توى جديدة بالقتل-"بولسا دينورا"
عشية رأس السنة العبرية الذي يصادف اليوم الخميس طغت على الساحتين الاعلامية والسياسية في اسرائيل قضية تصاعد التحريض والتهديد بقتل رئيس الوزراء اريئيل شارون من قبل اوساط اليمين والمستوطنين، المعارضة لخطة شارون بالانسحاب من غزة. وسائل الاعلام وجهات سياسية اسرائيلية كثيرة اعربت عن قلقها من اغتيال سياسي جديد ومن نشوب نوع من "الحرب الاهلية" واستعادت الاجواء المشبعة بالتحريض التي مهدت لقتل اسحق رابين في 5/11/95 وذلك في اعقاب التهديدات المختلفة بتصفية شارون ومدير"مديرية الانفصال" يونتان باسي وكان ابرزها ما ورد في القناة الثانية على لسان الحاخام يوسف ديان من مستوطنة "بساجوت" واحد نشطاء حركة "كاخ" المحظورة والذي قال انه "مستعد لاصدار" فتوى بقتل شارون كما فعل في حينه مع رابين والمعروفة بـ"طقس الضرب بسياط من نار" او "بولسا دينورا" بلغة التوراة. وتعتبر هذه "الفتوى" عقابا لكل من يحاول ان يخطو خطوات تتعارض مع النظام الكوني، وفق مفاهيم الديانة اليهودية، فيما تشكل موافقة حاخام على اجراء طقس كهذا لشخص ما اهدارًا دمه.
وتأتي اقوال هذا الحاخام بعد ساعات من اعلان الشرطة الاسرائيلية في منطقة القدس عن فتح تحقيق في تهديدات هاتفية بقتل شارون بلغت الى ديوانه والى مكتب مديرية الانفصال وبعد ايام من رفع لافتات تدعو الى استخدام العنف خلال مظاهرة اليمين ضد خطة فك الارتباط، التي جرت مطلع الاسبوع. كما كان حجاي بن ارتسي، شقيق زوجة بنيامين نتنياهو، وزير المالية، قد صرح امس الاول ان "طرد اليهود من بيوتهم جرى في عهد النازيين فقط" ما اعتبر مقارنة بين النازيين وبين حكومة شارون.
كيف يشعر شارون ازاء تهديده بالقتل؟ يديعوت تسأل وهو يجيب بـ"صراحة"
وفي لقاء مطول اجرته "يديعوت احرونوت" مع شارون أجاب على السؤال عما اذا كان يخشى من الاغتيال بالقول "لا. اعتقد ان اجهزة الامن تقوم بواجباتها كما يجب. انا لا اخاف وماض بتطبيق خطتي وهذه لن تتأثر بتهديدي بالقتل. في المقابل انا انظر ببالغ الخطورة إلى احتمالات نشوب "حرب اهلية" . عندما بلغ مسامعي ان ضابطا في الجيش اضطر لمغادرة بيته واسرته من مستوطنة كارمي تسور نتيجه تهديده من قبل مستوطني يتسهار شعرت بالغضب. لقد توجهت بالامس الى كافة الوزراء واكدت لهم ان هذا الوضع غير محتمل وليس من المعقول ان يستمر وطلبت اليهم العمل من اجل وقف الضغوطات على الجيش واخراجه من دائرة هذه اللعبة القبيحة".
ابنة رابين تتهم وشيبس يحذر
واتهمت عضو الكنيست السابقة دالية رابين، ابنة اسحاق رابين، في حديث للاذاعة العامة امس المجتمع والمؤسسات الاسرائيلية بعدم القيام ما فيه الكفاية للجم اليمين المتطرف، خلال السنوات التسع الماضية. واضافت أن الابدان تقشعر" للمقارنة بين هذه الفترة وبين العام 1995 مثلما انها تثير القلق". اما مدير ديوان رئيس الوزراء الاسبق اسحق رابين ، شمعون شيبس، فقد نشر مقالا بعنوان "الهدف بات محددا" في "يديعوت احرونوت" امس اعرب فيه عن صدمته من عودة "المشاهد ذاتها" عشية مقتل رابين لافتا الى ان المجتمع الاسرائيلي نسي منذ مطلع التسعينيات الشريعة اليهودية وبدلا منها طور "انبياء الكذب" اليمينيون علاقة مباشرة مع ال.له واضاف "لم تعد الحكومة المنتخبة هي المخولة لان تقرر الحد بين الشرعي وبين المحظور انما "انبياء الكذب التوراتيون" الذين يزعمون ان الكنس لا الكنيست او الحكومة هي التي تضفي الشرعية على القرارات السياسية". واختتم شيبس مقالته الناقدة بالدعوة الى انجاز امرين اولهما وقف "الاستشهاديين" اليهود المتطرفين واولئك الذين يزودونهم بالفتاوى الدينية –الاخلاقية للقتل والثاني يتعلق بالاحزاب الملزمة بالالتفاف حول خطة شارون بالانسحاب من غزة وبذلك "نحاصر الاقلية المتطرفة والخطيرة وتنتصر الديموقراطية"، على حد قوله.
وذكر موقع "هآرتس" الالكتروني ان قائد وحدة التحقيقات في الشرطة الاسرائيلية اصدر اوامر بالتحقيق في تصريحات الحاخام ديان وتحويلها الى النيابة العامة فيما اكد قائدها العام موشيه كرادي انه عمم اوامره امس بالشروع بالتحقيق الفوري بكل شبهة بالتحريض على القتل او استخدام العنف لاحباط خطة الانسحاب من غزة. وامام تصاعد التهديدات دعا وزير القضاء، تومي لبيد، المستشار القضائي، ميني مزوز، إلى بلورة سياسة جديدة اكثر شدة لمعالجة التحريض. كذلك اعلن وزير السياحة والأمن الداخلي، جدعون عزرا، اثناء جولة ميدانية برفقة القائد العام للشرطة موشيه كرادي في الجنوب وتل ابيب ان اجهزته ستباشر التحقيق مع الحاخام ديان مشددا على نيته العمل بقوة ضد اشكال التحريض خاصة لدى اوساط حركة "كاخ" الكهانية.
ماذا يقول شارون عن تحريضه على رابين في حينه؟
وازاء ارتفاع منسوب التحريض والتهديد الصادر عن اوساط اليمين المتشدد اعلن عن قيام جهاز الأمن العام (الشاباك) باعتماد اجراءات اكثر صرامة حفاظا على حياة اريئيل شارون منها فرض تقييدات اضافية على تحركاته وزيادة عدد الحراس الذين يحيطون به كـ"السوار حول المعصم"، كما قال مصدر امني لاذاعة الجيش .
وكان مراسلا يومية "يديعوت احرونوت" شمعون شيفر وناحوم برنياع، اللذان اجريا اللقاء مع اريئيل شارون، بمناسبة رأس السنة العبرية الجديدة قد اسمعاه اقتباسا من اقوال ادلى هو بها لصحيفة "كفار حباد" اليمينية عشية اغتيال اسحق رابين في 5/11/1995 وفيها قال "انا سعيد بان الحكومة لن تقوى على انجاز شيء، فالمستوطنون لن يبرحوا امكنتهم .هذا غير وارد بالحسبان لانه امر خطير. اعتقد ان المستوطنين لن يخلوا بيوتهم وعلى الحكومة ان تفكر مليا بالنتيجة التي تفضي اليها خطواتها فهذا يؤدي الى حرب اهلية. ولا شك ان الحكومة تفبرك انباء وضجة اعلامية حول وجود نوايا او مخططات لاغتيال رابين لكن اهدافها باتت مفضوحة ويجب الاشارة الى انها رضعت هذه الاساليب من نظام ستالين مثلما انه ينبغي معرفة نتائج هذه الفرية التي يبثونها.. الى هدر دم المستوطنين وربما الى حرب اهلية. للاسف اسحق رابين هو ليس ذاك الشخص الذي عرفته ولا شبه بين الاثنين وبالنسبة لي فانه لم يعد شخصية امنية ذات صلاحية في مجال الامن". على هذه الاقتباسات علق شارون بعدم رضى "هذه اقوال قاسية، نقطة. لقد تفوهت بكلمات مبالغ بها وحتى في الحياة السياسية يجب ان تكون هناك حدود". وردا على سؤال الصحيفة عما اذا كان يعي اليوم انه تجاوز الحد اجاب شارون بالايجاب، واضاف "ومع ذلك لا زلت اؤمن ان اتفاقات اوسلو حبلى بالمصائب وقد دفعت اسرائيل الى واحد من الاوضاع الخطيرة جدا. لكن يجب الحذر من إطلاق تصريحات قاسية".
(من وديع عواودة)