المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

"المشهد الاسرائيلي":

ردا على "اشارات السلام" القادمة من دمشق، كشف في اسرائيل (31/12) عن قرار اتخذته اخيرًا لجنة وزارية إسرائيلية خاصة يقضي بزيادة عدد سكان المستوطنات على هضبة الجولان السورية المحتلة بنسبة خمسين بالمئة!

لكن اوساط ديوان رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون حاولت التقليل من "خطورة المخطط" وتوقيت النشر عنه، معقبة على ذلك بالقول ان توقيته يدل على استخدام ساخر لقرار سابق لا علاقة له بالاشارات القادمة من طرف الرئيس السوري بشار الاسد، حول استعداده للعودة للتفاوض مع اسرائيل من حيث انتهت اليه المفاوضات في عهد والده حافظ الاسد قبل سنوات.

وافادت المصادر الاسرائيلية (الاربعاء 31/12) ان "اللجنة الوزارية لشؤون الاستيطان" اقرت خطة غير مسبوقة من حيث حجمها، تهدف الى مضاعفة عدد المستوطنين اليهود في الجولان السوري المحتل، أو حتى زيادة عددهم عما هو عليه اليوم بثلاث مرات، وفرض واقع جديد في الارض السورية المحتلة قبل اية بداية محتملة لمفاوضات سياسية مع سوريا!

وتقدر تكلفة هذا المشروع الاستيطاني الجديد بحوالي اربعة مليارات شيكل.

وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، التي كشفت عن المخطط الاستيطاني (31/12)، بانه تم اعداده بصورة سرية في وزارة الزراعة الاسرائيلية وبدعم من رئيس الحكومة، أريئيل شارون، ليكون الاكبر حجما منذ احتلال الهضبة السورية في العام 1967،

وبعد مصادقة اللجنة الوزارية ستبدأ قريبا حملة واسعة النطاق غايتها تشجيع الاستيطان في الجولان المحتل.

وقال المبادر للمشروع الاستيطاني الجديد، وزير الزراعة الاسرائيلي يسرائيل كاتس، المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، ان "الهدف هو ان يشاهد الاسد من نوافذ بيته هضبة الجولان الاسرائيلية زاهرة ومزدهرة". وزعم ان "قرار الحكومة الجديد هو رد على المبادرة السورية، التي من جهة، أعلنت انها ترغب بالسلام، ومن جهة ثانية تدعم الارهاب الفلسطيني بصورة علنية".

يشار الى ان مساحة "المجلس الاقليمي جولان"، الذي يضم 31 مستوطنة في الهضبة المحتلة، تبلغ نحو 1600 كيلو متر مربع، ولا تخضع له المدينة - المستوطنة "كاتسرين".

ويسكن في تخوم المجلس الاقليمي هذا 10500 مستوطن. ولم يرتفع عدد المستوطنين في الجولان بصورة ملموسة خلال العقد الماضي، وذلك بالرغم من محاولات كثيرة من جانب الحكومة الاسرائيلية لتشجيع الاستيطان في الجولان. وأعلنت مصادر في الحكومة الاسرائيلية في الماضي عن "تخوفها" من ان العدد القليل للمستوطنين في الجولان قد يدعم المطالب السورية بالانسحاب من الهضبة السورية.

ويرى المبادرون الى هذا المشروع ان كل شيء في هذا الخصوص يوشك ان يتغير. اذ يهدف القسم الاول من المخطط الاستيطاني، الذي سيبدأ العمل فيه في الاسابيع القريبة المقبلة، الى زيادة عدد المستوطنين بنحو 900 عائلة، يتم استيعابها في المستوطنات القائمة في الجولان وفي مستوطنات اخرى سيتم انشاؤها. وتخطط الحكومة الاسرائيلية الى انشاء تسع مستوطنات جديدة، تكون جميعها "مستوطنات سياحية". وسيحصل المستوطنون الجدد على قطع ارض بمساحات واسعة تستغل لاغراض الزراعة والسياحة. وفي موازاة ذلك سيتم اقامة مئات المصانع العائلية الصغيرة، مثل مصانع بيتية لصناعة الالبان، والنبيذ، ومعاصر الزيتون وتصنيع المربى وغيرها. وسيتم دمج المصانع البيتية في العملية السياحية لتشكل، بحسب مخططات المبادرين الى المخطط، عاملا لجذب السياح والسكان الذين يتجولون في الجولان.

