المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

نشرت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، الاثنين، معطيات أولية أشارت في سياقها إلى أن زيادة النمو في إسرائيل خلال العام الجاري 2004، وصلت إلى نسبة 4%. وبذا تنتهي وفقًا لهذه الدائرة "ثلاث سنوات متتالية من الركود الاقتصادي".. في الوقت الذي قال فيه معلقون إقتصاديون إن إسرائيل لا تسلك السكة السليمة نحو نمو إقتصادي ذي مغزى

على رغم إعلان دائرة الإحصاء "انتهاء ثلاث سنوات من الركود"

معلقون إقتصاديون: الاقتصاد الاسرائيلي غير متجه بثقة إلى السبيل السليم للنمو

نشرت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية، الاثنين، معطيات أولية أشارت في سياقها إلى أن زيادة النمو في إسرائيل خلال العام الجاري 2004، وصلت إلى نسبة 4%. وبذا تنتهي وفقًا لهذه الدائرة "ثلاث سنوات متتالية من الركود الاقتصادي"، على ما ذكر موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الألكتروني..في الوقت الذي قال فيه معلقون إقتصاديون إن إسرائيل لا تسلك السكة السليمة نحو نمو إقتصادي ذي مغزى.

وحسب المعطيات التي تم نشرها سيصل ارتفاع نسبة الإنتاج القومي الخام، خلال العام الجاري، إلى 4 في المئة، مقارنة بارتفاع بنسبة 1.3% في العام الماضي، وانخفاض بنسبة 0.7% في العام 2002.

وسيصل حجم هذا الناتج للفرد الواحد، هذا العام، إلى 76.9 ألف شيكل، ما يعني ارتفاعه بنسبة 2.2% عن حجم الناتج الفردي في العام الماضي. أما الاستهلاك في مجال الاحتياج الفردي، فقد ارتفع بنسبة 4.5%، بعد ارتفاع ضئيل بنسبة 1.3% في العام 2003، و1.1% في العام 2002.

وحسب المعطيات نفسها، سيرتفع حجم استيراد البضائع والخدمات في العام الجاري، بنسبة 11.2%، بعد انخفاض بنسبة 1.8% في العام 2003، و2.1% في العام 2002. كما يتوقع ارتفاع نسبة تصدير البضائع والخدمات بنسبة 11.5%.

وفي المقابل، حافظ الاستثمار في الأملاك على نسبته، بعد انخفاض بنسبة 4.9% في العام 2003 و7.0% في العام 2002. كما تم الحفاظ على استقرار نسبة المصاريف للاستهلاك العام، بعد انخفاض بنسبة 2.0% في 2003 وارتفاع بنسبة 5.0% في 2002.

وبموجب هذه المعطيات فقد انعكس الخروج من الركود الاقتصادي بوجه خاص في النمو الذي شهده قطاع الأعمال، والذي يتوقع أن تصل نسبة ارتفاعه إلى 5.5%، هذا العام، بعد ارتفاع بنسبة 1.7% في العام 2003 و2.6% في العام 2002.

ومن الواضح أن هذه المعطيات تستثمر الحركة الاقتصادية التي تشهدها إسرائيل في فترة الأعياد. وهو ما سبق أن أشار إليه سيفر بلوتسكر، أحد أبرز المعلقين الاسرائيليين في الشؤون الاقتصادية. وكان بلوتسكر قد نشر مقالا في "يديعوت أحرونوت" هذا الأسبوع أكد فيه أنه مع ختام الأعياد (اليهودية) بات ملموسا أن هناك برودا جديدا في معظم الفروع الاقتصادية. فجداول النشاط الاقتصادي كفت عن الاشارة الى الارتفاع، وأخرى غيرت الاتجاه نحو الاسفل. ومع أنه من السابق لأوانه القول ان الحديث يدور عن عودة الركود او مجرد لحظة توقف في النمو، ولكن الخطر ما زال ملموسًا، فالاقتصاد الاسرائيلي في قراءته لا يزال غير متجه بثقة إلى السبيل السليم لنمو ذي مغزى. وهو لا يزال بحاجة الى ريح إسناد قوية ووقود محركات بنسبة فعالية عالية كي لا يفقد حالة الزخم.
وتابع يقول: الظل الذي لا يرى بالعين المجردة للركود الاقتصادي يجد تعبيره في البطالة التي لا تنخفض وفي الاسعار التي تنخفض بالفعل. فجدول غلاء الاسعار للمستهلك في شهر أيلول (سبتمبر) انخفض بمعدل 0.2 في المئة، وهو إنخفاض فاجأ رواد الاسرة الاقتصادية مرة اخرى. فمنذ أشهر وبنك اسرائيل ووزارة المالية والسوق المالية يتوقعون بالذات استئنافا للتضخم المالي، وبدلا منه يتواصل التناقص المالي ـ أي انخفاض عنيد للاسعار.
ومع أنه في سياق الـ 12 شهرا الاخيرة ـ بين ايلول (سبتمبر) 2003 وايلول (سبتمبر) 2004 ـ ارتفع جدول الاسعار للمستهلك بمعدل هامشي 0.8 في المئة، الا أن هذا الارتفاع الطفيف ايضا تركز برمته في شهر شاذ واحد، نيسان (ابريل) 2004 . وفي إجمال كل الـ 11 شهرا، باستثناء شهر واحد، سجل الاقتصاد الاسرائيلي تضخمًا ماليًا سلبيًا بقرابة نصف في المئة.
وهذه برأيه ظاهرة مرضية لا شبيه لها في أية دولة صناعية متطورة (سادت في اليابان في ذروة الانحدار الاقتصادي هناك). ولو أن الولايات المتحدة، بريطانيا او فرنسا عانت من تضخم مالي سلبي بالقدر الاسرائيلي، لكان الرأي العام الاقتصادي هناك قد دق كل أجراس الانذار المحتملة.
وكان سيطلب من محافظي بنوك مركزية أن يعطوا تفسيرهم للاهمال في الحرب ضد التناقص المالي، فيما كانت الحكومات ستبلور الخطط للنجاة منه.
ليس هكذا عندنا. ففي اسرائيل، لسبب ما، لا يزال انخفاض الاسعار المتوالي يعد نوعا من الانجاز وعلامة على الاستقرار والصلابة. ولا يوجد ما هو أكثر خطأ من ذلك؛ التناقص المالي لدينا هو مرض اقتصادي خبيث. ولهذا المرض علاج معروف: تخفيض بنك اسرائيل لسعر الفائدة. فبسبب الفائدة الحقيقية العالية لا يوجد إرتفاع حقيقي في الاستثمارات الانتاجية في الاقتصاد الاسرائيلي، ولا يوجد تقلص في حجوم البطالة ـ رغم طرد العمال الاجانب. وبسبب الفائدة العالية يتعزز الشيكل، وتعويمه بدأ يؤثر سلبا على التصدير. وبسبب الفائدة العالية يزداد ثراء أصحاب الاملاك المالية، ويهزل أصحاب السحب الزائد. وعلى الرغم من ذلك فلا يوجد مؤشر على نية بنك اسرائيل تخفيض الفائدة. توجد مؤشرات على ان البنك يتردد فقط، لا يدري متى يرفعها ـ وذلك بسبب أيديولوجيا اقتصادية أكل الدهر عليها وشرب، وبموجبها ليس من مهمة البنك المركزي تشجيع النمو.
خسارة أن د. دافيد كلاين (عميد بنك إسرائيل) غير مستعد لان يقتدي بعض الشيء بالدكتور غرينسفين. كرئيس للبنك المركزي للولايات المتحدة تجند هذا الأخير لانقاذ الاقتصاد الاميركي من الابطاء، فخفض الفائدة الى معدل 1 في المئة بحدود تضخم مالي من 3 في المئة. وليس فقط غرينسفين، ففي كتلة اليورو أيضا فإن فائدة البنك المركزي الاوروبي منخفضة عن وتيرة التضخم المالي. فقط في اسرائيل، حيث البطالة مضاعفة لتلك في الولايات المتحدة، الفائدة اعلى خمسة اضعاف من التضخم المالي. هذه الفائدة تخنق المواطنين وتثقل بشدة على انتعاش القطاع الانتاجي. ومن السخافة التامة ان يكون لاسرائيل التضخم المالي الاكثر انخفاضا بين الدول الصناعية والفائدة الاعلى بينها.
وأكد يلوتسكر أنه ليس متعذرا أن تسجل في الاشهر القريبة القادمة مرة اخرى قفزة لمرة واحدة في جدول الاسعار، كنتيجة لارتفاع شاذ في منتجات النفط. وبالطبع لن يكون فيها ما يبشر بانعطافة سلبية في التضخم المالي، وبالتأكيد ليس بانعطافة ايجابية في الاقتصاد برمته. وفي ظروف سياسية اخرى كانت وزارة المالية تقلب الدنيا رأسا على عقب كي تدفع باتجاه تخفيض بنك اسرائيل للفائدة. ولكن في المحصلة الاخيرة عقد حلف غير مكتوب بين المحافظ ووزير المالية وبنتيجته يؤيد بنك اسرائيل خطوات المالية، فيما تؤيد المالية السياسة النقدية لبنك اسرائيل. وهكذا فإن اليد تغسل اليد، والاقتصاد يتضرر.

المصطلحات المستخدمة:

يديعوت أحرونوت, بنك اسرائيل, الشيكل

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات