المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 893

"المشهد الإسرائيلي" - خاص

تواصل قوات كبيرة من الشرطة ومن المتطوعين في إسرائيل البحث عن الطفلة روز رون، ابنة الأربع سنوات ونصف السنة، التي اختفت آثارها منذ ثلاثة شهور تقريبا، ويشتبه بأن جدها، روني رون، قتلها وألقى بجثتها في نهر اليركون، قرب تل أبيب، فيما تُشتبه والدتها، ماري بيزام، بمشاركة الجد في إخفاء الجثة. وسيطرت هذه الجريمة البشعة والمعقدة، التي تعصف بإسرائيل في هذه الأيام، على وسائل الإعلام. وخصصت الصحف الإسرائيلية، اليوم الأربعاء – 27.8.200، عددا كبيرا من صفحتها لملابساتها. ووجهت وسائل الإعلام انتقادات شديدة لسلطات الرفاه الإسرائيلية على خلفية اختفاء الطفلة روز لمدة شهرين ونصف الشهر تقريبا دون أن تعلم السلطات بالأمر.

 

يشار بداية إلى أن ماري بيزام، والدة روز، في الثالثة والعشرين من عمرها، وهي فرنسية الأصل وتزوجت قبل أكثر من خمس سنوات من بنيامين رون وهو إسرائيلي - فرنسي، وذلك قبل أن يبلغ الزوجان سن العشرين. وكانا يعيشان في فرنسا. وفي العام 2004 ولدت روز وبعد ذلك بعام واحد جاءا إلى إسرائيل. بعد ذلك أصبحت ماري شريكة حياة الجد روني رون (45 عاما)، وأنجبت منه لاحقا طفلتين، لكن من دون أن يتزوجا، وسكنا في مستوطنة موديعين، وقبل عام انتقلا للسكن في مدينة نتانيا. من جهته عاد بنيامين وروز إلى فرنسا لكن على ما يبدو أنه واجه صعوبات في رعاية ابنته وسلمها إلى مؤسسات لرعاية الأطفال. وقبل عام علمت ماري بأن طفلتها روز ترقد في مستشفى في فرنسا على أثر تنكيل والدها بها. فقررت الأم استعادة ابنتها وخاضت صراعا قضائيا ضد زوجها، بنيامين، وفي النهاية نجحت في استصدار قرار من المحكمة يقضي بأن تكون روز تحت وصايتها ورعايتها. وتم إحضار الطفلة إلى إسرائيل.

وقبل أسابيع قليلة، بدأت الشكوك تساور فيفيان، والدة روني، حول اختفاء روز. وعندما استفسرت عن الأمر قال لها روني وماري أنه تم إدخال الطفلة إلى مدرسة داخلية. ومع تزايد الشكوك لديها، توجهت فيفيان إلى مجلس سلامة الطفل الذي توجه بدوره إلى قسم الرفاه الاجتماعي في نتانيا الذي ابلغ الشرطة باختفاء الطفلة. وقبل أسبوعين اعتقلت الشرطة روني رون، لكنها فرضت أمر حظر نشر حول القضية إلى أن تم الكشف عنه أمس.

وبحسب اعتراف الجد روني رون، فإنه قبل ثلاثة شهور تقريبا، اصطحب روز بسيارته وأخذت الطفلة تزعجه خلال قيادته للسيارة فضربها. وتبين له بعد وقت قصير أن الطفلة لا تتحرك وأوقف السيارة وتبين له أن الطفلة ميتة. وتوجه إلى منطقة نهر اليركون ووضع جثة الطفلة في حقيبة وألقى بها في النهر. وبعد أن عاد إلى بيته أبلغ ماري بأنه أدخل روز إلى مدرسة داخلية. وقال روني أثناء التحقيق إن ماري لم تطرح أسئلة كثيرة حول مصير طفلتها.

إلا أن محققي الشرطة لا يصدقون رواية روني، ويعتقدون أن روني وماري خططا للتخلص من روز. وتبين من التحقيق مع الاثنين، أنه بعد أن حصلت ماري على أمر من المحكمة بالوصاية على طفلتها، وتم إحضار روز إلى البلاد لم ينجح روني وماري في رعاية روز وكانا يرسلانها إلى فيفيان. وعلى ما يبدو فإن روز كانت تعاني من مشكلة في سلوكها، نتيجة لظروف حياتها في فرنسا وتبدل أوضاع عيشها وأيضا نتيجة لتنكيل والدها بها. وصعّب هذا الأمر على فيفيان رعاية ابنة حفيدها. وفي أحد أيام شهر أيار الماضي حضر روني إلى بيت والدته وتشاجرا، وطلبت فيفيان من ابنها أن لا يحضر الطفلة إليها وأن يجد لها إطارا مناسبا. فجمع روني حاجيات الطفلة الموجودة في منزل فيفيان ووضعها في حقيبة وأخذ الطفلة.

وبحسب تحقيقات الشرطة، فإنه بعد مواجهتهما صعوبة في رعاية الطفلة، قالت ماري لروني "لا أريد أن أرى هذه الطفلة، تخلص منها". وبعد ذلك اختفت آثار روز. ورغم أن أفراد شرطة حضروا مرتين إلى مسكن روني وماري خلال عشرة أيام، لاستجوابهما حول مكان تواجد الطفلة إلا أنهم لم يجدوا أحدا في البيت. وفي المرة الثالثة، في بداية الأسبوع الماضي، وجد المحققون روني وماري في البيت. وثارت شكوك لدى افراد الشرطة بعد أن رفض روني فتح باب البيت لهم، لكنه بعد ذلك استسلم وفتح الباب. وعندما سأل المحققون روني عن روز أبلغهم أنها في الحضانة، فطلبوا منه اصطحابهم إلى هناك فأخذهم إلى حضانة كانت مغلقة. وقال روني إن الطفلة عند والدته، لكن عندما وصلوا إلى هناك قالت فيفيان إنها لم تر روز منذ ثلاثة شهور. عندها صرخ روني في وجه والدته قائلا "ألا تتذكرين أني قلت لك إنني أرسلتها إلى مدرسة داخلية في فرنسا؟". وعندها تعززت شكوك محققي الشرطة بأنهم أمام قضية تبدو أنها معقدة واعتقلوا روني على الفور.

يشار إلى أنه في هذه الأثناء تشتبه الشرطة بأن روني قتل روز، وأن ماري شريكة معه في الجريمة، لكن حتى الآن لم يتم العثور على جثة الطفلة. وتبحث قوات كبيرة من الشرطة ومتطوعين عن روز، كما أن غواصين بحثوا عن الطفلة في مياه اليركون دون أن يجدوا أثرا لها حتى الآن. وفي غضون ذلك اعتقلت الشرطة روني وماري، فيما فرضت الاعتقال المنزلي على فيفيان.

ووضعت وسائل الإعلام الإسرائيلية علامات سؤال عديدة وكبيرة حول تفاصيل كثيرة في هذه القضية، ويبدو أن بعض هذه التساؤلات موجهة نحو سلطات الرفاه والشرطة. وكتبت محررة الشؤون الاجتماعية في هآرتس، روتي سيناي، إنه "لا يفترض أن يختفي طفل هكذا من دون وجود سبب واضح"، في إشارة إلى اختفاء روز لأكثر من شهرين ونصف من دون أن يعلم أحد بالأمر. وأضافت سيناي أن امتناع مواطنين، مثل جيران الطفلة، عن تبليغ السلطات بأنهم لم يعودوا يرون الطفلة أو عن اختفائها "لا يعبر عن الامتناع عن التدخل في شؤون الغير وحسب وإنما يعبر أيضا عن فقدان الثقة بأجهزة السلطة. ويشكل قرار أفراد العائلة (أي فيفيان) بالتوجه إلى مؤسسة تطوعية، هي مجلس سلامة الطفل، هو تعبير واضح للغاية عن فقدان الثقة هذا. ويبدو أنه في الماضي، لم يكن بإمكان روز أن تختفي من دون أن يكون هناك جار واحد على الأقل ينبش في الموضوع ويطرح أسئلة. أما اليوم فهذا لا يحصل".

المصطلحات المستخدمة:

نتانيا, موديعين, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات