّف

إسرائيل وناتو هما شريكان في ترسيخ القيم الديمقراطية وكذلك في التصدي لتهديدات العناصر المتطرفة.

إن المعركة التي تدور رحاها في الوقت الحاضر هي بين المعتدلين والمتطرفين. ولا يحارب المتطرفون في سبيل حقوقهم، بل يحاربون لحرمان حقوق غيرهم من الناس.

إن التطرف لا يعتبر مشكلة إقليمية فقط. إنه يتجاوز الحدود والشعوب. ليست هذه المشكلة مشكلة إسرائيلية فقط أو أمر يهم أوروبا وحدها، بل يشكل التطرف تهديدًا على العالم بأسره ويجب التعامل معه على الصعيد العالمي بشكل موحد وبإصرار.

ويتمثل التطرف في طرق كثيرة. وقد يكون مصدر هذا التهديد ممثلين رسميين لدولة معينة أو عناصر أخرى.

وفيما يتعلق بالتطرف الذي مصدره دولة فنحن نشهد كيف أنّ دولة هي عضو في منظمة الأمم المتحدة، مثل إيران، تسعى إلى الحصول على أسلحة الدمار الشامل وتدعم الإرهاب في جميع أنحاء العالم، وفي الوقت ذاته تدعو إلى إبادة دولة زميلة في الأمم المتحدة.

ونواجه كذلك تهديد الإرهاب العالمي الذي مصدره دول أو منظمات.

يستخدم الإرهاب العالمي وسائل وطرق مختلفة لنشر الأجندة الخاصة به. ومن ضمنها نشر أسلحة الدمار الشامل وتوزيع منشورات تشجع التحريض والكراهية وكذلك التلاعب بالنظام الديمقراطي ليخدم مصالحه. إننا نرى في لبنان وفي السلطة الوطنية الفلسطينية منظمات إرهابية قد تغلغلت إلى داخل النظام الديمقراطي بصورة ديمقراطية وحصلت على شرعية خاطئة من الباب الخلفي. يجب علينا سد طريق هذا التغلغل إلى داخل أنظمة الحكم الديمقراطية. وقد عرضتُ، في الخطاب الذي ألقيته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، استعمال مبادئ ديمقراطية عالمية أو معايير عالمية ستحدد أن الذين يرغبون في الحصول على الشرعية يمكنهم الحصول عليها من خلال احترام مبادئ مثل سيادة الدولة، رفض العنصرية والعنف، والدفاع عن حقوق الإنسان.

وفي هذا السياق فإن الحقيقة الآن هي، بشكل واضح، أن النزاعات في الشرق الأوسط ليست سببًا للتطرف بل ناتجة عن هذه الظاهرة.


النزاع الإقليمي

إن للإدراك بأن التطرف هو أصل النزاع الإقليمي تأثيرًا على فهم النزاع وعلى العلاقات الفلسطينية- الإسرائيلية.

تشارك إسرائيل ومعها الجهات العربية الواقعية، بما فيها الفلسطينيون المعتدلون، في نفس المعركة. فمن الواضح الآن أن النزاع الحقيقي في منطقتنا لا يدور بين إسرائيل والفلسطينيين أو بين يهود وعرب، بل بين معتدلين ومتطرفين.

لذلك علينا أن نتبنى سياسة مزدوجة، سياسة تحارب المتطرفين وتعمل على عزلهم من جهة، وفي الوقت نفسه تقوي المعتدلين وتبني جسورًا للتفاهم والتعاون.

وفي الساحة الإسرائيلية- الفلسطينية فإن الانشقاق بين المتطرفين والمعتدلين أصبح الآن متمثلاً ببعد آخر وهو البعد الإقليمي، عند سيطرة حركة حماس على قطاع غزة بالقوة والعنف نرى اختلافا إقليميا واضحا- حركة حماس في غزة وحركة فتح في الضفة الغربية- لذلك يجب أن تأخذ سياستنا هذا الاختلاف بعين الاعتبار.

المسيرة التي نخوضها مع المعتدلين

إننا نشارك الزعماء الواقعيين للسلطة الوطنية الفلسطينية رؤيا وأهدافًا. نشاركهم رؤيا قيام دولتين ووطنين والاستجابة لطموحات كلا الجانبين والتعايش جنبًَا إلى جنب بسلام وأمان وطمأنينة. ولن نشعر من الآن فصاعدًا بأن هذه هي لعبة المحصلة الصفرية.

لكن من السذاجة أن نفترض بأنه لا توجد اختلافات بالمصالح بين الجانبين. علينا أن نتابع المسيرة المشتركة والحوار ونجسر على الاختلافات.

ويجب علينا أن ندرك أن الأساس الذي يضمن نجاح هذه المسيرة إلى أقصى حد هو تنسيق التوقعات.

ونريد ضمن هذه المسيرة أن نجسر بين هوتين.

الهوة الأولى متعلقة بالمواضيع المفتوحة غير المتفق عليها بعدُ بين الطرفين. نريد أن نتوصل إلى تفاهم حول هذه المواضيع، سيعتمد على رغبة الطرفين في التوصل إلى تسوية. ويشمل ذلك أيضًا أن كلا الطرفين سيتراجعان عن بعض أحلامهما التاريخية.

أما الهوة الثانية فهي الهوة بين النقاط التي تم الاتفاق عليها وبين القدرة على تطبيقها فعلاً. لا خلاف حول حقيقة قيام هوة بين إرادة الزعماء الفلسطينيين الواقعيين وبين قدرتهم على تحقيق وتنفيذ ما يريدونه.

وحتى إذا توصلنا، كما نأمل، إلى حل المشاكل المبدئية المتعلقة بالدولة الفلسطينية فمن الواضح أنه لا يمكننا الانفصال عنها ببساطة ورمي المفتاح إلى الجانب الآخر والأمل بالخير.

ويشكل ما حدث في غزة مثالاً حيًا على ما لا يمكن للعالم تحمله. فإن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة قد وضع حدًا لما تمت تسميته باحتلال قطاع غزة وقد مكن الفلسطينيين من تأسيس سلطتهم المستقلة. ومقابل ذلك حصلنا على الإرهاب المتزايد وعلى تعرض المدن الإسرائيلية لصواريخ قسّام بشكل يومي وعلى تأسيس معقل لحماس على حدودنا الجنوبية.

يجب علينا أن نضمن سيطرة حكومة ناجعة وفعالة على هذه المنطقة لمنع الاعتداءات ضد إسرائيل.

ويمكن جسر الهوة بواسطة خطة خريطة الطريق. بموجب هذه الخطة يجب أن تكون المرحلة الأولى في أي اتفاق كان مكافحة الإرهاب وحل المنظمات الإرهابية.

إن إسرائيل مستعدة لخوض هذه المسيرة والحوار الآن، مع الإدراك أن تنفيذ الاتفاق يتعلق بتطبيق ما تنص عليه خطة خريطة الطريق.

إن الإصرار على تطبيق خطة خريطة الطريق لا يشكل عقبة، بل عكس ذلك هو الصحيح. فإن هذه الخطة تمكننا من التقدم في اتجاه قيام دولتين تتعايشان بسلام وأمان وطمأنينة. ولا يمكن للعالم أن يقبل نمو دولة أخرى وهي دولة إرهابية.

مثلما تكون إقامة دولة فلسطينية مصلحة إسرائيلية، فمن الضروري أن يكون أمن إسرائيل مصلحة فلسطينية.

وقد كان ناتو رائدًا في ترسيخ الأمن، لكون الأمن مركبًا أساسيًا في الاستقرار الإقليمي.

دوائر خارجية- دعم إضافي للمسيرة

إن المسار الثنائي هو الطريق المناسبة لحل النزاع. ولكن بهدف ضمان نجاح هذه المسيرة فإنها تتطلب دعم دائرتين خارجيتين هما الدول العربية المعتدلة والدول المسلمة، وذلك بالإضافة إلى دعم دول العالم.

يجب على الدول العربية المعتدلة أن تدعم هذه المسيرة بطريقة تقوّي المعتدلين في السلطة الفلسطينية.

إن إحدى العبر التي تعلمناها من الماضي هي ما ينطوي عليه انعدام دعم الدول العربية للمسيرة في مفارق مهمة من أهمية.

إننا موجودون الآن في مفرق مثل هذا والزعماء الفلسطينيون الواقعيون يحتاجون إلى هذا التأييد. يجب على الدول العربية والمسلمة أن تتبنى أي قرار سيتفق عليه الفلسطينيون وألا تملي النتائج. وعليها أن تحضر كل اجتماع متعلق بالموضوع وألا تحدّد أي شروط لاشتراكها. وبدلاً من أن تنتظر التوصل إلى التسوية النهائية للنزاع لتقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، فإنها تستطيع اتخاذ الإجراءات الفورية على غرار ما تقوم به إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

وهناك دائرة خارجية أخرى لا تقل أهميةً هي دعم دول العالم.

يجب على دول العالم أن تمنح تأييدها للمسار الثنائي وتشجع الفلسطينيين المعتدلين على قبول التسويات الضرورية. كذلك بإمكانها تشجيع الدول العربية على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. وذلك سيدعم هذه المسيرة مباشرة وبشكل غير مباشر أيضًا.

كذلك يجب على دول العالم أن تدعم هذه المسيرة في أحد أهم مركباتها وهو تأسيس البنى التحتية المؤسساتية. إن جزءًا من الدولة الفلسطينية المراد تأسيسها هو بناء مؤسسات حكومية ناجعة ومسؤولة وضمان سيطرة القانون والنظام وضمان التحكم بتشغيل القوة وبناء القدرات العامة.


التعاون العالمي وعلاقات ناتو مع إسرائيل

كما ذكرت في سياق كلامي فإن النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي يعتبر موضوعًا يهم العالم كله بسبب التطرف والأصولية والتحديات اليومية.

وبهدف مواجهة التحديات، التي ذكرتها أعلاه، ندعو إلى التعاون العالمي المتزايد. ويجب أن يتجاوز التعاون المستوى الإقليمي. ولا يوجد لتحقيق هذا الهدف عنصر أكثر مناسبا من ناتو. وبالتالي يجب على ناتو أن يعيد اختيار حلفائه بموجب الاحتياجات الوظيفية وليس بموجب الاعتبارات الإقليمية.

إسرائيل معنية بعلاقات الشراكة الرسمية مع ناتو. إن الجهود التي تبذلها إسرائيل لتحسين العلاقات مع ناتو تعتبر جزءًا من سياستها الخارجية الواسعة النطاق التي تهدف إلى توسيع مجال الدبلوماسية الإسرائيلية المتعددة الأطراف.

إن إسرائيل تلتزم بمشاركة الحوار المتوسطي لناتو وتعي كاملاً الطاقة العظيمة الكامنة به كإطار لبناء الثقة المتبادلة بين الدول الأعضاء في ناتو التي تشارك بهذا الحوار وبين الدول العربية المعتدلة.

وعندما نواجه التهديدات والتحديات التي ذكرتها في سياق كلامي فحان الوقت الآن، أكثر مما كان في الماضي، لترقية العلاقات الثنائية بين إسرائيل وناتو ولتوسيع مجال التعاون وتشجيع الفعاليات المشتركة.

وفي الوقت الذي يعيد ناتو اختيار حلفائه حسب الاحتياجات الوظيفية والمتطلبات العالمية ليواجه تحديات عصرنا فإنه سيجد إسرائيل شريكة ذات إرادة قوية يمكن الاعتماد عليها.

[المصدر: موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية على شبكة الانترنت]

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات