المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • على هامش المشهد
  • 1387

 

باحثان: لإسرائيل مصلحة كبيرة في نجاح الحرب ضد داعش

 

 

أكد الباحثان في "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب عوديد عيران (رئيس سابق للمعهد) ويوئيل غوجانسكي أن لإسرائيل مصلحة كبيرة في نجاح الحرب ضد تمركز "الدولة الإسلامية" في أي منطقة من الشرق الأوسط.

 

 

وشدّدا على أنه حتى لو كان هذا التنظيم لا يوجه عملياته في هذه المرحلة ضد إسرائيل، فإنه مما لا شك فيه أن توجهات قادة التنظيم وتمركزهم الجغرافي يشكلان خطراً أمنياً محتملاً عليها.

 

وجاء تأكيدهما هذا في سياق مقال مشترك نشراه الأسبوع الفائت في الموقع الإلكتروني للمعهد تحت العنوان "الانعكاسات الإستراتيجية لانهيار العراق".

 

وجاء في هذا المقال:

 

إن سقوط مدن أساسية في العراق في يد المتشددين السّنة الذين ينتمون إلى التنظيم السني "الدولة الإسلامية في العراق وسورية" (داعش)، ستكون له انعكاسات تتخطى حدود هذه الدولة. ففي العراق نفسه سيقوى التوجه نحو التقسيم الفعلي الذي بدأ مع سقوط نظام صدام حسين من جراء الغزو الأميركي في العام 2003. فقد أصبح الاستقلال الذاتي لمنطقة كردستان حقيقة منتهية معترفاً بها من جميع الأطراف. كما أن سيطرة الأطراف السّنية على مناطق وسط العراق في حال لم تكبح، ستؤدي إلى نشوء منطقة سنية مستقلة في الوسط، في حين سيقع جنوب العراق مثل ثمرة ناضجة في يد إيران. في ظل هذا الوضع، سيتحول العراق إلى مصدر للإرهاب وستحاول التنظيمات المختلفة الناشطة فيه استغلال ضعف سورية من أجل توسيع نشاطها في الشرق الأوسط.

 

ومن غريب المفارقات أن جميع الدول المجاورة للعراق إضافة إلى الولايات المتحدة، تجد نفسها ضمن حلف غير رسمي. ولكل دولة أسبابها الخاصة للخوف والقلق الشديد من الانعكاسات المباشرة والبعيدة المدى للتطورات الأخيرة.

 

إن ضعف سيطرة النظام العراقي المركزي على أجزاء مختلفة من الدولة يخدم المصلحة الإيرانية في توسيع نطاق نفوذها ونشوء إمكانية إيجاد تواصل بري تحت سيطرة إيرانية مع سورية وحزب الله. ولكن انتصار التنظيمات السّنية التي لا تعتمد على المساعدة الإيرانية، لن تنظر إليه طهران بوصفه إنجازاً. واحتمال سقوط مدن مهمة بالنسبة للشيعة مثل النجف وكربلاء في يد التنظيم السّني [الدولة الإسلامية] هو بمثابة كابوس بالنسبة إليها.

 

ومن شأن تركيا أيضاً أن تنظر بقلق إلى هذه التطورات، لأن سيطرة جهات إرهابية على مناطق قريبة من حدودها تزيد المخاوف من قيام منطقة تقع جنوب تركيا تشمل أجزاء من سورية والعراق وتشكل مصدراً للقلق الأمني، بما قد يؤدي إلى أوضاع سيضطر فيها النظام في أنقرة إلى القيام بعمليات عسكرية امتنع عنها حتى الآن. وستضطر تركيا ذات الطابع الإسلامي- السّني إلى مراقبة تسلل العناصر القريبة من "الدولة الإسلامية في العراق وسورية" إلى أراضيها.

 

 

من جهته يراقب الأردن بقلق التطورات في العراق. فقد سبق أن تسببت الحرب الأهلية في سورية بتدفق أكثر من مليون لاجئ سوري إلى الأردن. وأدت حرب العراق العام 2003 إلى عبور نصف مليون مواطن عراقي إلى الأردن. صحيح أن قسماً من هؤلاء عاد إلى العراق، لكن الشتات العراقي في الأردن يقدر اليوم بربع مليون شخص. ومن شأن هذا العدد أن يزداد قريباً من جراء النزوح الجماعي الكثيف الذي بدأ من المناطق التي احتلها تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق وسورية". لكن هذا لا يعدو كونه عنصراً من عناصر قلق الأردن، فحدوده مع سورية والعراق تشكل ضغطاً كبيراً على الجيش الأردني والأجهزة الأمنية الأردنية.

 

وما تجدر الإشارة إليه أن معبر الحدود مع العراق موجود في منطقة الأنبار التي حققت فيها "الدولة الإسلامية" انتصارات بارزة منذ بداية 2014. حتى الآن واجهت السلطات الأردنية بنجاح، المخاطر العائدة إلى مشكلات داخلية، سياسية واقتصادية. لكن التطورات الأخيرة في سورية والعراق من شأنها تغيير التوازن الداخلي القائم.

 

وتنظر دول الخليج هي أيضاً بقلق إلى التدهور الداخلي في العراق، وإلى التوسع الجغرافي لتنظيمات متشددة لا يربطها أي التزام تجاه الأنظمة الخليجية المحافظة، برغم الصلة الدينية السّنية التي تربطهم بها. إن ضعف السلطة المركزية في بغداد برغم كونها شيعية في الأساس، سيؤدي إلى حرية أكبر للتحرك في الجزء الشمالي من الخليج، الأمر الذي يثير قلق دول الخليج التي تعاني أساساً ضائقة بسبب تراجع اهتمام الولايات المتحدة بالمنطقة.

 

ومضى الباحثان:

 

قد يكون من السابق لأوانه تقدير انعكاسات سيطرة "الدولة الإسلامية" على منشآت النفط الأساسية في العراق، بما في ذلك منشآت المصافي. لكن إذا استمر هذا لفترة طويلة فإنه سينعكس على تصدير النفط من العراق، وبصورة غير مباشرة على استقرار أسعار منتجات الطاقة.

 

ومن المفارقات بروز تحالف من الدول التي من مصلحتها القضاء على التمركز الجغرافي "للدولة الإسلامية" وهو ما زال في مهده. وبدأ يظهر في العراق تعاون بين قوات الجيش الكردي "البشمركة" والجيش العراقي بهدف وقف تقدم قوات "الدولة الإسلامية". والسؤال المباشر الذي يطرح على الولايات المتحدة هو مسألة تسليح الجيش العراقي، فكميات السلاح التي جزء كبير منها من إنتاج أميركي، وقعت في الأيام الأخيرة في يد التنظيم، مما يطرح علامة سؤال كبيرة بشأن تسليح الجيش العراقي أو الثوار "الطيّبين" في سورية بسلاح متطور.

 

في الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي في كلية ويست بوينت في 28 نيسان، تطرق أوباما مطولاً إلى مسألة الحرب ضد ما أسماه إرهاب التنظيمات المنبثقة عن القاعدة والتي لا تخضع للسيطرة المركزية للتنظيم. ولم يستبعد أوباما في خطابه احتمال عملية أميركية من طرف واحد إذا تعرض أمن أحد حلفاء واشنطن للخطر. وأشار إلى أنه في ما يتعلق بالوضع في العراق، فهو يفضل العمل مع شركاء آخرين.

 

سوف يتعين على الولايات المتحدة أن تتولى مهمة القيادة، لكن تحتاج أولاً إلى اتخاذ عدد من القرارات بشأن مبدأ تسليح الجيش العراقي بسلاح متطور.

 

ثمة مسألة أخرى من نوع آخر تماماً تتعلق بدور إيران في سبل مواجهة الوضع الجديد في العراق، فقد تلجأ إيران إلى عرقلة الجهد المشترك إذا لم يجر ضمها بطريقة أو بأخرى إليه، وسوف تطالب بمقابل لمشاركتها، على الصعيد النووي أو على الأقل بشأن كل ما له صلة بالعقوبات. لكن مشاركة إيران من دون أن يكون لذلك صلة بسلوكها في سورية وبتعاونها الوثيق مع حزب الله تبدو غير ممكنة، ومن الواضح أن التعامل مع إيران في ما يتعلق بالعراق مرتبط بمشكلات كثيرة.

 

وثمة سؤال يُطرح هنا: هل جرى بحث هذا الموضوع خلال الاتصالات الثنائية التي جرت بين الولايات المتحدة وإيران قبل بضعة أيام؟ أم أن المحادثات اقتصرت على الموضوع النووي فقط؟

 

كذلك، فإن موقف دول الخليج من هذه المسألة غير واضح. لكن من المحتمل أنها ترى في قضية العراق فرصة جديدة للبحث في فتح صفحة جديدة من العلاقات مع إيران.

 

وختما قائلين:

 

إن الإنجازات التي حققتها "الدولة الإسلامية في العراق وسورية" تشكل علامة فارقة في تاريخ الشرق الأوسط، على الرغم من أن هذه الإنجازات لا تشكل سابقة، فقد سبقها نجاح حزب الله في التحول إلى قوة سياسية تسيطر على لبنان وهناك سيطرة "حماس" على غزة. والخطر الكامن في تحول هذه الإنجازات إلى وضع دائم واضح بالنسبة لجميع المعنيين المباشرين وللولايات المتحدة أيضاً. ولذلك من الممكن أن تتحول هذه الإنجازات إلى انتصار باهظ الكلفة، فإذا تجندت دول المنطقة بقيادة أميركية لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" سيكون من الصعب على مقاتلي التنظيم وحتى الأكثر تشدداً بينهم، مواجهة الحرب ضدهم سواء من ناحية نوعية السلاح أو من ناحية الخطوات التي ستتخذ لقطع طريق الإمداد لهم.

 

وبالطبع لإسرائيل مصلحة كبيرة في نجاح الحرب ضد تمركز "الدولة الإسلامية" في أي منطقة من الشرق الأوسط. فحتى لو كان هذا التنظيم لا يوجه عملياته في هذه المرحلة ضدها، فإنه مما لا شك فيه أن توجهات قادة التنظيم وتمركزهم الجغرافي يشكلان خطراً أمنياً محتملاً على إسرائيل.

 

 

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات