"المشهد الإسرائيلي" – خاص
يسعى رئيس الحكومة الإسرائيلية المستقيل، ايهود أولمرت، خلال الأسابيع المقبلة لاستئناف المحادثات غير المباشرة مع سورية بوساطة تركيا. ونقلت صحيفة هآرتس، اليوم الجمعة – 31.10.2008، عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع قوله إن اتصالات ستبدأ الأسبوع المقبل بين مكتبي أولمرت ورئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، من أجل محاولة تنسيق موعد لعقد جولة محادثات خامسة بين إسرائيل وسورية. رغم ذلك أشارت الصحيفة إلى أنه من الجائز أن يواجه أولمرت صعوبة في استئناف المفاوضات مع سورية في أعقاب توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وسورية، بعد الهجوم الأميركي في سورية قبل عدة أيام والذي أسفر عن مقتل ثمانية مواطنين سوريين، وأعقبته خطوات سورية بينها إغلاق مؤسسات أميركية وإعلان وزارة الخارجية الأميركية عن إغلاق سفارتها في دمشق حتى إشعار آخر.
من جهة أخرى أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم، نقلا عن مصادر سياسية إسرائيلية، بأن الاتصالات بين إسرائيل وسورية ستكون أحد المواضيع التي سيبحثها أولمرت مع الرئيس الأميركي، جورج بوش، لدى زيارته لواشنطن الشهر المقبل.
وأفادت هآرتس بأن وزير الخارجية الدنمركي، بير ستيج مولر، اجتمع مع أولمرت، يوم الثلاثاء الماضي، بعد أن كان قد التقى قبل ذلك مع الرئيس السوري، بشار الأسد، في دمشق. وأبلغ الوزير الدنمركي أولمرت بأن الأسد عبّر عن رغبته بمواصلة المفاوضات مع إسرائيل وحتى أنه أشار إلى أنه "جدي للغاية". وأضاف مولر أن الأسد عبر أمامه عن استعداده للانتقال إلى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل خلال ولاية إدارة بوش، في حال تلقى ردودا مرضية على وثيقة "النقاط الست" التي أودعتها سورية بأيدي أردوغان.
وأوضح مصدر سياسي في إسرائيل أن مضمون الوثيقة معروف لإسرائيل وهي توضح مطالب سورية من إسرائيل، وتشمل ثلاث نقاط تتعلق برسم الحدود في هضبة الجولان وثلاث نقاط تتعلق بترتيبات أمنية في إطار اتفاق سلام بين الدولتين. وقال أولمرت خلال لقائه مولر "أنا جدي أيضا في نواياي تجاه سورية، وسنجيب على الأسئلة السورية في الاجتماع المقبل".
وفي حال استئناف المفاوضات فإنه سيمثل إسرائيل رئيس طاقم مستشاري أولمرت السابق، يورام توربوفيتش، ومستشار أولمرت السياسي، شالوم ترجمان. وقالت هآرتس إن توربوفيتش، الذي استقال من منصبه في آب الماضي، حصل مؤخرا على مصادقة من جانب المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، مناحيم مزوز، لأن يستمر في ترأس طاقم المفاوضات بشكل تطوعي. ويذكر أن إسرائيل وسورية أعلنتا في 21 أيار الماضي عن استئناف محادثات سلام غير مباشرة بينهما وأن جولة محادثات أولى عقدت في اسطنبول. كما جرت جولة محادثات ثانية في 15 و16 حزيران وجولة ثالثة في 1 تموز وجولة رابعة في 29 و30 تموز. وكان أولمرت والأسد قد شاركا في مؤتمر حوض المتوسط في باريس في منتصف تموز. وبعد ذلك دخلت المفاوضات في مرحلة جمود بعد استقالة توربوفيتش من منصبه في 2 آب وبسبب الوضع السياسي في إسرائيل، حيث استقال أولمرت من منصبه ومحاولة وزيرة الخارجية ورئيسة حزب كديما، تسيبي ليفني، تشكيل حكومة. لكن بعد فشلها في ذلك رأى أولمرت أن بإمكانه الآن استئناف المفاوضات.
ورغم أن استئناف المفاوضات لا يشكل تجاوزا لصلاحيات أولمرت، كرئيس حكومة انتقالية، إلا أن التوقعات تشير إلى أنه سيتعرض لانتقادات خصوصا من جانب ليفني. ووجهت ليفني انتقادات لسورية خلال اجتماعها مع وزير الدفاع التركي، وجدي غونول، أمس، وقالت إن تهريب الأسلحة من سورية إلى حزب الله هي أمر خطير جدا وأنه "ينبغي ممارسة ضغط دولي على سورية لوقف هذه الظاهرة".
من جانبه كتب كبير المحللين السياسيين في يديعوت أحرونوت، ناحوم برنياع، اليوم، إنه بموجب الرسائل التي مررها الأتراك لإسرائيل، فإن لحظة الحسم أخذت تقترب "وجولة المحادثات المقبلة، وهي الخامسة، يفترض أن تكون الجولة غير المباشرة الأخيرة، وسورية مستعدة للانتقال لمحادثات مباشرة وشرطها هو تعهد إسرائيلي بالانسحاب إلى خطوط الرابع من حزيران 1967". وأضاف برنياع أن "الشرط الإسرائيلي هو أن تتعهد سورية بتغيير نهجها السياسي، وهذا يعني الابتعاد عن إيران والتوقف عن مساعدة حزب الله والمجموعات الإرهابية الفلسطينية وإغلاق أبوابها في وجه إرهابيين يعملون ضد الولايات المتحدة في العراق".
واعتبر برنياع أن "أولمرت استأنف المفاوضات من نقطة مريحة أكثر من نقطة البداية (لرؤساء الحكومات الإسرائيلية السابق) يتسحاق رابين وشمعون بيرس وبنيامين نتنياهو وايهود باراك. ولم يطلب السوريون ولم يحصلوا أيضا على ما يسمى ب'الوديعة'، أي تعهد إسرائيلي مسبق بالانسحاب إلى خطوط الرابع من حزيران. إلا أن السوريين حصلوا على شيء أهم بالنسبة لهم وهو بدء مفاوضات، سمحت للأوروبيين بكسر المقاطعة على سورية. فرئيس فرنسا (نيكولا) ساركوزي منح رعاية للأسد وحذت حذوه دول أخرى في الاتحاد الأوروبي". ورأى برنياع أنه "عندما تدخل الإدارة الأميركية الجديدة إلى البيت الأبيض ستتغير السياسة الأميركية أيضا والأزمة التي نشأت هذا الأسبوع (بسبب الهجوم الأميركي في سورية) لن يمنع التسوية، وربما العكس، فإذا كانت سورية قد ابتلعت مهاجمة المفاعل (في دير الزور) واغتيال (القيادي العسكري في حزب الله عماد) مغنية، فلا يوجد سبب لأن لا تبتلع الهجوم الأميركي".
وقال برنياع إن أولمرت ليس نادما على كسر مقاطعة سورية، لكنه يخشى أن تخسر إسرائيل المقابل الذي ينبغي أن تحصل عليه في حال دخول المفاوضات في حالة جمود. "فالجمود بالنسبة لإسرائيل يفتح الباب أمام مخاطر متنوعة. حزب الله قد يعود لنشاطه. والحدود مع سورية قد تسخن. وينبغي علينا أن نتذكر أن الدولتين تمسكان الواحدة منهما بحلق الأخرى، إذ بإمكان إسرائيل تحويل سورية إلى خرابات. وبإمكان سورية أن تحول الحياة هنا إلى جحيم، وتكفي خمسة صواريخ في اليوم على الأماكن الحساسة".
وتطرق برنياع إلى وضع أولمرت السياسي وكتب أنه "عندما منح رابين الوديعة (لوزير الخارجية الأميركي وورن) كريستوفر ومنح نتنياهو وديعته (لرجل الأعمل رون) لاودر، لم يتم طرح القرار للتصويت عليه في الحكومة أو المجلس الوزاري الأمني المصغر ولم يعلم به الجمهور. لكن عندما تكون الحكومة حكومة انتقالية فإن الوضع مختلف جوهريا، وسيرد الإسرائيليون، وحتى أولئك المستعدين للتنازل عن كل الجولان، بعدم ارتياح وسيقول الكثيرون لأولمرت أنك لست مفوضا". وأشار برنياع إلى أن "كلا المرشحين لخلافة أولمرت، نتنياهو وليفني، يعارضان مفاوضات مع سورية الآن وكل واحد لأسبابه الخاصة. وإذا كنت أفهم رغبة أولمرت بشكل صحيح، فإنه سيمتنع عن القيام بعمل ما يتم تفسيره على أنه غير قابل للتغيير. وكل قرار ينبغي أن يكون مدعوما من الحكومة ويحظى بتأييد واضح من جانب ليفني".
المصطلحات المستخدمة:
المستشار القانوني للحكومة, يديعوت أحرونوت, هآرتس, باراك, كديما, رئيس الحكومة