تواصل الحكومة الإسرائيلية مع انتهاء أسبوعها الثالث، منذ حصولها على الثقة، معركتها لضمان ثبات الائتلاف الحاكم، الذي يجمع عدة تناقضات على المستوى الإسرائيلي الداخلي، وبشراكة كتلة الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية، إن كان على مستوى عدم نشوب خلافات الداخلية في الائتلاف، أو على مستوى مواجهة المعارضة اليمينية الاستيطانية، بقيادة الليكود، التي باتت على استعداد لنقض بديهيات سهولة سن القوانين العنصرية، من أجل إنهاء عمر الحكومة، وجعله أقصر ما يكون، وهذا ما يظهر جليا في المعركة على تمديد سريان قانون الحرمان من لم الشمل، ومطلبها بسن "قانون الهجرة" الجديد، الذي يطرحه الليكود، ومن شأنه أن يفجر خلافات داخل الائتلاف الحاكم.
وصف متحدث سابق باسم الجيش الإسرائيلي الهبة الفلسطينية الأخيرة والحرب على قطاع غزة (6 – 21 أيار 2021) بأنها شكلت هزيمة لإسرائيل عالميا على منصات التواصل الاجتماعي. هذا المتحدث هو رونين مانيليس، الذي شغل منصب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي في الفترة بين أيار 2017 وأيلول 2019، وقد انتقد في أكثر من مقابلة الأداء الإعلامي الإسرائيلي الرسمي في مواجهة الرواية الفلسطينية التي تمكنت من إثبات نفسها قبل وخلال وبعد الفترة أعلاه. ولم يكن مانيليس الوحيد الذي أشار إلى تدهور صورة إسرائيل عالميا وعجزها عن تسويق روايتها، مقابل تعزيز الفلسطينيين روايتهم بشكل فاق التوقعات.
وأخيرا اعترف مسؤول في الشرطة الإسرائيلية بـ"السر" الذي يعرفه ملايين الناس: أقر بأن المسؤولين عن الجرائم الخطيرة في المجتمع العربي في الداخل هم في معظمهم متعاونون مع جهاز المخابرات "الشاباك"، ليخلص إلى أن وضعا كهذا يُكبّل أيدي الشرطة ويمنعها من المس بهؤلاء المتعاونين الذين يتمتعون بالحصانة.
جاء هذا الاعتراف بحسب تقرير بثته القناة 12 الإسرائيلية مساء الأربعاء 30/6/2021، خلال اجتماع عقد في المقر الرئيس للشرطة، تحضيرا لاجتماع عقد لاحقا بين المفتش العام للشرطة يعقوب شبتاي ووزير الأمن الداخلي عومر بار- ليف.
مع بداية هذا العام بدأ المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- مدار عقده الثالث وقد أصبح في جعبته إرث من الصعب استحصال ملامحه في عجالة، وذلك في طيف واسع من المجالات التي يمكن الإشارة إلى تميزه فيها على نحو ليس مبالغة القول إنه شديد الخصوصية.
ولعلّ ما يستلزم التذكير بهذا الأمر هو ضرورة الاستفادة من التجربة والإنتاج اللذين راكمهما المركز خلال هذه الفترة، ولا سيما من طرف الباحثين وجميع الذين يكتبون في الشأن الإسرائيلي، في سبيل مزيدٍ من هذه المراكمة التي تعتبر أهم تعضيد لعملية البحث ذاتها الآن وفي المستقبل.
ومن الحق أن يُشار في هذا الصدد إلى أن مركز مدار تميّز من ضمن أمور أخرى بقدر كبير من استشراف سيرورات نحا نحوها المشهد الإسرائيلي، وبرز هذا الأمر بشكل ملفت في تقاريره الاستراتيجية السنوية. وإحدى أهم تلك السيرورات تمثلت في محاولة اليمين الإسرائيلي الجديد إحكام قبضته على مفاصل الحكم، والتي نشهد في هذه الأيام نتائجها على أكثر من صعيد، وذلك في ضوء أنه هو من بات يقرّر جدول الأعمال الداخلي في إسرائيل وخطابها السياسي.
الصفحة 223 من 883