المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • ارشيف الاخبار
  • 636

قالت أوساط سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى إنها على اقتناع بأن واشنطن لن تمارس خلال السنة العبرية المقبلة، التي بدأت يوم الثلاثاء 4/10/2005، أي ضغوط سياسية على إسرائيل لتغيير المبادئ الأساسية التي حددتها لمواصلة المفاوضات مع الفلسطينيين والتي تشترط التقدم على مراحل، وربط التقدم نحو كل مرحلة بتطبيق سابقتها. في الوقت نفسه يلفّ غموض كبير مستقبل أريئيل شارون وحكومته.

 

                                    

ورغم ما تقوله تلك الأوساط السياسية قال شارون، في تصريحات أدلى بها لصحيفة "يديعوت أحرونوت" بمناسبة عيد رأس السنة العبرية، انه يأمل حدوث تقدم كبير في العملية السياسية وتطبيق المسار الذي حددته "خريطة الطريق" . وكرر شارون أنه لن يقدم على تنفيذ أي انسحاب آخر من جانب واحد، من الأراضي الفلسطينية، متسلحا بالدعم وبالوعد الأميركي بمواصلة السيطرة الإسرائيلية على الكتل الاستيطانية الكبرى، ورفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين ومنع الضغط الدولي على إسرائيل كي تنسحب إلى حدود العام 1967.

يشار إلى أن شارون، وخلافا للمعتاد، امتنع عن منح لقاءات صحفية لوسائل الإعلام الإسرائيلية عشية رأس السنة العبرية الجديدة، وأما التصريحات التي نشرتها "يديعوت أحرونوت"، وكرست لها نصف صفحتها الأولى من العدد الخاص برأس السنة العبرية، فقد نشرت في إطار مقالة تحليلية للمعلق السياسي شمعون شيفر، الذي يقول إن شارون لا يخفي إمكانية إخلاء بعض المستوطنات المعزولة في الضفة الغربية في إطار المفاوضات مع الفلسطينيين، وفي سبيل ضمان تواصل إقليمي بين التجمعات السكانية الممتدة من جنين شمالا وحتى رام الله. لكنه لا يخفي، في الوقت ذاته، أنه لن يكون المسؤول الإسرائيلي الذي سيوقع الاتفاق الدائم مع الفلسطينيين.

ويتضح من خلال تصريحات شارون أن استعداده لإخلاء بعض مستوطنات الضفة الغربية المعزولة، يأتي في إطار صفقة اتفق عليها مع الرئيس الأميركي جورج بوش، وبموجبها تعمل الولايات المتحدة على منع المجتمع الدولي من الوصول إلى المنشآت النووية الإسرائيلية بغية تفتيشها.

ويقول شيفر، المقرّب من شارون ومصادره، إن إسرائيل لن تُطالب بتقديم تقارير حول قدراتها النووية، وهو ما يلمح إليه شارون حين يتحدث عن تفاهماته مع بوش على ضمان أمن إسرائيل. ويضيف: "في الخيار بين ميغرون (بؤرة استيطانية في الضفة الغربية) والمنشآت النووية، اختار شارون الحفاظ على المنشآت النووية".

ويتحدث شارون عن الثمار السياسية التي قطفها في الأمم المتحدة، مؤخرا، على أثر تنفيذ سحب المستوطنين والجيش من قطاع غزة، والتي تتمثل في تودد بعض الدول العربية والإسلامية لإسرائيل ووقف ما يسميه "نزع الشرعية الذي استهدف وضع إسرائيل في صف الدول العنصرية". ويقول الكاتب إن شارون يدأب على استخدام مصطلح "قيدت أرجلهم" حين يتحدث عن نجاحه في تجنيد المجتمع الدولي والربط بين المصالح المتناقضة للرأي العام الدولي ولإسرائيل.

ويشير الكاتب إلى رسالة التعهدات التي سلمها بوش لشارون في 14 نيسان 2004، والتي تعهدت فيها واشنطن بالاعتراف بالكتل الاستيطانية ورفض عودة اللاجئين. ويقول إن هذه الرسالة تدعم الادعاءات الإسرائيلية، ليس على الساحة الأميركية فحسب، بل وأيضًا على الحلبة الدولية، التي بدأت تتبنى، حسب شارون، الافتراض بأن إسرائيل لن تنسحب إلى حدود 1967.

 

 

مستقبل شارون وحكومته

  

 

خرجت الصراعات السياسية والحزبية في إسرائيل إلى "إجازة" بسبب حلول "موسم الأعياد اليهودية"، الذي يشغل غالبية أيام شهر تشرين الأول الجاري. مع ذلك من المنتظر أن تعود هذه الصراعات، وربما بقوة أكبر، بعد هذه "الإجازة" وأساسًا بعد عودة الكنيست من عطلته في أواخر الشهر. وإلى أن يحين ذلك نسجّل الوقائع التالية:

 

(*) تغلب أريئيل شارون على بنيامين نتنياهو في التصويت على تقريب موعد انتخاب رئيس للحزب في مركز "الليكود" يوم 26/9/2005 بفارق 104 أصوات، ما يعني أن فوز شارون لم يكن نوعيا، بل اعتبره المحللون مؤقتا. وقال مراقبون سياسيون في إسرائيل انه على الرغم من فوز شارون إلا أنه لا يزال يواجه مشكلة جدية في "الليكود"، تتعلق بإدارة حزب يعارضه فيه ما لا يقل عن نصف أعضائه في المعارك القادمة مثل إقرار الميزانية العامة.

وحسب رأي بعض المراقبين السياسيين فإن نتنياهو ما زال يمثل خطرا على شارون في الانتخابات التمهيدية لرئاسة الحزب في نيسان القادم والتي ستأتي قبيل انتخابات عامة يتعين إجراؤها بحلول تشرين الثاني عام 2006.  واعتبر نتنياهو فوز شارون مؤقتا، وقال إنه يتقبل قرار المركز، ويثق بأنه سيهزم شارون في الانتخابات التمهيدية. ودعا شارون إلى الالتزام بمواصلة المنافسة على رئاسة الحزب. ويلمح بذلك إلى احتمال تخلي شارون عن المنافسة وتشكيل حزب جديد. وأضاف نتنياهو: "خضنا الفصل الأول وخسرنا بأصوات قليلة. ولا يساورني شك في أنه في الفصل الثاني سنفوز وسيفوز الليكود."

 

ولفتت الوزيرة داليا إيتسيك (العمل) أن على شارون الآن مواجهة وزراء في حكومته دعوا إلى تقديم موعد الانتخابات الداخلية في الليكود "فنزعوا عمليا ثقتهم به". وأضافت "لا ادري كيف سيتعامل رئيس الوزراء مع هؤلاء الوزراء غدا". والإشارة إلى وزيرة التربية والتعليم ليمور لفنات، ووزير الصحة داني نفيه، ووزير الزراعة يسرائيل كاتس، ورئيس الائتلاف الحكومي غدعون ساعر، الذين صوتوا إلى جانب اقتراح نتنياهو.

 

(*) قال يتسحاق ريغف، أحد أعضاء مركز "الليكود" البارزين والذي يعتبر أحد أركان معسكر شارون، إن خسارة شارون كانت ستؤدي إلى انهيار الليكود.

وأضاف "بدلا من أن يترأس الليكود شخصية معروفة بصلابتها وتتمتع بترحيب في كل دول العالم (أي شارون) فانه سيترأس الليكود شخص يتقن الدراما التلفزيونية فحسب"، في إشارة إلى نتنياهو.

لكن ريغف رفض القول حول ما إذا كان شارون ينوي الانسحاب من "الليكود" في حال خسر المنافسة المقبلة أمام نتنياهو، إذا قرّر أن يخوضها أصلاً.

وتابع أنه في حال فاز نتنياهو فإن الليكود سيعود إلى صفوف المعارضة وسيحتاج الأمر لسنوات طويلة حتى يعود إلى سدة الحكم في إسرائيل.

 

(*) أزمة شارون مع حزب "العمل"، أكبر شريك له في الائتلاف الحاكم، ستكون متشعبة وتحكمها عدة عوامل، أبرزها نتائج الانتخابات لرئاسة حزب "العمل" المتوقع إجراؤها في التاسع من شهر تشرين الثاني القادم. لكن قبل ذلك تشير تقديرات متطابقة إلى أن حزب "العمل" ينوي التعامل مع ميزانية إسرائيل للعام المقبل كخشبة القفز التي تخرجه من هذه الحكومة، خاصة وأنه سيكون من الصعب عليه خوض معركة انتخابية برلمانية من داخل حكومة شارون، التي ستكون هدفا للمهاجمة من قبله في خطابه الانتخابي.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات