* منذ مطلع العام الجاري: رقم قياسي غير مسبوق في استيراد السيارات خلال عام واحد * ارتفاع شراء أجهزة التلفزيون بنسبة 23% والغسالات بـ 25% والثلاجات بـ 22% * مستوى المعيشة في إسرائيل ارتفع بنسبة 5ر4%، مع هذا امتنعت البنوك عن صرف شيكات بقيمة نصف مليار دولار خلال شهر واحد *
أظهر تقرير أصدرته وحدة التخطيط الاقتصادي في سلطة الضرائب الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، أن شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، سجل ارتفاعات بنسبة غير مسبوقة في شراء المعدات البيتية والسيارات، ما زاد من نسبة زيادة هذه المشتريات في الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي 2006، التي سجلت هي أيضًا ارتفاعات عن الفترة المماثلة لها من العام الأسبق، 2005.
وتتوافق معطيات التقرير مع تقارير سابقة لدائرة الإحصائيات المركزية، صدرت مؤخرا وتحدثت عن ارتفاع بنسبة 5ر4% في مستوى المعيشة في إسرائيل في العام الجاري، في حين أن وزارة المالية الإسرائيلية تتوقع ارتفاعا مشابها، أيضا، في العام القادم 2008.
ويتضح من التقرير أن استيراد السيارات وقطع غيار السيارات ارتفع في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بنسبة 34%، مقارنة مع نفس الشهر من العام الماضي 2006، وارتفع بنسبة 53% مقارنة بالشهر الذي قبله، أيلول/ سبتمبر، وقد بلغ حجم المبيعات في الشهر الماضي في هذا القطاع لوحده 304 ملايين دولار.
وبذلك يكون استيراد السيارات وقطع غيارها قد ارتفع في الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري 2007، بنسبة 29%، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي 2006، وبلغ اجمالي الاستيراد في هذه الفترة 68ر2 مليار دولار.
ويقول التقرير إن وتيرة هذا الارتفاع الحاد بدأت عمليا في الربع الثالث من العام 2006، وهذا نتيجة التحسن في الأوضاع الاقتصادية، حسب ما جاء في التقرير.
ويظهر من تفاصيل هذه المعطيات أن الزيادة الحادة في استيراد السيارات كانت بالأساس في سيارات الركاب (سيارات عائلية لأكثر من 5 مقاعد)، وارتفعت مبيعاتها بنسبة حوالي 40%، والدراجات النارية بنسبة 63%.
وعلى الرغم من هذه الارتفاعات إلا أن استيراد السيارات التجارية (التي تشتريها المصالح التجارية والشركات لعملها) انخفضت بنسبة 3% مقارنة مع العام 2006، بمعنى أن الزيادة الكبيرة قد حصلت في شراء السيارات الخاصة، للأفراد والعائلات.
وتتوقع شركات بيع السيارات أن يتم حتى نهاية العام الجاري بيع 200 ألف سيارة، وهو رقم غير مسبوق، لا بل ويعكس زيادة قياسية جدا، بنسبة 33% عن معدل بيع السيارات السنوي في السنوات العشر الأخيرة، التي كان فيها المعدل 150 ألف سيارة سنويا.
ويقول محللون اقتصاديون إن من مسببات زيادة عدد بيع السيارات هو انخفاض ضريبة الشراء على السيارات الجديدة من 95% إلى 85%، كما أنها من المتوقع أن تنخفض مع مطلع العام المقبل إلى 79%، وهذا ما يجعل أسعار السيارات الجديدة في تراجع مستمر.
ولم تقتصر الزيادة الحادة على شراء السيارات، بل شملت أيضا المعدات والأجهزة البيتية، فقد ازداد استيراد أجهزة التلفزيون في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بنسبة 44% مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، وبنسبة 5ر23% في الأشهر العشرة الأولى من هذا العام.
كذلك فإن استيراد الغسالات ارتفع في الشهر الماضي بنسبة 43%، ومنذ مطلع العام بنسبة 25%، والجلايات بنسبة 5ر23% في الشهر الماضي، و3ر24% منذ مطلع العام، والثلاجات بنسبة 5ر21% في الشهر الماضي، و5ر13% منذ مطلع العام، والسجائر بنسب 13%، و11% منذ مطلع العام، في حين أن شراء أجهزة تجفيف الغسيل ارتفع منذ مطلع العام بنسبة 28%، ورتفع شراء أجهزة الـ DVD منذ مطلع العام بنسبة 7ر7%.
ويعزو محللون بعض أسباب هذه الارتفاعات في استيراد الأجهزة الكهربائية المنزلية إلى إلغاء ضريبة الشراء على هذه الأجهزة، كما أن بعض المحللين يلفت النظر إلى نوعية الأجهزة التي يجري استيرادها، والتي كانت تعتبر في الماضي من الكماليات في البيوت.
انخفاض الدولار قد يكون سببا
إلى جانب الحديث المتواتر عن أن الارتفاع الحاد في مشتريات المعدات البيتية، وكذلك السيارات، ناجم عن ارتفاع المستوى المعيشي في إسرائيل، إلا أن انخفاض سعر صرف الدولار إلى أدنى مستوى له منذ تسع سنوات قد يكون من أسباب ذلك، إذ هبط سعر صرفه إلى مستوى 91ر3 شيكل، رغم أن السوق الإسرائيلية لم تلمس انخفاضا في أسعار هذه المعدات، نتيجة انخفاض سعر الدولار، لا بل إن المواد الغذائية، ومنها ما يعتمد على مواد خام مستوردة، تسجل ارتفاعات في الأشهر الأخيرة.
ورغم انخفاض سعر صرف الدولار، بنسبة 9% منذ مطلع العام الجاري، و15% منذ مطلع العام 2006، إلا أن وكلاء المبيعات وأصحاب الشركات الكبرى لم يسارعوا إلى تخفيض الأسعار. وقال صاحب إحدى شركات مبيعات السيارات لصحيفة "ذي ماركر" إن الشركات لا تسارع في تخفيض الأسعار لئلا ينعكس تقلب الأسعار سلبا على شعور من اشترى سيارة حتى قبل شهرين أو ثلاثة، ولهذا فإنه بدلا من التخفيضات المباشرة فإن الذين يشترون سيارات في هذه الفترة يحظون بامتيازات، مثل الحصول على هدية إضافات ثمينة في السيارات، كأجهزة التسجيل والـ DVD، أو تقسيط الثمن لفترة ما دون فائدة بنكية، وغير ذلك.
ويقول مختصون في بنك إسرائيل المركزي، أجروا مسحا للقطاع الخاص الداخلي في إسرائيل وشمل توقعات أكبر 462 شركة إسرائيلية، إن الشركات الكبرى في إسرائيل تتوقع ارتفاعا لسعر صرف الدولار أمام الشيكل حتى نهاية العام القادم 2008، ليعود إلى معدل المستوى الذي حافظ عليه، لأكثر من عامين، حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري، 2007، وهو 3ر4 شيكل. كذلك تتوقع هذه الشركات أن يكون سعر صرف الدولار في نهاية العام الجاري وحتى مطلع العام القادم قد ارتفع إلى مستوى 14ر4 شيكل.
يذكر في هذا المجال أن ميزانية الدولة للعام القادم، 2008، جرى احتسابها على أساس أن معدل سعر صرف الدولار سيكون 3ر4 شيكل، بمعنى أن وزارة المالية وبنك إسرائيل المركزي يتوقعان عودة سعر صرف الدولار إلى مستواه السابق.
ومن الجدير ذكره أن تدهور سعر صرف الدولار في إسرائيل ناجم في الأساس عن تراجع أسعار صرفه أمام العملات الكبرى في الأسواق العالمية.
ويقول الخبير الاقتصادي الإسرائيلي درور زاكش إنه ما دام سعر صرف الدولار يتراجع في العالم، فلن يكون هناك أي سبب يحول دون تراجع سعر صرف الدولار إلى مستويات أقل، مثل 8ر3 شيكل، وهو السعر الذي كان متداولا في منتصف سنوات التسعين من القرن الماضي.
من ناحيته يقول الخبير الاقتصادي إيلان أنجل، ردا على تخوفات من ضرب مداخيل الصادرات الإسرائيلية في الأسواق العالمية، إنه "في موازاة تراجع سعر صرف الدولار في السوق المحلية، فإنه تراجع أيضا أمام سائر العملات في العالم، وفي المقابل فإن سعر الشيكل في حالة شبه ثبات أمام اليورو، وهذا يعني أن سعر صرف الدولار لن يؤدي إلى التأثير سلبا على السوق الإسرائيلية المحلية".
وكان اتحاد المصدرين قد عبر عن تخوفه من أن يؤدي انهيار سعر صرف الدولار إلى المسّ بمردود صادراتهم، وبالتالي فسيغرقون في أزمة مالية، لأن تكلفة الإنتاج في إسرائيل لم تتراجع مع تراجع سعر صرف الدولار.
نصف مليار دولار- شيكات بلا رصيد شهريا
رغم الصورة الوردية التي تظهر من المعطيات الاقتصادية في إسرائيل، إلا أن هناك الكثير من الجوانب لا تزال بعيدة عن النمو الاقتصادي المعلن، لا بل إن حصة الأسد الكبيرة من هذا النمو لا تزال محصورة في نطاق أصحاب كبار الشركات ورؤوس الأموال، وفي المقابل فإن الفجوات الاجتماعية تزداد اتساعا.
ومن المعطيات النقيضة ما تظهره شركة التوظيفات المالية BDI، في تقريرها الذي ظهر في الأسبوع الماضي حول عمل البنوك، إذ تبين أنه في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي لم تصرف البنوك 355 ألف شيك، بقيمة إجمالية بلغت ملياري شيكل، وهي ما يعادل نصف مليار دولار.
وتعكس هذه المعطيات وضعية الانهيار الاقتصادي الذي تشهده قطاعات لا بأس بها في الشارع الإسرائيلي، إن كان على صعيد المصالح الخاصة، أو على مستوى العائلات، خاصة إذا عرفنا أنه يتمّ سنويًا إغلاق حوالي 3 آلاف مصلحة تجارية، بمستويات مختلفة.
ويقول التقرير إن 5ر1% من مجمل هذه الشيكات التي لم تصرفها البنوك كانت بسبب عمليات غش وخداع، إلا أن قيمتها المتوقعة وفق التقديرات قد تصل إلى 100 ألف دولار. كذلك تبين أن نسبة 5% من إجمالي قيمة الشيكات التي لم تصرف، أي 25 ألف دولار، كانت بسبب السرقة، ويقول التقرير إن هذه نسبة ضئيلة مقارنة مع النسبة في أوروبا التي تصل إلى 30%.
يذكر أن القانون الإسرائيلي يسمح لأي صاحب حساب بنكي بأن لا يصرف له البنك حتى 10 شيكات على مدى عامين، وإذا ما وصل إلى هذا العدد يتم تقييد حسابه البنكي لمدة عام كامل، ويتم حرمان الشخص من استعمال الشيكات في ذلك الحساب.
وبعد تحرير حسابه، وفي حال تكرر معه نفس الأمر، يتم تقييد حساباته البنكية في جميع البنوك التي يتعامل معها لمدة عامين كاملين، ويكون خلالهما ممنوعا من استعمال الشيكات.