أعرب مسؤولون كبار في حزب "كديما" عن تقديرهم أن الظروف ستنضج خلال صيف هذا العام- بعد نشر التقرير النهائي لـ"لجنة فينوغراد"- للإطاحة برئيس الحكومة وزعيم الحزب، إيهود أولمرت. غير أن مقربين من أولمرت قالوا مع ذلك إن أحداً من قادة الحزب لن يطالب أو يعمل في هذه المرحلة من أجل تنحيته. وأضافوا أن أولمرت خرج حتى الآن من "منطقة الخطر السياسي". وكان أعضاء في الائتلاف الحاكم قد انضموا إلى نواب المعارضة في الدعوة إلى استقالة رئيس الحكومة أولمرت ووزير دفاعه عمير بيرتس بعد تسريب أجزاء من تقرير لجنة التحقيق الحكومية في إخفاقات وتقصيرات حرب لبنان الثانية، إلى وسائل الإعلام، شفت عن توجيه انتقادات شديدة لأداء رئيس الحكومة الإسرائيلي ووزير دفاعه في إدارة الحرب.
وقالت أوساط في حزب "كديما" إن أولمرت سيواجه عاجلاً أم آجلاً مطالبة من جانب كتلة حزبه بالتنحي "حتى لا يأخذ الحزب معه إلى التهلكة"، حسب تعبير تلك المصادر. ووفقاً لمسؤول كبير في كتلة الحزب البرلمانية فإنه توجد أغلبية "محتملة" في كتلة "كديما"، أي 15 نائباً على الأقل من أصل 29، تؤيد الإطاحة بأولمرت.
السيناريوهات المتوقعة
من جهته أوجز المراسل السياسي لصحيفة "هآرتس"، ألوف بن، السيناريوهات المحتملة في أعقاب نشر تقرير "لجنة فينوغراد" على النحو الآتي:
(*) أولاً، السيناريو المنطقي: أن يدع أولمرت العاصفة الإعلامية تمر، ليشكل بعد ذلك لجنة وزارية لتطبيق توصيات "لجنة فينوغراد"، متجاهلاً مظاهرات الاحتجاج (المتوقعة) ليواصل الاضطلاع بمهام منصبه كالمعتاد. المحللون والمعلقون، الذين سيوبخون أولمرت على أدائه الفاشل في حرب لبنان الثانية، سينتقلون إلى تمجيد أولمرت والإشادة بقدرته على البقاء. أما التوصيات (توصيات لجنة فينوغراد) فسوف تدفن سوية مع تقارير لجان التحقيق السابقة.
بعد هدوء العاصفة المرتقبة، سيباشر أولمرت بإرساء وتكريس أجندة بديلة، إذ من المنتظر أن تستأنف بعد أسبوعين التحركات والنشاطات السياسية مع زيارة وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، للمنطقة، وربما بعدها قدوم العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، لإلقاء خطاب تاريخي أمام الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، وهناك على القائمة أيضاً الجولة التي سيقوم بها أولمرت والتي سيزور خلالها واشنطن ولندن وباريس.
الاختبار القادم لأولمرت سيكون الانتخابات التمهيدية (البرايمريز) في حزب "العمل". ومن المحتمل أن تساعد تحركات أولمرت الدبلوماسية وأصوات الحرب من قطاع غزة، في تعبيد طريق مرشحه المفضل (لزعامة "العمل") إيهود باراك إلى الحكومة كوزير للدفاع (خلفاً لزعيم حزب "العمل" الحالي عمير بيرتس). وسيتمكن أولمرت معززاً بباراك وبوزير مالية جديد (ربما حاييم رامون أو مئير شيطريت) من عرض حكومة مرممة مما سيتيح له بالتالي عزل خصمه (في "كديما") وزيرة الخارجية تسيبي لفني. مع تشكيلة كهذه، وعلى فرض أنه لن تندلع حرب أخرى، سيتمكن أولمرت من اجتياز الدورة الصيفية القصيرة للكنيست وعطلتها بهدوء نسبي، وكذلك التقرير النهائي للجنة فينوغراد، الذي سيصدر في تموز المقبل.
إذا تمكن أولمرت من تخطي شهر أيلول القادم وهو في منصبه، فإن ولايته ستكون أطول من باراك، وإذا صمد حتى تشرين الثاني فإنه سيتخطى أيضاً مدة (ولاية) موشيه شاريت. وحتى إذا أطيح به في السنة القادمة، فإنه لن يكون "أفشل" رئيس حكومة في تاريخ إسرائيل.
(*) ثانياً، السيناريو غير المعقول: أن يصاب أولمرت بعد قراءته لتقرير لجنة فينوغراد، بانهيار عصبي، بسبب خطورة الاستنتاجات المتعلقة بأدائه في حرب لبنان الثانية، وبسبب صخب واتساع نطاق المظاهرات ضده، وأن يعلن في خطاب عاطفي عن استقالته من رئاسة الحكومة.
(*) ثالثاً، الانهيار: أن تنهار في ضوء ضغط الجمهور، شبكة التأييد السياسي التي أقامها وعززها أولمرت منذ توليه لمهام منصبه، وأن يقوم المرشح الذي سينتخب لزعامة حزب "العمل" بدفع الحزب للخروج من الحكومة.. في ضوء كل ذلك يشهد حزب "كديما" اندلاع تمرد ضد أولمرت فيضطر للانحناء أمام الضغوط ليعلن عن استقالته واعتزاله الحياة السياسية. تحقق هذا السيناريو، الذي لا يبدو منطقياً أو محتملاً، منوط بما يحدث في الشارع الإسرائيلي، الذي ما زال مستغرقاً حتى الآن في سُباتِهِ.
(*) رابعاً، عودة الحرب: الخطر الرئيس الذي يهدّد سلطة أولمرت يتمثل في تورط عسكري جديد، في قطاع غزة أو على الحدود الشمالية. فمن شأن أية مواجهة مسلحة يَسقط خلالها عدد كبير من القتلى في منطقة مبنية (سكنية) في قطاع غزة أو هجوم سوري في هضبة الجولان يصاحبه إطلاق صواريخ "سكود" على تل أبيب، أن تُنهي حياة أولمرت السياسية. ففي الحالتين سينظر له كمسؤول عن حرب اختيارية (غير اضطرارية) في جنوب إسرائيل بسبب استجابته لمطالب الجيش الإسرائيلي، وفي شمالها بسبب رفضه (أي أولمرت) إجراء مفاوضات مع السوريين.