أظهرت النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية السويدية تمكن حزب أقصى اليمين الديمقراطي من مضاعفة قوته والحصول على 20% من أصوات الناخبين. يعني هذا أن الحكومة السويدية القادمة سيشكلها اليمين وأن الحزب سيكون شريكا فيها. يأتي ذلك بعد ثماني سنوات من حكم اليسار الاشتراكي بقيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي تبنى سياسات عالمية متزنة كان من بينها اعتراف السويد بدولة فلسطين. ينطوي هذا التغيير على إرهاصات مستقبلية مقلقة فلسطينيا، إذ إن علاقات جديدة نمت وتطورت في العقدين الأخيرين بين اليمين المتطرف الأوروبي وإسرائيل، وذلك على الرغم من أن كثيراً من أحزابه ولدت من رحم الفاشية والنازية الجديدة التي نبتت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وارتبطت بحبل صرتها بمعاداة السامية وظلت حتى وقت ليس بعيد مقاطعة رسمياً من قبل إسرائيل.
ونحن نعايش اللحظة الراهنة ونقايسها بما قبلها، من الحق أن يُقال إن هذه هي المرة الأكثر وضوحاً وإقراراً التي تنشئ فيها صحيفة "هآرتس" افتتاحيتين تؤكد فيهما أنه في كل ما يتعلق بالبقرة المقدسة المسماة "أمن إسرائيل" فإن محكمة العدل العليا، رمز السلطة الثالثة، القضائية، ليست أكثر من ختم مطاطي في أيدي المؤسسة الأمنية التي لا يعلو عليها صوت، حتى لو كان صوت القانون أساس الدول الحديثة، أو صوت قيم العدالة الكونية.
ظهرت إلى السطح في الأيام الأخيرة قضيتان من القضايا الداخلية الأكثر إلحاحا التي تواجهها إسرائيل: أزمة الاختناقات المرورية، الناجمة عن تأخر تنفيذ مشاريع بنيوية كبيرة، بالتزامن مع تدفق المركبات بوتيرة عالية، تفوق طاقة الشوارع، خاصة في السنوات الست الأخيرة. والثانية، هي قضية إنتاج الكهرباء على صعيدين: الأول خطر أن تواجه إسرائيل نقصا في الكهرباء في السنوات القليلة المقبلة، والثانية هي عملية الانتقال بوتيرة أسرع نحو الطاقة المتجددة.
بتاريخ 6 أيلول 2022 انتُخب شلومو نئمان رئيسا جديدا لـ"مجلس المستوطنات" (أو ما يسمى بالعبرية "مجلس يشع"). و"مجلس المستوطنات" هذا هو جمعية عامة تمثل كل المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة (حتى بعد الانسحاب منه)، وتمثل مصالح كل الإسرائيليين المقيمين في الأرض المحتلة منذ العام 1967، وتشكل جسماً ضاغطاً أو استشارياً أمام الحكومة الإسرائيلية، وتضطلع بكل المهمات المتعلقة بتوسيع الاستيطان، ومساعي فرض السيادة الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. سيتم في الشق الأول من هذه المقالة، التركيز على مجلس "يشع"، لمعرفة تنظيمه الداخلي، مهماته، وأساليب علمه، ومصادر تمويله. والقسم الثاني سيعرض بإيجاز بروفايل رئيس المجلس الجديد، وسيرته المهنية.
الصفحة 149 من 883