في العام 2004 أصدر الكاتب والمفكر العربي عزمي بشارة كتاب "الحاجز: شظايا رواية"، ومما كتبه فيه: "في بلاد الحواجز [أي بين الضفة الغربية وإسرائيل] الحاجز هو الفاصل وهو الواصل بين العالمين، هو الحدود وهو المعبر وهو الألم وهو الأمل بالخروج". اليوم، وبعد حوالي 18 عاماً، تطورت البنية التحتية لنظام الفصل الذي تفرضه إسرائيل على سكان الضفة الغربية لدرجة أن إسرائيل تتحول إلى الدولة الأولى في العالم التي "تتقن" السيطرة على السكان وضبطهم من خلال شبكة حواجز ضخمة ومتنوعة. ومع تصاعد أعمال المقاومة خلال العام الحالي، خصوصا في الأسابيع السابقة، تحول الحاجز إلى واحد من أهم أهداف مطلقي النار الفلسطينيين، وكان أخيرها عملية إطلاق نار قاتلة نفذها فلسطينيون على حاجز شعفاط العسكري فجر الأحد 9 تشرين الأول 2022. هذه المقالة تستعرض السياق الذي تطور فيه الحاجز الإسرائيلي منذ الانتفاضة الأولى وحتى اليوم، وأنواع الحواجز الحالية، عددها، والاختلافات في أساليب عملها.
تزداد في الآونة الأخيرة المؤشرات التي تفيد بأن إسرائيل تعتبر من إحدى الدول الأكثر غلاء في العالم، ما يفاقم الضائقة الاقتصادية التي تعاني منها الشرائح الفقيرة بالأساس. ولعل أخيرها هو مؤشر معهد "بانلز بوليتيكس" الذي نستعرضه في مكان آخر (راجع مقال هشام نفاع)، وقد بيّن، من ضمن أمور أخرى، أن غلاء المعيشة يشكّل أحد أبرز مصادر القلق لدى الإسرائيليين بل وحتى أكثر من مترتبات الصراع مع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة منذ 1967 وفي مقدمها ما يوصف بـ"عمليات الإرهاب"!
يأتي الشهر العبري المسمى "تشري" من كل عام خلال شهري أيلول وتشرين الأول الميلاديين، وتحل خلال هذا الشهر ثلاثة أعياد اليهودية هي: رأس السنة العبرية، ويوم الغفران، وعيد العرش. خلال هذه الأعياد، يُفرض إغلاق كامل على الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. والإغلاق، أو ما يسمى بالعبرية "سيغر"، هو إجراء عسكري يستند إلى مسوغات "قانونية" و"إدارية" و"إجرائية" تفرضه البنية العسكرية للاحتلال في حالات عدة، أهمها: 1) الأعياد اليهودية؛ 2) تصاعد أعمال المقاومة وتحولها إلى مقاومة شعبية مسلحة كما حدث في الانتفاضة الثانية؛ 3) في ظل الكوارث الطبيعية مثل تفشي وباء كورونا. وربما هذه هي الفرصة المناسبة لشرح مفهوم "الإغلاق"، والبنية التحتية والقانونية والبيروقراطية التي يستند إليها.
يكاد لا يخلو أي نقاش في سياق الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية المقبلة التي ستجري يوم 1 تشرين الثاني المقبل، من قضية الغلاء ورفع الأسعار، وأثرها على أنماط تصويت المواطنين المرتقبة، وعلى المسؤولين عنها في الحكومات السابقة والحكومة الحالية، وتزايد التململ وربما النقمة في صفوف المجتمع على تكاليف الحياة الباهظة، إذ تؤكد دراسات إحصائية دولية إن أسعار شتى السلع الاستهلاكية في إسرائيل هي بين الأغلى على مستوى العالم كله. فبين أبرز المحادثات التي يجريها العائدون من رحلات في الخارج هي تلك التي تروح تعدّد الفروق في الأسعار، ابتداء بالمقهى والمطعم والمواصلات العامة، مروراً بالملابس واللوازم البيتية والشخصية، وحتى الأدوات الكهربائية والرقمية.
الصفحة 146 من 883