تشن حكومة إسرائيل حربًا شعواء ضد غالبية المواطنين في المجال الاقتصادي، ووزير المالية بنيامين نتنياهو يريد "انجازات اقتصادية" وإصلاحات غير آبه بالثمن الإنساني لذلك، وهو يحول الفقير إلى متهم والعاطل عن العمل إلى متسكع كسول، محتاج إلى دعم وعناية، ومؤخرا يوجد لوزير المالية حلم جديد: "إسرائيل ستكون من بين الدول العشر الغنية في العالم خلال عشر سنوات، والنمو سيصل في العام الجاري والعام القادم إلى نسبة 4% وهي نسبة النمو في الغرب"!! ولكن على أرض الواقع زادت سياسته عدد الفقراء وعمقت الفقر وانعدام المساواة. فما هي المعطيات الحقيقية؟
تشن حكومة إسرائيل حربًا شعواء ضد غالبية المواطنين في المجال الاقتصادي، ووزير المالية بنيامين نتنياهو يريد "انجازات اقتصادية" وإصلاحات غير آبه بالثمن الإنساني لذلك، وهو يحول الفقير إلى متهم والعاطل عن العمل إلى متسكع كسول، محتاج إلى دعم وعناية، ومؤخرا يوجد لوزير المالية حلم جديد: "إسرائيل ستكون من بين الدول العشر الغنية في العالم خلال عشر سنوات، والنمو سيصل في العام الجاري والعام القادم إلى نسبة 4% وهي نسبة النمو في الغرب"!! ولكن على أرض الواقع زادت سياسته عدد الفقراء وعمقت الفقر وانعدام المساواة. فما هي المعطيات الحقيقية؟
إنها كالتالي: هناك 1,4 مليون من المواطنين في إسرائيل يعيشون تحت خط الفقر. و1,2 مليون شخص توجهوا إلى وزارة الرفاه طالبين المساعدة. وفي العام الماضي كان كل مسن ثالث يعيش تحت خط الفقر وكل مسن خامس عانى من الجوع. وتوجه أكثر من مليون إنسان إلى منظمة "لتيت" (أن تمنح)، وطالبوا بمساعدات غذائية لهم ومنهم من أبناء الطبقة الوسطى.
وهناك 25% من 116 ألف عائلة أحادية الوالدين تحت خط الفقر. ووزير المالية ينقل الوقوف بالدور من مكاتب التشغيل إلى بيوت توزيع المواد الغذائية على المحتاجين، ويحول العاطلين عن العمل إلى عبيد، وحسب معطيات دائرة الإحصاء المركزية، فإن أكثر من ثلث العمال يتلقون رواتب أقل من ألفي شاقل في الشهر، وان 24% من العاطلين عن العمل فتشوا في العام الماضي، لأكثر من سنة، عن أماكن عمل. وفي تقرير الفقر جرى إبراز أن عدد الحاصلين على مخصصات البطالة انخفض في العام الماضي، بنسبة 25% في أعقاب التشدد في المعايير للحصول على المخصصات. ودعاهم بنيامين نتنياهو ساخرا: اذهبوا للعمل ولا تتكاسلوا!! وحاليا لا تزال اليد الظالمة مرفوعة، وعلى جدول الأعمال برنامج فيسكونسين، الهادف إلى تقليص حق الحصول على مخصصات ضمان الدخل بنسبة 35%.
وتبين من تقرير بنك إسرائيل، عن السياسة الاجتماعية، 4/4/2005، أن تقليص المخصصات كأنما قلص البطالة من خلال نقل عاطلين عن العمل إلى أعمال جزئية، لكنه زاد عدد الفقراء. وقد ارتفع عدد الفقراء خلال السنوات الخمس الماضية بنسبة كبيرة من 18,8% إلى 22,4%، وارتفع عدد الأولاد الفقراء من 24,9% إلى 30,8% وان التغييرات أي التقليصات التي نفذت خلال العامين الماضيين، لم تؤد إلى الخروج من دائرة الفقر، خاصة طالما أن الانتعاش في النشاطات لا يضمن أن يجد العمال من ذوي الأجر القليل، أعمالا برواتب تنقذهم من الفقر.
ويقترح التقرير سبسدة العاملين برواتب قليلة ويقر انه بالفعل ازداد العمل في عام 2004، ولكن في الأساس في حجم وعدد الوظائف الجزئية وبرواتب قليلة. ولقد كانت 84% من الزيادة في الملاكات في العام الماضي، وظائف جزئية، وهي 77% للرجال و94% للنساء.
وتبين من التقرير أن الأزمة في الجهاز الصحي جاءت في أعقاب التقليصات في المصروفات الشعبية على الصحة وفي مجالات أخرى من التي تنعكس مباشرة على ذوي الدخل المحدود، وكذلك فإن الأزمة في السلطات المحلية جاءت في أعقاب التقليصات في الميزانيات.
فكيف يدعو وزير المالية الناس للخروج إلى العمل، في الوقت الذي فيه يتقلص دائما عدد أماكن العمل؟!
"عدد أماكن العمل والورش التي يتهددها خطر الإغلاق، هو 47250، و15,7% من الشركات في البلاد، في أوضاع خطيرة"- هذا ما تبين من معطيات نشرتها شركة "بزنس داتا يسرائيل" في 13/4/2005 في "هآرتس". وهكذا فإن دعوة وزير المالية: اذهبوا إلى العمل، لا يوجد لها أي أساس في الواقع وعلى العكس من ذلك، فالوضع صعب.
جرى مؤخرا نشر جدول الحصانة الاقتصادية، عن العمال في إسرائيل في عام 2004، وتبين منه أن 60% يخشون من فقدان أماكن عملهم و 71% يخشون من عدم تمكنهم وقدراتهم من إعالة أفراد العائلة مستقبلا و 40% من العمال الضعفاء والمؤقتين يخشون من الفصل و 22% يحصلون على مخصصات البطالة ومخصصات ضمان الدخل أو مخصصات إعاقة من مؤسسة التأمين الوطني. وحتى هذا يمكن أن يؤخذ منهم في أعقاب تنفيذ خطة فيسكونسين التي تلزم بتقليص عدد الحاصلين على مخصصات ضمان الدخل بنسبة 35%. ولـ 43% لا توجد توفيرات للتقاعد.
كل الحديث عن الانتعاش يشير إلى أن البطالة تتواصل ووصلت قطريا إلى 10% وفي القرى العربية تراوحت بين 25% و 30%، وأكثر من ذلك، حيث يزداد عدد المصانع التي تغلق، كمصنع دلتا في كرمئيل الذي فصل منه 150 عاملا وقذفوا إلى سوق البطالة، وإذا أضفنا توقعات تقرير دوفرات الذي يتحدث عن فصل خمسة آلاف معلم وزيادة حجم البطالة في الجهاز الصحي. وخفضت وزارة المالية بنسبة 25% الهبات للأمهات أحاديات العائلة وطالبتهن بالخروج للعمل، ودائما يتكرر السؤال: كيف ستشجع الخطة الاقتصادية الناس على العمل وكيف سيكون الاقتصاد النامي في صالح الجميع؟
ما يجري في الواقع أن هذا الاقتصاد يحسن أوضاع أرباح البنوك، حيث بلغت في العام الماضي أرباح أربعة بنوك كبرى 4,5 مليارات شاقل.
فلقد بلغت أرباح بنك ليئومي 1,86 مليار شاقل وشكل ذلك تحسنا بنسبة 62% مقارنة مع العام 2003، وبلغت زيادة أرباح بنك ديسكونت 26% وبلغت قيمتها 556 مليون شاقل.
وبلغت قيمة ألف غني من أغنياء الدولة 60 مليار دولار، وقد ازدادت ثرواتهم في أعقاب الارتفاعات في البورصة في العام الماضي. واليكم قائمة بأسماء تسعة مدراء زاد الراتب الشهري للواحد منهم عن 700 ألف شاقل في العام الماضي وهم: غيورا كارني، مدير مصنع كلري فرل لإنتاج الأدوية، 1,94 مليون شاقل وفيكتور مدينا، مدير بنك همزراحي سابقا، 1,3 مليون شاقل، ورافي ليل، مدير عام "أجيس" للأدوية، 1,2 مليون شاقل، وحاييم كاتسمان، رئيس إدارة شركة جازيت غلوب، 1,1 مليون شاقل ونومي دنكنر، رئيس إدارة مجمع إي. دي. بي، 1,05 مليون شاقل ومئير شمير، مدير عام شركة مفطاحيم، 866 ألف شاقل وايلان بن دوف، مدير عام شركة سني ألكترونيكا، 808 الاف شاقل وتسفي زيف، مدير عام بنك هبوعليم، 744 ألف شاقل ورؤوبين آدلر، القائم بأعمال مدير عام بنك همزراحي، 717 ألف شاقل.
هذا هو حلم وزير المالية وسياسته التاتشرية وشعار الخصخصة في فمه.
إن سياسة الخصخصة لحكومة الليكود الحالية هي بمثابة الاستمرار المتواصل بسرعة لسياسة حكومة العمل والتجسيد للرأسمال في مكافحة العمال وخاصة التنظيمات العمالية. وفي كل العالم تعارض التنظيمات المهنية النقابية الخصخصة كجزء لا يتجزأ من عملية المس بالعمال.
ثمة أربعة أمور تشكل أسس الخصخصة وهي: فصل عمال تحت حجة "النجاعة والتنافس"، من دون أي اهتمام من أرباب العمل بأماكن عمل بديلة. والمس بالعمال الباقين الذين يضطرون للتنازل عن حقوق وانجازات تاريخية. وتحطيم المنظمات العمالية وحل وتفكيك ممثليات اللجان وتجنيد عمال خلافا للاتفاق القطري، واتفاقات "الجيل الثاني" وفي أسوأ ظروف وشروط وراتب اقل والرفض لإجراء مفاوضات حول شروط العمل والرواتب. والمس بالمستهلكين.
ولكن تسويقها يتم كما لو أن الخصخصة التي جرت وتجري هي "لصالح المستهلكين"، وهي تفيد في الواقع أرباب الأموال الذين يحصلون على الثروات لأيديهم بأثمان رخيصة، وعمليا فان الركض خلف الأرباح يرافق بالمس بالعمال وبرواتبهم ويزيد رواتب المديرين وأرباب المال وهكذا يتضرر جمهور المستهلكين. وينخفض المنتج أو الخدمات التي تقدمها الشركة المخصخصة للمستهلكين.
لكن الخصخصة ليست فقط بيع مصانع وثروات للدولة، بل هي أيضًا تخلق الظروف لطبقة أرباب المال الذين يتمتعون بالتعليم والصحة للأثرياء من خلال خلق أجهزة خاصة وسلب الشمولية من الخدمات التي تقدمها الدولة لسكانها، طب وتعليم للأغنياء لوحدهم وعلى انفراد وللفقراء لوحدهم وذلك على حساب دافعي الضرائب. والمجتمع بشكل عام يساهم في إقامة وتوسيع أملاك الدولة لصالح مجموعة صغيرة من الأثرياء المحليين والأجانب الذين يتسلطون على تلك الثروات بمساعدة سخية من الحكومة.
إن الخروج من الأزمة الاقتصادية التي نعاني جميعًا منها منوط بانتهاج سياسة بديلة مئة بالمئة، لأن استمرار الاحتلال مرتبط بمصروفات عسكرية ضخمة، وكل الموارد المطلوبة للرفاه والتربية والتعليم والصحة، توجه للحفاظ على المناطق المحتلة والمستوطنات وللجدار الفاصل وزيادة سباق التسلح الكبير، والسلام معناه التقليصات الجوهرية في المصروفات العسكرية وتحويل الأموال إلى استثمارات إنتاجية مدنية وإلى تطوير خدمات شعبية ومدنية وتطوير القطاع المدني في الفروع الإنتاجية في الصناعة والزراعة والسياحة والمواصلات، وذلك من شأنه زيادة عدد أماكن العمل ورفع مستوى الحياة.
وفي سبيل ذلك فليست سياسة حكومة شارون- نتنياهو هي ما نحتاجه إنما سياسة بديلة أخرى، سياسة في مركزها السلام الحقيقي والرفاه وإنهاء الاحتلال.
(*) بنيامين غونين عضو سابق في قيادة نقابة العمال العامة (الهستدروت) ومن قادة الحزب الشيوعي الإسرائيلي
المصطلحات المستخدمة:
التأمين الوطني, هآرتس, همزراحي, الهستدروت, الليكود, بنيامين نتنياهو