لجنة مكافحة الفقر الرسمية ترضخ لضغوط الحكومة وتتخلى عن أهم التوصيات
*اللجنة تضع توصيات تدعي أنها ستخفض عدد الفقر إلى النصف بتكلفة سنوية تصل إلى 4ر1 مليار شيكل سنويا *اللجنة ترضخ لضغوط الحكومة وتشطب توصية رفع مخصصات الأولاد مجددا بعد تقليصها قبل عام*
أنهت لجنة فحص أساليب مكافحة الفقر في إسرائيل برئاسة الخبير إيلي الألوف عملها ببلورة سلسلة من التوصيات، التي قد لا تشعر بها عائلات الفقر فورا، بعد أن رضخت لضغوط وزارة المالية ومكتب رئيس الحكومة وبنك إسرائيل المركزي، وتنازلت عن أهم التوصيات، وهي إعادة رفع مخصصات الأولاد، رغم ما أعلنه الألوف مع تسلمه مهامه بأنه تلقى وعدا من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالتجاوب مع كل توصية تتقدم بها اللجنة.
وكان وزير الرفاه قد شكّل قبل عدة أشهر لجنة خبراء لفحص جوانب الفقر، ووضع خطة لمكافحته، ويرأس اللجنة الخبير إيلي الألوف، الذي قال إنه يعمل مع 45 خبيرا بتطوع. واشترط الألوف قيامه بالمهمة بأن يحصل على تعهد من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بأن يتم تبني التقرير الذي ستعده اللجنة، وأعلن أنه التقى نتنياهو فعلا وحصل منه على هذا التعهد، ولكن ما حصل في الأسبوع الماضي، بعد تكشف تفاصيل التوصيات، أن الألوف، وفق ما أشارت له الصحافة الاقتصادية رضخ لإملاءات وزارة المالية، خاصة في ما يتعلق بمخصصات الأولاد.
وقال الألوف إن اللجنة تضع توصيات بتقليص عدد الفقراء، ليس بالنسبة المئوية، بل بالأعداد، لأن تخفيض النسب لا يعني دائما انخفاضا في أعداد الفقراء، وإسرائيل بحاجة إلى تقليص عدد الفقراء بالذات.
وأضاف أن معاناة الفقراء تلزم الحكومة بأن تعمل بشدة أكبر لمكافحة الظاهرة، ولن يكون تقرير نهائي للفقر، لأن هذه الظاهرة بحاجة إلى ملاحقتها طيلة الوقت، فمعالجة أسباب قائمة لا تعني عدم نشوء أسباب جديدة للفقر، وهذا بحاجة إلى ميزانيات فورية واجراءات فورية، وهدفنا هو اخراج الفقراء من دائرة الفقر إلى المجتمع الطبيعي.
وكانت الحكومة قد قلصت مخصصات الأولاد التي تتقاضاها كل عائلة عن كل ولد لديها دون سن 18 عاما بنسبة 45% وما يعادل 850 مليون دولار سنويا، ابتداء من النصف الثاني من العام الماضي، وكان من المفترض أن توصي اللجنة بإعادة هذا التقليص للعائلات، وبرفع تدريجي للمخصصات في السنوات العشر المقبلة، خاصة وأن مؤسسة الضمان الاجتماعية (مؤسسة التأمين الوطني) كانت قد حذرت في أكثر من تقرير لها في العام الأخير من انعكاسات تقليص مخصصات الأولاد، وأبرزها عودة آلاف العائلات إلى دائرة الفقر، وتعمق الفقر لدى العائلات الغارقة أصلا في دائرة الفقر.
وكان تقرير الفقر الرسمي الأخير الصادر عن مؤسسة الضمان الاجتماعي الحكومية (مؤسسة التأمين الوطني)، قد دلّ على أن الفقر في إسرائيل في العام الماضي 2012 سجل تراجعا محدودا، من 8ر24% في العام 2011، إلى 5ر23%، وهو ناجم بالأساس عن تعديل في احتساب الفقر.
كما أظهر التقرير أن الفقر بين العرب في إسرائيل ما زال عميقا، إلا أن التوقعات تشير إلى ارتفاع نسبة الفقر في العام الماضي 2013، وهذا ما سيتبين في التقرير الذي سيصدر في نهاية العام الجاري.
وأوصت اللجنة في تقريرها الذي من المفترض أن تتسلمه الحكومة خلال أيام، برفع مخصصات اجتماعية للمسنين الذين ليس لديهم راتب تقاعدي بما بين 57 دولارا إلى 115 دولارا شهريا، ورفع المخصصات الاجتماعية للنساء اللاتي يعلن عائلاتهن لوحدهن (عائلات أحادية الوالدين)، وزيادة دائرة مستحقي ضريبة الدخل "السلبية" التي تدفع من خلالها الحكومة مخصصات لذوي الرواتب التي لا تصل إلى الحد الأدنى المستحق بالضريبة، وهذا منوط بعدد أفراد العائلة ومستوى دخل العائلة، وغيرها من التوصيات، التي يبدو من معطياتها أنها تهدف إلى رفع العائلات إلى فوق خط الفقر بمبالغ زهيدة، ولكنها عمليا ستبقيها فقيرة.
ومن القضايا التي عالجتها اللجنة في الأشهر الأخيرة، ظاهرة انعدام الأمن الغذائي، إذ حسب معطيات جمعية "لتيت" فإن 8ر18% من العائلات في إسرائيل تعاني من فقدان الأمن الغذائي، ما يعني 532 ألف عائلة، وفيها 25% من المواطنين في إسرائيل، و31% من الأطفال والقاصرين في إسرائيل، وتقول إن قضية انعدام الأمن الغذائي لم يتم بحثه في أي لجنة من لجان مكافحة الفقر، بما فيها اللجنة التي تعمل في هذه المرحلة، وهذا موضوع بحاجة إلى علاج فوري، ويحتاج إلى ما يقارب 300 مليون دولار لتمويل سلسلة من المشاريع لمواجهة الظاهرة.
ويقول مدير قسم الأبحاث في مؤسسة الضمان الاجتماعي دانيئيل غوطليف إن مشكلة الأمن الغذائي لا تقتصر على من يغوصون عميقا في دائرة الفقر، بل أيضا لدى من هم أقل فقرا أيضا، وهذا نابع من التزامات العائلات المالية الكثيرة، وعلى رأسها ايجار البيوت وتسديد القروض الاسكانية، وتسديد الضرائب وفواتير المياه والكهرباء العالية، لأن عدم تسديد التزامات كهذه، سيعني قذفهم إلى الشارع. وشدد على أن مشكلة الأمن الغذائي تعود أيضا إلى مستوى المخصصات الاجتماعية، التي شهدت في العامين الأخيرين انخفاضا حادا، وبشكل خاص مخصصات الأولاد.