وفي اطار "تشجيع السياحة" ايضا: ستتم زيادة غرف الضيافة (السياحية) في الجولان باكثر من الضعف، كما سيتم رصد استثمارات في المنشآت السياحية القائمة. ليس هذا وحسب: ستمول الحكومة الاسرائيلية اقامة ثلاثة مهرجانات سنوية، مهرجان النبيذ ومهرجان احتفالات الكرز ومهرجان ركوب الخيل "روديو". وستشرع الحكومة عما قريب بحملة علاقات عامة واسعة النطاق وغير مسبوقة بتكلفة تصل الى ملايين الشواقل من اجل جذب المستوطنين والسياح.

ولا يخفي المبادرون الى المخطط حقيقة هدفهم وهي خلق واقع جديد على الارض استعدادا لامكانية اجراء مفاوضات مع سورية في المستقبل حول مستقبل هضبة الجولان. وأعلن ممثل رئيس الحكومة الاسرائيلية، الوزير كاتس، في جلسة اللجنة الوزارية، انه تم عرض المخطط الاستيطاني امام شارون مرتين وانه حظي بدعمه الكامل "بكل معنى الكلمة". وزعم كاتس ان هذا المشروع لا ينطوي على اي استفزاز. الجولان لنا ولا ننوي التنازل عنه. آن الاوان لوضع الجولان على الخارطة كجزء من الاستيطان اليهودي في ارض اسرائيل".

وعقبت عضو الكنيست داليا ايتسيك من حزب "العمل" المعارض على هذا المخطط الاستيطاني بالقول ان "شارون وحكومته يدخلان مرحلة اخرى في خارطة الطريق خاصتهم التي تهدف الى القضاء على السلام في المنطقة. وبعد ان زرعا الطريق الى المفاوضات مع الفلسطينيين بالالغام، حان الوقت لزرع الالغام امام كل امكانية للمفاوضات مع سورية".

الجدير بالذكر ان المجلس الاقليمي الاستيطاني "جولان" ينفذ في هذه الاثناء مشاريع تطوير وبناء كبيرة ويتم بناء ما لا يقل عن 750 وحدة بناء في المستوطنات المختلفة وفي القترة القريبة القادمة من المتوقع ان يتم بناء المئات من الوحدات السكنية الجديدة في جميع المستوطنات.

ارتفاع عدد المستوطنين بنسبة 16%

وأفادت معطيات معطيات وزارة الداخلية الاسرائيلية، التي نشرت حديثا، انه منذ بدء ولاية شارون كرئيس للحكومة ازداد عدد المستوطنين اليهود بنسبة 16%. وفيما كانت وتيرة زيادة مجمل سكان اسرائيل 2.8% كانت وتيرة الزيادة السكانية بين المستوطنين ضعف هذه النسبة. وبلغ عدد المستوطنين في الاراضي التي احتلتها اسرائيل في العام 1967 - 236381 مستوطنا. فقد ارتفع عدد المستوطنين بنسبة 4.5% خلال الاشهر الستة الاخيرة. الا ان وزارة الداخلية اعلنت انه لم يتم تعديل كافة المعطيات في التقرير الجديد بسبب التشويشات في العمل التي ينفذها مستخدمو الدولة في اسرائيل.

فقد ارتفع عدد المستوطنين في مستوطنة "بات-عاين" خلال نصف السنة الاخيرة بنسبة 15%، من 677 الى 775؛ وفي مستوطنات معزولة اخرى ارتفع عدد المستوطنين بعشرات النسب. وارتفع عدد المستوطنين في مستوطنة "كفار دروم" في قطاع غزة في السنوات الثلاث الاخيرة بـ52%؛ "نيتساريم" 24%؛ مستوطنات "تبواح" 50%؛ "يتسهار" 30%؛ وانضم الى البؤرة الاستيطانية في قلب الخليل بـ75 مستوطنا حتى نهاية العام 2003.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات