*البلدات العربية في أدنى مراتب الاهتمام والأولويات*
(*) "المشهد الإسرائيلي"- أصدر "مركز أدفا" المتخصص في نشر أبحاث ومعطيات حول "المساواة والعدالة الاجتماعية في إسرائيل" تقريرًا جديدًا حول حجم الاستثمار الحكومي ولا سيما في المباني العامة والمباني التجارية والخدماتية والمباني الصناعية على مدار أعوام العقد الممتد بين 2000 و2009، وذلك تحت العنوان "تطوير اقتصادي غير متوازن"، وقد أعده مدير عام المركز الدكتور شلومو سبيرسكي، والباحثة في المركز صفاء صباح- إغبارية. وفي ما يلي ترجمة موسعة لملخصه التنفيذي:
ملخص تنفيذي
ما زالت إسرائيل غير قادرة على استنفاد طاقة التنمية المتوفرة لديها. ويتمحور النقاش العمومي في هذه القضية بصورة عامة في مسألة مستوى المشاركة المتدني في قوة العمل، وذلك وسط إلقاء اللوم على الرجال اليهود المتدينين الحريديم من جهة، وعلى النساء العربيات من جهة أخرى.
غير أن هذه الوثيقة (التقرير) تسعى إلى توجيه النقاش نحو مسألة الاستثمارات الحكومية، وعلى الأدق نحو انعدام التوازن في الاستثمارات بين المناطق المختلفة في إسرائيل، وبين المجموعات السكانية المختلفة في الدولة.
وهناك عدة معطيات تقف في خلفية هذا النقاش:
أولا: يعتبر مستوى الاستثمار في الأملاك غير المنقولة في إسرائيل متدنيا حاليا قياسا مع ما كان عليه في الماضي. ففي العقد الأول بعد قيام الدولة في العام 1948 بلغت نسبة الاستثمار على هذا الصعيد 29 بالمئة من الناتج المحلي الخام. وفي العقود الأربعة التالية بلغت هذه النسبة 25 و27 و22 و19 بالمئة على التوالي، وفي العقد الأخير (2000- 2009) انخفضت نسبة الاستثمار إلى 17 بالمئة من الناتج المحلي الخام بالمتوسط.
ثانيا: يعتبر مستوى الاستثمار في الأملاك (العقارات) غير المنقولة في إسرائيل أقل من المستوى القائم في دول OECD (منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية) التي تسعى إسرائيل لأن تكون مشابهة لها. ففي العام 2008، وهو العام الأخير الذي نشرت المنظمة المذكورة معطيات مقارنة حوله، بلغت نسبة الاستثمار في الأملاك غير المنقولة في إسرائيل 18 بالمئة من الناتج المحلي الخام، في حين بلغ متوسط الاستثمار في هذا المجال لدى دول المنظمة ذاتها 6ر20 بالمئة من الناتج المحلي الخام.
ثالثا: الاستثمار القائم غير متوازن. ففي العقد الأخير ازداد حجم الاستثمار في صناعة الهايتك (صناعة التكنولوجيا الفائقة الدقة)، والمتركزة في وسط (مركز) البلاد، بنسبة سنوية متوسطة بلغت 8 بالمئة، بما في ذلك في أعوام الانتفاضة الثانية، في حين ازداد حجم الاستثمار في الصناعات التكنولوجية التقليدية الموجودة في الأطراف (في الهامش) بنسبة سنوية متوسطة بلغت 2 بالمئة.
رابعا: في النصف الأول من العقد الأخير انخفض حجم الاستثمار في الأملاك غير المنقولة جراء الأزمة المزدوجة التي عانت منها إسرائيل- أزمة فرع الهايتك وأزمة الانتفاضة. وفي النصف الثاني من العقد ذاته ازداد حجم الاستثمار لكنه عاد إلى الهبوط في أعقاب الأزمة المالية العالمية.
ولا تتوفر في إسرائيل معطيات حول الاستثمارات في الأملاك غير المنقولة في كل لواء وكل بلدة أو مدينة. في المقابل يمكن حساب أو تقدير حجم الاستثمار في البناء غير السكني على مستوى البلدة. هذه الحقيقة تتيح لنا إمكانية تفحص انعدام التوازن في الاستثمارات بين الألوية المختلفة وبين المجموعات السكانية في البلدات المختلفة.
بصورة عامة، سجل خلال معظم أعوام العقد الممتد بين العام 2000 والعام 2009 انخفاض في حجم الاستثمار في البناء غير السكني من 7ر16 مليار شيكل في العام 2000، إلى 7ر12 مليار شيكل في العام 2009.
وقد سجل الانخفاض في كل واحد من المركبات الرئيسة الثلاثة للبناء غير السكني- وهي المباني العامة، المباني التجارية والخدماتية، والمباني الصناعية- ما عدا زيادة شاذة في الاستثمار في المباني الصناعية سجلت في عامي 2006- 2007، وذلك كما يبدو نتيجة لتوسيع مصنع "إينتل" في كريات غات (جنوبي إسرائيل).
وتتفحص هذه الوثيقة الاستثمار الذي تم في العقد الأخير (2000- 2009) في بناء المباني الصناعية والمباني العامة، حسب اللواء والبلدة . كما تتفحص الوثيقة، في كل مجال من المجالات المذكورة، احتياطي المباني الذي كان قائما في بداية العقد وذلك بهدف فحص ما إذا كان الاستثمار في الأبنية الجديدة قد ساهم في توسيع انعدام التوازن في الاستثمارات، بين الألوية والبلدات، أم في تقليص انعدام التوازن.
بناء المباني التجارية
ومباني الخدمات التجارية
· الوضع في بداية العقد الأخير: بغية تفحص احتياطي المناطق (الأراضي) المخصصة لأغراض التجارة والخدمات التجارية الذي كان قائما في بداية العقد استخدمنا معطيات مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي حول المنطقة الملزمة بدفع ضريبة الأرنونا في كل بلدة ومدينة، غير أن السنة الأولى التي نشرت حولها مثل هذه المعطيات كانت 2003.
· انقسام المنطقة المبنية حسب اللواء: في العام 2003 كانت نسبة 30 بالمئة من المنطقة المبنية لأغراض الأعمال التجارية والبنوك موجودة في لواء تل أبيب، والذي ظل يحتل الصدارة حتى عند حساب الأمر لكل ألف نسمة- أكثر بـ 7ر1 ضعف من المتوسط القطري، وجاء بعده مباشرة لواء حيفا، سواء من حيث حجم المنطقة المبنية أو مساحة المنطقة المبنية لكل ألف نسمة- أكثر بـ 6ر1 ضعف عن المتوسط القطري، واحتفظ اللواءان (تل أبيب وحيفا) معا بنسبة 50 بالمئة من المنطقة المبنية لأغراض الأعمال التجارية والبنوك. وفي لواء القدس، الذي يتميز بوجود تجمع كبير لليهود الحريديم والسكان الفلسطينيين في القدس الشرقية (حوالي 31 بالمئة من مجموع سكان اللواء في العام 2009، ثاني أعلى نسبة بين سائر الألوية في إسرائيل) سجل وجود المنطقة الأقل مساحة بين الألوية الستة في إسرائيل- 5ر7 بالمئة من مجموع مساحة المنطقة.
· انقسام المنطقة المبنية حسب مجموعة البلدة: كانت نسبة 95 بالمئة من المنطقة المبنية موجودة في بلدات/ مدن يهودية، و5 بالمئة في بلدات/ مدن عربية. نسبة 66 بالمئة من المنطقة كانت تتركز، في البلدات اليهودية، في بلدات ومدن ما يسمى بـ "منتدى الـ 15"، والتي كانت هي المتصدرة أيضا في حساب المساحة لكل ألف نسمة، بمساحة تزيد بنسبة الضعف عن المساحة المقابلة في بلدات التطوير، وأكبر بـ 5 أضعاف من البلدات العربية.
الاستثمارات الجديدة في
العقد الماضي 2000- 2009
- انقسام الاستثمار الجديد حسب اللواء: أدى الاستثمار الجديد إلى تعميق التمركز الجغرافي للحياة التجارية في إسرائيل. فقد استقطب لواء تل أبيب قرابة ربع الاستثمارات الجديدة ليتصدر بذلك جميع الألوية في حساب الاستثمار الجديد المفرد- أكثر بـ 4ر1 ضعف من المتوسط القطري. أما اللواء المجاور جغرافيا- لواء المركز- فقد حصل على أعلى نسبة استثمار جديد- حوالي 30 بالمئة- ليحتل المكان الثاني من حيث حجم الاستثمار الجديد في الحساب للفرد. وحصل لواءا الشمال والجنوب معا على 30 بالمئة فقط من الاستثمار الجديد، هذا فيما شهد لواء حيفا تراجعا مقارنة مع موقعه من حيث مساحة المنطقة التي كانت مخصصة للأعمال التجارية والبنوك في العام 2003. أما لواء القدس فلم يحصل سوى على 5 بالمئة فقط من الاستثمار الجديد.
- انقسام الاستثمار الجديد حسب مجموعة البلدة: تشير المعطيات إلى تقدم مستمر في البلدات اليهودية بشكل عام وفي مدن "منتدى الـ 15" بشكل خاص. فقد استقطبت هذه قرابة 50 بالمئة من مجموع الاستثمار، وحصلت بحساب للفرد على أعلى نسبة استثمار - حوالي 3335 شيكل، أي أكثر بـ 6ر1 ضعف من البلدات العربية، وبـ 9ر1 ضعف من بلدات التطوير.
مع ذلك فقد طرأ تحسن معين في البلدات العربية. ففي الوقت الذي سجل في العام 2003 في هذه البلدات وجود 5 بالمئة فقط من مجمل المنطقة المبنية كمساحة مخصصة للأعمال التجارية والبنوك، فقد حظيت في العقد الماضي (2000- 2009) بـ 12 بالمئة من إجمالي الاستثمار الجديد.
إنشاء مبان صناعية
· الوضع في العام 2003: بغية تفحص احتياطي المباني الصناعية الذي كان قائما في مطلع العقد، استخدمنا معطيات مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي حول مساحات البناء الملزمة بدفع ضريبة الأرنونا حسب البلدة. كما أسلفنا فإن السنة الأولى التي نشرت حولها هذه المعطيات هي 2003.
- توزيع المنطقة المبنية حسب اللواء: كان اللواء المتصدر هو لواء المركز، بنسبة 24 بالمئة من المجموع، ولكن بعملية حسابية لكل ألف نسمة، احتل هذا اللواء المكان الرابع بين مجموع الألوية، تلته ألوية الشمال ثم الجنوب ثم حيفا، والتي وجدت فيها مساحة مبنية مشابهة، فيما تصدرها لواء حيفا وفق عملية حسابية لكل ألف نسمة، ويعزى ذلك كما يبدو لسياسة التفضيل القومية التي تمتع بها لواء حيفا على امتداد سنوات طوال. الألوية الثلاثة ذات المساحات الأقل المخصصة للصناعة كانت تل أبيب، إذ أن تل أبيب هي مدينة خدمات تجارية ومصرفية، ولواء القدس حيث تشكل القدس مدينة خدمات حكومية وفي الوقت ذاته مدينة فئات سكانية فقيرة ومهمشة، والمستوطنات والتي وإن كانت تقوم فيها مناطق صناعية، إلا أن هذه المناطق لا تشكل مصدر الدخل الرئيس لسكان المستوطنات .
- توزيع المنطقة المبنية حسب مجموعة البلدة: تمتعت البلدات العربية بنسبة 3 بالمئة فقط من مساحة المناطق المبنية المخصصة للأغراض الصناعية وكانت من ناحية عملية خارج الاقتصاد الصناعي الإسرائيلي. وعلى سبيل المقارنة فقد تمتعت بلدات التطوير التي شكل سكانها 80 بالمئة فقط من نسبة سكان البلدات العربية، بمناطق صناعية مبنية أكبر بـ 7 أضعاف من المناطق الصناعية القائمة في البلدات العربية، وبحساب لكل ألف نسمة فقد كانت مساحة المنطقة المبنية للأغراض الصناعية في البلدات العربية أصغر بـ 9 أضعاف من المنطقة المماثلة في بلدات التطوير، وبـ 4 أضعاف من المنطقة القائمة في المستوطنات.
الاستثمار الجديد في العقد 2000- 2009
- انقسام الاستثمار حسب اللواء: سجل الاستثمار الأعلى في لواء المركز- حوالي 34 بالمئة من مجموع الاستثمار، وبحساب للفرد أكثر بـ 4ر1 ضعف من المتوسط القطري. وسجل لواء الجنوب استثمارا عاليا بشكل خاص وذلك بسبب الاستثمار في مصنع "إينتل" في كريات غات. في المقابل حصل لواء حيفا على الاستثمار الخامس في حجمه، سواء من حيث حجم الاستثمار الشامل أو من حيث الحساب للفرد، ما يشير إلى تراجعه النسبي.
- أما لواء القدس، الذي تقطنه نسبة 12 بالمئة من سكان إسرائيل، فحصل على 4 بالمئة فقط من الاستثمار الجديد في المباني الصناعية. وبحساب للفرد، كان الاستثمار في القدس أقل بـ 2ر3 ضعف من المتوسط القطري. ومن هذه الناحية يمكن القول إن لواء القدس كان، كحال البلدات العربية، خارج الاقتصاد الصناعي الإسرائيلي.
- انقسام الاستثمار الجديد حسب مجموعة البلدة: حصلت بلدات التطوير على 32 بالمئة من إجمالي الاستثمار الجديد وبحساب للفرد أكثر بـ 5ر2 ضعف من الاستثمار في مدن "منتدى الـ 15" وأكثر بـ 8 أضعاف تقريبا من الاستثمار في البلدات العربية وقد حصلت البلدات العربية على حوالي 4 بالمئة فقط من الاستثمار الجديد، وهو ما يؤكد الطرح القائل إن هذه البلدات موجودة خارج الاقتصاد الصناعي الإسرائيلي.
إنشاء مبان عامة
- الوضع في مطلع العقد الأخير: من أجل تفحص انقسام احتياطي مساحة مناطق المباني العامة الذي كان قائما في بداية العقد، استخدمنا معطيات مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي حول استعمال الأراضي والتي تنشر على مستوى البلدة أو المدينة، وللأسف فإن السنة الوحيدة التي نشرت حولها مثل هذه المعطيات هي سنة 2002. كذلك وجدت ثغرة أخرى، وهي أن مساحة استخدامات الأراضي تتناول فقط الأراضي التي يقوم عليها البناء وليس مساحة مجموع الطوابق في المبنى.
- في العام 2002 برزت بلدات "منتدى الـ 15" في مساحة الأراضي الأكبر التي خصصت للمباني العامة، فيما احتلت بلدات التطوير والبلدات العربية مكانة متأخرة جداً (خاصة البلدات العربية) على هذا الصعيد.
مساحة المباني العامة في بلدات التطوير التي كانت نسبة سكانها في العام 2003 حوالي 80 بالمئة من سكان البلدات العربية، كانت أكبر من مساحة المباني العامة القائمة في المدن والبلدات العربية: أكبر بـ 8ر2 ضعف في مباني التربية والتعليم، وبـ 5ر1 ضعف في مباني الصحة والرفاه، وبـ 2ر2 ضعف في مباني الخدمات العامة. كذلك في الحساب لكل ألف نسمة سجلت المساحة الأقل في البلدات العربية. وعلى سبيل المثال كانت المساحة لكل ألف نسمة في المستوطنات أكبر من نظيرتها في البلدات العربية بـ 3ر2 ضعف في مباني التربية والتعليم، وبـ 3ر1 ضعف في مباني الصحة والرفاه، وبـ 3ر1 ضعف في مباني الخدمات العامة.
البناء الجديد في
العقد 2000- 2009
سجل خلال سنوات هذا العقد انخفاض في حجم الاستثمار في إنشاء المباني العامة من 1ر9 مليار شيكل في العام 2000 إلى 9ر7 مليار شيكل في العام 2009. أحد الأسباب التي وقفت خلف هذا الانخفاض هو التقليصات في ميزانيات التطوير لدى وزارتي التربية والتعليم والصحة.
وقد تركز البناء لأغراض الصحة بدرجة كبيرة في مدن وبلدات "منتدى الـ 15": حوالي نصف المستشفيات والمؤسسات الصحية الأخرى، وقرابة ثلثي العيادات الطبية وغرف المرضى الجديدة، ويمكن القول إن مكانة مدن وبلدات "منتدى الـ 15" تعززت وتعاظمت خلال العقد الأخير، كمراكز للخدمات الصحية في إسرائيل.
فيما يتعلق بمباني التعليم، حظيت البلدات العربية بنسبة 22 بالمئة من حجم البناء الجديد، ما يشير إلى استثمار متزايد من جانب الدولة بهدف تقليص الفجوات. جميع المباني المقامة حديثا في البلدات العربية خصصت تقريبا لدور رياض الأطفال ومدارس ابتدائية (أساسية) وثانوية، في حين كانت نسبة المباني الجديدة المخصصة للتعليم العالي هزيلة جداً. وعند حساب مساحة البناء الجديد لكل الذي نسميه ألف نسمة ترتسم صورة أكثر حدة من انعدام التوازن بين مجموعات البلدات، ولعل المعطى الأبرز على هذا الصعيد يتمثل في الحجم الكبير الشاذ لبناء مؤسسات تعليم في المستوطنات، بحساب لكل ألف نسمة، إذ كانت مساحة البناء الذي أقيم في المستوطنات خلال العقد المذكور (2000- 2009) أكبر بـ 4ر2 ضعف من المساحة المتوسطة التي شيدت في مجمل البلدات والمدن اليهودية. وتبدو هذه المعطيات ذات أهمية خاصة في ضوء حقيقة أن تعداد سكان المستوطنات ازداد في العقد الأخير بوتيرة أسرع من البلدات الواقعة داخل الخط الأخضر، علما أن جل الزيادة سجلت في مستوطنات المتدينين الحريديم. في المقابل، تميزت مدن وبلدات "منتدى الـ 15" بحجم البناء الأعلى لمؤسسات التعليم العالي.
تلخيص
في ضوء انعدام التوازن البارز بين الألوية وبين مجموعات البلدات المختلفة في كل ما يتعلق بالاستثمار التجاري، يبدو أنه يتعين على الدولة أن تكون ضالعة أكبر بكثير في تشجيع وتوجيه الاستثمارات نحو الألوية ومجموعات البلدات التي تعاني من شح الاستثمارات، وفي مقدمها أولا مجموعة البلدات العربية في إسرائيل (داخل الخط الأخضر)، وثانيا لواء القدس الذي تعيش فيه تجمعات كبيرة لليهود المتدينين الحريديم والسكان الفلسطينيين في القدس الشرقية.
أخيرا فإن استمرار تصدر القطاع التجاري بصورة شبه حصرية لسياسة الاستثمار في مجالي التجارة والصناعة، يعني استمرار تركيز هذا الاستثمار في لوائي المركز وتل أبيب.
تفاقم انعدام المساواة في
الأجور والدخل الأسري
وبالتزامن مع التقرير حول الاستثمار في التطوير الاقتصادي، نشر "مركز أدفـا" تقريره السنوي "صورة عن الوضع الاجتماعي 2009- 2010"، وتعود غالبية معطياته إلى العام 2009 الذي شهد الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، لكن في جميع المواضيع تظهر أيضا صورة عن العقد الأخير.
ويبين التقرير أن الاقتصاد الإسرائيلي أيضا تضرر من الأزمة المالية العالمية بشكل أقل من دول أخرى، بل وعاد إلى النمو أكثر وبسرعة أكبر عما هي الحال في اقتصادات أخرى، ومع ذلك فإن أوضاع انعدام المساواة الداخلية تفاقمت.
ففي العام 2009، انخفض الدخل الشهري المتوسط الإجمالي لـ 8 من بين الفئات العشرية الـ 10، لكن دخل الفئات العشرية الـ 4 السفلى انخفض أكثر من الانخفاض لدى الفئتين العشريتين العلويتين.
وخلال العقد ما بين 2000- 2009، انخفضت حصة الفئات العشرية الأربع السفلى في كعكة الدخل من 17 بالمئة إلى 3ر16 بالمئة، فيما ارتفعت حصة الفئة العشرية الأعلى من 28 بالمئة إلى 5ر28 بالمئة.
وفي العام 2009 بلغ الأجر المتوسط للنساء في الشهر 6280 شيكل، ما يعادل 66 بالمئة من الأجر المتوسط للرجال. ويعتبر ذلك تحسنا بالنسبة للعام 2008، حيث بلغت النسبة 1ر63 بالمئة؛ إلا أن التحسن جاء نتيجة انخفاض أجر الرجال بينما بقي أجر النساء في العام 2009 على حاله كما في العام 2008. وبلغ الأجر المتوسط للساعة بين النساء 6ر42 شيكل، أي ما يعادل 5ر84 بالمئة من أجر الرجال المتوسط للساعة؛ وهنا أيضا يُعزى التحسن الظاهر إلى تراجع أجر الرجال.
وفي العام 2009 تواصل انكماش الطبقة المتوسطة، فقد تقلصت نسبتها من مجمل الأسر في إسرائيل من 1ر27 بالمئة في 2008 إلى 6ر26 بالمئة في 2009. أما حصتها من كعكة المدخولات لمجمل الأسر فقد انخفضت من 7ر20 بالمئة إلى 5ر20 بالمئة. ومنذ العام 1988 تقلصت الشريحة المتوسطة من 33 بالمئة من مجمل الأسر إلى 6ر26 بالمئة، وحصتها في كعكة الدخل انخفضت من 9ر27 بالمئة إلى 5ر20 بالمئة.
تجدر الإشارة إلى أن الشريحة المتوسطة تشمل جميع الأسر التي يتراوح دخلها ما بين 75 بالمئة و125 بالمئة من الدخل المتوسط للأسر.
وأكد "مركز أدفـا" أن قيادات الدولة تتباهى بالضرر الطفيف والقصير نسبيا الذي لحق بالاقتصاد الإسرائيلي نتيجة الأزمة المالية العالمية، لكن المُعطيات التي تظهر في تقرير "صورة عن الوضع الاجتماعي" تُشير إلى اتساع عدم المساواة، إن كان في موجة النمو التي سبقت الأزمة المالية العالمية أو بعد اندلاع الأزمة. ويؤكد التقرير أن النمو الذي يقوده قطاع الأعمال غير كاف، والمجتمع الإسرائيلي بحاجة إلى حراك اجتماعي، إن كان لتقليص عدم المساواة المتفشية، وللتعويض عن الأضرار التي وقعت في العقد الأخير، وأيضا لضمان نمو مستقبلي يشارك فيه عموم الإسرائيليين وليس فقط جزء بسيط ومحدود من السكان.
ويذكر التقرير أيضا أن مقدرة إسرائيل على النمو بشكل مستقر لفترات زمنية طويلة سوف تتضرر بشكل كبير بسبب غياب اتفاق سياسي مع الفلسطينيين، لافتًا إلى أنه في العقد الحالي، وبينما ارتفع بشكل كبير الناتج المحلي الإجمالي للفرد في آسيا وفي شرق أوروبا- مثلا 6ر9 بالمئة في الصين، و1ر4 بالمئة في بولندا- فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للفرد في إسرائيل بنسبة 6ر1 بالمئة فقط. ومع أن الدول الغنية في الغرب نَمَتْ بنسب مشابهة، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد عندها أكبر بكثير مما هو عليه في إسرائيل، وإذا أرادت إسرائيل التشبه بتلك الدول سيتوجب عليها النمو بوتيرة أسرع منها، ولتحقيق ذلك لا بد من وجود استقرار اقتصادي طويل الأمد.