من بين سيول التقارير الصحافية التي غطت العملية التي نفذها شابان من مدينة أم الفحم في مدينة الخضيرة الإسرائيلية يوم 27 آذار الأخير كانت ثمة لقطة واحدة استرعت انتباه كثيرين ثم شكلت "مادة صحافية" أثيرت حولها العديد من التساؤلات التي تبعتها الكثير من التحليلات وكان في مركزها، جميعاً، السؤال التالي: كيف وصل شعار "المُعاقِب" إلى ظهر أحد الشابين المذكورين؟
انعكس اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا ومُجرياتها، وكذلك الموقف الإسرائيلي الرسمي منها، ليس على النقاش الإسرائيلي الداخلي الذي يتناول ويحلل صوابية الموقف الإسرائيلي من الحرب فحسب بل أيضاً أعاد فتح النقاش حول تاريخ العلاقات الإسرائيلية- الروسية ومستقبلها، ومحاذير الاصطفاف الإسرائيلي مع أحد المعسكرين.
في هذا السياق، تناول المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلي- مدار، من خلال مُلحق "المشهد الإسرائيلي"، مفاصل وموضوعات عدّة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعلاقات إسرائيل بكل من روسيا وأوكرانيا، إلى جانب ما تطرحه هذه الحرب من "فرص وتحديات" بالنسبة لإسرائيل.
بدأت الحكومة الإسرائيلية في البحث عن مصادر تمويل بمليارات الشواكل لاستيعاب الهجرة المتدفقة من أوكرانيا أساسا، ولكن أيضا من روسيا بأعداد قليلة، إذ ليس واضحا ما هي أعداد المهاجرين الذين تحق لهم المواطنة الإسرائيلية بموجب "قانون العودة" الإسرائيلي، ومعهم لاجئون مؤقتون؛ فحتى مطلع الأسبوع الجاري وصل إلى إسرائيل قرابة 23 ألف شخص، أقل من 40% منهم يستحقون الهجرة والمواطنة الإسرائيلية. إلا أن هذا الصرف غير المتوقع للميزانية الإسرائيلية، يأتي في ظل تقارير تؤكد تردي الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية، مع استمرار الغلاء وارتفاع كلفة المعيشة.
اهتم عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية، خلال الفترة القليلة الماضية، بكتاب صادر حديثاً هو عبارة عن مذكرات شخصية من تأليف يولي نوفيك، المديرة العامة السابقة لمنظمة "فلنكسر الصمت"، بعنوان "من أنتِ أصلاً". وسردت فيه بعض أحلامها وهواجسها، ولكن الأهم أنها كشفت النقاب عما يمكن وصفه بأنه "صندوقها الأسود" الذي تحمله في داخلها، ويحتوي على مفاعيل القمع المتعمّد الذي قامت به إسرائيل ضد منظمات حقوق الإنسان عبر أساليب خسيسة يصعب حصرها ليس أبسطها محاولة التدمير الذاتي لمن ينشطون في هذه المنظمات، بموازاة زرع إحساس بالعجز الدائم أمام القوى المتسلّطة.
يعيد هذا الكتاب إلى الجدل وربما إلى صدارة الاهتمام مسألتين مُهمتيّن من شأنهما توضيح الصيرورة التي آلت إليها إسرائيل في الوقت الراهن، ولا سيما تحت تأثير الأعوام التي كانت فيها تحت حكم بنيامين نتنياهو والتي استمرت من 2009 وحتى 2021.
المسألة الأولى ترتبط بمنظمة "فلنكسر الصمت" تحديداً. فقد بدأت هذه المنظمة نشاطها في كشف ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في أراضي 1967 في العام 2004 وذلك من خلال معرض صور لعدد من الجنود الإسرائيليين الذين أدوا خدمتهم العسكرية في مدينة الخليل إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية. وكان المبادر إلى تنظيم المعرض يهودا شاؤول الذي أدى خدمته العسكرية في الفرقة 51 التابعة للواء "ناحل" في الخليل، بداية كجندي ومن ثم كقائد للفرقة.
الصفحة 148 من 859