المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

دخلت المحافل السياسية في اسرائيل والأراضي الفلسطينية في مرحلة ترقّب، تحسّباً لرد فعل محتمل من جانب الحكومة الاسرائيلية على عملية القدس الغربية من يوم الثلاثاء 19/8، والتي اسفرت عن مقتل 20 اسرائيليا واصابة وجرح العشرات.

ومع ان الرد الاسرائيلي "السياسي" لم يتأخر، وتم، غداة العملية التفجيرية، فتح باحة الحرم القدسي الشريف أمام "غير المسلمين"، وتجميد الاتصالات الامنية مع السلطة الفلسطينية، الا ان الانظار موجهة نحو ما قد يتقرر على الصعيد الامني بالاساس، في محاولة لتقدير رد الفعل الاسرائيلي المحتمل على العملية التي استنكرتها السلطة الفلسطينية واعلنت منظمتا حماس والجهاد الاسلامي مسؤوليتهما عنها.

وتناقلت وسائل الاعلام عن المحافل السياسية الاسرائيلية الرسمية تأكيدها على ان حكومة شارون قررت تجميد الاتصالات مع الفلسطينيين حول الانسحابات من الاراضي الفلسطينية ونقل المدن الى السيادة الوطنية الفلسطينية، وكذلك تجميد الاتصالات الامنية معها. واكدت هذه المحافل على ان التفاهمات كافة التي تم التوصل اليها مع الجانب الفلسطيني حول نقل المدن الاربع لاغية.

وافادت "هآرتس" (20/8) ان الوسط السياسي الاسرائيلي اصدر تعليماته للوسط الامني الذي الغى بدوره محادثات امنية كان مقررًا القيام بها غداة العملية، للتباحث في ترتيبات نقل اريحا وقلقيلية للسلطة الفلسطينية. وكان من المتوقع ان تنقل طولكرم ورام الله للسيادة الفلسطينية بعد اريحا وقلقيلية بأيام.

وقالت الاذاعة الاسرائيلية العامة ان وزير الخارجية الاميركي كولن باول اتصل برئيس الوزراء الاسرائييلي شارون ووزير خارجيته سيلفان شالوم معزيا بعد العملية التفجيرية الدامية في القدس الغربية.

ونقلت الاذاعة عن شالوم قوله لباول "ان هذا الاعتداء دليل اضافي على ان الهدنة (المعلنة من قبل الفصائل الفلسطينية منذ 29 حزيران) هي في الواقع قنبلة موقوتة".

وبينما سارعت اوساط اليمين المتطرف في اسرائيل للمطالبة برد عنيف على العملية، كان ابرزها الوزير ليبرمن الذي طالب "باسقاط قنبلة على المقاطعة"، تمسكت بعض اوساط المعارضة بتفاهمات "الهدنة"، رافضة الاعتراف بأنها "ماتت". هكذا كان حال الوزير بنيامين بن اليعيزر، الذي طالب، بالمقابل، بالعمل بحدة ضد "حماس" في غزة، قائلا ان "اسرائيل لا يمكن ان تسمح لنفسها بالسكوت على من يقوم باصدار احكام اعدام ضد صغارها وكبارها، كل صباح".

وتجيء عملية القدس الغربية، التي نفذها رائد عبد الحميد مسك من الخليل انتقاما لإقدام اسرائيل على قتل القائد العسكري لمنظمة الجهاد الاسلامي في الخليل قبل ايام، لتقطع هدوءا من 68 يوما على اخر عملية شهدتها القدس الغربية (11 حزيران، تفجير الباص رقم 14 أ في مركز شارع يافا).

واتفقت الاوساط السياسية والصحفية الاسرائيلية على ان عملية القدس الغربية لم تكن "عملية" تكتيكية على غرار عمليتي ارئيل ورأس العين من الاسبوع الماضي، بل "عملية استراتيجية" تبنتها منظتان عسكريتان فلسطينيتان كانتا طرفا في "الهدنة" الفصائلية مع السلطة واسرائيل، وقررتا على ما يدو التراجع عن التزامهما بها.

وبرأي حيمي شليف في "معريف" (20/8)، فسواء كانت حماس او الجهاد الاسلامي حاول الحفاظ على "موازنة الرعب" ردا على كل عملية تصفية تقوم بها اسرائيل، الا ان التنظيمين "كسرا كل قواعد اللعب" بعملية 19/8، حيث ان قوة العبوة وعدد القتلى يجعلان عملية القدس "عملية كاسرة للهدنة، ومغيرة للنظم. هذه ليست بداية النهاية كما قال ونستون تشرشل مرة في سياق مختلف، لكنها نهاية البداية بالتأكيد".

"كان واضحا منذ البداية – يكتب اليكس فيشمن في "يديعوت احرونوت" (20/8) – ان كل هذه الهدنة ليست سوى استقراض للوقت في السوق السوداء، سندفع ثمنها بفوائد عالية جدا. بالامس اصبحت هذه الفائدة قاتلة. وهذا هو العبث. فقد عرف الجميع كل الوقت ان مجنونا متعصبا متلفعا بعشرة كيلو غرامات مواد متفجرة وممتلئا بالكريات الصغيرة والمسامير قادر على تغيير وجه الشرق الاوسط مرة واحدة. عرفوا، وانتظروا ان يحدث ذلك، وابتهلوا ان يتأخر حدوث ذلك بعض الوقت. لعلنا نكون محظوظين مرة اخرى، وعدد المصابين لن يكون مرتفعا. لكن الحظ انتهى بالامس، ولا يمكن للحظ ان يكون بديلا للسياسة".

"العملية فشل لابي مازن ودحلان – يكتب زئيف شيف في "هآرتس"، مشيرا الى ان تقديرات نهاية الاسبوع في اسرائيل اعربت عن الامل الضعيف بأن تقديم التسهيلات للسلطة سيحقق الانجازات. لكن العملية تثبت من جديد ان وقف اطلاق النار كان مزيفا. ومن المؤكد ان يكون الاغراء الاسرائيلي الفوري على شكل حملة عسكرية كبيرة، لكن ذلك لن يجلب الحل. يبدو اننا سنكون ازاء سلسلة من ردود الفعل وليس ازاء اجراء واحد كبير.

وبرأي الوف بن مراسل "هآرتس" السياسي، فان العملية كانت متوقعة لكن قادة الطرفين والوسطاء الامريكيين تظاهروا بعدم القلق. لكن كلما تزايدت المؤشرات في الايام الاخيرة على تداعي الهدنة، كلما بدت القيادة الامنية – السياسية في اسرائيل مبلبلة ومتنازعة فيما بينها".

"في الاسبوع الاخير فقط – يكتب عاموس هرئيل في "هآرتس" – ابلغ الشاباك بوجود ناشطين من الجهاد الاسلامي وحماس عادوا للتحضير لعملياتى"على المدى الفوري"، وحذر كبار قادة المنطقة الجنوبية من "انفجار قريب" لوقف النار في القطاع. على كل عملية يقتل فيها الجيش مطلوبا سيأتي انتقام سريع. هدف اسرائيل في الاسبوع القريب سيكون كسر "اصول اللعب" الجديدة، والحيلولة دون نشوء وضع تعود فيه الباصات المحروقة لشوارع المدن فقط لانه تشوش فيه اعتقال احد المطلوبين".

المصطلحات المستخدمة:

هآرتس

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات