المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • منوعات
  • 5220

"أنا احتاج ساعات إضافية من التمريض والقرار بيدك"- تحت هذا الشعار/ الرسالة الموجّهة الى وزير المالية الاسرائيلي موشيه كحلون، أطلقت جمعية حقوق المواطن، في العاشر من شهر أيار الجاري، حملة تسعى وفقًا لما نشرته "إلى المطالبة بتنفيذ الاصلاحات في الخدمات التمريضية". وقد بدأت الحملة بمطالبة وزير المالية بتنفيذ الاصلاحات التي كان يجب البت فيها منذ الشهر الماضي (نيسان 2017).

 

تقدم الحملة للجمهور معلومات ومواد تشرح وضع الخدمات التمريضية والمساعدة المقدمة للمسنين، والاصلاحات التي تجري المطالبة بتطبيقها لمنح المسنين المحتاجين المزيد من ساعات المساعدة التي يقدمها أشخاص يتم توظيفهم خصيصًا لمساعدة المسن/ة.

هذه الحملة تتزامن مع انعقاد اجتماعات متتالية للجنة تختص في وضع تفاصيل الإصلاحات في مجال الخدمات التمريضية. تقول الجمعية: "على الرغم من التصريح السابق بأن التوصيات ستكون جاهزة حتى منتصف شهر نيسان الماضي، لكن الواقع يُبدي لنا ان وزير المالية موشيه كحلون يعتقد بأن المسنين الذين يحتاجون هذه الخدمات ليسوا في عجلة من امرهم"!

وهي تشرح: "في الوضع الراهن يحظى المسن الذي يحتاج الى خدمات تمريضية ومساعدة في تنفيذ مهام يومية حيوية بـ 22 ساعة مساعدة أسبوعية فقط! ومن الواضح ان عدد ساعات عمل مقدمي المساعدة لا يكفي، ولذا تقع على عاتق العائلة مساعدة المسن فعليًا وماديًا في سائر ساعات الأسبوع. هذا العمل المتواصل يشكّل عبئا نفسيًا يؤدي أحيانًا الى خلق بُعد ما بين المسن وعائلته. فالمسن انسان غالٍ على أبناء عائلته، والجميع يريدون تقديم العون والمساعدة، لكن الجزء الأكبر من المسؤولية في تقديم المساعدة يقع على عاتق الدولة. لذا فان زيادة عدد ساعات الخدمات التمريضية المقدمة للمسنين هو الحل، وهو الضمانة لبقاء المسن في بيته وبين أحضان عائلته. نحن نتوجه الى وزير المالية مطالبين اياه بالمصادقة على الاصلاحات، لأننا لن نتنازل عن حق المسنين الذين لا يستطيعون الانتظار طويلا من اجل الحصول على حقوقهم!".

"لماذا نشعر بالقلق؟"

تتضمن حملة جمعية حقوق المواطن رسالة تطلب من الجمهور العام توجيهها للوزير كحلون لأنه "في هذه الأيام، وبعيدًا عن أعين الجمهور، تدور نقاشات داخل واحدة من أهم اللجان التي لم تسمعوا عنها. هذه اللجنة – برئاسة المدير العام لوزارة الصحة ورئيس قسم الميزانيات في وزارة الاقتصاد – تجتمع لبلورة خطة لتنجيع وتحسين وتطوير الخدمات للمسنين الذين يحتاجون مساعدات وخدمات تمريضية".

وتؤكد الحملة أن "قرارات هذه اللجنة ستحدّد مستقبل ومصير المسنين من ذوينا، أهلنا وأجدادنا وجداتنا، وكذلك مستقبلنا. وهذا هو الوقت المناسب للتجنّد من أجل نضال لتحصيل الحقوق في مجال العناية الطبية والخدمات التمريضية في البلاد. ففي الخلفية المعلوماتية قبيل تشكيل اللجنة هناك رفض وزارة المالية برئاسة الوزير موشيه كحلون، المصادقة على إصلاحات شاملة في مجال الخدمات التمريضية. في هذه الحالة، هناك خشية من اكتفاء اللجنة باقتراح حلول عينية فقط. في ظل الوضع الإشكالي الذي تعاني منه اليوم أجهزة الخدمات التمريضية، فإن الحلول العينية يمكن ان تحسّن الوضع القائم بشكل جزئي، لكنها لن تكون كافية لإحداث تغيير جذري في اوضاع المسنين الذين يحتاجون الى الخدمات التمريضية، والتقليل من العبء الواقع على عاتقهم وعاتق عائلاتهم".

ترى الجمعية أن الإصلاحات الشاملة، التي عرضها وزير الصحة يعقوب ليتسمان وخبراء الوزارة، تحظى بدعم الكثير من المنظمات والجهات التي تعمل على دعم حقوق الانسان والمسنين عامة، وحقوق المتقاعدين والمرضى خاصة، ومن بين هذه الجمعيات جمعية حقوق المواطن.

خلفية لمعلومات ومعطيات قاتمة

نشرت جمعية حقوق المواطن قبل عدة سنوات معطيات تؤكد الحاجة الى إجراء التحسين المطلوب والضروري، والذي يُستنتج من إطلاق الحملة الحالية أنه تحسين لم يتم القيام به، بالرغم من وجود قرارات بالأمر. وهي تقول إن واحدًا من بين كل 5 مسنين يحتاج للخدمات التمريضية، ليصل عدد المسنين الذين هم بحاجة لمخصصات التمريض الى حوالي 140 ألف مسن؛ من بينهم يقيم في المؤسسات التمريضية ما يقارب 20 ألفا آخرين.

ولقد ظلت هذه الخدمة لسنوات طويلة خارج إطار تخصيص الميزانيات الحكومية، على الرغم من كونها حاجة صحية ضرورية تمس حياة آلاف الأشخاص، الا انه لم يتم حتى عدة سنوات خلت تنظيم موضوع التمريض كجزء من الخدمات الصحية المجانية المشمولة في "سلة الصحة"، وهي تعريف للخدمات والعلاجات التي تقدّم نسبا مختلفة من التمويل الحكومي، أي أموال الميزانيات المأخوذة أيضًا من دافعي الضرائب. وكنت جمعية حقوق المواطن قد أشارت في حينه الى أن المحتاج لخدمة التمريض يضطر الى التعامل مع عدة أجهزة مختلفة منها: وزارة الصحة، صناديق المرضى، مؤسسة التأمين الوطني ووزارة الرفاه الاجتماعي- إذ كان كل واحد منهم يمنح تغطية جزئية للعلاجات والرعاية المتواصلة.

وكالعديد من القضايا، يُنسب هذا القصور الى "نظام بيروقراطي معقد"، حيث لم يكن يعرف الكثير من بين المحتاجين للخدمة ما هي حقوقهم ولمن عليهم التوجه، وغالبيتهم أصيبوا باليأس من المحاولات المتكررة. ومن لا يوجد لديه خيار يتوجه للسلطات ويجد نفسه يتنقل بين مكاتب حكومية مختلفة وفي بعض الأحيان يتوفى طالب الخدمة قبل الحصول على جواب. والمتضررون على نحو خاص من هذا الوضع ينتمون للطبقة الوسطى، حيث ان متوسط دخل المسن وعائلته لا يتجاوز اختبارات الدخل وبالتالي يتكبد مصاريف هائلة تصل الى 10- 15 ألف شيكل في الشهر. أما بنات وأبناء الطبقات الأفقر، فلا يستطيعون تكبد تكاليف العلاجات والرعاية الخاصة ويتوجهون للمستشفيات رغما عنهم.

وكانت لجنة الوزراء ذات الصلة قررت في شباط 2011 شمل خدمات العناية التمريضية في سلة الصحة المذكورة، وهو ما اثنى عليه تحالف نشط في حينه بإسم "التحالف لشمل خدمات التمريض في سلة الصحة". وأكد على أن الخطوة تنطوي "على مساعدة كبيرة لعائلات المرضى والتي ستقلص الحاجة للتأمينات الخاصة باهظة الثمن".

وأكد "أن خدمة التمريض يجب أن تكون جزءا أساسيا من سلة الصحة، ويجب أن تكون بمتناول يد كل مواطن. المصادقة على القانون تعتبر تخفيفًا كبيرًا على آلاف العائلات التي تدفع الاف الشواكل في الشهر لقاء خدمات التمريض الخاصة وتوفر ملايين الشواكل التي تصرف على تكاليف التأمينات الخاصة".

الحقوق الاجتماعية الضامنة للتمريض

الجمعية تشير كمرجعيات لحملتها الراهنة ونشاطاتها السابقة الى عدد من النصوص القانونية التي تنص على حقوق اجتماعية وصحية مختلفة. ففي باب الحق في العيش الكريم تذكّر بأنه لكل إنسان الحقّ في العيش ضمن شروط توفّر لهم احتياجاتهم الأساسية على الأقل، وتمكّن من العيش غيـر المُهين. ينبع من حق العيش الكريم واجب الدولة بنشر شبكة ضمان اجتماعي تحت أرجل سكّانها، بحيث تمكّنهم من الحصول على الحد الأدنى من العيش الكريم.

كذلك تؤكد الحق في الصحة: لكل إنسان الحق في الحصول على خدمات صحية بمستوى لائق. فيجب ضمان خدمات صحية مُتاحة ومتساوية لعموم مواطني دولة إسرائيل وسكانها- الأثرياء والفقراء، والعرب واليهود، والمسنون الشباب، وسكان المركز كما سكّان المناطق البعيدة عن المركز. وأخيرًا، وربما الحق الأساس، هو الحق في الحياة وسلامة الجسد: يحق لجميع بني البشر الحصول على الحماية من إلحاق الضرر بحياتهم وأجسادهم. يتوجّب على الدولة المحافظة على الأمن الشخصي للسّكان في المناطق التي تقع تحت سيطرتها.

قائمة المطالب لأجل المسنين

تفصّل الحملة قائمة بالمطالب لأجل حقوق التمريض للمسنين كالتالي:

• إعطاء كل مسن ومسنة، ممّن يحتاجون الى مساعدة في أداء المهام اليومية في بيوتهم، خدمات تفي باحتياجاتهم من ناحية عدد الساعات، وبصورة تتناسب مع قدراتهم الصحية.
• ضمان البقاء في مؤسسة رعاية لكل من يحتاج ذلك، كجزء من سلة الخدمات الصحية، وبدون اشتراط العلاج في المستشفى بدفع مبالغ باهظة من قبل العائلة.
• إنشاء اطار جامع لكل الخدمات التمريضية وذلك بهدف التقليل من معاناة المسنين وعائلاتهم عند الحصول على حقوقهم.
• تحسين مكانة عمال الخدمات التمريضية ومهنة التمريض.

وتختتم الجمعية: لقد وصلنا الى مرحلة حاسمة في النضال، آن الأوان للتوجه للوزير كحلون لنقول له: لا يمكن إهمال ذوينا الذين يحتاجون الى المساعدة، لا يمكن أن نغمض عيوننا في ظل الأزمة الراهنة التي يمكن أن تزداد حدة كلما ازداد سن هذه الفئة. نحن غير مستعدين للتنازل عن مطلبنا بتطبيق الإصلاحات في مجال الخدمات التمريضية.

وخاطبت الجمهور قائلة "أرسلوا رسالة للوزير كحلون، الحل في يدك".

المصطلحات المستخدمة:

التأمين الوطني

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات