المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي، شاؤول موفاز، أن العراق الآن هو ميدان الاشتباك بين ما أسماه "قوى التقدم" و"الإرهاب". وقال إن إسرائيل تتمنى النجاح للأميركيين في هذه المعركة. وتأتي تصريحات موفاز هذه في ظل القلق المتزايد من آثار المقاومة العراقية للاحتلال الأميركي وهو قلق عبرت عنه بشكل واضح أعمدة الرأي في الصحف الإسرائيلية.


وفي مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، قال موفاز إن "أميركا قوية وستتغلب على كل محاولة لتحويل العراق إلى دولة إرهاب". وتمنى "النجاح للأميركيين في العراق". ودعا الإسرائيليين إلى الامتناع عن زيارة العراق بسبب الوضع الأمني هناك. وقال إن العراق "يشكل الآن ميدان الاشتباك بين قوى التقدم مع القوى المناهضة للتغيير التي لا تتردد في ممارسة الإرهاب".


وتحدث موفاز عن أثر ال"دومينو"، الإيجابي الذي أعقب الغزو الأميركي للعراق في العديد من الدول العربية، واضطرار "محور الشر" (إيران، سوريا وحزب الله) إلى كبح جماح نفسه جراء الخطوات الأميركية.
وقال إن "نجاح الولايات المتحدة في العراق حيوي للسلام العالمي. وإذا نجح الأميركيون في ترسيخ الاستقرار في العراق وهو ما تؤمن إسرائيل بأنه سيتحقق فسيحمل أثرا إيجابيا على الشرق الأوسط بأسره وعلى اقتصاد النفط العالمي وقوة الأسرة الدولية". أما "إذا اضطر الأميركيون إلى الخروج تحت ضغط الإرهاب، فسينشأ نموذج جديد وخطير لحكم عربي. وسيرفع محور الشر رأسه، الأمر الذي يعرض السلم العالمي للخطر".


ولكن أثر ال"دومينو" هذا كان سلبيا في نظر البروفيسور إيتان غلبوع، الذي كتب في "يديعوت" أيضا، أن "حجارة الدومينو الأميركية في العراق اهتزت لفترة طويلة. وقد سقط بعضها في الأيام الأخيرة، كما أن الحجارة الأخرى تواصل الاهتزاز. إذا سقطت هي الأخرى، فقد تحدث سلسلة ردود أفعال فتاكة". وأضاف أن "العنف المعربد في الشوارع يهدد بانهيار خطة بوش لبناء عراق ديموقراطي، إذ عرضت إدارة بوش تغيير نظام صدام كنموذج لشعوب الشرق الأوسط وكحلقة حيوية في الحرب العالمية ضد الإرهاب. ولهذا فإن الأحداث الأخيرة في العراق تهدد الآن أيضا بانهيار الاستراتيجية العالمية الأميركية".


ولكن زئيف شيف في "هآرتس" أوضح أن القلق يسود كل المنشغلين الإسرائيليين بمستقبل الشرق الأوسط الذين يجمعون على أن "نتائج المعركة في العراق ستؤثر كذلك على إسرائيل وعلى مستوى الأمن الذي ستشعر به كل الدول في المنطقة في السنوات القريبة القادمة". وأشار إلى نقاش جرى بهذا الشأن بدعوة من شاؤول موفاز. وقال إن الفرح يسود العديد من الدول العربية، بمن في ذلك الذين عارضوا في الماضي صدام حسين، جراء المأزق الأميركي. ولكنه رأى أن الأمر مختلف في إسرائيل حيث "هناك اتفاق في الرأي على أن توسيع المعارك من شأنه أن يقود إلى حرب أهلية ومحاولة تدخل إيراني ترمي إلى الحلول مكان الأميركيين".
ويشير إلى أن "تدهور الوضع العسكري في العراق يمكن أن يقوض، حسب أحد التقديرات، الردع الأميركي عموما وفي الشرق الأوسط خصوصا. ويعتقد رجال استخبارات إسرائيليون أن الحاجة ستبرز لإعادة فحص تقديرات إسرائيل بشأن المتوقع في الشرق الأوسط في السنة القريبة المقبلة، إذا ما ازداد تدهور الوضع في العراق وتعاظمت في واشنطن الأصوات الداعية إلى ترك هذه الدولة والتخلي عن طموح إقامة نظام ديموقراطي فيها. وهذه إمكانية محتملة أيضا إذا ما فاز رئيس جديد في واشنطن، وعرض سياسة جديدة".

وخلص شيف إلى أنه في الحالتين يمكن للردع الأميركي أن يتصدع الأمر الذي سيشجع العناصر المتطرفة في الشرق الأوسط مثل إيران، سوريا، حزب الله، حماس والجهاد الإسلامي . ولهذا السبب فإن لإسرائيل مصلحة في أن يكون النصر الأميركي واضحا، وان تصل إلى السلطة في العراق جهات معتدلة وبراغماتية لا تشكل خطرا على جيرانه وعلى المنطقة وتكون مستعدة للمشاركة في الحرب ضد الإرهاب الدولي.


واعتبر أن مدى النجاح الأميركي سيتقرر ليس استنادا إلى الخطط العسكرية وحسب، وإنما كذلك إلى الطريق الذي سينتهجونه من أجل منع انتفاضة مشتركة سُنية شيعية. ويقول إنه بقدر ما يزداد عدد المصابين في أوساط العراقيين يغدو من الصعب على الأميركيين تحقيق هذا الهدف.


من جانبه، كتب عوفر شيلح في "يديعوت" أن القادة الأميركيين لم يغيروا شيئا من مواقفهم جراء المعارك، إذ تواصل إدارة بوش الحديث عن الحرية والديموقراطية واقتصاد السوق والمستقبل الجديد للشرق الأوسط. ومن يوم لآخر ومن قتيل لآخر، تتسع الفجوة بين الكلمات الصادرة في أميركا والرصاص الذي يتطاير في العراق.


ويكتب أنه في الأسبوع الجاري سيصل شارون إلى واشنطن، "فإذا توفرت لبوش فسحة من الوقت ولشارون رغبة في الحديث عن الذكريات فسيعطيه تشبيها من واقعنا نحن في لبنان، حيث خضنا حربا على أساس واهن جدا وحاولنا فرض نظام جديد في دولة لا نفهم شيئا من واقعها السياسي، وكيف أثرنا المارد الشيعي وقاده زعيم شاب كاريزمي متحمس للكفاح وأنشأ لنفسه صورة كاملة على حساب المحتل. وكيف هربنا من هناك وذيلنا بين أرجلنا في نهاية المطاف".
ويخلص إلى أن "النغمات الشاذة (التي) تتعالى من بين صفوف الأميركيين أنفسهم لا تطرب السامعين في واشنطن. القادة يقولون انهم سيرسلون المزيد وان النصر قريب مع القليل من الصمود... وعلى الأرض تنكمش القوات على نفسها ومناطق تحركها آخذة في التقلص. وعمليا تنحصر الغالبية الساحقة من الجنود (115 ألفا) في أربع مناطق أساسية بما فيها المنطقة الخضراء المعروفة في بغداد. أما خارج هذه المناطق فالجحيم يصول ويجول".


أما جدعون سامط فيكتب في "هآرتس" تحت عنوان "شَرْوَنة أميركا" (نسبة إلى رئيس الوزراء الاسرائيلي، أريئيئل شارون) أن مرور يوبيل من الزمن على معركة "ديان بيان فو" بين قوات الاحتلال والتيارات الوطنية لم يغير وجه المعارك لا في نابلس ولا في بغداد. و"أميركا التي تستذكر الآن الكابوس الفيتنامي في المعركة الانتخابية لم تتعلم شيئا من درس سقوط حصن المجد الفرنسي. وبعد عشر سنوات من ذلك السقوط وقعت في الورطة ذاتها من العمى وخلل التقدير كما لو أن ذلك أمر محتوم". واعتبر أن أحد أكبر الأضرار التي ألحقتها إدارة بوش بإسرائيل، حتى قبل الغرق في الأوحال، هو تضييع وقت ثمين. واليوم "تشرونت" أميركا في تعاملها مع خطر الإرهاب فهي تتصرف في العراق، كما يتصرف الصقور في هيئة الأركان الإسرائيلية.

المصطلحات المستخدمة:

يديعوت أحرونوت, هآرتس, عوفر شيلح

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات