المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

ظهر في اسرائيل مؤخرًا تقريران من مؤسستين مختلفتين، إن لم نقل متناقضتين، يؤكدان على ان الاستيطان في الضفة الغربية ليس فقط انه مستمر، بل وأيضًا بوتائر عالية جدا، سواء في المستوطنات الكبيرة القائمة، أو في البؤر الاستيطانية، التي تصفها الحكومة الاسرائيلية بأنها "ليست قانونية" بدعوى انها اقيمت من دون قرار حكومي.

وإذا أصبحنا معتادين على تقارير حركة "السلام الآن" الدورية بخصوص استمرار الاستيطان وتوسعه، فإن التقرير الملفت للنظر اكثر هو الذي أعدته لجنة خاصة اوصى باقامتها رئيس الحكومة اريئيل شارون، حول البؤر الاستيطانية (المستوطنات العشوائية)، والتي نسفت استنتاجاتها تقارير حكومية سابقة كانت تصر عليها حكومتا اريئيل شارون في السنوات الاخيرة.

رسميا، 120 بؤرة استيطانية

كشفت صحيفة "يديعوت احرونوت" النقاب عن تقرير رسمي أعدته مسؤولة كبيرة في النيابة العامة الاسرائيلية، يؤكد وجود 120 بؤرة استيطانية "عشوائية"، لم تقم بقرار من سلطات الاحتلال في انحاء مختلفة من الضفة الغربية المحتلة.

وقالت "يديعوت احرونوت" إن التقرير سيقدم رسميا لرئيس الحكومة اريئيل شارون، وان الاخير كان قد طلب في مطلع الصيف الماضي من تاليا ساسون، المسؤولة في النيابة العامة، اعداد تقرير كامل عن هذه البؤر وعن شكل تمويلها ودعمها.

والعدد الذي يؤكده التقرير ليس جديدا، بل إن حركة "السلام الآن" الاسرائيلية تعلنه منذ سنوات، وحتى في احيان مختلفة وصل عدد هذه البؤر الى اكثر من ذلك، إلا ان رئيس الحكومة شارون كان يصر بشكل دائم على تقديم تقارير تدعي وجود 23 بؤرة استيطانية فقط، وحتى انه قدم تقارير كهذه للادارة الاميركية، في اطار ما يسمى بخطة "خريطة الطريق" التي تقضي بهدم وازالة هذه البؤر. وقالت مصادر اسرائيلية في حينه ان الادارة الاميركية كانت تميل لقبول تقارير حركة "السلام الآن"، وليس تقارير شارون في هذا المجال.

وعلى الرغم من ان جميع اشكال الاستيطان تعتبر بموجب القانون الدولي غير شرعية كونها اقيمت على اراض محتلة، إلا ان حكومات اسرائيل تعتبر هذه البؤر الاستيطانية فقط انها غير شرعية. ومن المفارقات الكبيرة ان من اكبر مشجعي اقامة هذه البؤر منذ سنوات الثمانين، وبشكل خاص في سنوات التسعين، كان اريئيل شارون نفسه، حين كان في المعارضة، وايضا حين تولى مناصب وزارية في حكومات الليكود. وفي منتصف سنوات التسعين شجع شارون المستوطنين على احتلال قمم التلال والهضاب في الضفة الغربية، لفرض وقائع ميدانية قبل التوصل الى اي اتفاق مع القيادة الفلسطينية.

ويؤكد التقرير الرسمي ما كان معروفا، وهو ان جميع المؤسسات الاسرائيلية ووزاراتها شاركت في تمويل ما تعتبره اسرائيل، ايضا، استيطانا غير قانوني. ويكشف التقرير الذي يمتد على 300 صفحة، وجود طريقة ثابتة ورسمية لتزويد الخدمات والصيانة لهذه المواقع التي لم تصادق الحكومة على اقامتها. وحسب التقرير فان الكثير من الجهات متورطة باقامة هذه المواقع، وهذا يشمل وزارة الأمن وجيش الاحتلال الاسرائيلي وما يسمى بـ "الادارة المدنية"، وشرطة الاحتلال، ووزارات البنى التحتية والمعارف والصناعة والتجارة والمالية وغيرها.

ويؤكد التقرير أن كل المسؤولين في هذه الوزارات والمؤسسات، بدءا من الوزير وحتى أصغر موظف، تجاهلوا خرق القانون من قبل المستوطنين الذين استولوا على أراض يملكها فلسطينيون وأراض تعتبرها سلطات الاحتلال "اراضي دولة"!. وتم خلال هذه الفترة إقامة 120 بؤرة استيطانية، كانت ترمي الى ان تكون إما مستوطنات جديدة مستقلة، او ان تكون احياء جديدة لمستوطنات تبعد عنها بضعة كيلومترات.

وحسب التقرير فقد كان المستشار القانوني السابق للحكومة الاسرائيلية، إلياكيم روبنشطاين، وكذلك المستشار الحالي، ميني مزوز، قد أمرا الوزارات بوقف تحويل الميزانيات الى "المستوطنات غير القانونية". لكن طريقة اقامة ودعم هذه المواقع تواصلت، وتم تمويل شراء ونقل مبان جاهزة وربطها بشبكات الماء والكهرباء واقامة رياض للأطفال وغيرها.

كما يؤكد التقرير أنه على الرغم من مطالبة سلطات القانون المتكررة بوقف هذا العمل إلا أن غالبية الوزراء واصلوا الاستخفاف بالأوامر وأتاحوا للجهات المهنية الخاضعة لهم بتمويل قرارات غير قانونية من خلال استغلال الثغرات الادارية والقانونية. ويكشف التقرير طريقة لتمويل بناء المستوطنات غير القانونية بوسائل مزدوجة.

بقي ان نذكر ان غالبية مستوطنات الضفة الغربية التي تعتبرها اسرائيل "قانونية" بدأت تظهر في حينه بهذه الطريقة "العشوائية".

توسيع 27 بؤرة استيطانية وآلاف الوحدات السكنية

وكشفت حركة "السلام الآن" الاسرائيلية عن تقرير جديد يؤكد كثافة النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة، وخاصة في البؤر الاستيطانية، التي اقيمت بقرار من مجموعات المستوطنين.

وجديد تقرير "السلام الآن" هو انه خلال العام الماضي 2004 جرى تكثيف الاستيطان في 27 بؤرة استيطانية، وان في قسم منها يجري بناء ابنية ثابتة، وليس (كرفانات) كما يظهر في بعض هذه البؤر.

ويقول التقرير انه يجري الآن تنفيذ مشاريع لبناء وحدات سكنية ثابتة في 15 بؤرة استيطانية، تحت سمع وبصر ودعم سلطات الاحتلال والحكومة الاسرائيلية، كما جرى توسيع 12 بؤرة استيطانية بشكل كبير.

ويؤكد التقرير انه خلال العام الماضي 2004 تم اضافة 1834 دونما من البناء الى مستوطنات الضفة الغربية.

ويشير التقرير، ايضا، الى انه يجري حاليا بناء 3500 وحدة سكنية في جميع انحاء الضفة الغربية من دون القدس، إذ ان حركة "السلام الآن" لا تشمل القدس في تقاريرها، بسبب القرار الاسرائيلي بضم القدس المحتلة الى "سيادتها". كما ان هناك مناقصات جاهزة لبناء حوالي ألف وحدة سكنية جديدة في انحاء مختلفة من الضفة الغربية المحتلة. ويؤكد التقرير انه الى جانب هذه الاحصائيات هناك بناء على اساس مبادرات فردية وشخصية في عشرات مستوطنات الضفة.

ويلاحظ في الاشهر الاخيرة أن هناك إسراعًا في عمليات توسيع المستوطنات بوتيرة عالية جدا، خاصة في مستوطنتي الفيه منشي وتسوفيم بين قلقيلية وطولكرم. ويناقض هذا النشاط الاستيطاني السريع تعهدات حكومة اسرائيل بجعل خط البناء القائم في المستوطنات خطا نهائيا للبناء، وهي تنوي جعل اسوار المستوطنات خطا نهائيا لها.

ومن باب التوثيق يفصّل التقرير اسماء المستوطنات التي يجري فيها بناء مكثف، إذ يجري بناء مئات الوحدات السكنية في كل من مستوطنات: معاليه ادوميم، بهدف تقريبها اكثر ما يمكن الى القدس المحتلة وضمها لمنطقة نفوذها، وبيتار عيليت وموديعين عيليت والفيه منشه وآدم وهار جيلو.

كما يجري بناء بقدر متوسط مقارنة مع المستوطنات السابقة في كل من مستوطنات كوخاف يعقوب ونافيه دانيال وافرات واريئيل وهار ادار وجفعات زئيف ونوفي برات وكرمل وحي نيريت التابع لمستوطنة الفيه منشه وكدوميم واليعازر ورفافا واورنيت.

ويجري بناء بدرجة اقل في مستوطنات، كريات نطوفيم وحلميش وطلمون وطنا وادورة وعيلي وفدوئيل وعنتوت وعيناب وتقواع وشفي شومرون وشيلو ويتسهار، كما يتم تمهيد اراض مصادرة للبناء في مستوطنات يكير ومعون ومعاليه لفونه ومعاليه مخميش وتسوفيم ومتسبي يريحو وشيلو وعيلي وعوفره وعنتوت وايل دافيد وعيناب ونغوهوت وبراخا وكوخاف يعقوب.

ويؤكد تقرير "السلام الآن" انه يجري بناء خارج خط البناء القائم في المستوطنات التالية: بيتار عيليت وموديعين عيليت واورانيت ورفافا وعيلي ويتسهار وعنتوت ومتسبي يريحو ونغوهوت وعوفره وتسوفيم والفيه منشه ونافيه دانيال وكدوميم وفدوئيل وكرمل ومعون ومعاليه ادوميم ومعاليه مخميش وهار جيلو وبراخا.

وشمل التقرير مشاريع الشوارع الالتفافية التي تسلب آلاف الدونمات من الاراضي المصادرة والمحتلة، إذ يجري اقامة شارعين جديدين، الاول يربط مستوطنة نكوديم بالقدس، والثاني بين مستوطنتي نيلي وعوفريم. كما يجري توسيع شارع "عابر شومرون" (منطقة نابلس)، وشارع القدس- اريحا.

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, اريئيل, الليكود, بيتار, نيلي

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات