"ميمري" تأسست عام 1998 من اجل التعرف على العالم العربي والاحاطة بالمعلومات المحتلنة عنه من "مصادر اولية" كما يبرز في عنوانها ويقع المكتب المركزي لها في واشنطن وله فروع في برلين وفي القدس المحتلة حيث يعمل 42 موظفا مختصا وفيه تنظم منصة فكرية مفتوحة مرة كل اسبوع تبحث فيها قضايا الساعة
كتب وديع عواودة:
منذ أن رحل الرئيس ياسر عرفات، شأن ما كانت عليه الحال قبلا، وإسرائيل لا تتوقف على لسان مسؤوليها الكبار عن مطالبة محمود عباس وقادة السلطة الوطنية بوقف "التحريض" عليها في وسائل الاعلام وتعديل مناهج التدريس الفلسطينية. ولهذه الغاية تجند الاعلام الصهيوني الذي يتدافع ويتسابق من اجل اثبات "التحريض" الفلسطيني. وضمن هذه المساعي قامت القناة الاسرائيلية الثانية ببث تقرير حول "الظاهرة" أشارت فيه الى عمليات "تكريس الكراهية" واسباب" اشتعال" الصراع من خلال تدريس المواد التعليمية في المدارس معتبرة ان مجرد قيام معلم الجغرافيا بتعليم تلاميذه بأن جبل الجرمق في الجليل شمال فلسطين هو اعلى جبل فلسطيني يشكل ضربا من تحريضهم وتعبئتهم النفسية وبلورة الوعي لديهم بان اسرائيل قامت على ارضهم المغتصبة. واعتمدت اسرائيل موقفا مماثلا تجاه مصر حيث الح رئيس وزرائها بنفسه في مطالبة القاهرة بضرورة الكف عن "التحريض" على الدولة العبرية داخل صحفها.
ما يدور في المساجد والمدارس ايضا
ويتضح ان اسرائيل تستمد وتستجمع معلومات واسعة ومتنوعة بشكل منهجي لا عن فلسطين ومصر فحسب بل تتابع كل ما يرد من مواد تتعلق باسرائيل واميركا والغرب عامة في المرافق الثقافية ووسائل الاعلام المطبوعة والالكترونية في كافة البلدان العربية بواسطة مؤسسة ضخمة تدعى مؤسسة "ميمري"- "معهد أبحاث وسائط الاعلام في الشرق الاوسط"- تعتبر نفسها مستقلة تقوم بدور جاد في معرفة التيارات الفاعلة على الساحة العربية بادوات مهنية وبمثابرة.
وترصد "ميمري" المواد العربية يوميا وتقوم بترجمتها وتزويد المؤسسات السياسية والاستخباراتية الاسرائيلية بها اضافة الى الصحافة المحلية والدولية بعد ترجمتها الى لغات اجنبية كالانجليزية والفرنسية والاسبانية والروسية والايطالية واليابانية والتركية وغيرها. ولا تكتفي "ميمري" بتوزيع مواد "التحريض" على اسرائيل والغرب الى الجهات المذكورة بل تقوم بنشرها في موقع خاص على الشبكة وارسال البرقيات اليومية بذلك لكل من يريد ومجانا.
في موقعها على الشبكة تقول مؤسسة "ميمري" انها تقوم بالرصد الجاري المتواصل للاعلام العربي والايراني في المواضيع السياسية والايديولوجية والدينية والاقتصادية بهدف "التعرف على الجيران تمهيدا لصنع السلام". ويقول الموقع على الشبكة ان باحثي "ميمري" يصغون لما يقال في خطب الجمعة داخل المساجد في الدول العربية ويراجعون مناهج التدريس في بلدان الشرق الاوسط ويقومون بترجمتها.
الا ان معاينة متأنية للمواد، التي يتم جمعها وترجمتها وصياغتها، لا تترك مجالا للشك بأن الهدف الحقيقي اقرب الى الرصد الاستخباراتي ولا يرمي الى معرفة ما يدور في العالم العربي و"صنع السلام معه" فحسب انما يرمي إلى انتاج عمل دعائي لا يخلو احيانا من التحريض والتحريف وتسويد صفحة العرب والمسلمين في نظر العالم والوشاية بهم.
ومن جملة هذه المضامين المنقولة تقرير عن المواد التعليمية "التحريضية" على اليهود في مدارس السعودية.
ترجمة الى لغات اجنبية
تعنى مؤسسة "ميمري" بنقل تصريحات مسؤولين عرب وابراز انتقاداتهم للعروبة والاسلام بعناوين صاخبة خارجة أحيانا عن سياقها على شكل "شهادات من فمك ادينك" منها اقتباس المحاضر السوري منذر بدر حلوم وهو يقول لصحيفة "السفير": "المسلمون ينتجون الارهاب والاسلام بحاجة الى اصلاح"، أو اقتباس "مثقف" مصري لم يكشف اسمه قال "برامج التعليم في الازهر تشجع الارهاب". كما نسب الموقع تصريحًا للمحاضر القطري عبد الحميد الانصاري من جامعة الدوحة ورد على لسانه في صحيفة "الراية" القطرية ضمن مقال عنوان "الجذور الاسلامية لكراهية اليهود". وعشية الانتخابات للرئاسة الاميركية نشرت "ميمري" ترجمة الى عشر لغات لافتتاحية صحيفة "الرياض" السعودية في 6.10.04 حول "بوش النازي".
والصحف العربية المهاجرة ايضا
في الصفحة الراهنة للموقع يجد القارىء سلسلة مواضيع جديدة منها "نفاق الدول العربية في تطرقها الى ما يجري في العراق" و"ردود الفعل العربية على تشريع القانون الاميركي لمحاربة اللاسامية في العالم" و"النقاش في السعودية حول مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية" و"ردود فعل الاعلام العربي على فوز جورج بوش في الانتخابات". كما تمت ترجمة مقال للصحفي الفلسطيني احمد ابو مطر من موقع "ايلاف" وفيه يهاجم استخدام الاستشهاديين ويعتبر ذلك "جريمة غير اخلاقية" متسائلا عن عدم قيام مرسليهم بارسال ابنائهم للاستشهاد. ويعزو المقال المترجم انتقادات يوجهها الصحفي المذكور لقيادة السلطة الوطنية لاكتفائها بالاستنكار والتنديد بالعمليات الاستشهادية في السنوات الثلاث الاخيرة مما الحق الضرر بالشأن الفلسطيني دوليا. كما ترصد "ميمري" وسائل الاعلام العربية المهاجرة ففي صفحتها الحالية هناك ترجمة كاملة لمقال كتبه مدير "الحياة" اللندنية في واشنطن حول " الاحتلال الديمقراطي" وهو يهاجم تحفظ الانظمة العربية من "اول انتخابات تشهدها الامة العربية في ظل الاحتلال الاميركي في العراق والاحتلال الاسرائيلي في فلسطين". الى ذلك ترصد "ميمري" وتعيد نشر كافة الرسومات الكاريكاتورية العربية التي تعتبرها "لاسامية" او معادية لاميركا.
ومن أجل تسهيل عملية البحث واكتشاف المواد المختلفة سيما تلك السلبية التي لا تعكس صورة ايجابية او موضوعية عن حقيقة مجمل ما يجري في البلدان العربية في الميادين المختلفة، تقوم "ميمري" بتبويب الدول العربية حسب الابجدية كي يتمكن المهتم من العثور على ما يبغي بسرعة.
مدير ميمري: "نحن نمهد الطريق للسلام"
يشار الى ان "ميمري" تأسست عام 1998 من اجل التعرف على العالم العربي والاحاطة بالمعلومات المحتلنة عنه من "مصادر اولية" كما يبرز في عنوانه ويقع المكتب المركزي لها في واشنطن وله فروع في برلين وفي القدس المحتلة حيث يعمل 42 موظفا مختصا وفيه تنظم منصة فكرية مفتوحة مرة كل اسبوع تبحث فيها قضايا الساعة.
في حديث لـ"المشهد الاسرائيلي" قال مدير "ميمري" في القدس، يغئال كرمون، مؤخرا انه من اجل التعرف على الجيران "علينا فهم مواقف القيادات العربية مثلما هي تقال على لسانهم بدون وساطة الناطقين بلسانهم واخصائيي العلاقات العامة، والاصغاء ايضا لشخصيات ومصادر ليبرالية تناضل من اجل الحرية والديمقراطية". كما أفاد كرمون ان نشاط مؤسسته يهدف الى تمهيد الارضية لحوار صادق بين الشعوب من خلال طرح صورة مصداقة وواسعة للواقع بوسعها المساهمة في ارساء دعائم السلام بين اسرائيل وبين الفلسطينيين والعالم العربي. وكشف كرمون انه لا يخفي رغبته ونشاطه من اجل تشجيع "اصلاحيين وليبراليين" في البلدان العربية معتبرا نفسه مؤسسة "اكاديمية".
واكد كرمون افتتاح فرع لـ"ميمري" في بغداد مطلع العام رافضا الاشارة الى عنوانه لاسباب وصفها بـ"الامنية" لافتا الى انه استهجن خطوة محرر صحيفة "الاهرام" بالتعاون مع منظمات اهلية مصرية في بلورة تقرير حول مضامين سلبية في الصحف الاسرائيلية. واضاف "هذا ليس جوابا لميمري".
يشار إلى أن بعض الجهات العربية تقوم في السنوات الاخيرة برصد ما يرد في الصحف الاسرائيلية وترجمتها. ولكن يسأل السؤال: هل يعرف العرب عن اسرائيل بقدر ما تعرف عنهم بعد أن أسست مؤسسات أبحاث وإستشراق كثيرة جعلت بعض مستشرقيها يدعون انه "ما نبح كلب في الجاهلية الا وعرفوا اسمه"، كما ورد على لسان احد المختصين بالتاريخ العربي في الجامعة العبرية قبل سنوات..