المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 800

في الوقت الذي كالت فيه بعض وسائل الإعلام المديح لأحد الجنود الذي قتل منفذ العملية قالت إذاعة الجيش إن تحقيق الشرطة أظهر أن هذا الأخير أصيب برصاصتين أطلقتهما شرطية عليه وأدتا إلى أن يفقد وعيه. وهذا يعني أن رواية الجندي التي قال فيها إن منفذ العملية داس على دواسة البنزين وصرخ "الله أكبر" بعد إصابته بنيران الشرطية هي رواية كاذبة

 

"المشهد الإسرائيلي"- خاص

 

 

صدرت صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم، الخميس- 3.7.2008، بعناوين تعبر عن نشوة المنتصر في الحرب الصغيرة التي دارت رحاها في شارع يافا في القدس، أمس. واحتلت كلمة واحدة عنوانها الرئيس على صفحتها الأولى: "بطل"، في إشارة إلى الجندي الإسرائيلي الذي كان في إجازة من خدمته العسكرية في وحدة "ايغوز" النخبوية التابعة للواء غولاني. ونشرت الصحيفة صورته على الجرافة حاملا المسدس الذي خطفه من مواطن يعمل حارسا. وأصدرت محكمة الصلح في القدس، مساء أمس، قرارا يمنع نشر اسم "البطل"، الذي أصبح يشار إليه بالحرف "م". ويبدو أن "م" أصبح "بطلا" بعدما قام بعملية تثبيت قتل منفذ العملية، حسام دويات، بإطلاقه ثلاث رصاصات على رأس الأخير، بحسب أقواله. وبدا أن وسائل الإعلام والصحف تجاهلت أربعة أشخاص آخرين، هم ثلاثة شرطيين ومواطن، أطلقوا النار على دويات وأصابوه بجروح وكانوا على وشك السيطرة عليه. لكن "م" نفذ الحكم، وأعدمه.

 

وفي صفحاتها الأولى لم تأت يديعوت أحرونوت على ذكر القتلى والجرحى في العملية، وإنما استمرت في التهليل ل"البطل". واستنكرت في عنوان ضخم ("لم يرغبوا به في الجيش")، امتد على عرض الصفحتين الثانية والثالثة، رفض الجيش الإسرائيلي خلال السنتين الماضيتين قبول "م" في صفوفه، لأن لديه سجلا جنائيا في الشرطة على إثر مشاركته في نشاطات مناهضة لتنفيذ خطة فك الارتباط في قطاع غزة في صيف العام 2005. فهذا "البطل" خريج معهد ديني في مستوطنة "كريات أربع"، إحدى أبرز معاقل اليمين المتطرف الإسرائيلي. كذلك خلت الصحيفة من مقال تحليلي حول العملية، مثلما فعلت الصحف الأخرى، وإنما اكتفت بنشر مقال كتبه الصحافي اليميني أوري أورباخ بعنوان "شكرا أيها البطل".

 

لكن إذاعة الجيش الإسرائيلي ذكرت اليوم أن تحقيق الشرطة أظهر أن دويات أصيب برصاصتين أطلقتهما شرطية عليه، وأدت الرصاصتان إلى أن يفقد وعيه. وهذا يعني أن رواية "م" التي قال فيها إن دويات داس على دواسة الجرافة وصرخ "الله أكبر" بعد إصابته بنيران الشرطية هي رواية كاذبة، وأنه لم تكن هناك حاجة لإطلاق "م" الرصاص على رأس دويات. وخلاصة القول في هذا السياق هو أن الإعلام الإسرائيلي حوّل قاتلا إلى بطل.

 

من جانبه، هلّل المحلل السياسي في صحيفة معاريف، شالوم يروشالمي، ببضع كلمات لهذا "البطل" أيضا. ولفت يروشالمي إلى أن شكل العمليات في القدس أخذ يتغير، مشيرا بذلك إلى عملية الأمس وعملية "مركاز هراف" في شهر آذار الماضي. "لم يعد هناك مخربون انتحاريون، خططوا لأعمالهم بدقة ويدخلون المطاعم والمقاهي، بعدما اجتازوا المدينة مع حزام ناسف ثقيل. وفي العمليتين الأخيرتين، في شارع يافا ومركاز هراف، رأينا مخربين من سكان المدينة، ويعرفونها جيدا ويدخلونها بصورة قانونية في إطار عملهم ولا يثيرون شبهات، وهناك يتناولون بندقية أوتوماتيكية أو جرافة عملاقة ويقتلون من يصادفونه في طريقه". وتساءل يروشالمي "هل يوجد حل لهذا الوضع؟ هل وحدنا المدينة بسرعة أكبر مما ينبغي؟ هل ما زال التقسيم ممكنا؟ هل التقسيم هو الحل؟".

 

وتوقع المحلل العسكري في معاريف، عمير ربابورت، أن تشهد الضفة الغربية والقدس المزيد من العمليات بسبب التهدئة الحاصلة في قطاع غزة. ورأى أن "لحركة الجهاد الإسلامي، التي فرضت حماس عليها وقف إطلاق النار في القطاع، رغم أن الجيش الإسرائيلي ليس ملزما بوقف نشاطه ضدها في الضفة الغربية، مصلحة هامة بشكل خاص لتنفيذ عمليات في الضفة. وقد تصعد فصائل أخرى من نشاطها لتنفيذ عمليات مشابهة. وهناك مؤشرات لذلك خصوصا في منطقة جنين". وسوغ ربابورت تحليله بأن "حركة الجهاد الإسلامي مقربة جدا من إيران، التي لا تتورع عن تشجيع الإرهاب في الأراضي الإسرائيلية". وأضاف أنه "على الرغم من أن للفصائل الفلسطينية مصلحة في تنفيذ عمليات إلا أن الخطر الأكبر هذا الصيف يكمن في الشمال ومن جانب حزب الله، الذي يريد الانتقام لاغتيال عماد مغنية. وستكون هذه عمليات من دون أن يترك حزب الله بصمته عليها".

 

وبحسب ربابورت فإن الشبهات حول مسؤولية حزب الله عن عمليات أثيرت في أعقاب عملية "مركاز هراف". وتابع أنه "من الصعب أن نكون واثقين تماما بأن منفذ عملية مركاز هراف لم يتلق توجيهات من لبنان". من جهة أخرى كتب ربابورت أن استخدام منفذ عملية الأمس لوسيلة نقل، أي الجرافة، يذكر باستخدام تنظيم القاعدة لوسيلة نقل أخرى، أي الطائرات، في عمليات 11 أيلول 2001 في نيويورك.

 

وفي سياق التحقيقات الإسرائيلية، كتب المراسل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هارئيل، ومراسل الشؤون الفلسطينية في الصحيفة، آفي سخاروف، أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) يركز تحقيقه على الدافع لتنفيذ العملية، "وسيحاول المحققون الاستفسار عن المرة الأخيرة التي دخل فيها (دويات) مسجدا وما إذا كان قد استمع هناك إلى أقوال تحريضية غير عادية ضد إسرائيل". وأشار إلى إشكالية وصول تحذيرات إلى أجهزة الأمن الإسرائيلية حول نية فرد، ليس تابعا لأي تنظيم، لتنفيذ عملية. "فعندما يكون القاتل مخربا فردا من دون بنية تحتية داعمة، وإذا لم يعترف قبل العملية أمام عميل لإسرائيل، فإن من الصعب جدا منعه".

المصطلحات المستخدمة:

كريات أربع, يديعوت أحرونوت, هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات