المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

يلتقي الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، ايهود أولمرت، اليوم الأحد – 31.8.2008، وسيسعى الأخير لإقناع الرئيس الفلسطيني بقبول اقتراحه للتسوية وسيطرح إمكانية إشراف دولي على المفاوضات حول القدس. وقالت صحيفة هآرتس، اليوم، إن أولمرت سيحاول إقناع عباس بالموافقة على اقتراحه للتوصل إلى "اتفاق مبادئ" إسرائيلي – فلسطيني وفق حل الدولتين. وأضافت الصحيفة أنه بالنسبة لأولمرت فإن المفاوضات مع عباس دخلت "المرحلة الأخيرة" وتبقى له بضعة أسابيع أخرى لتحقيق اتفاق قبل أن يتنحى عن منصبه. وأعلن أولمرت أنه سيستقيل من منصبه فور انتخاب رئيس جديد لحزب كديما، وذلك في أعقاب تحقيقات ضده للاشتباه بارتكابه أعمال فساد سلطوي.

وكشفت هآرتس، اليوم، عن أنه في صلب خطة أولمرت اقتراحا لتسوية في القدس، يقضي بأن تجري المباحثات حول السيادة والسيطرة على الأماكن المقدسة بمرافقة "غلاف" دولي، يتم إشراك حكومات وجهات ذات مصلحة في القدس. وبحسب اقتراح أولمرت فإن المفاوضات تجري بصورة مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، ولن يكون بإمكان الجهات الدولية إملاء حل. وإنما سينحصر دور هذه الجهات في دعم اتفاق يتوصل إليه الجانبان من خلال مفاوضات مباشرة. ويقضي اقتراح أولمرت بتحديد جدول زمني لمدة خمس سنين لإنهاء اتفاق حول القدس.

وقالت الصحيفة إن أولمرت بحث اقتراحه هذا بخصوص القدس مع عباس خلال محادثاتهما الأخيرة. وأوضحت أن غاية هذا الاقتراح هي الجسر بين وعد أولمرت لحزب شاس، بأن لا يتم طرح قضية القدس في المفاوضات الحالية بين الجانبين، وبين مطالب الفلسطينيين بأن يشمل اتفاق بين الجانبين جميع قضايا الحل الدائم، التي قالت الصحيفة إنها تتمحور حول الحدود والاتفاقات الأمنية واللاجئين والقدس. ويعتبر أولمرت أن الحل لتعهداته، داخليا وخارجيا، هو بالتوصل الآن لاتفاق حول الجهاز الذي سيبحث في قضية القدس وإرجاء المفاوضات الجوهرية إلى المستقبل.

ولفتت هآرتس إلى أن هذه المرة الأولى التي تقترح فيها إسرائيل إشراك جهات دولية لوضع حل للقدس، رغم أن هذه المشاركة ستكون على شكل هيئة استشارية. وتقف في خلفية الفكرة استخلاص العبر من فشل مفاوضات كامب ديفيد في العام 2000. ويذكر أنه في مفاوضات كامب ديفيد رفض الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، اقتراح رئيس الحكومة الإسرائيلية في حينه، ايهود باراك، إبقاء الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس، وخصوصا الحرم القدسي، تحت سيادة إسرائيل. ويدعي أولمرت أن الغاية من اقتراحه توفير دعم دولي واسع لقرارات تتخذها السلطة الفلسطينية، على شكل تنازلات في القدس، ومنع فشل الاتفاق على خلفية معارضة دول وجهات دينية إسلامية غير فلسطينية.

ويبدو أن أولمرت مهتم بمشاركة الرباعية الدولية في الإشراف على المفاوضات حول القدس، إضافة إلى الأردن، حيث تعترف معاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية بمصالح الأردن في الحرم القدسي. كذلك يعتزم أولمرت إشراك مصر، بصفتها "زعيمة العالم العربي وعاصمة الكنيسة القبطية"، والفاتيكان وربما ملك المغرب، محمد السادس، بصفته رئيس المؤتمر الإسلامي. وتعتبر إسرائيل أن توسيع الغلاف الدولي والمتعدد الديانات سيزيد احتمالات التوصل إلى حل مقبول، على الرغم من إشراك جهات ترفض فرض سيادة إسرائيلية على الأماكن المقدسة.

واستعرض أولمرت تفاصيل خطته أمام وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، لدى زيارتها الأخيرة لإسرائيل، الأسبوع الماضي. واعتبرت رايس خطة أولمرت بأنها "كريمة جدا" تجاه الفلسطينيين. وبحسب هآرتس فإن رايس بحثت خطة أولمرت بخصوص القدس مع عباس. وقال أولمرت لرايس إنه استعرض خطته أمام عباس قبل شهر، لكن الرئيس الفلسطيني، بحسب أولمرت، "يتردد ولم يستجب لها حتى الآن".

وكان أولمرت قد أوفد مبعوثين من قبله إلى عباس في محاولة لإقناعه بقبول خطته، وبينهم نائبه الأول، حاييم رامون، وعضو الكنيست يوسي بيلين، ورجل الأعمال الأميركي اليهودي وصديق أولمرت، دانيئيل أبرامس. وبحسب هآرتس فإن عباس ومستشاريه تحفظوا من الخطة وأشاروا إلى أن "اتفاقا جزئيا" كالذي يطرحه أولمرت سيضعف عباس إضافة إلى أن التوقيت ليس جيدا الآن للتوصل إلى اتفاق. ومن جانبهم، اعتبر بعض المبعوثين الإسرائيليين أن اتفاقا بروح اقتراح أولمرت سيمكن عباس من عرضه على أنه انجاز في انتخابات الرئاسة الفلسطينية المزمع إجراءها في مطلع العام المقبل.

ونقلت هآرتس عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع زعمه أن عباس يتخوف من قبول خطة أولمرت خصوصا بسبب معارضة رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، أحمد قريع، الذي يرغب بإرجاء المفاوضات إلى العام 2009، وهو موقف مشابه لموقف نظيرته الإسرائيلية ووزيرة الخارجية، تسيبي ليفني. وزعم المصدر السياسي الإسرائيلي أن "عباس يخاف من أن يحرض قريع قيادة السلطة الفلسطينية ضده".

ويذكر أن اقتراح أولمرت بخصوص الحل الدائم يقضي بأن تنسحب إسرائيل من 93% من أراضي الضفة الغربية وضم 7% من أراضي الضفة لإسرائيل، مقابل تعويض الفلسطينيين بأراض في منطقة النقب، يتم ضمها إلى قطاع غزة، وتعادل مساحتها 5.5% من مساحة الضفة. كذلك يقترح أولمرت عودة عشرين ألف لاجئ فلسطيني إلى إسرائيل خلال عشر سنوات، أي عودة ألفي لاجئ كل عام، معتبرا أنه بذلك يتم تطبيق رمزي لحق العودة وسيتعين على من يرغب بالعودة إلى فلسطين من بين ملايين اللاجئين العودة إلى مناطق الدولة الفلسطينية بعد قيامها في المستقبل. وكان أولمرت قد نفى الاقتراح بخصوص عودة اللاجئين. وبحسب خطة أولمرت فإن هذا سيكون "اتفاق رف" يتم إرجاء تنفيذه لكن إسرائيل ستضم إليها 7% من أراضي الضفة بمجرد التوقيع على الاتفاق.

من جهة أخرى نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم، عن موظف كبير في الإدارة الأميركية قوله إن عباس لم يعد مهتما بالتوصل إلى اتفاق مع حكومة أولمرت وأنه "أصبح يتبنى مواقف متطرفة لتحسين وضعه في مواجهة حماس مع اقتراب موعد استبدال الحكم في إسرائيل والولايات المتحدة". ونقل كبير المحللين السياسيين في يديعوت أحرونوت، ناحوم برنياع، عن الموظف الأميركي نفيه تصريحات عباس خلال زيارته للبنان والتي جاء فيها أن الإدارة الأميركية وعدته بأن الولايات المتحدة ستدعم عودة لاجئين فلسطينيين إلى تخوم إسرائيل. وقال الموظف الأميركي إن "الموقف الأميركي واضح، ويقضي بإقامة دولة فلسطينية ليتمكن اللاجئون من العودة إليها وليس إلى إسرائيل".

وأضاف الموظف الأميركي الكبير "أننا لا نعلم ما الذي قيل تماما حول هذا الموضوع خلال المحادثات بين أولمرت وعباس، وما إذا كان أولمرت قد وعد بشيء فيما يتعلق بموضوع اللاجئين أم لا". وتابع أن "موقف إدارة (الرئيس الأميركي، جورج) بوش متمسك برسالة الرئيس من 14 نيسان 2004، والحل هو دولة فلسطينية وليس إعادة لاجئين إلى إسرائيل". وكان يشير الموظف الأميركي إلى ما يعرف ب"رسالة الضمانات" التي سلمها بوش لرئيس حكومة إسرائيل السابق، أرييل شارون، وتعهد فيها بأن تدعم الولايات المتحدة ضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية لإسرائيل.

وذكر الموظف الأميركي مأدبة العشاء التي أقامها أولمرت لبوش لدى زيارته إسرائيل في شهر كانون الثاني الماضي، وشارك فيها عدد من الوزراء الإسرائيليين، وتم خلالها طرح موضوع حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وكتب برنياع أن ليفني ألقت خلال مأدبة العشاء تلك خطابا ناريا ومتشددا حول هذه القضية، اعتبرت فيه أن الرد للفلسطينيين ينبغي أن يكون "صفر لاجئين" سيعود لإسرائيل. وأضاف ليفني في حينه أنه لو طلبوا السماح بعودة مليون لاجئ لشكّل الأمر حلا بالنسبة للفلسطينيين، لكن إعادة عدد صغير من اللاجئين لن يحل شيئا وسيصعب الوضع على إسرائيل فحسب.

وقال الموظف الأميركي إن "الرئيس بوش اقتنع بصدق موقف ليفني، ولا أعرف من أين جاء عباس بتصريحه، فهو لم يسمع ما قال إنه سمعه من أي ممثل للإدارة الأميركية" حول دعم أميركي لعودة لاجئين إلى إسرائيل. وأضاف أنه "خلال الزيارة الأخيرة لرايس في المنطقة، قبل حوالي عشرة أيام، سمعنا من الفلسطينيين اعتراضا على إبقاء الكتل الاستيطانية الإسرائيلية في أراضي الضفة. وقالوا إن هذا الأمر يشكل صعوبة أمام تنقل الفلسطينيين. ونحن قلنا إن ثمة مشكلة هنا ينبغي مواجهتها، لكن الكتل الاستيطانية ستبقى (بأيدي إسرائيل). وأوضحنا لهم أن عليهم فهم الواقع وأنه لا يوجد أي رئيس حكومة إسرائيلي سيتخلى عن مجتمعات يعيش فيها عشرات ألوف الإسرائيليين" في إشارة إلى المستوطنين.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات