عقدت المحكمة المركزية في حيفا أمس (28/9/2004) جلسة ثانية للنظر في الإلتماس الذي تقدم به المركز العربي للتخطيط البديل وجمعية حقوق المواطن ضدّ "دائرة أراضي إسرائيل"، "الكيرن كييمت ليسرائيل" وبلدية كرميئيل، مطالبين بالسماح للمواطنين العرب بالمشاركة في مناقصة لإمتلاك قسائم للبناء في حي مخوش في مدينة كرميئيل. وقد أعلم محامي دائرة أراضي إسرائيل المحكمة في بداية الجلسة ان الدائرة قررت إلغاء المناقصة كليا. وكانت المحكمة قد اصدرت في يوم 7.9.04 أمرا قضائيا يلزم دائرة أراضي إسرائيل اما بالسماح للمواطنين العرب بالمشاركة في المناقصة او بتجميدها إلى حين إصدار حكم نهائي.
مقدّم الالتماس، المحامي عوني بنا، اكد في الجلسة أن قرار الإلغاء ناتج عن تخوف "دائرة أراضي إسرائيل" و"الكيرن كييمت ليسرائيل" من إصدار حكم قضائي نهائي في القضية يلزمهم بالتعامل بشكل متساوٍ في إتخاذ كل قرار يتعلق بإدارة الأراضي الواقعة تحت سلطة دائرة أراضي إسرائيل حسب القانون بما في ذلك أراضي "الكيرن كييمت ليسرائيل". كما طالب المحامي بنا بإلزام دائرة أراضي إسرائيل و"الكيرن كييمت ليسرائيل" بكافة مصاريف ورسوم المحكمة. وقرر القاضي شموئيل برلينر تغريم دائرة أراضي إسرائيل و"الكيرن كييمت ليسرائيل" بمصاريف المحكمة.
يذكر ان الإلتماس يتطرق لمناقصة لتسويق 26 قسيمة للبناء في حي "جبعات مخوش" في كرميئيل تم نشرها في شهر تموز الأخير. وأضيف على الإعلان الذي نشر في الصحف فيما يتعلق بالمناقصة، خلافًا لما هو متعارف عليه عادةً في المناقصات من هذا النوع، ملاحظة مفادها ان ملكية الأراضي المعروضة في المناقصة تعود للـ"كيرن كييمت ليسرائيل"، وذلك لتحاشي مشاركة العرب في المناقصة وللتوضيح بأنّ المناقصة مخصّصة لليهود ومقتصرة عليهم فقط دون سواهم.
من الجدير بالذكر أن المركز العربي للتخطيط البديل كشف أمر النشر "المتحفظ" لقسائم البناء في كرميئيل في إطار متابعته المتواصلة لقرارات ونشاطات دائرة أراضي إسرائيل ودوائر التنظيم والبناء في البلاد. ويوضّح د. حنا سويد، مدير عام المركز، أن الحديث يدور عن وجود ارتفاع حاد وخطير في مستوى التمييز المؤسسي ضدّ المواطنين العرب في كل ما يتعلق بالحق في سكناهم في البلدات اليهودية. ووفقًا لمعطيات المركز، الذي يتابع كما سبق أن ذكرنا المناقصات التي تنشرها دائرة أراضي إسرائيل، نشرت الدائرة، في الفترة الممتدة من نيسان العام 2004 وحتى شهر آب 2004، مناقصات لتسويق الأراضي لبناء ما يعادل 1820 وحدة سكنية في لواء الشمال، في حين لم تقترح للتسويق منها في القرى العربية سوى 140 وحدة فقط. ويدلّل معطى كهذا على أن الضائقة السكنية التي يعاني منها المواطنون العرب لا تشغل اهتمام الدائرة وليست على جدول أعمالها.
وبين المحامي عوني بنا في الالتماس أن إضافة الملاحظة السابقة الذكر في النشر عن المناقصة يكشف عن وجود سياسة شديدة الخطورة، تسدّ بحسبها أمام المواطنين العرب فرصة العيش في أماكن معينة في دولة إسرائيل، لكون هذه الأماكن مخصصة لليهود ومقتصرة عليهم دون سواهم، وهذا بادعاء أن الأراضي القائمة في هذه الأماكن هي بملكية "الكيرن كييمت ليسرائيل". وأضاف المحامي بنا أن هذه السياسة غير قانونية وتشذّ بصورة متطرفة عن قواعد الإدارة السليمة وعن التزام دائرة أراضي إسرائيل بمبدأ المساواة، وتزيد من حدة التمييز الفظّ الذي يعاني منه المواطنون العرب في مجال الأراضي والسكن. وينعكس ذلك، ضمن أشياء أخرى، في سياسة مصادرة الأراضي من أصحابها العرب وتحويلها عمليًّا لخدمة الجمهور اليهودي فقط، وكذلك في تقليص مناطق النفوذ التابعة للبلدات العربية.