المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

رام الله: صدر حديثاً عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار، "تقرير مدار الاستراتيجي 2006 - المشهد الإسرائيلي 2005"، المشتمل على 6 فصول وملخص تنفيذي، تقع في 232 صفحة، أعدته نخبة من الأكاديميين والمتخصصين الفلسطينيين في الشأن الإسرائيلي.

ويتناول التقرير أهم ما طرأ على المشهد الإسرائيلي من تطورات وأحداث ذات مغزى إستراتيجي عام 2005، في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب فصل يرصد أوضاع الفلسطينيين في إسرائيل وسلوك المؤسسة الرسمية تجاههم.

ويكتسب تقرير "مدار" هذا العام، أهمية إضافية من طبيعة التغيرات الدرامية التي هزت المشهد الإسرائيلي في العام 2005، حيث يتوسع التقرير في تغطيتها ويتعمق في تحليلها، واضعا إياها في سياقها التاريخي والمجتمعي، مستقرئا تفاعلاتها وانعكاساتها على السلوك السياسي الإسرائيلي.

وفيما يلي نص خلاصة التقرير، والتي تم الإعلان عنها يوم الخميس 20\4 الجاري في ملتقى نظمه "مدار" برام الله:

"يخلص تقرير مدار الإستراتيجي 2006 ، إلى أن إسرائيل قد عمدت خلال عام 2005 إلى مواصلة السعي للإجهاز على ما تبقى من العملية التفاوضية مع الجانب الفلسطيني بتكثيف محاولة تهميشه حتى النهاية، وطرح مشاريع تسويات أحادية الجانب كالانسحاب من طرف واحد، ثم البدء بطرح وترويج مشروع ترسيم الحدود النهائية والدائمة لإسرائيل من جانب واحد.

وتوقع معدو التقرير أن تركز إسرائيل في الفترة المقبلة على مواصلة التعامل مع القضية الفلسطينية ومع الدول العربية من خلال فرض سياستها ورؤاها بصورة أحادية دون تقديم أي تنازلات من طرفها، إضافة إلى محاولة نقل اهتمامات العالم إلى ميادين صراعية أخرى غير ميدانها، مستفيدة من غياب الدور العربي الفاعل والمؤثر، ومن الغطاء الذي يوفره دعم الإدارة الأميركية، والصمت شبه المطبق من الاتحاد الأوروبي عما يجري على الساحة الشرق أوسطية عامة.

ويرى التقرير أن المشهد الإسرائيلي الداخلي شهد تواصل ظاهرة عدم الاستقرار السياسي وازدياد حدة الصراعات الحزبية داخل الأحزاب والتيارات السياسية، ما أدّى إلى تأكيد انهيار الأحزاب الأيديولوجية وبداية التحول إلى الأحزاب ذات القيادة الفردية أو سلطة الشخص، وحزب "كديما" هو نموذج واضح لهذه الظاهرة.

من جهة أخرى كان وصول عمير بيرتس إلى قيادة حزب العمل تغييرا ملحوظا في قيادة الأحزاب السياسية التقليدية التي كانت رازحة تحت قيادة إشكنازية (اليهودية الغربية)، فتحولت إلى قيادة سفارادية (اليهودية الشرقية). أكد هذا التغيير للمجتمع الإسرائيلي عامة أن الشرقيين بإمكانهم قيادة حزب وكذلك حكومة، وهم ليسوا قيادة دينية فقط كحزب شاس (حزب المتدينين الشرقيين). هذا التحول زاد من مظاهر الشرخ الطائفي في إسرائيل.

وطرح التقرير الخاص بالمشهد العسكري/ الأمني عدة قضايا برزت خلال العام 2005 وفي مقدمتها مواجهة إسرائيل وتفعيل دبلوماسيتها في كل ما له علاقة بالملف النووي الإيراني، والتعامل مع الملف السوري، وحزب الله والسعي الإسرائيلي الحثيث والمتواصل من أجل وصولها إلى تحقيق تفوق عسكري في الشرق الأوسط كجزء من خطة بناء مجال حيوي يضمن لإسرائيل تفوقها وتقدمها عسكريا وتكنولوجيا (خاصة التكنولوجيا العسكرية) على الدول العربية المحيطة بها وأيضا على إيران وتركيا.

وما يُشغل فكر القيادة الإسرائيلية ضمان ضعف كافة الدول العربية المحيطة بها، ومواصلة تسديد ضربات موجعة للفلسطينيين، وذلك لخلق أمر واقع معتمدا أن الأمن الإسرائيلي هو الأهم، وأن "الإرهاب" الفلسطيني ما زال يُلاحق الإسرائيليين.

وحظي الجيش الإسرائيلي بقسط وافر من التطوير بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، خاصة في مجالات حوسبة السلاح في ميادين عسكرية متنوعة، إضافة إلى إدخال أسلحة متقدمة في وحدات الجيش الإسرائيلي تفوق كل ما تمتلكه الجيوش العربية".

وعلى صعيد المشهد الاقتصادي استمرت ظاهرة التناقضات والتقلبات التي أدت إلى ظاهرة عدم الاستقرار الاقتصادي، وهذا ما يتلاءم مع عدم الاستقرار السياسي أيضا.

أما التحول الذي تكرس في العام 2005 فكان بصورة مركزية في البنية الاقتصادية نحو اقتصاد العولمة، هذا التحول كان أحد الأسباب الرئيسية في خلق مجتمع فقير داخل إسرائيل التي تميزت إلى فترة قريبة بكونها دولة رفاه اجتماعي، وما كان لظاهرة العولمة إلا أن تخترق الاقتصاد الإسرائيلي . فسياسة حكومة شارون، بشخص وزير ماليتها السابق بنيامين نتنياهو، أفسحت المجال لنهج الخصخصة بوضع أصابعه القوية في المجال الاقتصادي في إسرائيل.

وكان للسياسة المالية لإسرائيل في العام 2005 دور بارز في تصفية دولة الرفاه الاجتماعي لصالح الاستثمار المالي المحلي والأجنبي الذي تقوده فئة من الأغنياء. وكان للإصلاحات الضريبية التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية دور في خلق مجتمعات فقيرة، بل مدقعة في الفقر، مقابل مجتمع ثري للغاية، ما وسّع الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين الفئتين (الأغنياء والفقراء)، وجرّاء ذلك بدأت الطبقة المتوسطة تغيب رويدا رويدا عن ميدان النشاط العام في إسرائيل.

وانعكست هذه التغييرات في ازدياد نسبة البطالة والإجرام والفساد الإداري والسرقات والتمييز بين شرائح المجتمع الإسرائيلي. كل هذه وغيرها مثلت سمة فارقة للحالة الاجتماعية في إسرائيل خلال العام 2005.

وتعمق خلال العام 2005 الشرخ بين إسرائيل كدولة ومؤسسات وبين المواطنين الفلسطينيين فيها، نتيجة مواصلة سياسة التمييز وتهميش وإقصاء المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل، ومنعه بكافة الطرق من المشاركة الفاعلة في حياة الدولة، مثل تولي مناصب إدارية رفيعة المستوى أو وظائف مفتاح مركزية في الجهاز الوظيفي في إسرائيل (الإشارة هنا إلى وظائف تحمل سمة القرار). وتكشفت الأحوال عن جوهر هذا الشرخ مع ميل الحكومات الإسرائيلية ومؤسساتها الرسمية إلى التشديد على إبراز يهودية الدولة وديمقراطيتها في آن واحد معًا. هذه الازدواجية التي تسعى الحكومات الإسرائيلية إلى خلقها وتأكيد وجودها ما هي إلا ازدواجية غير منطقية وتندرج في إطار الصراع السياسي والعسكري بين إسرائيل والفلسطينيين والدول العربية، وبناء عليه لم تحسن الحكومة الإسرائيلية من معاملتها لمواطنيها الفلسطينيين، بل أنها صعّدت سياسة التمييز والفصل بين المجتمعين المكونين لإسرائيل (بالرغم من أن إسرائيل تعرف ذاتها بأنها دولة الشعب اليهودي)، والكيل بمكيالين في سبيل وضع اليد نهائيا على ما تبقى من أراضي الفلسطينيين العرب في إسرائيل.

حرّر التقرير د. جوني منصور، وشارك فيه كل من أنطوان شلحت، ممدوح نوفل، د. مسعود إغبارية، فادي نحاس، د. حسام جريس، د. خولة أبو بكر، د. أسعد غانم والأستاذ إمطانس شحادة.

المصطلحات المستخدمة:

كديما, عمير بيرتس, بنيامين نتنياهو

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات