تعكف لجنة برلمانية مشتركة تشارك فيها اثنتان من اللجان البرلمانية في الكنيست الإسرائيلي (هما: لجنة الخارجية والأمن ولجنة العمل والرفاه الاجتماعي) على إعداد "مشروع قانون مخصصات التقاعد في الجيش" الإسرائيلي لإقراره بالقراءتين الثانية والثالثة بعدما أتاحت تسوية خاصة إقراره بالقراءة الأولى في الهيئة العامة للكنيست وإنهاء أزمة ائتلافية جديدة، ولو بصورة مؤقتة، كان يبدو أنها قد تشكل تهديداً جدياً لاستقرار الحكومة الإسرائيلية الحالية وبقائها، رغم ما لهذا القانون من انعكاسات سلبية جداً على الرأي العام الإسرائيلي وعلى ثقة الجمهور الإسرائيلي بالجيش وقيادته، خاصة وأن إقراره بالقراءة الأولى قد تزامن بالفعل مع نتائج استطلاع جديد للرأي أشارت إلى تراجع هذه الثقة إلى أدنى مستوى لها منذ 14 سنة.
تدلّ معطيات محدّثة على أن 58% من المتقاعدين في إسرائيل، هم حوالي 481 ألف مواطن، لا يحصلون على معاش تقاعدي على الإطلاق. وهذا الرقم الذي تختفي من ورائه معاناة هائلة لشرائح فقيرة ومستضعفة، كان أبرز ما تضمنته بيانات مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست، التي تم تقديمها في مطلع الشهر الجاري إلى لجنة العمل والرفاه البرلمانية.
تمثّل أول استنتاج إسرائيلي من اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في أن وقائعها أعادت إثبات مفعول العقيدة الأمنية الإسرائيلية والتي فحواها أنه في كل ما يتعلق بأمن إسرائيل لا يمكنها وإلى الأبد سوى أن تعتمد على نفسها وعلى قوة ذراعها العسكرية. وسبق أن نوهنا في أكثر من مناسبة بأن هذه الخلاصة كانت بمثابة فنارٍ اهتدى به جميع زعماء إسرائيل، بدءاً من ديفيد بن غوريون وصولاً إلى الزعماء الحاليين.
وقد تكرر هذا الاستنتاج منذ قيام إسرائيل مرات من الصعب حصرها، غير أن الأمر الأكثر جدة في الفترة الأخيرة هو إعادة تكراره حتى فيما يتعلق بالعلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة. وقد بدأ التشديد عليه منذ ظهور أول ملامح سياسة الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط التي شرع في انتهاجها الرئيس السابق باراك أوباما واستمر فيها خلفه دونالد ترامب. وكانت آخر هذه المرات بالتزامن مع الانسحاب الأميركي من أفغانستان في صيف 2021، وقبلها بالتزامن مع تنفيذ قرار سحب القوات الأميركية من شمال سورية في خريف 2019 إبان ولاية ترامب. وفي ذلك الوقت وصف هذا القرار الأخير، من طرف محللين إسرائيليين، بأنه جزء من نهج تقويض السياسة الأميركية التقليدية في الشرق الأوسط والذي أطلقه أوباما، وكانت الإشارة الأولى له هي خطابه أمام الكلية العسكرية "ويست بوينت" الذي أعلن فيه أن أميركا ستنقل "محور سياستها" من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى. وكانت الخطوة التالية هي الاتفاق النووي الإيراني "الذي من أجله كان أوباما مستعداً لأن يتجاهل بصورة شبه تامة مصالح حلفاء الولايات المتحدة التقليديين في المنطقة"، برأي عدد من هؤلاء المحللين. وتمثل الإثبات القاطع على تغيير السياسة الأميركية في قرار أوباما نقض تعهده بالرد بقوة في حال إقدام الرئيس السوري بشار الأسد على استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المتمردين في سورية، ولذا جرى تحميله، من طرف جهات إسرائيلية، ولو بصورة جزئية، المسؤولية عن استمرار حمام الدم وعن تعاظم الوجود الروسي والإيراني في أرض سورية.
أعادت حادثة نجاح طائرة مُسيّرة تابعة لحزب الله اللبناني في اختراق الحدود الشمالية مع إسرائيل، يوم الجمعة 18 شباط 2022، وعودتها من دون أن يتمكن سلاح الجو ومنظومات الدفاع الجوية الإسرائيلية من إسقاطها أو اعتراضها، إلى الواجهة سؤال حول دور الطائرات الصغيرة والمُسيّرة (على مختلف أنواعها وأحجامها) في الحروب والمواجهات التي تخوضها اسرائيل على أكثر من جبهة مع منظمات فلسطينية ولبنانية، ومع تشكيلات عسكرية غير نظامية تصفها إسرائيل بأنها "ميليشيات شيعية" موالية لإيران في مواقع قريبة جدا من إسرائيل، مثل سورية، أو في مناطق أكثر بعداً، مثل العراق واليمن.
الصفحة 152 من 859