المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • وثائق وتقارير
  • 1181

كتب بلال ضاهر:

 اعتبر محلل قانوني إسرائيلي بارز أن التعديل المؤقت في قانون المواطنة الإسرائيلي الذي يمنع منح المواطنة أو الإقامة لفلسطينيين متزوجين من مواطنين عرب في إسرائيل غايته "خفض عدد الفلسطينيين في القدس الشرقية".

وقال المحلل القانوني في الإذاعة الإسرائيلية العامة، موشيه نغبي، لـ"المشهد الإسرائيلي" إن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الذي صدر الأحد 14/5/2006 ورفض إلغاء التعديل على قانون المواطنة يشكل "تمييزا ضد مواطني إسرائيل العرب".

 

 

وأوضح أنه "بإمكان مواطن إسرائيلي يهودي الزواج من يهودية أو غير يهودية من سكان دولة أجنبية ويمكن للزوجة الهجرة إلى إسرائيل والحصول على المواطنة الإسرائيلية دون أي مشكلة. في المقابل فإن المواطن الإسرائيلي العربي الذي يرغب بالزواج من ابنة شعبه المقيمة في الضفة الغربية أو قطاع غزة مضطر للتنازل عن مواطنته الإسرائيلية أو التنازل عن إنشاء عائلة وهذا أمر غير ديمقراطي".

 

ورأى نغبي أن قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية، في جانب الأغلبية المؤلفة من 6 قضاة رفضوا إلغاء التعديل على قانون المواطنة وأيضا في جانب الأقلية المؤلفة من 5 قضاة أيدوا إلغاء التعديل "جميعهم لم يذكروا العامل الديمغرافي (توزيعة السكان) بل العامل الأمني، وأنا أعتقد أنه تحت الموضوع الأمني يوجد العامل الديمغرافي وهو العامل المؤثر في الحقيقة".

 

وشدد على أن "القضية ليست أمنية رغم أني لا أقلل هنا من أهمية ذلك لكن القضية الأساسية هي خفض عدد الفلسطينيين في القدس الشرقية خصوصا وداخل إسرائيل عموما".

 

ولفت إلى أن "الوضع في القدس الشرقية أصعب مما هو عليه في الجليل أو النقب أو المثلث (داخل الخط الأخضر) لأن سكان القدس العرب يعتبرون أنفسهم تابعين للضفة الغربية من جهة لكن قانون المواطنة الإسرائيلي يسري عليهم من الجهة الأخرى.

"وبشكل أوضح فإنه ستكون هناك صعوبة في زواج اثنين، الأول من جهة معينة من الجدار المحيط بالقدس والآخر من الجهة الأخرى ورغم أن المسافة بين بيتيهما قد لا تزيد عن أمتار معدودة".

 

وتابع نغبي قائلا إن قرار المحكمة العليا "فتح جبهة تتعلق بالقضية الدستورية الأساسية والأعمق والأكثر إثارة للقلق التي رافقت دولة إسرائيل والحلم الصهيوني منذ بدايته وهي الصدام بين طبيعة الدولة كدولة يهودية وطبيعتها كدولة ديمقراطية. وقد تبين هنا أن كفة الطبيعة اليهودية لدولة إسرائيل تغلبت على كفة طبيعتها الديمقراطية".

 

وأضاف نغبي أن "العامل الأمني ليس مقنعا لأنه حتى قبل الوضع القانوني الجديد وإضافة التعديل على قانون المواطنة كان بإمكان السلطات في إسرائيل سحب المواطنة من أي كان في حال شكّل خطرا أمنيا على الدولة".

 

وقال إن القانون بشكله الجديد وقرار المحكمة العليا "يقولان إن هناك خطرا أمنيا جارفا من مجرد دخول فلسطينيين من الأراضي الفلسطينية إلى دولة إسرائيل وإن من شأن ذلك أن يقوض صورة دولة إسرائيل".

 

وتوقع نغبي أن يستقطب قرار المحكمة العليا اتهامات "من نوع أن الصهيونية عنصرية وما شابه ذلك وسيكون من الصعب مواجهة هذه الاتهامات".

 

واقتبس نغبي من قرار قاضية المحكمة العليا إيلا بروكاتشه التي أيدت إلغاء تعديل قانون المواطنة حيث كتبت أن "العامل الديمغرافي خيّم طوال الوقت على عملية سن تعديل القانون في الكنيست وشكّل موضوعا مركزيا في النقاشات حول التعديل في لجنة الداخلية للكنيست والهيئة العامة للكنيست".

 

وأقرّ الخبير الديمغرافي من جامعة حيفا البروفيسور أرنون سوفير بأن الدافع لسن التعديل على قانون المواطنة الذي يمس بحقوق أساسية للمواطنين العرب نابع من اعتبارات ديمغرافية.

 

وقال سوفير إن الوضع من دون تطبيق قانون المواطنة بشكله الحالي "كارثي بالنسبة لدولة إسرائيل".

 

وأضاف "يتوجب علينا أن نتذكر أن إسرائيل هي جزيرة غربية في الشرق الأوسط ومعدّل الدخل للفرد فيها أكثر بعشرين مرة من دخل الفلسطينيين".

 

وأضاف أنه "إذا لم نحافظ على هذه الدولة بواسطة أسوار فعلية وقوانين فإن التيار (الفلسطيني والعربي) سيجرفنا".

 

وبحسب سوفير فإن 350 ألف فلسطيني "طبقوا مطلبهم بحق العودة إلى إسرائيل منذ قيام الدولة وغالبيتهم قاموا بذلك في السنوات الأخيرة".

 

وهاجم سوفير المعروف بآرائه اليمينية وعدائه للعرب رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية القاضي أهارون باراك الذي أيد إلغاء التعديل في قانون المواطنة.

 

وقال "على رئيس المحكمة العليا أن يذكر أننا لسنا هولندا وجارتنا ليست بلجيكا بل نحن نعيش في الشرق الأوسط المجنون.

"ولذلك يجب أن تكون القوانين عندنا أكثر دهاء تجمع بين الديمقراطية في البيت وبين عالم عربي معاد وأنا آسف على الزوجين اللذين أحبا بعضهما لكن إذا كان الحب بينهما شديدا عليهما عندها الانتقال للعيش في الجانب الآخر".

 

الجدير بالذكر أن سوفير هو أحد أهم منظري الديمغرافيا في إسرائيل والمبادر لما يعرف بتهويد منطقة الجليل في شمال إسرائيل ذات الأغلبية العربية وأيضا بما يتعلق بالانفصال عن الفلسطينيين وكان أحد أهم مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق اريئيل شارون لدى إعداد الأخير لخطة فك الارتباط و"خطة التجميع" بهدف جعل إسرائيل دولة ذات أغلبية يهودية.

 

وقال سوفير إنه أقنع رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت بتنفيذ "خطة التجميع" للغاية ذاتها.

 

وأضاف "أرى أن المشكلة الكبرى الآن في تصحيح خطأ عمره أربعين عاما. علينا أن ننقذ منطقة شمال النقب والقدس والجليل".

 

رغم ذلك رأى المحلل القانوني نغبي أن ثمة ثغرات في قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الذي صدر أول من أمس تستدعي تقديم التماسات جديدة ضد التعديل على قانون المواطنة الذي يمنع زواج المواطنين العرب في إسرائيل من فلسطينيين.

 

وأشار نغبي إلى أقوال القاضي إدموند ليفي الذي أيد إبقاء التعديل على القانون ولكن بصورة مؤقتة لمدة لا تزيد عن تسعة شهور وذلك كونه يتناقض مع "قانون أساس: حقوق الإنسان وكرامته".

 

ونفى نغبي إمكانية "إرساء قانون المواطنة بصيغته الحالية في قانون أساس حقوق الإنسان وكرامته" التي أعلن عنها وزير القضاء حاييم رامون أول من أمس، وقال نغبي إن تعديل قانون أساس يستغرق وقتا طويلا.

 

رغم ذلك رجّح نغبي أن يقر الكنيست في الأشهر القادمة تمديد سريان مفعول التعديل على قانون المواطنة.

 

"المحكمة العليا ليست مصدر حقوق الإنسان"

وقد رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية أول من أمس الأحد التماسات طالبت بإلغاء بند في قانون المواطنة الإسرائيلي يمس بحقوق المواطنين العرب في إسرائيل وقررت "عدم منح مكانة قانونية للفلسطينيين الذين يتزوجون من المواطنين العرب في إسرائيل".

 

ويقضي البند الذي طالبت مؤسسات حقوقية ونواب في الكنيست بإلغائه بمنع منح المواطنة الإسرائيلية للفلسطينيين الذين يتزوجون من المواطنين العرب في إسرائيل.

 

ونظرت هيئة مؤلفة من 11 قاضيا في المحكمة العليا في التماسات قدمها مركز عدالة للحقوق القانونية للأقلية العربية في إسرائيل وجمعية حقوق المواطن في إسرائيل باسم أعضاء في الكنيست وأزواج من المواطنين الفلسطينيين من كلا جانبي الخط الأخضر .

 

ورفضت المحكمة العليا في قرارها إلغاء البند في قانون المواطنة بأغلبية 6 قضاة على رأسهم القاضي ميشائيل حيشين الذي سيخرج قريبا للتقاعد فيما أيد 5 قضاة إلغاء البند من القانون بينهم رئيس المحكمة العليا القاضي أهارون باراك الذي أكد أن القانون "ليس دستوريا" والمرشحة لخلافته في رئاسة المحكمة القاضية دوريت بينيش.

 

وأوضح مركز عدالة في بيان خاص أنه تم تقديم هذه الالتماسات في شهر آب من العام 2003 وشدد على أن "القانون عنصري ويمس بحق الحياة للعائلات وبمبدأ المساواة وبقانون أساس: كرامة الإنسان وحريته".

وجاء التعديل على قانون المواطنة في أعقاب قرار الحكومة الإسرائيلية برئاسة أريئيل شارون والذي اتخذ في أيار 2002 وتم بموجبه تجميد حصول مواطنين فلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 1967 ومتزوجين من فلسطينيين من داخل الخط الأخضر على المواطنة الإسرائيلية ما يعني الفصل بين الزوجين.

 

يشار إلى أنه تمت إضافة تعديلات على القانون في شهر تموز 2005 اعتبر عدالة أنها "تمثل امتهانا إضافيا لحقوق الإنسان لا سيما انه تم وبشكل اعتباطي للغاية تحديد جيل أدنى لتقديم طلبات دخول مؤقتة إلى إسرائيل وهي 35 سنة للرجال الفلسطينيين و25 سنة للنساء الفلسطينيّات".

وبموجب تعديل آخر للقانون فإنه باستطاعة وزارة الداخلية منع إعطاء الفلسطينيين مكانة في إسرائيل لمجرد وجود شكوك لدى جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) حول الشخص مقدم الطلب أو حول أحد أفراد عائلته وبهذا يسمح القانون مصادرة حقوق الإنسان الأساسية بالاعتماد على الرابط العائلي فقط والذي ليس للشخص نفسه سيطرة عليه.

 

وقالت مقدمة الالتماس المحامية أورنا كوهين من مركز عدالة إن "المحكمة العليا الإسرائيلية صادقت بأغلبية قضاتها على سن قانون عنصري هو واحد من أخطر القوانين التي سنها الكنيست".

 

وأضافت كوهين أن "هذا يوم أسود ليس لآلاف العائلات الفلسطينية المتضررة من هذا القانون فحسب وإنما لأن قرار المحكمة اليوم يشكل مسا في قدرة المحكمة العليا على حماية حقوق الإنسان.

"فقد أرسلت المحكمة العليا اليوم رسالة للكنيست مفادها أنه حتى عندما يتم سن قوانين على أساس عرقي وعنصري فإن المحكمة لن تتدخل في ذلك".

من جانبه لفت النائب في الكنيست د. عزمي بشارة إلى أن "للقرار أبعادا غير إنسانية متعلقة بآلاف الأزواج الفلسطينية التي يسري عليها القانون بعد أن عقدوا قرانهم وكثير من الحالات بعد أن أنجبوا أطفالا ويندرج ذلك ضمن العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني".

وأضاف أن اتخاذ قرار المحكمة بالأغلبية ووجود أقلية ضد القرار "تعني ان المحكمة تعرف جيداً أن القانون والقرار بعدم إلغائه هما مؤشران واضحان إلى أن مواطنة العربي في إسرائيل ليست مواطنة كاملة وأن ما يحق لليهودي من حيث لم شمل عائلته بعد الزواج لا يحق للعربي مع أن العرب هم سكان البلاد الأصليون".

ورأى بشارة أن "القرار يشجع الكنيست على سن قوانين عنصرية أخرى ذات طابع ديمغرافي أو مدفوعة بمسألة تشجيع الغالبية اليهودية والحفاظ عليها ولا ينقص في الكنيست لا المبادرين ولا المصوتين مع مثل هذه القوانين".

وقال بشارة إن قرار المحكمة العليا اليوم "يثير سؤالا جديا حول قبول العرب بتحكيم المؤسسة الإسرائيلية في قضايا بينهم وبينها إذ أن غالبية المحكمة العليا الإسرائيلية مدفوعة بنفس الأيديولوجية التي تهيمن على الكنيست وعلى الوزراء".

واعتبر أن "اللجوء إليها من أجل التحكيم يمنحها صفة الموضوعية ولا يمنح العرب حقوقهم والمؤسسة الصهيونية هي المستفيد الوحيد من لجوء العرب إلى المحكمة العليا في القضايا الجوهرية والمبدئية الكبرى التي تردها المحكمة لأنها متعلقة إما بالأمن أو بطبيعة إسرائيل الصهيونية وهما مبدءان يوحدان المؤسسة الصهيونية بما فيها المحكمة ضد العرب".

 

من جانبه قال النائب د. جمال زحالقة إن القرار "خطير جدا يمنح الشرعية لخرق حقوق الإنسان الأساسية والحق في المساواة والحق في إقامة عائلة. هذا القرار انجاز للعنصرية والعنصريين وهناك خطر جدي لأن يكثف هؤلاء جهودهم في الكنيست لسن قوانين مماثلة بعد أن أعطت المحكمة العليا الضوء الأخضر للعنصرية".

وأكد زحالقة على أنه "بعد هذا القرار سنتوجه إلى الأمم المتحدة وإلى المحاكم الدولية للدفاع عن أنفسنا في وجه الطغيان الحكومي والبرلماني والقضائي في إسرائيل".

 

وعقب النائب ران كوهين من حزب ميرتس- ياحد على قرار المحكمة العليا قائلا "لا يمكن تصديق أن قضاة إسرائيليين يهود يوافقون على قانون يستند إلى أساس عنصري مطلق".

وأضاف "يبدو أن المحكمة العليا ليست مصدر حقوق الإنسان ويتوجب العودة إلى الكنيست".

 

ورأى النائب في الكنيست محمد بركة أن "القرار ينسجم مع التوجهات العنصرية في الإجماع الصهيوني في إسرائيل ضد كل ما هو عربي ويعطي غطاء قضائيا لكل التشريعات العنصرية في الكنيست ويفسح المجال أمام قوانين أكثر عنصرية في المستقبل".

وأكد بركة إن "كتاب القوانين في إسرائيل أصبح، لما يتضمنه من كثافة قوانين عنصرية، مرشدا لكل القوانين العنصرية في العالم في العقود الأخيرة".

 

من جهة أخرى رحبت الأحزاب اليهودية وخصوصا اليمينية في إسرائيل بقرار المحكمة العليا.

 

واعتبر وزير الاستيعاب الإسرائيلي زئيف بويم القرار "في مكانه" وقال للإذاعة الإسرائيلية العامة إنه "يتوجب الحفاظ على الطابع الديمقراطي لكن أيضا الطابع اليهودي لإسرائيل".

 

واعتبر بويم أنه "لا يمكن احتمال أعداد الأزواج (الفلسطينيين) الكبير للأراضي الإسرائيلية" بفعل الزواج من مواطنات عربيات في إسرائيل.

وقال عضو الكنيست يسرائيل حسون من حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف إن "المحكمة العليا أثبتت أنها ما زالت قادرة على معرفة الأخطار المحدقة بوجود إسرائيل".

وأضاف حسون، الذي شغل في الماضي منصب نائب رئيس الشاباك، أن "ما يقلقني للغاية هو أن قرارا أساسيا كهذا لم يتخذ بالإجماع وإنما بأغلبية صوت واحد".

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات