سبب رئيس بلدية القدس، نير بركات، حرجا لإسرائيل بعدما وصف أقوال وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، ضد هدم البيوت في القدس الشرقية، بأنها "هواء بدون مضمون". كذلك ذكرت صحيفة هآرتس، اليوم الأحد – 8.3.2009، أن الإدارة الأميركية صعدت ضغوطها على إسرائيل في موضوع البناء في المستوطنات وهدم البيوت في القدس، وأن إسرائيل تلقت خلال الشهر الأخير أربع شكاوى رسمية من واشنطن حول الموضوع.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" قد نقلت عن بركات وصفه أقوال كلينتون المعارضة لهدم البيوت في القدس الشرقية بأنها "احتوت على الكثير من الهواء بدون مضمون" وأن ذلك يعود "ربما لأنه توجد إدارة جديدة في الولايات المتحدة".
وقالت كلينتون خلال زيارتها لمدينة رام الله، يوم الأربعاء الماضي، إن هدم البيوت في القدس الشرقية "لا يخدم عملية السلام" وأنه يتعارض مع خطة خارطة الطريق. وفي أعقاب ذلك عقد بركات مؤتمرا صحفيا عاجلا لوسائل الإعلام الأجنبية، وقال خلاله "إنني ارفض الانتقادات بالكامل. ولن أقول أن هذه البيوت ستبقى على حالها، لأن من شأن ذلك أن يبث رسالة غير صحيحة تجاه أولئك الذين يخرقون القانون".
واضطر رئيس الحكومة الإسرائيلي، ايهود أولمرت، إلى نشر بيان توضيحي استثنائي، بعد ظهر يوم الجمعة الماضي، قال فيه إنه "لأسفنا كان هناك نشر غير دقيق وكأن رئيس بلدية القدس انتقد وزيرة الخارجية. لكن كما تبين لنا بعد استيضاح الأمر منه أن الحديث يدور عن نشر غير صحيح وخاطئ من أساسه". وأضاف البيان أن "انتقادات بركات كانت موجهة ضد تقارير مغرضة وغير دقيقة نشرتها وسائل الإعلام الفلسطينية الدولية فيما يتعلق بهدم بيوت في القدس". رغم ذلك أضاف بيان أولمرت أن "الأمور التي تم نشرها ليست مقبولة علينا وتتعارض مع طبيعة العلاقات بين الدولتين، وقد أوضح رئيس البلدية أنه لم يقصد توجيه انتقادات لوزيرة الخارجية وإذا تم فهم أقواله بصورة غير صحيحة فإنه يأسف على ذلك".
وأفادت هآرتس بأنه في أعقاب نشر أقوال بركات في "واشنطن بوست" ووسائل إعلام أميركية أخرى، وصلت مكتب أولمرت رسائل شديدة للغاية من السفارة الأميركية في تل أبيب، كما وصف مقربون من كلينتون أقوال بركات بأنها تشكل "إهانة" لوزيرة الخارجية.
وتبرر بلدية القدس إصدار أوامر هدم مئات البيوت في القدس الشرقية بأنه تم بناؤها من دون تراخيص. وأكدت هآرتس، يوم الجمعة الماضي، على أن "البلدية لا تصدر تصاريح بناء بسبب عدم وجود خارطة هيكلية، أو تمنع بناء بيوت جديدة لأسباب سياسية، وهي تدفع بذلك المواطنين الفلسطينيين، أصحاب الأراضي منذ عشرات السنين، إلى خرق القانون".
وحول الشكاوى الأميركية فيما يتعلق بأعمال البناء في المستوطنات، نقلت هآرتس عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن "هذا الموضوع سيكون الموضوع المركزي الذي ستعالجه الإدارة الأميركية خلال الفترة القريبة، ولن تكون مناقشتهم في هذا الموضوع بالأمر اللطيف".
وتطرقت الشكاوى الأميركية الأربع إلى هدم بيوت الفلسطينيين في القدس الشرقية، والنشر حول خطط بناء في منطقة "إي-1"، الواقعة بين القدس الشرقية ومستوطنة "معاليه أدوميم"، والتي تخطط إسرائيل لبناء حوالي 3500 وحدة سكنية جديدة فيها ومن شأنها أن تؤدي إلى قطع التواصل الجغرافي بين وسط الضفة الغربية وجنوبها. وتعلقت شكوى أخرى بنية إسرائيل إخلاء البؤرة الاستيطانية العشوائية "ميغرون" ونقلها إلى مستوطنة "آدم" حيث سيتم بناء حي استيطاني جديد. واحتجت الإدارة الأميركية على مخطط لبنا 73 ألف وحدة سكنية جديدة في المستوطنات وإقامة مستوطنات جديدة وهو المخطط الذي كشفت عنه حركة "سلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاحتلال والاستيطان، يوم الاثنين من الأسبوع الماضي، وقبل ساعات من وصول كلينتون إلى إسرائيل.
وتوقع المصدر السياسي الإسرائيلي أن يطرح الجانب الأميركي موضوع التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في أعلى المستويات في المستقبل، وأشار إلى أن هذا الموضوع مطروح حاليا بين إسرائيل والولايات المتحدة في مستوى الموظفين. وأشار المصدر ذاته إلى أنه "بالإمكان التوقع أن المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، سيطرح الموضوع في المرة المقبلة التي يحضر فيها إلى إسرائيل، بعد بضعة أسابيع، وبعد تنصيب حكومة نتنياهو" في إشارة إلى الحكومة التي يعمل رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، حاليا على تشكيلها.