بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية خيط رفيع- هذا ما يتبين في الصفحة 96 من معجم "وبستر" الأميركي, في طبعته الثالثة الدولية غير المنقحة، اذ أضاف المعجم الى التعريف المتبع لكلمة معاداة السامية وهو "العداء لليهود كأقلية دينية وعرقية", تعريفاً ثانياً يصنف المعادي للسامية بأنه "المعارض للصهيونية, والمتعاطف مع أعداء دولة اسرائيل".
وكان دان والش, المستشار السياسي للجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز, أول من تنبه الى هذا اللغط اللغوي. وتسعى اللجنة اليوم من خلال حملة منظمة, الى الضغط على شركة "ميريام وبستر" لتصحيح هذا اللغط. فالمعجم الواقع في 2662 صفحة, والصادر في 2002 هو الثالث على التوالي بعد طبعة 1961, يعتبر مرجعاً أساسياً في الأروقة الأكاديمية لاحتوائه على أكثر من 470.000 كلمة وما يزيد على 3000 مدخل.
وجاء في الشكوى الخطية, التي قدمتها لجنة مكافحة التمييز, أن التعريف "مضر وخاطئ" وعلى الناشر إصدار تصحيح عن النسخ السابقة, وتعديل في النسخ المقبلة. الا أن الطلب لم يلق ترحيباً من قبل الناشر, الذي أكد على لسان متحدثه أرثر بكنال في حديث لصحيفة "واشنطن بوست" أن الشركة "لا تنوي تغيير المضمون اليوم" الذي هو تعبير تاريخي لأحداث 1947-1952, حيث ترادفت المعاداة للسامية بالمعاداة للصهيونية. وأكد بكنال أن التغيير "قد يحصل" في الطبعة المقبلة, "بعد عقد على الأرجح".
وتاريخياً, يعود كلام بكنال الى أيام جوزف ستالين في الاتحاد السوفياتي أيام اضطهاد اليهود والصهاينة معاً. غير أن الكثير من الفاعلين في السياسة الأميركية والاسرائيلية يرون الوضع مشابهاً اليوم. اذ يوضح ناتان شارانسكي, وزير الاغتراب الاسرائيلي, في مقالة له في صحيفة "نيويورك تايمز" "أن الضبابية موجودة بين المفهومين, ويصعب التفريق اليوم بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية". وكان لاري سمرز, عميد جامعة هارفرد ووزير الخزنة السابق خلال أيام كلينتون, قد أشار في خطاب له توازي المفهومين معتبراً أي رفض لاسرائيل بأنه معاد للسامية.
وفي حديث الى "الحياة", اعتبر حسين أبيش, مدير المكتب الاعلامي في لجنة مكافحة التمييز, أن الحجج المقدمة لدمج المصطلحين "منافية للمنطق ولا يجوز القبول بها. فالسياسات الاسرائيلية اليوم مرفوضة من جانب الكثير من الساميين أنفسهم, ومن السخافة خلط المفهومين معاً". وهدد أبيش بتصعيد الحملة بالتنسيق مع الطبقة الأكاديمية للضغط على الناشر, في ظل غياب أي نص قانوني أو جزائي أميركي يمكن الرجوع اليه لمحاكمة الناشر. فالقانون الأميركي يرجع المسألة الى التعديل الأول والذي يضمن حرية التعبير ويمنع المحاكمات الدستورية التي تتعدى مسألة الحقوق المطبوعة والقرصنة.( المصدر- جريدة "الحياة"، لندن)