المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

أكد مستشار لرئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، أن إسرائيل لن تخلي بؤرا استيطانية عشوائية في الضفة الغربية، فيما تبين من الموازنة العامة للحكومة للعام 2008 أنه سيتم رصد نحو 100 مليون شيكل (25 مليون دولار تقريبا) لبناء 750 وحدة سكنية في مستوطنة "هار حوماه" ومستوطنة "معاليه أدوميم" في ضواحي القدس الشرقية.

وكشفت صحيفة "معاريف" اليوم الأحد (23/12/2007) عن أن الموازنة العامة للحكومة الإسرائيلية، التي يتوقع المصادقة عليها خلال الأيام المقبلة، تشمل رصد ملايين الشيكلات لبناء وتسويق وحدات سكنية في مستوطنتي "هار حوماه" في جبل أبو غنيم في جنوب القدس الشرقية و"معاليه أدوميم" الواقعة شرق القدس الشرقية.

وبحسب كتاب الموازنة سيتم رصد مبلغ 49 مليون شيكل لبناء 250 وحدة سكنية جديدة في "معاليه أدوميم" و50 مليون شيكل لبناء 500 وحدة سكنية في "هار حوماه".

وكانت السلطات الإسرائيلية قد صادقت في الماضي على خريطة هيكلية لمستوطنة "هار حوماه" تشمل بناء 5500 وحدة سكنية تم استغلال تصاريح لبناء 4500 وحدة سكنية منها.

وكانت وزارة الإسكان الإسرائيلية قد نشرت قبل ثلاثة أسابيع مناقصة لبناء 307 وحدات سكنية أخرى في مستوطنة "هار حوماه" وأثارت غضبا وتنديدا من جانب الفلسطينيين والإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

ويأتي استمرار إسرائيل في أعمال توسيع المستوطنات على الرغم من تعهد أولمرت، عشية مؤتمر أنابوليس الذي عقد في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بوقف أعمال التوسع الاستيطاني وعدم بناء مستوطنات جديدة وإخلاء بؤر استيطانية في الضفة، وليس في القدس الشرقية، ووقف مصادرة أراضي الفلسطينيين.

وفيما تطالب إسرائيل السلطة الفلسطينية بتنفيذ التزاماتها في المرحلة الأولى من خطة خريطة الطريق والقاضية بمحاربة العنف ومنع الهجمات الفلسطينية ضد أهداف إسرائيلية، فإن إسرائيل امتنعت حتى اليوم عن تنفيذ التزامها في المرحلة ذاتها من خريطة الطريق والتي تقضي بوقف الاستيطان.

ونقلت "معاريف" عن مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله إن "نشر المناقصة السابقة عن بناء 307 وحدات سكنية أغضب الأميركيين كثيرا ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس أطلقت تصريحات شديدة ضد إسرائيل، كما أن جلسة المفاوضات الأولى بين إسرائيل والفلسطينيين (في 12 كانون الأول/ ديسمبر الحالي) منيت بالفشل بسبب أعمال البناء هذه لأن (رئيس طاقم المفاوضات الفلسطيني أحمد قريع) أبو العلاء رفض الحديث عن أي موضوع في العالم وتركز فقط بحاجتهم لتجميد البناء في هار حوماه".

واعتبر المسؤول في الخارجية الإسرائيلية أن مسألة "التوقيت هي الأمر المهم في هذه الأمور وهذا ليس الوقت المناسب بتاتا للإعلان عن أعمال بناء وراء الخط الأخضر حتى لو كان الحديث عن مناطق ستبقى وفقا للموقف الإسرائيلي تحت سيادة إسرائيلية إلى الأبد" في إشارة إلى القدس الشرقية ومحيطها.

من جانبه وصف سكرتير حركة "سلام الآن"، ياريف أوبنهايمر، حكومة إسرائيل بأنها "ذو وجهين" وقال إنها "من جهة تتحدث عن سلام ومن الجهة الأخرى تبني في المستوطنات".

وأضاف أوبنهايمر أن "إسرائيل تفشل عملية أنابوليس وتتجاهل تعهداتها الدولية وتحول القدس إلى قضية غير قابلة للحل".

وتابع أوبنهايمر أنه في الوقت الذي تدعي فيه حكومة إسرائيل بأنه لا توجد لديها أموال "للأدوية والمعاقين وطلاب الجامعات تواصل الحكومة رصد أموال طائلة وراء الخط الأخضر وهذه الحكومة تورط إسرائيل من الناحية الدولية".

وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع تعقيبا على توسيع مستوطنتي "هار حوماه" و"معاليه أدوميم" إنه "يوجد إجماع في الجمهور الإسرائيلي حول البناء في الكتل الاستيطانية وبالتأكيد في القدس وكل استثمار حكومي سيكون بموجب التعهدات للأميركيين، أي أنه لن تكون هناك أعمال بناء خارج المستوطنات القائمة ولن تُقام مستوطنات جديدة".

يشار إلى أن طاقمي المفاوضات الفلسطيني والإسرائيلي سيعقدان اجتماعا غدا الاثنين (24/12/2007) فيما سيلتقي أولمرت والرئيس الفلسطيني بعد غد الثلاثاء (25/12) لأول مرة منذ مؤتمر أنابوليس.

وأفادت صحيفة "هآرتس" بأن مسؤولين في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية يتحسبون من حدوث أزمة بين إسرائيل والولايات المتحدة على خلفية سعي رايس لدفع المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، في الوقت الذي لا تعتزم فيه إسرائيل تنفيذ التزاماتها في المرحلة الأولى من خريطة الطريق.

ونقلت "هآرتس" عن مستشار لأولمرت قوله إنه من الجائز أن تزيد الولايات المتحدة ضغوطها على إسرائيل لإخلاء البؤر الاستيطانية وتجميد أعمال البناء في الضفة الغربية.

وأوضح المستشار "قد ندخل في مسار تصادم مع الأميركيين لأن مطالبهم من إسرائيل ستتزايد فحسب، وليس مؤكدا بأننا قادرون على تلبيتها في الوضع الراهن".

وأضاف أن وعود النائب الأول لرئيس الحكومة الإسرائيلية حاييم رامون خلال محادثاته مع مسؤولين أميركيين خلقت جزءا من المشكلة "فقد مضى بعيدا ووعدهم بأمور من أجل أن ينال إعجابهم".

ونقلت "هآرتس" عن مسؤول سياسي إسرائيلي آخر وضالع في المفاوضات تحذيره من "أزمة جراء توقعات الفلسطينيين والأميركيين".

وقال المسؤول السياسي إن "إسرائيل أوجدت مجموعة من التوقعات البعيدة المدى في الحلبة الدولية وهي أنها ستطبق الجزء الأول من خريطة الطريق لكن هذا لن يُنفذ".

وأكد على أنه "لا توجد أية مقدرة سياسية، لا لإخلاء بؤر استيطانية ولا لتجميد البناء في المستوطنات" خوفا من انسحاب حزبي إسرائيل بيتنا وشاس من الحكومة وإسقاطها.

ولفت المسؤول السياسي إلى أنه عندما تبدأ المفاوضات على قضايا الحل الدائم، مثل اللاجئين والقدس والحدود، ستكون المشكلة أكبر "فهناك ملفات مفصلة تشمل موقف إسرائيل في اليوم الذي توقفت فيه المفاوضات في العام 2001".

وأضاف "ماذا سيحدث، مثلا، لدى فتح ملف القدس؟ سيكتشفون أن الموقف الإسرائيلي النهائي في محادثات طابا بعيد سنوات ضوئية عن الموقف الأولي لإسرائيل اليوم".

وقالت "هآرتس" إن المشكلة المركزية لدى إسرائيل هي انعدام الثقة الكبير في الجانب الفلسطيني حيال نوايا أولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني.

وأضافت الصحيفة أن نائب وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد وولش قال لليفني مؤخرا إن "الولايات المتحدة لا تعرف أية مفاجأة تنتظرها وراء الزاوية ومن شأنها أن تعلق المفاوضات".

كما يطالب موظفون أميركيون بالحصول على ضمانات من إسرائيل بشأن عدم تكرار نشر مناقصات لأعمال بناء في المستوطنات مثلما حدث مع "هار حوماه".

وبحسب "هآرتس" فإن ليفني هي الجهة الأساس التي تدفع المفاوضات وتهتم بالامتناع عن حدوث أزمات تتناولها وسائل الإعلام بتوسع مثلما حدث بعد لقاء طاقمي المفاوضات الأخير، وتسعى لإجراء محادثات شبه سرية مع الجانب الفلسطيني، فيما يبحث أولمرت عن طريقة لإجراء المفاوضات من دون تفكيك تحالفه الحكومي.

في غضون ذلك تؤكد مصادر في مكتب أولمرت أن المفاوضات لن تتقدم على الأقل حتى زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش لإسرائيل في التاسع من شهر كانون الثاني/ يناير المقبل. وقالت هذه المصادر "إننا نريد استغلال الزيارة لتحريك المحادثات من جديد".

وعقد "المطبخ السياسي الأمني" الذي يضم أولمرت وليفني ووزير الدفاع إيهود باراك اجتماعا يوم الخميس الماضي تم خلاله البحث في تأثير المفاوضات مع الفلسطينيين على الحلبة السياسية الإسرائيلية الداخلية. واتفق الثلاثة على تعيين العميد أودي ديكل رئيسا لمديرية المفاوضات المستقبلية مع الجانب الفلسطيني، لكنه ما زال من غير الواضح ما إذا كان ديكل سيوافق على تولي هذه المهمة، رغم توجيه طلب من أولمرت إليه بهذا الصدد.

المصطلحات المستخدمة:

الخط الأخضر, هآرتس, رئيس الحكومة, باراك

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات