المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يسود المؤسسة السياسية الإسرائيلية قلق كبير من تقليص الولايات المتحدة التنسيق الأمني مع إسرائيل بشكل كبير، فيما أوضح مسؤولون أميركيون أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، سيطالب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، خلال لقائهما بتجميد الاستيطان. ونقلت صحيفة هآرتس، اليوم الجمعة – 8.5.2009، عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين ضالعين في العلاقات الأميركية الإسرائيلية تحذيرهم من أنه منذ بدء ولاية أوباما أخذ يتراجع مستوى التنسيق الأمني بين إسرائيل والولايات المتحدة وأن هذا التراجع تصاعد بشكل خطير منذ بدء ولاية حكومة نتنياهو.

وأضافت هآرتس أنه في مقابل ذلك شدد مسؤولون في البيت الأبيض أمام مسؤولين إسرائيليين على أن أوباما سيطالب نتنياهو خلال لقائهما في البيت الأبيض في 18 أيار الحالي بتجميد مطلق لأعمال البناء في المستوطنات. وأوضح المسؤولون الإسرائيليون أنه في الشهور الأخيرة وبشكل خاص منذ بدء ولاية الحكومة الجديدة في إسرائيل وقعت سلسلة "إخفاقات" في التنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة، وعلى عكس الوضع خلال فترة الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش، فإن المسؤولين في إدارة أوباما باتوا يقللون من إطلاع نظرائهم في إسرائيل سلفا على نشاط سياسي – أمني يتعلق بالشرق الأوسط وفي حال إطلاعهم فإن ذلك لا يشمل مشاورات مسبقة أو تنسيق مواقف.

وأشار المسؤولون الإسرائيليون إلى أن الحالة الأخيرة في هذا السياق كان تصريح مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية، روز غوتمولر، حول سياسة الولايات المتحدة تجاه ميثاق حظر نشر الأسلحة النووية ودعوتها إسرائيل والهند وباكستان وكوريا الشمالية، وهي دول تمتلك سلاحا نوويا، إلى التوقيع والانضمام على الميثاق. وقال المسؤولون الإسرائيليون إن تصريح غوتمولر لم يتم تنسيقه سلفا مع جهات إسرائيلية المسؤولة عن الحوار مع الولايات المتحدة في الموضوع النووي وإنما استمع الإسرائيليون إلى تصريح غوتمولر من وسائل الإعلام.

وسبق ذلك حالات أخرى تعتبر إسرائيل أنها ليست اقل إشكالية، مثل تغيير السياسة الأميركية تجاه سورية وبدء حوار مباشر مع دمشق وذلك بعد تنسيق مع إسرائيل، لكن هذا التنسيق كان بمستوى الحد الأدنى حيث لم يتم إطلاع إسرائيل على سفر دبلوماسيين أميركيين رفيعي المستوى إلى دمشق بمبادرة من الجانب الأميركي.

وفي حالة ثالثة تتعلق بسفر المبعوث الأميركي الخاص للموضوع الإيراني، دنيس روس، إلى دول الخليج قبل بضعة أيام لغرض إجراء محادثات حول الموضوع الإيراني، وقد حصلت إسرائيل في هذه الحالة على تفاصيل عامة فقط حول سفر روس ولم يتشاور الأميركيون معهم كما لم ينسقوا المواقف بين الدولتين قبيل سفر المبعوث الأميركي وحتى أن روس لم يمر بإسرائيل وهو في طريقه إلى الخليج أو لدى عودته إلى الولايات المتحدة. وأشارت هآرتس إلى أن السياسة الأميركية تجاه إيران ما زالت "ضبابية" نسبيا والإدارة الأميركية لم تعرض على إسرائيل حتى الآن خطتها للحوار مع إيران بصورة منتظمة وقد علمت إسرائيل بتفاصيل كثيرة حول الموضوع من خلال قنوات أوروبية وليس أميركية.

وفيما يتعلق بموضوع الاستيطان، أفادت هآرتس بأن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى تلقوا رسائل شديدة اللهجة من جانب مسؤولين أميركيين كبار وشددوا فيها على أن أوباما سيطالب نتنياهو بتجميد مطلق لأعمال البناء في المستوطنات وإخلاء البؤر الاستيطانية العشوائية. وبحسب الصحيفة فإن الرسائل الأميركية بهذا الخصوص تأتي على خلفية رسالة تلقتها الولايات المتحدة من الدول العربية "المعتدلة" التي شددت على أن تجميد الاستيطان هو الأساس لمبادرات نية حسنة عربية تجاه إسرائيل.

وأوضح المسؤولون الإسرائيليون أن التراجع الحاصل في التنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة نابع من تغير الحكم في الدولتين ومن أنه لم يتم حتى الآن تحديد أنظمة عمل واضحة بين الجانبين.

وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين إن "هذا الأمر سيكون أحد أهم المواضيع التي ينبغي على نتنياهو الاتفاق حولها مع أوباما". لكن المسؤولين الإسرائيليين يشيرون إلى وجود "مشكلة أخطر" تتمثل بأن الإدارة الأميركية الجديدة لم تعد تعتبر إسرائيل أنها دولة "متميزة" أو "غير اعتيادية" في الشرق الأوسط بالإمكان إجراء حوار مختلف معها عن بقية الدول الأخرى. وقال مسؤول سياسي إسرائيلي أن "الشعور هو أن الحوار والتنسيق مع الدول العربية والأوروبية أصبح اليوم (بالنسبة للولايات المتحدة) ليس اقل أهمية بل ربما أهم من الحوار مع إسرائيل".

ونقلت هآرتس عن مصادر في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية قولها تعقيبا على هذا الوضع أن "الحديث يدور الآن عن الأيام الأولى وحسب للعمل مقابل الإدارة الأميركية وسيتحسن مستوى التنسيق مع مرور الوقت". وأضافت المصادر في مكتب نتنياهو أن "سفر روس تم تنسيقه مع إسرائيل كما أنه تم إطلاع إسرائيل بصورة أولية وفورية على اللقاء الذي عقده المبعوثون الأميركيون إلى دمشق" وخلصوا إلى أن "العلاقات جيدة ولا توجد احتكاكات".


وأشارت هآرتس إلى أن رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، عوزي أراد، هو المسؤول عن الاتصال مع الولايات المتحدة في مكتب نتنياهو، حيث سيتوجه أراد، يوم الثلاثاء المقبل، إلى واشنطن وسيتعرض أمام مستشار الأمن القومي الأميركي، الجنرال جيمس جونز، فصولا أولية للسياسة الخارجية الإسرائيلية الجديدة وسيطلعه على نتائج بلورة السياسة الجديدة التي تم تنفيذها في الأسابيع الأخيرة استعدادا لزيارة نتنياهو إلى واشنطن. ويتوقع أن يطلع الجانب الأميركي أراد على نتائج المحادثات الجارية مع سورية كما سيسلمونه عدة رسائل تتعلق بتوقعات أوباما من اللقاء مع نتنياهو وسينسقون معه الجدول الزمني لزيارة نتنياهو.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات